الإمام علي بن ابي طالب عليهما السلام 

القسم : سيرة النبي (ص) وآله (ع)   ||   التاريخ : 2008 / 07 / 06   ||   القرّاء : 16167

    سيد الوصيين و أول أئمة المسلمين و خلفاء الله في العالمين بعد سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله.

نسبه الشريف
    هو علي بن أبي طالب -و اسمه عبد مناف- بن عبد المطلب -و اسمه شيبة الحمد- بن هاشم -و اسمه عمرو- بن عبد مناف -و اسمه المغيرة- بن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .

مولده
    ولد يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب على قول الأكثر و في الفصول المهمة ليلة الأحد الثالث و العشرين منه و في رواية يوم الأحد سابع شعبان بعد عام الفيل بثلاثين سنة و قيل بتسع و عشرين بعد مولد النبي صلى الله عليه وآله بثلاثين سنة و قيل بثمان و عشرين قبل النبوة باثنتي عشرة سنة و قيل بعشر سنين و هو الذي صححه في الإصابة قبل الهجرة بثلاث و عشرين سنة و قيل بخمس و عشرين و كانت ولادته بمكة المكرمة في الكعبة المشرفة كما في الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي و مروج الذهب للمسعودي و إرشاد المفيد و السيرة الحلبية لعلي بن برهان الدين الحلبي الشافعي قال الأخير و في سنة ثلاثين من مولده صلى الله عليه وآله ولد علي بن أبي طالب في الكعبة . قال المفيد في الإرشاد : و لم يولد قبله و لا بعده مولود في بيت الله سواه إكراما من الله جل اسمه له بذلك و إجلالا لمحله في التعظيم -اه- . و قال الآلوسي في شرح عينية عبد الباقي : و كون الأمير كرم الله وجهه ولد في البيت أمر مشهور في الدنيا و ذكر في كتب الفريقين السنة و الشيعة -اه- و في ذلك يقول السيد الحميري :
 ولدته في حرم  الإله و   أمنه              و البيت حيث فناؤه و المسجد
 بيضاء  طاهرة   الثياب كريمة              طابت و طاب وليدها  و المولد
 في ليلة غابت  نحوس   نجومها              و بدت مع القمر المنير الأسعد
 ما لف في خرق القوابل مثله               إلا  ابن   آمنة   النبي    محمد
    و يقول عبد الباقي العمري في عينيته المشهورة:
 أنت العلي الذي فوق العلى رفعا                   ببطن مكة وسط البيت إذ وضعنا
    و قال علي عليه‏ السلام يوم خيبر :
  أنا الذي   سمتني  أمي   حيدره                    كليث    غابات   شديد   قسوره

أبوه
    اسمه عبد مناف كما مر و أبو طالب كنيته كني بأكبر أولاده و تأتي له -انش- ترجمة مفصلة في بابه من هذا الكتاب في عبد مناف و يدل على أن اسم أبي طالب عبد مناف أن أباه عبد المطلب لما أوصاه بالنبي صلى الله عليه وآله قال: أوصيك يا عبد مناف بعدي  بموحد بعد أبيه فرد و قال:
وصيت من كنيته بطالب          عبد مناف و هو ذو تجارب
‏بابن الحبيب أكرم الأقارب          بابن الذي قد غاب غير آئب
     و هو أخو عبد الله أبي النبي صلى الله عليه وآله لأمه و أبيه و إلى ذلك يشير أبو طالب بقوله في الأبيات الآتية:  -أخي لأمي من بينهم و أبي-  و أبو طالب هو الذي كفل رسول الله صلى الله عليه وآله صغيرا و قام بنصره و حامى عنه و ذب عنه و حاطه كبيرا و تحمل الأذى في سبيله من مشركي قريش و منعه منهم و لقي لأجله عناء عظيما و قاسى بلاء شديدا أو صبر على نصره و القيام بأمره حتى إن قريشا لم تطمع في رسول الله صلى الله عليه وآله و كانت كاعة عنه حتى توفي أبو طالب و لم يؤمر بالهجرة إلا بعد وفاته.و كان أبو طالب مسلما لا يجاهر بإسلامه و لو جاهر لم يمكنه ما أمكنه من نصر رسول الله صلى الله عليه وآله على أنه قد جاهر بالإقرار بصحة نبوته في شعره مرارا مثل قوله:
و دعوتني و علمت أنك صادق              و لقد صدقت و كنت قبل أمينا
و  لقد علمت  بأن   دين محمد              من  خير   أديان   البرية   دينا
     و قوله الذي مدحه فيه بما لا ينطق به غير مسلم فقال:
كذبتم  و بيت  الله نبزي  محمدا              و  لما    نطاعن    دونه  و  نناضل
‏و  ننصره  حتى   نصرع   حوله              و  نذهل  عن  أبنائنا   و   الحلائل
‏و أبيض  يستسقى الغمام بوجهه              ثمال   اليتامى    عصمة    للأرامل‏
تلوذ به  الهلاك  من  آل  هاشم              فهم   عنده   في   نعمة  و فواضل
‏و ميزان  حق  لا  يخيس  شعيرة              و  وزان  صدق  وزنه  غير   عائل
‏ألم تعلموا  أن  ابننا  لا  مكذب              لدينا و لا يعني-يعيا-بقول إلا باطل
     و روى الصدوق في الأمالي بسنده عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال أول جماعة كانت إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلي و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب معه إذ مر به أبو طالب و جعفر معه قال يا بني صل جناح ابن عمك فلما أحسه رسول الله صلى الله عليه وآله تقدمهما و انصرف أبو طالب مسرورا و هو يقول:
إن   عليا   و  جعفرا    ثقتي                   عند ملم الزمان و الكرب‏
و الله  لا   أخذل  النبي  و لا                   يخذله من  بني ذو  حسب‏
لا تخذلا و انصرا ابن عمكما                    أخي لأمي من بينهم و أبي

أمه
    فاطمة بنت أسد بن هاشم . في الأغاني هي أول هاشمية تزوجها هاشمي و هي أم سائر ولد أبي طالب »اه«. و كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله بمنزلة الأم ربي في حجرها و كان شاكرا لبرها و كان يسميها أمي و كانت تفضله على أولادها في البر، كان أولادها يصبحون شعثا رمصا و يصبح رسول الله صلى الله عليه وآله كحيلا دهينا.
    روى الحاكم في المستدرك بسنده أنها كانت بمحل عظيم من الإيمان في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله »اه« سبقت إلى الإسلام و هاجرت إلى المدينة و لما توفيت كفنها رسول الله صلى الله عليه وآله في قميصه و أمر من يحفر قبرها فلما بلغوا لحدها حفره بيده و اضطجع فيه و قال اللهم اغفر لأمي فاطمة بنت أسد و لقنها حجتها و وسع عليها مدخلها فقيل يا رسول الله رأيناك صنعت شيئا لم تكن تصنعه بأحد قبلها فقال ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة أو قال هو أمان لها يوم القيامة أو قال ليدرأ عنها هوام الأرض و اضطجعت في قبرها ليوسعه الله عليها و تأمن ضغطة القبر إنها كانت من أحسن خلق الله صنعا إلي بعد أبي طالب. و في ذلك يقول المؤلف من قصيدة:
له  فاطم  أم  و  كانت  لأحمد               ببر و  إشفاق  هي الأم  و  الظئر
فيغدو  دهينا  عندها   متكحلا               و أولادها  شعث  شعورهم  غبر
به  آمنت  في  مكة  ثم هاجرت               إلى  يثرب  ما شاب  إيمانها نكر
و كفنها خير الورى في قميصه                و في قبرها قد نام مذ حفر القبر

كنيته
    يكنى أبا الحسن و أبا الحسين و كان الحسن في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله يدعوه أبا الحسين و الحسين يدعوه أبا الحسن و يدعوان رسول الله صلى الله عليه وآله أباهما فلما توفي النبي صلى الله عليه وآله دعوا عليا أباهما.و كان يكنى أيضا بأبي تراب كناه به رسول الله صلى الله عليه وآله ففي الإستيعاب بسنده قيل لسهل بن سعد إن أمير المدينة يريد أن يبعث إليك لتسب عليا عند المنبر قال كيف أقول قال تقول أبا تراب فقال و الله ما سماه بذلك إلا رسول الله صلى الله عليه وآله قال و كيف ذلك يا أبا العباس قال دخل على فاطمة ثم خرج من عندها فاضطجع في صحن المسجد فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله على فاطمة فقال أين ابن عمك قالت هو ذاك مضطجع في المسجد فوجده قد سقط رداؤه عن ظهره و خلص التراب إلى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره و يقول اجلس أبا تراب فو الله ما سماه به إلا رسول الله صلى الله عليه وآله و الله ما كان اسم أحب إليه منه .

لقبه
    في الفصول المهمة لابن الصباغ : لقبه المرتضى و حيدر و أمير المؤمنين و الأنزع البطين و الأصلع  -2- الأنزع المنحسر الشعر عن مقدم الرأس و في معناه الأصلع و البطين العظيم البطن . و الوصي و كان يعرف بذلك عند أوليائه و أعدائه خرج شاب من بني ضبة معلم يوم الجمل من عسكر عائشة و هو يقول:
نحن  بني  ضبة   أعداء   علي                ذاك الذي يعرف قدما بالوصي
‏و فارس الخيل على عهد النبي                ما أنا  عن  فضل  علي  بالعمي‏
لكنني أنعى ابن  عفان  التقي                 إن  الولي   يطالب   ثار   الولي
    و قال رجل من الأزد يوم الجمل :
هذا علي و هو الوصي                 آخاه يوم النجوة النبي‏
و قال هذا بعدي الولي                وعاه واع و نسي الشقي
    و كان يلقب يعسوب المؤمنين و يعسوب الدين  يروى أن النبي صلى الله عليه وآله قال له أنت يعسوب الدين و المال يعسوب الظلمة و في رواية هذا يعسوب المؤمنين و قائد الغر المحجلين روى هاتين الروايتين ابن حنبل في مسنده و أبو نعيم في حلية الأولياء و في تاج العروس اليعسوب ذكر النحل و أميرها و في حديث علي أنا يعسوب المؤمنين و المال يعسوب الكفار أي يلوذ بي المؤمنون و يلوذ الكفار بالمال كما يلوذ النحل بيعسوبها و هو مقدمها و سيدها»اه«.

بوابه
    في الفصول المهمة بوابه سلمان الفارسي -رض- .

شاعره
    في الفصول المهمة : شاعره حسان بن ثابت -أقول- و شاعره بصفين النجاشي و الأعور الشني و غيرهما.

نقش خاتمه
    قال سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص كان نقش خاتمه الله الملك علي عبده قال و كان يتختم في اليمين و كذا الحسن و الحسين عليهما السلام »اه« و قال أبو الحسن علي بن زيد البيهقي المشهور بفريد خراسان في كتابه صوان الحكمة المعروف بتاريخ حكماء الإسلام في ترجمة يحيى النحوي الديلمي الملقب بالبطريق كان يحيى نصرانيا فيلسوفا فأراد عامل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إزعاجه عن فارس فكتب يحيى قصته إلى أمير المؤمنين و طلب منه الأمان فكتب محمد بن الحنفية له الأمان بأمر أمير المؤمنين و قد رأيت نسخة هذا الكتاب في يدي الحكيم أبي الفتوح المستوفي النصراني الطوسي و كان توقيع أمير المؤمنين عليه بخطه -الله الملك و علي عبده- فالسبط جعله نقش خاتمه و البيهقي قال إنه توقيعه بيده و لعل كلام البيهقي أثبت و يمكن أنه كان يوقع به و نقشه على الخاتم و الله أعلم و قال علي بن محمد بن أحمد المالكي المكي الشهير بابن الصباغ في كتاب الفصول المهمة في معرفة الأئمة : نقش خاتمه أسندت ظهري إلى الله و قيل حسبي الله و قال الكفعمي في كتابه المعروف بالمصباح نقش خاتمه الملك لله الواحد القهار و لعله كان له عدة خواتيم بعدة نقوش.

زوجاته
    أول زوجاته فاطمة الزهراء سيدة النساء عليها السلام بنت رسول الله سيد المرسلين صلى الله عليه وآله لم يتزوج عليها حتى توفيت عنده ثم تزوج بعدها أمامة بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس و أمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ثم تزوج أم البنين بنت حزام بن دارم الكلابية و تزوج ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلية التميمة الدرامية {التميمية الدارمية} و تزوج أسماء بنت عميس الخثعمية كانت تحت جعفر بن أبي طالب فقتل عنها ثم تزوجها أبو بكر فتوفي عنها ثم تزوجها أمير المؤمنين .و تزوج أم حبيب بنت ربيعة التغلبية و اسمها الصهباء من السبي الذين أغار عليهم خالد بن الوليد بعين التمر و تزوج خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة الحنفية و قيل خولة بنت أياس .و تزوج أم سعد أو سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفية .و تزوج مخباة بنت امرى‏ء القيس بن عدي الكلبية .

أولاده
    عدهم المسعودي في مروج الذهب خمسة و عشرين و قال المفيد في الإرشاد إنهم سبعة و عشرون ما بين ذكر و أنثى ثم قال: و في الشيعة من يذكر أن فاطمة عليها السلام أسقطت بعد النبي صلى الله عليه وآله ذكرا كان سماه رسول الله صلى الله عليه وآله و هو حمل محسنا فعلى قول هذه الطائفة هم ثمانية و عشرون -اه- و قال ابن الأثير المحسن توفي صغيرا أ هو غير و المسعودي و المفيد عدهم مع المحسن فزاد محمدا الأوسط و أم كلثوم الصغرى و البنت الصغيرة و رملة الصغرى و الذي وصل الينا من كلام المؤرخين و النسابين و غيرهم يقتضي أنهم ثلاثة و ثلاثون و يمكن كون هذه الزيادة من عد الاسم و اللقب اثنين مع أنهما واحد و هم:
     -1- الحسن -2- الحسين -3- زينب الكبرى -4- زينب الصغرى المكناة أم كلثوم قال المفيد أمهم فاطمة البتول سيدة نساء العالمين بنت سيد المرسلين و خاتم النبيين -5- أم كلثوم الكبرى ذكرها ابن الأثير مع زينب الكبرى و قال المسعودي الحسن و الحسين و محسن و أم كلثوم الكبرى و زينب الكبرى أمهم فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله و يمكن الجمع بين قول المفيد زينب الصغرى المكناة أم كلثوم و قول ابن الأثير و المسعودي إنها أم كلثوم الكبرى بأنها زينب الصغرى بالنسبة إلى زينب الكبرى و أم كلثوم الكبرى بالنسبة إلى أم كلثوم الصغرى الآتية التي هي من غير فاطمة -6- محمد الأوسط أمه أمامة بنت أبي العاص لم يذكره المفيد و لا المسعودي -7- و -8- و -9- و -10- العباس و جعفر و عبد الله و عثمان الشهداء بكربلاء أمهم أم البنين الكلابية و قال المسعودي أمهم أم البنين بنت حزام الوحيدية و لم يذكر معهم عثمان -11- محمد الأكبر المكنى بأبي القاسم المعروف بابن الحنفية أمه خولة الحنفية -12- محمد الأصغر المكنى بأبي بكر و بعضهم عد أبا بكر و محمدا الأصغر اثنين و الظاهر أنهما واحد -13- عبد الله أو عبيد الله الشهيدين بكربلاء أمهما ليلى بنت مسعود النهشيلة {النهشلية} -14- يحيى أمه أسماء بنت عميس -15- و -16- عمر و رقية توأمان أمهما أم حبيب الصهباء بنت ربيعة التغلبية و عمر عمر »خمسا و ثمانين سنة«.
     -17- و -18- و -19- أم الحسن و رملة الكبرى و أم كلثوم الصغرى أمهم أم سعد بنت عروة بن مسعود الثقفية و اقتصر المفيد و المسعودي على أم الحسن و رملة و لم يصفاها بالكبرى -20- بنت ماتت صغيرة أمها مخباة الكلبية و لم يذكرها المفيد و المسعودي -21- أم هاني -22- ميمونة -23- زينب الصغرى في عمدة الطالب أمها أم ولد و كانت تحت محمد بن عقيل بن أبي طالب -24- رملة الصغرى و لم يذكرها المفيد و لا المسعودي -25- رقية الصغرى و لم يذكرها المسعودي -26- فاطمة -27- أمامة -28- خديجة -29- أم الكرام و قال المسعودي إن أم الكرام هي فاطمة -30- أم سلمة -31- أم أبيها ذكرها المسعودي -32- جمانة المكناة أم جعفر -33- نفيسة لأمهات شتى.

صفته عليه‏ السلام في خلقه و حليته
    في كشف الغمة طلب بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل من بعض العلماء أن يخرج أحاديث صحاحا و شيئا مما ورد في فضائل أمير المؤمنين عليه‏ السلام و صفاته و كتبت على الأنوار {أتوار} الشمع الاثني عشر التي حملت إلى مشهده قال و أنا رأيتها. و مما جاء في صفته أيضا ما نقل عن كتاب صفين و عن جابر و ابن الحنفية و غيرهم و ما نقل في الإستيعاب و قال إنه أحسن ما رآه في صفته و نحن نذكر صفته المنيفة مقتبسة من مجموع تلك الروايات فنقول:
    كان عليه‏ السلام ربعة من الرجال إلى القصر أقرب و إلى السمن ما هو أدعج العينين  -1- الدعج شدة سواد العين مع سعتها. أنجل  -2- النجل سعة العين مع حسنها رجل أنجل و امرأة نجلاء. في عينيه لين  -3- ذبول. أزج الحاجبين حسن الوجه من أحسن الناس وجها يميل إلى السمرة كثير التبسم أصلع ليس في رأسه شعر إلا من خلفه ناتئ الجبهة له حفاف  -4- الجفاف {الحفاف} ككتاب الطرة حول رأس الأصلع. من خلفه كأنه أكليل و كان عنقه إبريق فضة  -5- أي سيف فضة في البريق و اللمعان. كث اللحية له لحية قد زانت صدره لا يغير شيبه أرقب  -6- غليظ الرقبة. عريض ما بين المنكبين لمنكبيه مشاش كمشاش السبع الضاري -و في رواية- عظيم المشاشين كمشاش السبع الضاري  -7- المشاش بالضم رءوس العظام الواحدة .مشاشة بالضم و المراد أن رءوس عظام المنكبين منه كرءوس عظام منكبي الأسد في الغلظ. لا يبين عضده من ساعده أدمجت إدماجا عبل الذراعين شثن الكفين  -8- شثنت كفه خشنت و غلظت و في النهاية أي يميلان إلى الغلظ و القصر و قيل أن يكون في أنامله غلظ بلا قصر و يحمد ذلك في الرجال لأنه أشد لقبضهم و يذم في النساء»اه«.
     -و في رواية- دقيق الأصابع شديد الساعد و اليد لا يمسك بذراع رجل قط إلا أمسك بنفسه فلم يستطع أن يتنفس ضخم البطن أقرى الظهر  -9- شديده. عريض الصدر كثير شعره ضخم الكسور  -10- الأعضاء. عظيم الكراديس  -11- الكراديس جمع كردوس و هو كل عظمين التقيا في مفصل. غليط {غليظ} العضلات حمش الساقين  -12- دقيقهما. ضخم عضلة الذراع دقيق مستدقها ضخم عضلة الساق دقيق مستدقها إذا مشى تكفا  -13- في النهاية أي تمايل إلى قدام. و إذا مشى إلى الحرب هرول قوي شجاع منصور على من لاقاه قد أيده الله بالعز و النصر.

صفته عليه‏ السلام في أخلاقه و أطواره و سيرته
    روى جماعة منهم أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء و ابن عبد البر المالكي في الإستيعاب و ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة و محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤول و غيرهم بأسانيدهم أنه دخل ضرار بن ضمرة الكناني و في الإستيعاب الصدائي بدل الكناني على معاوية فقال له صف لي عليا قال اعفني قال لتصفنه قال أما كان إذا لا بد من وصفه فانه: كان و الله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلا و يحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه و تنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا و زهرتها و يأنس بالليل و وحشته و كان غزير الدمعة طويل الفكرة يقلب كفه و يخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما خشن -ما قصر خ ل- و من الطعام ما جشب و كان فينا كأحدنا يدنينا إذا أتيناه و يجيبنا إذا سألناه و يأتينا إذا دعوناه و ينبئنا إذا استنبأناه و نحن و الله مع تقريبه إيانا و قربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم يعظم أهل الدين و يقرب المساكين لا يطمع القوي في باطله و لا ييأس الضعيف من عدله و أشهد لقد رأيته في بعض مواقفه و قد أرخى الليل سدوله و غارت نجومه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم و يبكي بكاء الحزين فكأني أسمعه الآن و هو يقول: يا ربنا يا ربنا يتضرع إليه ثم يقول: يا دنيا غري غيري إلي تعرضت أم إلي تشوفت هيهات هيهات قد بتتك {ابنتك} ثلاثا لا رجعة فيها فعمرك قصير و خطرك كبير و عيشك حقير آه آه من قلة الزاد و بعد السفر و وحشة الطريق.فبكى معاوية و وكفت دموعه على لحيته ما يملكها و جعل ينشفها بكمه و قد اختنق القوم بالبكاء.
    و قال: رحم الله أبا الحسن كان و الله كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار ؟ قال حزن من ذبح ولدها بحجرها فهي لا ترقا عبرتها و لا يسكن حزنها ثم خرج. و في الإستيعاب سئل الحسن البصري عن علي بن أبي طالب فقال:
    كان و الله سهما صائبا من مرامي الله على عدوه رباني هذه الأمة و ذا فضلها و ذا سابقتها و ذا قرابتها من رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن بالنئومة عن أمر الله و لا بالملومة في دين الله و لا بالسروقة لمال الله أعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياض مونقة، ثم قال للسائل ذاك علي بن أبي طالب يا لكع. و في البيان و التبيين : عن عبد الملك بن عمير قال سئل الحارث بن أبي ربيعة -الملقب بالقباع -عن علي بن أبي طالب فقال كم كان له ما شئت من ضرس قاطع في العلم بكتاب الله و الفقه بالسنة و الهجرة إلى الله و رسوله و البسطة في العشيرة و النجدة في الحرب و البذل للماعون»اه«.
    و في البيان و التبيين : قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه لصعصعة بن صوحان و الله ما علمتك إلا كثير المعونة قليل المئونة فجزاك الله خيرا فقال صعصعة و أنت فجزاك الله أحسن من ذلك فإنك ما علمتك إلا بالله عليم و الله في عينك عظيم. و في حلية الأولياء بسنده عن عنبسة النحوي : شهدت الحسن بن أبي الحسن و أتاه رجل من بني ناجية فقال يا أبا سعيد بلغنا أنك تقول: لو كان علي يأكل من خشف المدينة لكان خيرا له مما صنع فقال الحسن يا ابن أخي كلمة باطل حقنت بها دما، و الله لقد فقدوه سهما من مرامي الله و الله ليس بسروقة لمال الله و لا بنئومة عن أمر الله أعطى القرآن عزائمه فيما عليه و له أحل حلاله و حرم حرامه حتى أورده ذلك على حياض غدقة و رياض مونقة ذاك علي بن أبي طالب يا لكع. و مما جاء في صفته عليه‏ السلام كما في الإستيعاب : أنه كان شديد الساعد و اليد و إذا مشى للحرب هرول ثبت الجنان قوي شجاع منصور على من لاقاه: و في الإستيعاب بسنده عن أبجر بن جرموز عن أبيه: رأيت علي بن أبي طالب يخرج من مسجد الكوفة و عليه قطريتان متزر بالواحدة مرتد بالأخرى و إزاره إلى نصف الساق و هو يطوف في الأسواق و معهم درة يأمرهم بتقوى الله و صدق الحديث و حسن البيع و الوفاء بالكيل و الميزان»اه«.
    ملخص ما ذكره ابن أبي الحديد و في اجتماع الأضداد في صفات أمير المؤمنين عليه‏ السلام يقول الصفي الحلي :
جمعت  في  صفاتك   الأضداد              فلهذا  عزت لك الأنداد
زاهد   حاكم   حليم   شجاع              ناسك  فاتك  فقير جواد
شيم  ما  جمعن  في  بشر   قط              و لا  حاز  مثلهن  العباد
خلق يخجل النسيم  من اللطف              و بأس يذوب منه الجماد
حل معناك أن يحيط  به  الشعر              و  تحصي  صفاته  النقاد

    و قال الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني في كتابه حلية الأولياء في ترجمته: علي بن أبي طالب و سيد القوم محب المشهود و محبوب المعبود باب مدينة العلم و العلوم و رأس المخاطبات و مستنبط الإشارات راية المهتدين و نور المطيعين و ولي المتقين و إمام العادلين أقدمهم إجابة و إيمانا و أقومهم قضية و إيقانا و أعظمهم حلما و أوفرهم علما علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قدوة المتقين و زينة العارفين المنبئ عن حقائق التوحيد صاحب القلب العقول و اللسان السئول و الإذن الواعي فقاء عيون الفتن فدفع الناكثين و وضع القاسطين و دفع المارقين الأخيشن في ذات الله -اه- .

مناقبه و فضائله نظرة إجمالية فيها و في أحواله
    نبغ في الأزمان على تعاقبها نوابغ يمتازون عن سائر أهل زمانهم و هؤلاء النوابغ يتفاوتون في نبوغهم و صفاتهم التي ميزتهم عمن سواهم سنة الله في خلقه و مهما تكثر النابغون في الأزمنة المتطاولة فنابغة الإسلام بل نابغة الكون المتفرد في صفاته الفاضلة و مزاياه الكاملة و اجتماع محاسن الأضداد فيه هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‏ السلام ربيب رسول الله صلى الله عليه وآله أكمل الخلائق و خريجه.
    ذات علي ذات فذة يعسر أو يمتنع على الإنسان مهما أطال و مهما دقق أن يحيط بجميع ما فيها من سمو و تميز على سائر الخلق و مهما حاول الإنسان أن يحيط بجميع صفاته قعد به العجز و استولى عليه البهر كما قال المؤلف من قصيدة علوية تزيد على ثلاثمائة بيت وزعناها في هذا الجزء مطلعها:
صفات علي لا يحيط بها الحصر              و في عدها تفنى الدفاتر و الحبر
    و لكن -لا يترك الميسور بالمعسور- و عن المناقب قال النظام : علي بن أبي طالب محنة على المتكلم أن وفاه حقه غلا و إن بخسه حقه أساء و المنزلة الوسطى دقيقة الوزن صعبة المرتقى إلا على الحاذق الدين»اه«.

علمه
    فإن نظرنا إلى علمه وجدناه العالم الرباني الذي يقول على ملأ من الناس -سلوني قبل أن تفقدوني- و من ذا الذي يجرؤ من الناس أن يقول هذا الكلام فوق المنبر على حشد من ألوف الخلق و ما يؤمنه أن يسأله سائل عن مسألة لا يكون عنده جوابها فيخجله فيها.لا يجرأ على هذا القول إلا من يكون واثقا من نفسه بأن عنده جواب كل ما يسأل عنه.و هل تنحصر المسألة في علم من العلوم أو ناحية من النواحي حتى يجرؤ أحد على هذا القول لا يكون مؤيدا بتأييد إلهي و واثقا من نفسه كل الوثوق بأنه لا يغيب عنه جواب مسألة مهما دقت و أشكلت أن هذا لمقام يقصر العقل عن الإحاطة به و يسأل و هو على المنبر عن مسافة ما بين المشرق و المغرب فيجب بأنه مسيرة يوم للشمس.و هو جواب إقناعي أحسن ما يجاب به في مثل المقام.و يسأل عما بين الحق و الباطل فيقول مسافة أربع أصابع.الحق أن تقول رأيت بعيني و الباطل أن تقول سمعت بأذني.و يسأل عن رجلين مع أحدهما خمسة أرغفة و مع الآخر ثلاثة فجلس معهما ثالث و أكلوا الأرغفة الثمانية و طرح إليهما الثالث ثمانية دراهم فيحكم بأن لصاحب الثلاثة درهم واحد و لصاحب الخمسة سبعة دراهم لأن الأرغفة الثمانية أربعة و عشرون ثلثا لصاحب الثلاثة منها تسعة أثلاث أكل منها ثمانية و أكل الضيف واحدا و لصاحب الخمسة منها خمسة عشر ثلثا أكل منها ثمانية و أكل الضيف سبعة.
    فهذه المسألة لو أجاب عنها أمهر رجل في الحساب بعد طول الفكرة و الروية و أصاب فيها لكان له الفخر.و يؤتى عمر بامرأة ولدت لستة أشهر فيهم برجمها فيقول له علي إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك أن الله تعالى يقول  -و حمله و فصاله ثلاثون شهرا-  و يقول »و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين« فإذا كانت مدة الرضاع حولين كاملين و الحمل و الفصال ثلاثون شهرا كانت مدة الحمل فيها ستة أشهر فثبت الحكم بذلك و عمل به الصحابة و التابعون و من أخذ عنهم إلى يومنا هذا.و يؤتى عمر بمجنونة زنت فيأمر بجلدها فيقول له أن النبي قد رفع القلم عن المجنون حتى يفيق فيقول فرج الله عنك لقد كدت أهلك في جلدها.و يؤتى عمر بحامل قد زنت فيأمر برجمها فيقول له هب أن لك سبيلا عليها أي سبيل لك على ما في بطنها.احتط عليها تلد فإذا ولدت و وجدت لولدها من يكفله فأقم عليها الحد فيقول عمر لا عشت لمعضلة لا يكون لها أبو الحسن .و يجي‏ء أبو الأسود الدئلي فيخبره بأنه سمع من يلحن في القرآن فيضع له أصول علم النحو في كلمات معروفة و يقول له أنح هذا النحو فيزيد عليها أبو الأسود و تضبط لغة العرب بعلم النحو إلى اليوم.

شجاعته
    و إذا نظرنا إلى شجاعته و قد ضربت بها الأمثال وجدناه قد باشر الحرب و عمره »عشرون سنة« أو فوقها بقليل و قد أنسى ذكر من كان قبله و محا اسم من يأتي بعده و وجدنا تفوقه فيها على جميع الخلق ملحقا بالضروريات يقبح بالإنسان إطالة الكلام فيه و إكثار الشواهد عليه و مقاماته في الحرب تضرب بها الأمثال إلى يوم القيامة.و كفى في ذلك أنه ما فر في موطن قط و لا ارتاع من كتيبة و لا بارز أحدا إلا قتله و لا ضرب ضربة قط فاحتاجت إلى ثانية و كانت ضرباته وترا إذا علا قد و إذا اعترض قط و لا دعي إلى مبارزة فنكل و هذا كله من الأمور العجيبة التي لم تتفق لغير علي بن أبي طالب و يمكن أن توصف الشجاعة بأكثر من ذلك.
    و كان يقول ما بارزت أحدا إلا كنت أنا و نفسه عليه و كانت العرب تفتخر بوقوفها في مقابلته في الحرب.و يفتخر المفتخرون و رهطهم بأنه قاتلهم افتخر بذلك حيي بن أخطب سيد بني النضير فقال قتلة شريف بيد شريف.و افتخرت به أخت عمرو بن عبد ود في شعرها الذي رثت به أخاها.و لما افتخر حسان بقتل عمرو بن عبد ود في شعر له رد عليه فتى من بني عامر فقال من أبيات:
كذبتم  و  بيت  الله  لا   تقتلوننا              و  لكن  بسيف  الهاشميين  فافخروا
بسيف ابن عبد الله أحمد في الوغى              بكف  علي  نلتم   ذاك  فاقصروا
علي الذي في  الفخر  طال  بناؤه              فلا تكثروا الدعوى علينا فتحقروا
    و كان يمدحه المشركون على قتله عظيما منهم و يجعلون ذلك فخرا لعلي و مع ذلك فمال هذا إلى الافتخار بأنه قاتله قال مسافع الجمحي في رثاء عمرو و قتل علي إياه من أبيات:
فاذهب علي فما ظفرت بمثله                فخرا فلا لاقيت مثل المعضل
    و قال هبيرة بن أبي وهب يرثي عمرا و يذكر قتل علي إياه من أبيات:
فعنك علي لا أرى مثل موقف              وقفت  على نجد  المقدم كالفجل‏
فما  ظفرت كفاك  فخرا بمثله              آمنت به ما عشت من زلة النعل
    و افتخر به سعيد بن العاص فقال: أما أنه ما كان يسرني أن يكون قاتل أبي غير ابن عمه علي بن أبي طالب إلى غير ذلك.و كان ينيمه أبوه و هو صبي أيام حصار الشعب في مرقد رسول الله صلى الله عليه وآله فينام فيه مواجها للخطر طيبة بذلك نفسه.و ظهرت شجاعته الفائقة في مبيته على الفراش ليلة الغار موطنا نفسه على الأخطار غير هياب و لا حزين و النفر من قريش محيطون بالدار ليفتكوا بمن في الفراش و ظهرت شجاعته البالغة لما سار بالفواطم بعد الهجرة جهارا من مكة و ليس معه إلا ابن أم أيمن و أبو واقد الليثي و هما لا يغنيان شيئا فلحقه ثمانية فرسان من قريش أمامهم جناح مولى حرب بن أمية فأهوى إليه جناح بالسيف و هو فارس و علي راجل فحاد علي عن ضربته و ضربه لما انحنى على كتفه فقطعه نصفين حتى وصلت الضربة إلى قربوس فرسه و انهزم الباقون.
    و في يوم بدر قتل الوليد بن عتبة و شرك في قتل عتبة و قتل جماعة من صناديد المشركين حتى روي أنه قتل نصف المقتولين أو أزيد من النصف بواحد و قتل باقي المسلمين مع الملائكة المسومين النصف الثاني.
    و في يوم أحد قتل أصحاب اللواء جميعهم على أصح الروايات و هم سبعة أو تسعة و انهزم بقتلهم المشركون و لو لا مخالفة الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وآله لتم النصر للمسلمين و جميع من قتل يوم أحد من المشركين ثمانية و عشرون قتل علي منهم ثمانية عشر.ثم لما انهزم المسلمون إلا قليلا منهم ثبت مع النبي صلى الله عليه وآله فحامى عنه و كلما أقبل إليه قوم ندبه النبي إليهم فيفرقهم و يقتل فيهم حتى عجب منه جبرائيل و قال يا رسول الله إن هذه للمواساة و نادى -لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي - .
    و في وقعة الخندق لما اقحم عمرو بن عبد ود و جماعة معه خيلهم و عبروا الخندق جاء علي و معه نفر حتى أخذ عليهم الثغرة التي أقحموا خيلهم منها و لم يجسر على ذلك أحد غيره و لما طلب عمرو المبارزة جبن المسلمون كلهم و سكتوا كأنما على رءوسهم الطير فجعل عمرو يؤنبهم و يوبخهم و النبي يقول من لعمرو و قد ضمنت له على الله الجنة فلم يقم إليه أحد إلا علي فقال أنا له يا رسول الله و النبي صلى الله عليه وآله يقول له اقعد فإنه عمرو حتى فعل ذلك ثلاثا فقال له في الثالثة و إن كان عمرا فقتله و انهزم من معه فلحقهم علي و قتل بعضهم و انكسرت بذلك شوكة المشركين و رد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا و كفى الله المؤمنين القتال بعلي .
    و في يوم خيبر كان علي أرمد لا يبصر سهلا و لا جبلا فلذلك بعث النبي صلى الله عليه وآله اثنين غيره من المهاجرين فرجعا منهزمين أحدهما يجبن أصحابه و يجبنونه و الآخر يؤنب أصحابه و يؤنبونه فقال النبي صلى الله عليه وآله لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله عليه فدعا بعلي فتفل في عينيه فبرئا و أعطاه الراية فلقيه مرحب و على رأسه مغفر و حجر قد ثقبه مثل البيضة فضربه علي فقد الحجر و المغفر و رأسه حتى وقع السيف في أضراسه و سمع أهل العسكر صوت تلك الضربة و اقتلع باب الحصن و جعله جسرا على الخندق و كان يغلقه عشرون رجلا فلما انصرفوا من الحصن دحا به أذرعا و اجتمع عليه سبعون رجلا حتى أعادوه و تترس بباب لم يستطع قلبه ثمانية نفر فأي شجاع في الكون يصل إلى هذه الشجاعة.
    و في غزوة حنين ثبت مع النبي صلى الله عليه وآله و قد هرب عنه الناس غير عشرة تسعة منهم من بني هاشم هو أحدهم و فيهم العباس و ابنه و قتل علي أبا جرول و أربعين من المشركين غيره و انهزم المشركون بقتله و قتلهم و رجع المسلمون من هزيمتهم بثباته و ثبات من معه الذين إنما ثبتوا بثباته لأنه لم يؤثر عنهم شجاعة كما أثر عنه.و في جميع الوقائع و الغزوات كان له المقام الأسمى في الشجاعة و الثبات.
    و في يوم الجمل و صفين و النهروان باشر الحرب بنفسه و قتل صناديد الأبطال و جدل أبطال الرجال.
    و في يوم الجمل ثبت الفريقان و اشرعوا الرماح بعضهم في صدور بعض كأنها أجلم القصب و لو شاءت الرجال أن تمشي عليها لمشت و كان يسمع لوقع السيوف أصوات كأصوات القصارين، و لما اشتد القتال زحف نحو الجمل بنفسه في كتيبته الخضراء من المهاجرين و الأنصار و حوله بنوه ثم حمل فغاص في عسكر الجمل حتى طعن العسكر ثم رجع و قد انحنى سيفه فأقامه بركبته فقال له أصحابه و بنوه نحن نكفيك فلم يجبهم و لا رد إليهم بصره و ظل ينحط و يزأر زئير الأسد ثم حمل ثانية وحده فدخل وسطهم و الرجال تفر من بين يديه و تنحاز عنه يمنة و يسرة حتى خضب الأرض بدماء القتلى ثم رجع و قد انحنى سيفه فأقامه بركبته ثم قال لابنه محمد بن الحنفية هكذا تصنع يا ابن الحنفية .فقال الناس من الذي يستطيع ما تستطيعه يا أمير المؤمنين .
    و من مواقفه بصفين ما كان يوم الهرير قال بعض الرواة فو الله الذي بعث محمدا بالحق نبيا ما سمعنا برئيس قوم منذ خلق الله السماوات و الأرض أصاب بيده في يوم واحد ما أصاب علي ، أنه قتل في ما ذكر العادون زيادة على خمسمائة من أعلام العرب يخرج بسيفه منحنيا فيقول معذرة إلى الله و إليكم من هذا فكنا نأخذه و نقومه ثم يتناوله من أيدينا فيقتحم به في عرض الصف.فلا و الله ما ليث أشد نكاية منه بعدوه.

حلمه
    و إذا نظرنا إلى حلمه و صفحه وجدناه أحلم الناس و كفانا لإثبات بلوغه أعلى درجات الحلم حلمه عن أهل الجمل عموما و عن مروان بن الحكم و عبد الله بن الزبير خصوصا فقد ظفر بمروان يوم الجمل و كان أعدى الناس له فصفح عنه و كان عبد الله بن الزبير من أعدى الناس له و كان يشتمه على رءوس الأشهاد فأخذه يوم الجمل أسيرا فصفح عنه و قال اذهب فلا أرينك لم يزده على ذلك و ظفر بسعيد بن العاص بعد وقعة الجمل بمكة و كان له عدوا فأعرض عنه و لم يقل له شيئا و لم يعاقب أحدا من أهل الجمل و أهل البصرة و نادى مناديه ألا لا يتبع مول و لا يجهز على جريح و لا يقتل مستأسر و من ألقى سلاحه فهو آمن و تقيل سنة رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة و لما ملك عليه أهل الشام الشريعة و منعوه و أصحابه من الماء ثم ملكها عليهم قال له أصحابه امنعهم كما منعونا فقال لا و الله لا أكافيهم بمثل فعلهم.و كان يوصي جيوشه أن لا يتبعوا مدبرا و لا يجهزوا على جريح.

عدله
    و إذا نظرنا إلى عدله لم يجد له في العدل مشابها قال ابن الأثير في أسد الغابة إن زهده و عدله لا يمكن استقصاؤهما و مر كلام الاستيعاب في ذلك عند ذكر صفته في أخلاقه و أطواره و ما ذا يقول القائل في عدل خليفة يجد في مال جاءه من أصبهان رغيفا فيقسمه سبعة أجزاء كما قسم المال و يجعل على كل جزء جزءا.و يساوي بين الناس في العطاء و يأخذ كأحدهم.

فصاحته
    و إذا نظرنا إلى فصاحته و بلاغته وجدناه إمام الفصحاء و سيد البلغاء، و حسبك أن يقال في كلامه إنه بعد كلام الرسول صلى الله عليه وآله فوق كلام المخلوق و دون كلام الخالق.و قول عدوه معاوية : و الله ما سن الفصاحة لقريش غيره.و أنه لم يدون لأحد من الصحابة العشر و لا نصف العشر مما دون له: و يقبح بنا أن نقيم شيئا من الأدلة و الشواهد على ذلك فإنه كإقامة الدليل على الشمس الضاحية:
و ليس يصح في الأذهان شي‏ء          متى احتاج النهار إلى دليل
    و لا أدل على ذلك مما أثر عنه و جمع من كلامه كنهج البلاغة و غيره و سنتكلم على نهج البلاغة مستقلا»انش«.

زهده
    و إذا نظرنا إلى زهده في الدنيا أخذنا العجب و البهر من رجل في يده الدنيا كلها عدى الشام - العراق و فارس و الحجاز و اليمن و مصر و هو يلبس الخشن و يأكل الجشب مواساة للفقراء و يقول يا دنيا غري غيري إلخ و لم يخلف إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه كان يعدها لخادم يشتريها لأهله و يفرق جميع ما في بيت المال ثم يأمر به فيكنس ثم يصلي فيه رجاء أن يشهد له.و ما شبع من طعام قط.و قد بلغ من زهده في الدنيا أن تكون الدنيا عنده أهون من ورقة في فم جرادة تقضمها.كما في بعض كلامه و أن تكون الإمرة عنده لا تساوي نعلا قيمتها ثلاثة دراهم إلا أن يقيم حقا أو يدفع باطلا كما قاله لابن عباس و هو سائر إلى البصرة .

الجود و السخاء
    و إذا نظرنا إلى جوده و سخائه وجدناه أسخى من السحاب الهاطل و وجدناه لا يبارى في ذلك و لا يماثل قال الشعبي كان أسخى الناس و قال عدوه معاوية لو ملك بيتا من تبر و بيتا من تبن لأنفق تبره قبل تبنه و كان يكنس بيوت الأموال و يصلي فيها و يقول يا صفراء و يا بيضاء غري غيري و لم يخلف ميراثا و كانت الدنيا كلها بيده عدى الشام و لم يعمل بآية النجوى غيره.و أعتق ألف عبد من كسب يده و لم يقل لسائل لا قط.

حسن الخلق
    و إن نظرنا إلى حسن أخلاقه وجدناه يضرب به المثل في ذلك حتى عابه به أعداؤه لما لم يجدوا فيه عيبا.و قال أصحابه كان فينا كأحدنا لين جانب و شدة تواضع و سهولة قياد و كنا نهابه مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف على رأسه.

الرأي و التدبير
    و إن نظرنا إلى رأيه و تدبيره وجدناه أصوب الناس رأيا و أحسنهم تدبيرا فهو الذي أشار على عمر بوضع التاريخ للهجرة .و بترك حلي الكعبة لما أراد أخذه و أشار لما اجتمعت الفرس على غزو بلاد الإسلام أن لا يذهب بنفسه لأن الأعاجم إذا رأوه قالوا هذا رجل العرب فان قطعتموه فقد قطعتم العرب و كان أشد لكلبهم و أن لا يشخص أهل الشام و لا أهل اليمن خوفا على ذراريهم من الروم و الحبشة و لا أهل الحرمين لئلا تنتفض عليه و قال أن القتال ليس بالكثرة بل بالبصيرة و أن يبعث إلى أهل البصرة فلتقم فرقة منهم على ذراريهم و أخرى على أهل عهدهم لئلا ينقضوا و لتسر فرقة منهم إلى إخوانهم مددا لهم فقبل ذلك عمر و كان هو الرأي.و هو الذي أشار على عثمان بأمور كان صلاحه فيها لو قبلها.

العبادة
    و إذا نظرنا إلى عبادته وجدناه أعبد الناس و كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده و في الأدعية المأثورة عنه كفاية.و كان زين العابدين على ما هو عليه من العبادة يستصغر عبادته في جنب عبادة جده أمير المؤمنين .
    و من عجيب أحواله أنه اجتمعت في صفاته الأضداد فبينما هو يمارس الحروب و يبارز الأقران و يقتل الشجعان و من تكون هذه صفته لا بد أن يكون قاسي القلب شرس الخلق بينما نراه كذلك إذا هو أعبد العباد. يقضي ليله بالصلاة و العبادة و التضرع و الابتهال و الخضوع لله تعالى و إذا به أحسن الناس خلقا و أرقهم طبعا و ألينهم عريكة.

تعداد مناقبه و فضائله على التفصيل
    و هي كثيرة ينبو عنها الحصر و عظيمة يضيق بها الوصف و يقصر دونها الفكر.كما قال السيد الحميري :
و له مناقب لا تُرام و إن يَرِد              ساعٍ تناوُلَ بعضِها يتذبذب
    و قد ألفت في فضائله و مناقبه التي اختص بها و امتاز بها عن سائر الصحابة مؤلفات كثيرة عدى ما أودع في مضامين الكتب التي لا تحصى (منها) كتاب خصائصه للنسائي طبع مرارا.و كتاب خصائصه للحافظ أبي نعيم الأصفهاني .و كتاب خصائصه لأبي عبد الرحمن السكري .و كتاب ما نزل فيه من القرآن للحافظ أبي نعيم الأصفهاني و لسنا نحتاج في إثبات عظمته و علو مقامه و امتيازه عن الخلق عدى رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله و مشاركته له في كثير من صفاته و أحواله إلى روايات الراوين و مؤلفات المؤلفين.
    بل يكفينا لذلك إلقاء نظرة واحدة على أحواله المسلمة المتواترة من أنه كيف وتر العرب في حروبه مع النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله و قتل صناديدها و رؤساءها فأورث ذلك الأضغان و الأحقاد عليه في قلوبها و كان آباء من قتلهم و أبناؤهم و إخوانهم و عشائرهم لا يزالون موجودين و أحقادهم لا تزال كامنة و نيرانها في صدورهم مشتعلة و إن دخلوا في الإسلام فجملة منهم دخلوا فيه كرها و خوفا من السيف و من دخل عن عقيدة لم تكن عقيدته لتغير ما في نفسه و طبعه من الغيظ على قاتل أبيه و أخيه و ابنه و قريبه ألا ترى إلى سيد ولد آدم كيف لم يستطع أن ينظر إلى قاتل عمه حمزة فقال له غيب وجهك عني و هو أكمل الخلق و لما رأى أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة و هو مسلم أباه عتبة يجر إلى القليب تغير وجهه و لما نهى رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله عن قتل أحد من بني هاشم و عن قتل العباس عمه قال أبو حذيفة أ نقتل أبناءنا و إخواننا و عشائرنا و نترك العباس و الله لئن لقيته لألجمنه السيف ثم ما كان من تنويه النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله بشأنه في مواضع عديدة و اختصاصه به ما زرع بذر الحسد له و غرس العداوة له في قلوب الناس الرجال منهم و النساء سنة الله في خلقه و لن تجد لسنة الله تبديلا حتى قالت أخت علي بن عدي من بني عبد شمس لما سار علي عليه‏ السلام إلى البصرة : لا هم فاعقر بعلي جملة و لا تبارك في بعير حمله إلا علي بن عدي ليس له
    نحن نذكر طرفا مقنعا من فضائله و مناقبه من دون استقصاء فإن ذلك يحتاج إلى عدة مجلدات و هي على أنواع:
     (الأول) أنه ربي في حجر رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله و تأدب بآدابه و تخلق بإخلاقه و اهتدى بهداه و اقتدى به في أقواله و أفعاله و لازمه طول حياته و قد تقدمت الإشارة إلى ذلك عند ذكر نشأته و تربيته و قال عليه‏ السلام في أواخر خطبته المسماة بالقاصعة : و قد علمتم موضعي من رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله بالقرابة القريبة و المنزلة الخصيصة وضعني في حجره و أنا وليد يضمني إلى صدره و يكنفني في فراشه و يمسني جسده و يشمني عرفه و كان يمضغ الشي‏ء ثم يلقمنيه و ما وجد لي كذبة في قول و لا خطلة في فعل و لقد قرن الله به من لدن إن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم و محاسن أخلاق العالم ليله و نهاره و لقد كنت أتبعه اتّباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما و يأمرني بالاقتداء به و لقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه و لا يراه غيري و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله و خديجة و أنا ثالثهما أرى نور الوحي و الرسالة و أشم ريح النبوة قال و في ذلك يقول المؤلف من قصيدة:
و ربيت  في  حجر النبي محمد             فطوبى لمن من أحمد   ضمه حجر
و غذاك بالعلم  الإلهي  ناشئا              فلا علم إلا منك قد  خاطه خبر
بأدابه أدبت  طفلا  و  يافعا              و اكسبنك الأخلاق أخلاقه الغر

     (الثاني) السبق إلى الإسلام و عدم السجود لصنم قط قال ابن أبي الحديد ما أقول في رجل سبق الناس إلى الهدى و آمن بالله و عبده و كل من في الأرض يعبد الحجر و يجحد الخالق لم يسبقه أحد إلى التوحيد إلا السابق إلى كل خير محمد رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله. ذهب أكثر أهل الحديث إلى أنه عليه‏ السلام أول الناس اتباعا لرسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله و إيمانا به و لم يخالف في ذلك إلا الأقلون و قد قال هو عليه‏ السلام أنا الصديق الأكبر و أنا الفاروق الأول أسلمت قبل إسلام الناس و صليت قبل صلاتهم و من وقف على كتب أصحاب الحديث تحقق ذلك و علمه واضحا و إليه ذهب الواقدي و ابن جرير الطبري و هو القول الذي رجحه و نصره صاحب كتاب الإستيعاب (اه) .
    و في أسد الغابة : هو أول الناس إسلاما في قول كثير من العلماء و قال ابن عبد البر في الإستيعاب : روي عن سلمان و أبي ذر و المقداد و خباب و جابر و أبي سعيد الخدري و زيد بن الأرقم أن علي بن أبي طالب أول من أسلم و فضله هؤلاء على غيره و قال ابن إسحاق أول من آمن بالله و برسوله محمد صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله من الرجال علي بن أبي طالب و هو قول ابن شهاب إلا أنه قال من الرجال بعد خديجة و هو قول الجميع في خديجة ثم روى بسنده عن ابن عباس قال لعلي أربع خصال ليست لأحد غيره هو أول عربي و عجمي صلى مع رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله و هو الذي كان لواؤه معه في كل زحف و هو الذي صبر معه يوم فر عنه غيره و هو الذي غسله و أدخله قبره قال و روي عن سلمان عن النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله أول هذه الأمة ورودا على الحوض أولها إسلاما علي بن أبي طالب (و بسنده) عن سلمان الفارسي عن النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله أولكم ورودا على الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب و رواه الحاكم في المستدرك بسنده عن سلمان مثله.
     (الثالث) ما جرى له حين جمع النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله عشيرته الأقربين و دعاهم إلى الإسلام في أول البعثة و قد مر ذكر ذلك مفصلا في السيرة النبوية في الجزء الثاني و يأتي ذكره في أدلة إمامته في هذا الجزء و عند ذكر أخباره متتالية متتابعة فأغنى ذلك عن ذكره هنا و نكتفي هنا بإيراد بعض ما ذكره المفيد في الإرشاد في هذه المنقبة قال: و من مناقبه الغنية لشهرتها و تواتر النقل بها و إجماع العلماء عليها عن إيراد الأخبار بها أن النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله جمع خاصة أهله و عشيرته في ابتداء الدعوة إلى الإسلام فعرض عليهم الإيمان و استنصرهم على أهل الكفر و العدوان و ضمن لهم على ذلك الحظوة في الدنيا و الشرف و ثواب الجنان فلم يجبه أحد منهم إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‏ السلام فنحله بذلك تحقيق الأخوة و الوزارة و الوصية و الوراثة و الخلافة و أوجب له به الجنة و ذلك في حديث الدار الذي أجمع على صحته نقلة الآثار حين جمع رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله بني عبد المطلب في دار أبي طالب و ذكر الحديث و مر عند ذكر أخباره لما نزل  (و أنذر عشيرتك الأقربين) .
    و فيه أنه قال لهم فمن يجيبني إلى هذا الأمر و يؤازرني عليه يكن أخي و وصيي و وزيري و وارثي و خليفتي من بعدي فلم يجبه أحد فقال أمير المؤمنين أنا يا رسول الله أوازرك على هذا الأمر فقال أنت أخي و وصيي و وزيري و وارثي و خليفتي من بعدي فنهض القوم و هم يقولون لأبي طالب ليهنئك اليوم إن دخلت في دين ابن أخيك فقد جعل ابنك أميرا عليك.
     (الرابع) مبيته على الفراش ليلة الغار و فداؤه النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله بنفسه و قد تقدم شرح ذلك في الجزء الثاني في السيرة النبوية و يأتي ذكره مفصلا أيضا في هذا الجزء مع ما لم يذكر هناك عند ذكر أخباره من مولده إلى وفاته إن شاء الله تعالى.
     (الخامس) إقامة النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله له مقامه يوم الهجرة في أداء أماناته و رد ودائعه و قضاء ديونه و حمل الفواطم إليه إلى المدينة و لم يأتمن على ذلك أحدا غيره لما علم من أمانته و كفاءته و شجاعته فقام بما أمره به و أقام مناديا ينادي بالأبطح (محل اجتماع الناس) غدوة و عشية: إلا من كانت له قبل محمد أمانة فليحضر مكان كذا و كذا تؤد إليه أمانته ثم حمل الفواطم و هاجر بهن إلى المدينة ظاهرا و لحقه الثمانية الفوارس فقتل مقدمهم و رجع الباقون حتى ورد على النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله بقبا . قال المفيد في الإرشاد : و من مناقبه أن النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله كان أمين قريش على ودائعهم فلما فجاه من الكفار ما أحوجه إلى الهرب من مكة بغتة لم يجد في قومه و أهله من يأتمنه على ما كان مؤتمنا عليه سوى أمير المؤمنين عليه‏ السلام فاستخلفه في رد الودائع إلى أربابها و قضاء دينه و جمع بناته و نساء أهله و أزواجه  )1( لا يخفى أنه لم يكن للنبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله زوجة في ذلك الوقت غير سودة بنت زمعة لأنه تزوجها بمكة أما باقي نسائه فبالمدينة و خديجة كانت قد ماتت.)المؤلف)
    و الهجرة بهم إليه و لم ير أن أحدا يقوم مقامه في ذلك من كافة الناس فوثق بأمانته و عول على نجدته و شجاعته و اعتمد في الدفاع عن أهله و خاصته على بأسه و قدرته و اطمأن إلى ثقته على أهله و حرمه و عرف من ورعه و عصمته ما تسكن النفس معه إلى ائتمانه على ذلك فقام علي به أحسن القيام و رد كل وديعة إلى أهلها و أعطى كل ذي حق حقه و حفظ بنات نبيه صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله و هاجر بهم ماشيا على قدميه يحوطهم من الأعداء و يكلؤهم من الخصماء و يرفق بهم في المسير حتى أوردهم عليه المدينة على أتم صيانة و حراسة و رفق و أحسن تدبير.و هذه منقبة توحد بها من كافة أهل بيته و أصحابه و لم يشركه فيها أحد من أتباعه و أشياعه و لم يحصل لغيره من الخلق فضل سواها يعادلها عند السبر و لا يقاربها على الامتحان و هي مضافة إلى ما قدمناه من مناقبه الباهرة بفضلها القاهرة بشرفها قلوب العقلاء »اه«.
     (السادس) المؤاخاة بينه و بين رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله قال ابن عبد البر في الإستيعاب : آخى رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله بين المهاجرين ثم آخى بين المهاجرين و الأنصار و قال في كل واحدة منهما لعلي أنت أخي في الدنيا و الآخرة و آخى بينه و بين نفسه. و في أسد الغابة : آخاه رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله مرتين فإنه آخى بين المهاجرين ثم آخى بين المهاجرين و الأنصار بعد الهجرة و قال لعلي في كل واحدة منهما أنت أخي في الدنيا و الآخرة ثم روى بسنده عن ابن عمر أنه لما ورد رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله المدينة آخى بين أصحابه فجاء علي تدمع عيناه فقال يا رسول الله آخيت بين أصحابك و لم تؤاخ بيني و بين أحد فقال رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله يا علي أنت أخي في الدنيا و الآخرة.
     (و بسنده) عن ابن عمر أن رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله آخى بين أصحابه بين أبي بكر و عمر و بين طلحة و الزبير و بين عثمان و عبد الرحمن بن عوف فقال علي يا رسول الله إنك قد آخيت بين أصحابك فمن أخي قال رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله أما ترضى يا علي أن أكون أخاك فقال علي بلى يا رسول الله فقال رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله أنت أخي في الدنيا و الآخرة و فيه يقول المؤلف أيضا من قصيدة ثالثة:
تخيرك   الهادي   النبي   لنفسه               أخا حين آخى  بينهم فلك الفخر
فهل كان مذ آخاك مثلك فيهم               و اخطا انتقاء المصطفى إنه الهذر

    و يقول أيضا من قصيدة رابعة:
و آخاك من بين الصحاب محمد              فهل كان خطئا في انتقائك ما فعل
     (السابع) أنه كان صاحب راية رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله في المواقف كلها و الراية هي العلم الأكبر و اللواء دونها ، في المصباح لواء الجيش علمه و هو دون الراية . و قد مر في الأمر الثاني من مناقبه رواية الحاكم بالإسناد عن ابن عباس لعلي أربع خصال ليست لأحد و عد منها و هو الذي كان لواؤه معه في كل زحف و رواه المفيد في الإرشاد بإسناده عن ابن عباس نحوه و قال و هو صاحب لوائه في كل زحف و روى الحاكم في المستدرك و صححه بسنده عن مالك بن دينار سألت سعيد بن جبير فقلت يا أبا عبد الله من كان حامل راية رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله فنظر إلي و قال كأنك رخي البال فغضبت و شكوته إلى إخوانه من القراء فقلت ألا تعجبون من سعيد سألته كذا ففعل كذا قالوا إنك سألته و هو خائف من الحجاج و قد لاذ بالبيت فسله الآن فسألته فقال كان حاملها علي هكذا سمعته من عبد الله بن عباس قال و لهذا الحديث شاهد من حديث زنفل العرفي و فيه طول فلم أخرجه (اه) .
    و في تهذيب التهذيب في ترجمة سعد بن عبادة قال مقسم عن ابن عباس كانت راية رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله في المواطن كلها مع علي راية المهاجرين و مع سعد بن عبادة راية الأنصار (اه) و روى المفيد في الإرشاد عن يحيى بن عمارة حدثني الحسن بن موسى بن رباح مولى الأنصار حدثني أبو البختري القرشي قال كانت راية قريش و لواؤها جميعا بيد قصي بن كلاب ثم لم تزل الراية في يد ولد عبد المطلب يحملها منهم من حضر الحرب حتى بعث الله رسوله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله فصارت راية قريش و غيرها إلى النبي فأقرها في بني هاشم فأعطاها رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله علي بن أبي طالب عليه‏ السلام في غزوة ودان و هي أول غزوة حمل فيها راية في الإسلام مع النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله ثم لم تزل معه في بدر و هي البطشة الكبرى و في يوم أحد و كان اللواء يومئذ في بني عبد الدار فأعطاه رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله مصعب بن عمير فاستشهد و وقع اللواء من يده فتشوفته القبائل فأخذه رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله فدفعه إلى علي بن أبي طالب فجمع له يومئذ الراية و اللواء فهما إلى اليوم في بني هاشم »اه«.
و في ذلك يقول المؤلف من قصيدة:
و في كل زحف كنت رب لوائه                  و رايته العظمى و في سيفك النصر
     (الثامن) الشجاعة و امتيازه بها و تفوقه فيها ملحق بالضروريات قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : أما الشجاعة فإنه أنسى الناس فيها ذكر من كان قبله و محا اسم من يأتي بعده و مقاماته في الحرب مشهورة تضرب بها الأمثال إلى يوم القيامة و هو الشجاع الذي ما فر قط و ارتاع من كتيبة و لا بارز أحدا إلا قتله و لا ضرب ضربة قط فاحتاجت إلى ثانية و في الحديث كانت ضرباته وترا (أقول) و لا دعي إلى مبارزة فنكل (قال) و لما دعا معاوية إلى المبارزة ليستريح الناس من الحرب بقتل أحدهما قال له عمرو لقد انصفك فقال معاوية ما غششتني منذ نصحتني إلا اليوم أ تأمرني بمبارزة أبي الحسن و أنت تعلم أنه الشجاع المطرق أراك طمعت في إمارة الشام بعدي و كانت العرب تفتخر بوقوفها في الحرب في مقابلته فأما قتلاه فافتخار رهطهم بأنه عليه‏ السلام قتلهم أظهر و أكثر قالت أخت عمرو بن عبد ود ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله                بكيته أبدا ما دمت  في  الأبد
لكن قاتله  من  لا  نظير  له                و كان يدعى أبوه بيضة البلد

     (التاسع) القوة و الأيد و حسبك في ذلك قلعه باب خيبر و جعله جسرا على الخندق و كان يغلقه عشرون رجلا و تترسه يومئذ بباب لم يستطع قلبه ثمانية نفر (قال المفيد ) : روى أصحاب الآثار عن الحسن بن صالح عن الأعمش عن أبي عبد الله الجدلي قال سمعت أمير المؤمنين عليه‏ السلام يقول لما عالجت باب خيبر جعلته مجنا لي فقاتلتهم به فلما أخزاهم الله وضعت الباب على حصنهم طريقا ثم رميت به في خندقهم فقال له رجل لقد حملت منه ثقلا فقال ما كان إلا مثل جنتي التي في يدي غير ذلك المقام و ذكر أصحاب السيرة أن المسلمين لما انصرفوا من خيبر راموا حمل الباب فلم يقله ]يقلبه[ منهم إلا سبعون رجلا و مر في الجزء الثاني و يأتي في هذا الجزء في غزوة خيبر زيادة على هذا.
    قال ابن أبي الحديد : أما القوة و الأيد فبه يضرب المثل فيهما قال ابن قتيبة في المعارف : ما صارع أحد قط إلا صرعه و هو الذي قلع باب خيبر و اجتمع عليه عصبة من الناس ليقلبوه فلم يقدروا و هو الذي اقتلع هبل من أعلى الكعبة و كان عظيما كبيرا جدا فألقاه إلى الأرض و هو الذي اقتلع الصخرة العظيمة في أيام خلافته بيده بعد عجز الجيش كله عنها فأنبط الماء من تحتها (اه) .
     (العاشر) الجهاد في سبيل الله و تفوقه فيه على كافة الخلق ملحق بالضروريات و الاستدلال عليه يعد من العبث فهو كالاستدلال على وجود الشمس الضاحية و قد شهد مع رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله مشاهده كلها غير تبوك و في جميعها يكون الفتح له و على يديه و قد قتل الله بسيفه صناديد المشركين و جبابرة قريش و طواغيت العرب و في جميع الوقائع تكون قتلاه أزيد ممن قتله باقي الجيش حتى إنه في يوم بدر زادت قتلاه على قتلى الجيش و هو شاب لم يتجاوز »العشرين« أو »الخمسة و العشرين« و مثله في هذا السن يكون قليل البصيرة بالحرب ناقص الخبرة بالطعن و الضرب و هذا داخل في المعجزات خارج عن مجرى العادات و لو عد في عداد معجزات النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله لكان صوابا بل إذا عد علي بن أبي طالب إحدى معجزاته صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله كان عين الصواب.
     (الحادي عشر) الحلم و الصفح قال ابن أبي الحديد : و أما الحلم و الصفح فكان أحلم الناس عن ذنب و أصفحهم عن مسي‏ء و قد ظهر صحة ما قلناه يوم الجمل حيث ظفر بمروان بن الحكم و كان أعدى الناس له و أشدهم بغضا فصفح عنه و كان عبد الله بن الزبير يشتمه على رءوس الأشهاد و خطب يوم البصرة فقال قد أتاكم الوغب اللئيم علي بن أبي طالب و كان علي عليه‏ السلام يقول ما زال الزبير رجلا منا أهل البيت حتى شب ابنه عبد الله .فظفر به يوم الجمل فأخذه أسيرا فصفح عنه و قال اذهب فلا أرينك لم يزده على ذلك و ظفر بسعيد بن العاص بعد وقعة الجمل بمكة و كان له عدوا فأعرض عنه و لم يقل له شيئا و قد علمتم ما كان من عائشة في أمره فلما ظفر بها أكرمها و بعث معها إلى المدينة عشرين امرأة من نساء عبد القيس عممهن بالعمائم و قلدهن بالسيوف فلما كانت ببعض الطريق ذكرته بما لا يجوز أن يذكر به و تأففت و قالت هتك ستري برجاله و جنده الذين وكلهم بي فلما وصلت المدينة ألقى النساء عمائمهن و قلن لها إنما نحن نسوة.
     (الثاني عشر) الفصاحة و البلاغة قال ابن أبي الحديد : أما الفصاحة فهو عليه‏ السلام إمام الفصحاء و سيد البلغاء و عن كلامه قيل: دون كلام الخالق و فوق كلام المخلوقين و منه تعلم الناس الخطابة و الكتابة قال عبد الحميد بن يحيى حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع فغاضت ثم فاضت و قال ابن نباتة حفظت من الخطابة كنزا لا يزيده الإنفاق إلا سعة و كثرة حفظت مائة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب و لما قال محفن بن أبي محفن لمعاوية جئتك من عند أعيا الناس قال له ويحك كيف يكون أعيا الناس فو الله ما سن الفصاحة لقريش غيره.
    و يكفي نهج البلاغة دلالة على أنه لا يجارى في الفصاحة و لا يبارى في البلاغة و حسبك أنه لم يدون لأحد من فصحاء الصحابة العشر و لا نصف العشر مما دون له و كفاك في هذا ما يقوله أبو عثمان الجاحظ في مدحه في كتاب المذكور:  قال علي بن أبي طالب : قيمة كل امرئ ما يحسنه ثم قال: فلو لم نقف من هذا الكتاب إلا على هذه الكلمة لوجدناها كافية شافية و مجزية مغنية بل لوجدناها فاضلة على الكفاية و غير مقصرة عن الغاية»اه« و قال ابن عائشة : ما أعرف كلمة بعد كلام الله و رسوله أخصر لفظا و لا أعم نفعا من قول علي قيمة كل امرى‏ء ما يحسن ]يحسنه[
 (الثالث عشر العلم) في الإستيعاب بسنده عن ابن عباس أنه قال و الله لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم و ايم الله لقد شارككم أو شاركهم في العشر العاشر و كفى في ذلك قوله صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله أنا مدينة العلم أو مدينة الحكمة و علي بابها و سيأتي و معرفته بالقضاء و سيأتي أيضا (و في الإستيعاب ) قال أحمد بن زهير أخبرنا يحيى بن معين عن عبدة بن سليمان عن عبد الملك بن أبي سليمان قلت لعطاء أ كان في أصحاب محمد أعلم من علي قال لا و الله ما أعلمه (و فيه) بسنده عن عائشة أنها قالت في علي إما إنه لأعلم الناس بالسنة. و  في حلية الأولياء : حدثنا أبو أحمد الغطريفي حدثنا أبو الحسن بن أبي مقاتل حدثنا محمد بن عبد الله بن عتبة حدثنا محمد بن علي الوهبي الكوفي حدثنا أحمد بن عمران بن سلمة و كان ثقة عدلا مرضيا حدثنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله كنت عند النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله فسئل عن علي فقال قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء و الناس جزءا واحدا.
    أحمد بن عمران ذكره الذهبي في الميزان و قال لا يدري من هو ثم ضعفه بهذا الحديث و تعقبه الحافظ في اللسان بما تقدم في السند من قول الوهبي أنه كان ثقة عدلا مرضيا قال و في هذا مخالفة لما ذكره الذهبي هكذا ذكره السيد أحمد بن محمد بن الصديق الحسيني المغربي المعاصر نزيل القاهرة في كتاب فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي ثم قال قلت لو وثقه الناس كلهم لقال الذهبي في حديثه إنه كذب كما فعل في عدة أحاديث أخرجها الحاكم بسند الشيخين و أدعى هو دفعا بالصدر و بدون دليل أنها موضوعة و ما علتها في نظره إلا كونها في فضل علي بن أبي طالب فالله المستعان.
المسألة المنبرية
    و هي أنه عليه‏ السلام سئل و هو على المنبر عن بنتين و أبوين و زوجة فقال بغير روية صار ثمنها تسعا و هذه المسألة لو صحت لكانت مبنية على العول و هو إدخال النقص عند ضيق المال عن السهام المفروضة على جميع الورثة بنسبة سهامهم فهنا للزوجة الثمن و للأبوين الثلث و للبنتين الثلثان فضاق المال عن السهام لأن الثلث و الثلثين تم بهما المال فمن أين يؤخذ الثمن فمن نفى العول قال إن النقص يدخل على البنتين.الفريضة من أربعة و عشرين للزوجة ثمنها ثلاثة و للأبوين ثلثها ثمانية و الباقي ثلاثة عشر للبنتين نقص من سهمهما ثلاثة و من أثبت العول قال يدخل النقص على الجميع فيزاد على الأربعة و العشرين ثلاثة تصير سبعة و عشرين للزوجة منها ثلاثة و للأبوين ثمانية و للبنتين ستة عشر و الثلاثة هي تسع السبعة و العشرين فهذا معنى قوله صار ثمنها تسعا. قال ابن أبي الحديد : هذه المسألة لو فكر الفرضي فيها فكرا طويلا لاستحسن منه بعد طول النظر هذا الجواب فما ظنك بمن قاله بديهة و اقتضبه ارتجالا»اه«.
المسألة الدينارية
    حكاها محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السئول و هي أن امرأة جاءت إليه و قد خرج من داره ليركب فترك رجله في الركاب فقالت يا أمير المؤمنين إن أخي قد مات و خلف ستمائة دينار و قد دفعوا لي منها دينارا واحدا و أسألك انصافي و إيصال حقي إلي فقال لهما خلف أخوك بنتين لهما الثلثان أربعمائة و خلف أما لها السدس مائة و خلف زوجة لها الثمن خمسة و سبعون و خلف معك اثني عشر أخا لكل أخ ديناران و لك دينار قالت نعم فلذلك سميت هذه المسألة بالدينارية»اه« و هذه المسألة لو صحت لكانت مبنية على التعصب كما أن السابقة مبنية على العول.و التعصيب هو أخذ العصبة ما زاد عن السهام المفروضة في الكتاب العزيز و الثابت عن أئمة أهل البيت عليهم‏ السلام بطلان التعصيب بل يرد الزائد على ذوي السهام بنسبة سهامهم و يجوز أن يكون عليه‏ السلام قال للمرأة أن لها ذلك على المذهب الذي كان معروفا في ذلك العصر و إن كان لا يقول به.
قصة الأرغفة
    رواها العامة و الخاصة بأسانيدهم المتصلة ففي الإستيعاب ما لفظه: و فيما أخبرنا شيخنا أبو الأصبغ عيسى بن سعيد بن سعدان المقري أحد معلمي القرآن رحمه‏الله أنبانا أبو بكر أحمد بن محمد بن قاسم المقري قراءة عليه في منزله ببغداد حدثنا أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد المقري في مسجده حدثنا العباس بن محمد الدوري حدثنا يحيى بن معين حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر بن حبيش قال جلس رجلان يتغديان مع أحدهما خمسة أرغفة و مع الآخر ثلاثة أرغفة فلما وضعا الغداء بين أيديهما مر بهما رجل فسلم فقالا اجلس للغداء فجلس و أكل معهما و استوفوا في أكلهم الأرغفة الثمانية فقام الرجل و طرح إليهما ثمانية دراهم و قال خذا هذا عوضا مما أكلت لكما و نلته من طعامكما فتنازعا و قال صاحب الخمسة الأرغفة لي خمسة دراهم و لك ثلاثة فقال صاحب الثلاثة الأرغفة لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين و ارتفعا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقصا عليه قصتهما فقال لصاحب الثلاثة الأرغفة قد عرض عليك صاحبك ما عرض و خبزه أكثر من خبزك فارض بالثلاثة فقال لا و الله لا رضيت منه إلا بمر الحق فقال علي ليس لك في مر الحق إلا درهم واحد و له سبعة فقال الرجل سبحان الله يا أمير المؤمنين هو يعرض علي ثلاثة فلم أرض و أشرت علي بأخذها فلم أرض و تقول لي الآن أنه لا يجب لي في مر الحق إلا درهم واحد فقال له علي عرض عليك صاحبك أن تأخذ الثلاثة صلحا فقلت لم أرض إلا بمر الحق و لا يجب لك بمر الحق إلا واحد فقال الرجل فعرفني بالوجه في مر الحق حتى أقبله فقال علي أ ليس للثمانية الأرغفة أربعة و عشرون ثلثا أكلتموها و أنتم ثلاثة أنفس و لا يعلم الأكثر منكم أكلا و لا الأقل فتحملون في أكلكم على السواء قال بلى قال فأكلت أنت ثمانية أثلاث و إنما لك تسعة أثلاث و أكل صاحبك ثمانية أثلاث و له خمسة عشر ثلثا أكل منها ثمانية و يبقى له سبعة و أكل لك واحدا في تسعة فلك واحد بواحدك و له سبعة بسبعته فقال له الرجل رضيت الآن»اه«.
خبر المجنونة
    في إرشاد المفيد : روي أن مجنونة على عهد عمر فجر بها رجل فقامت عليه البينة بذلك فأمر بجلدها الحد فمر بها على علي لتجلد فقال ما بال مجنونة آل فلان تعتل فقيل له أن رجلا فجر بها و هرب و قامت البينة عليها فأمر عمر بجلدها فقال ردوها إليه و قولوا له أما علمت أن هذه مجنونة آل فلان و أن النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و آله قد رفع القلم عن المجنون حتى يفيق إنها مغلوبة على عقلها و نفسها فردت إليه و قيل له ذلك فقال فرج الله عنه لقد كدت أهلك في جلدها.
التي ولدت لستة أشهر
    في إرشاد المفيد : روي عن يونس بن الحسن أن عمر أتي بامرأة قد ولدت لستة أشهر فهم برجمها فقال له علي إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك أن الله تعالى يقول  (و حمله و فصاله ثلاثون شهرا)  و يقول جل قائلا  (و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة)  فإذا كانت مدة الرضاعة حولين كاملين و كان حمله و فصاله ثلاثين شهرا كان الحمل فيها ستة أشهر فخلى عمر سبيل المرأة و ثبت الحكم بذلك فعمل به الصحابة و التابعون و من أخذ عنهم إلى يومنا هذا»اه«و رواه أيضا ابن عبد البر في جامع بيان العلم و فضله عن أبي حرب عن أبي الأسود و رواه يوسف بن محمد البلوي في كتاب ألف باء فيما حكي عنهما.
الحامل الزانية
    في الإرشاد : روي أنه)أي عمر )أتى بحامل قد زنت فأمر برجمها فقال له علي هب إن لك سبيلا عليها أي سبيل لك على ما في بطنها و الله تعالى يقول:  (و لا تزر وازرة وزر أخرى)  فقال عمر لا عشت لمعضلة لا يكون لها أبو الحسن ثم قال فما أصنع بها قال احتط عليها حتى تلد فإذا ولدت و وجدت لولدها من يكفله فأقم عليها الحد .
     (الرابع عشر)  قوله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أنا مدينة العلم و علي بابها. في الإستيعاب : روي عن النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أنه قال أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه و  في أسد الغابة بسنده عن ابن عباس قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد العلم فليأت بابه و  روى أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء بسنده عن علي بن أبي طالب قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أنا دار الحكمة و علي بابها ثم قال رواه الأصبغ بن نباتة و الحارث عن علي نحوه و مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله مثله  و  روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب قال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و أبو الصلت ثقة مأمون»اه«.
     (الخامس عشر) إنه لم يقل أحد سلوني قبل أن تفقدوني غيره ففي الإستيعاب بسنده عن سعيد بن المسيب ما كان أحد من الناس يقول سلوني غير علي بن أبي طالب ، و روى أبو جعفر الإسكافي في كتاب نقض العثمانية بسنده عن ابن شبرمة أنه قال ليس لأحد من الناس أن يقول على المنبر سلوني إلا علي بن أبي طالب حكاه ابن أبي الحديد في شرح النهج . و في الإستيعاب روى معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل شهدت عليا يخطب و هو يقول سلوني فو الله لا تسألوني عن شي‏ء إلا أخبرتكم و سلوني عن كتاب الله فو الله ما من آية و أنا أعلم أ بليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل و في الإصابة بسنده عن أبي الطفيل كان علي يقول سلوني و سلوني عن كتاب الله تعالى فو الله ما من آية إلا و أنا أعلم أ نزلت بليل أو نهار. قال السيوطي في الإتقان و أما علي فقد روي عنه الكثير و قد روى معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل قال شهدت عليا يخطب و هو يقول سلوني فو الله لا تسألوني عن شي‏ء إلا أخبرتكم و سلوني عن كتاب الله فو الله ما من آية إلا و أنا أعلم أ بليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل»اه«.
     (السادس عشر) إن عنده علم القرآن و التوراة و الإنجيل : قد مر في الأمر الخامس عشر قوله سلوني عن كتاب الله فو الله ما من آية إلا و أنا أعلم أ بليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل.و في حلية الأولياء بسنده عن علي عليه‏ السلام قال و الله ما أنزلت آية إلا و قد علمت فيم أنزلت إن ربي وهب لي قلبا عقولا و لسانا سئولا.
    قال ابن أبي الحديد : و روى المدائني قال خطب علي عليه‏ السلام فقال لو كسرت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم و بين أهل الإنجيل بإنجيلهم و بين أهل الفرقان بفرقانهم و ما من آية في كتاب الله أنزلت في سهل أو جبل إلا و أنا عالم متى أنزلت و فيمن أنزلت و قال و روى صاحب كتاب الغارات عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث قال: سمعت عليا يقول على المنبر ما أجد ]أحد[ جرت عليه المواسي إلا و قد أنزل الله فيه قرآنا فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين فما أنزل الله تعالى فيك (يريد تكذيبه) فقام الناس إليه يلكزونه فقال دعوه أ قرأت سورة هود قال نعم قال قرأت قوله سبحانه  (أ فمن كان على بينة من ربه و يتلوه شاهد منه)  قال نعم قال صاحب البينة محمد و التالي الشاهد أنا.
     (السابع عشر) معرفة القضاء و الفرائض روى الحاكم في المستدرك بسنده عن عبد الله (يعني ابن مسعود) و صححه على شرط الشيخين : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب و في أسد الغابة بسنده عن عبد الله بن مسعود مثله (و في الإستيعاب ) بسنده عن عبد الله مثله و بسنده عن ابن مسعود أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب و بسنده عنه أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب و بسنده عن المغيرة ليس أحد منهم أقوى قولا في الفرائض من علي و فيه قال صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله في أصحابه أقضاهم علي (و فيه) بعدة أسانيد عن عمر أنه قال علي أقضانا.
    و روى أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء بسنده عن علي بعثني رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله إلى اليمن فقلت يا رسول الله تبعثني إلى اليمن و يسألونني عن القضاء و لا علم لي به قال ادن فدنوت فضرب بيده على صدري ثم قال اللهم ثبت لسانه و اهد قلبه فلا و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ما شككت في قضاء بين اثنين بعده و رواه المفيد في الإرشاد نحوه إلا أنه قال تندبني يا رسول الله للقضاء و أنا شاب و لا علم لي بكل القضاء. و رواه الحاكم في المستدرك و قال صحيح على شرط الشيخين بسنده عن علي بعثني رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله إلى اليمن فقلت يا رسول الله إني رجل شاب و إنه يرد علي من القضاء ما لا علم لي به فوضع يده على صدري فقال اللهم ثبت لسانه و اهد قلبه فما شككت في القضاء أو في قضاء بعده.
     (الثامن عشر) نزول  (و تعيها أذن واعية)  في حقه. في الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي عن مكحول عن علي بن أبي طالب في قوله تعالى  (و تعيها أذن واعية)  قال لي رسول الله سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي ففعل فكان علي يقول ما سمعت من رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله كلاما إلا وعيته و حفظته و لم أنسه. و في أسباب النزول للواحدي النيسابوري : حدثنا أبو بكر التميمي أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر أخبرنا الوليد بن أبان أخبرنا العباس الدوري أخبرنا بشر بن آدم أخبرنا عبد الله بن الزبير قال سمعت صالح بن هشيم يقول سمعت بريدة يقول قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله لعلي إن الله أمرني أن أدنيك و لا أقصيك و أن أعلمك و تعي و حق على الله أن تعي فنزلت و تعيها أذن واعية. و في تفسير الطبري : حدثني عبد الله بن رستم سمعت بريدة يقول سمعت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يقول لعلي يا علي إن الله أمرني أن أدنيك و ذكر مثله.و في حلية الأولياء بسنده عن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يا علي إن الله أمرني أن أدنيك و أعلمك لتعي و أنزلت هذه الآية و تعيها أذن واعية فأنت أذن واعية لعلمي.
     (التاسع عشر) الزهد في الدنيا و إنما يعرف زهد الزاهد فيها إذا كانت في يده و يزهد فيها لا إذا كانت زاهدة فيه.كان أكثر أكابر الصحابة في زمن عثمان و قبله قد درت عليهم أخلاف الدنيا من الفتوحات و العطاء من بيت المال فبنوا الدور و شيدوا القصور و اختزنوا الأموال الكثيرة و خلفوها بعدهم. روى المسعودي أنه في أيام عثمان اقتنى الصحابة الضياع و المال فكان لعثمان يوم قتل عند خازنه خمسون و مائة ألف دينار و ألف ألف درهم و قيمة ضياعه في وادي القرى و حنين و غيرهما مائة ألف دينار و خلف إبلا و خيلا كثيرة و بلغ الثمن الواحد من متروك الزبير بعد وفاته خمسين ألف دينار و خلف ألف فرس و ألف أمة و كانت غلة طلحة من العراق ألف دينار كل يوم و من ناحية السراة أكثر من ذلك و كان على مربط عبد الرحمن بن عوف ألف فرس و له ألف بعير و عشرة آلاف من الغنم و بلغ الربع من متروكه بعد وفاته أربعة و ثمانين ألفا و خلف زيد بن ثابت من الذهب و الفضة ما كان يكسر بالفئوس غير ما خلف من الأموال و الضياع.و بنى الزبير داره بالبصرة و بنى أيضا بمصر و الكوفة و الإسكندرية و كذلك بنى طلحة داره بالكوفة و شيد داره بالمدينة و بناها بالجص و الآجر و الساج و بنى سعد بن أبي وقاص داره بالعقيق و رفع سمكها و أوسع فضاءها و جعل على أعلاها شرفات و بنى المقداد داره بالمدينة و جعلها مجصصة الظاهر و الباطن و خلف يعلى ابن منبه خمسين ألف دينار و عقارا و غير ذلك ما قيمته ثلاثمائة ألف درهم»اه« و لكن ذكره المقداد معهم لمجرد بنائه داره و تجصيص ظاهرها و باطنها لا يخلو من حيف على المقداد فهل يريدون من المقداد أن يبقى في دار خربة سوداء مظلمة.
    »و في حلية الأولياء« بسنده عن أبي عمرو بن العلاء عن أبيه أن علي بن أبي طالب خطب الناس فقال و الله الذي لا إله إلا هو ما رزأت من فيئكم إلا هذه و أخرج قارورة من كم قميصه فقال أهداها إلي مولاي دهقان »و في الإستيعاب« بسنده عن عنترة الشيباني في حديث: كان علي لا يدع في بيت المال مالا يبيت فيه حتى يقسمه إلا أن يغلبه شغل فيصبح إليه و كان يقول يا دنيا لا تغريني غري غيري و ينشد:
هذا جناي و خياره فيه              و كل جان يده إلى فيه
     (و في حلية الأولياء ) بسنده عن علي بن ربيعة الوالبي قال جاءه ابن النباج فقال يا أمير المؤمنين امتلأ بيت مال المسلمين من صفراء و بيضاء فقال الله أكبر فقام متوكئا على ابن النباج حتى قام على بيت مال المسلمين فقال هذا جناي و خياره فيه و كل جان يده إلى فيه يا ابن النباج علي بإسباع الكوفة فنودي في الناس فأعطى جميع ما في بيت مال المسلمين و هو يقول يا صفراء و يا بيضاء غري غيري ها و ها حتى ما بقي منه دينار و لا درهم ثم أمره بنضحه و صلى فيه ركعتين (و بسنده) عن علي بن أبي طالب أنه أتي بفالوذج فوضع بين يديه فقال إنك طيب الريح حسن اللون طيب الطعم لكن أكره أن أعود نفسي ما لم تعتده.
     (العشرون) العبادة قال ابن أبي الحديد : أما العبادة فكان أعبد الناس و أكثرهم صلاة و صوما و منه تعلم الناس صلاة الليل و ملازمة الأوراد و قيام النافلة و ما ظنك برجل يبلغ من محافظته على ورده أن يبسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير فيصلي عليه ورده و السهام تقع بين يديه و تمر على صماخيه يمينا و شمالا فلا يراع لذلك و لا يقوم حتى يفرغ من وظيفته و ما ظنك برجل كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده و أنت إذا تأملت دعواته و مناجاته و وقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه و إجلاله و ما تتضمنه من الخضوع لهيبته و الخشوع لعزته و الاستخذاء له عرفت ما ينطوي عليه من الإخلاص و فهمت من أي قلب خرجت و على أي لسان جرت و قيل لعلي بن الحسين عليهما السلام و كان الغاية في العبادة أين عبادتك من عبادة جدك قال عبادتي عند عبادة جدي كعبادة جدي عند عبادة رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله .
     (الحادي و العشرون) العدل مر عن أسد الغابة أن زهده و عدله لا يمكن استقصاؤهما و من عظيم عدله ما مر في الأمر التاسع عشر من أنه وجد مع المال الذي جاء من أصبهان رغيفا فقسمه سبعة أجزاء كما قسم المال و جعل على كل جزء جزءا و أنه كان يخير غلامه بين الثوبين يشتريهما (و في الإستيعاب ) بسنده عن أبجر بن جرموز عن أبيه رأيت علي بن أبي طالب يخرج من مسجد الكوفة و عليه قطريتان متزر بالواحدة مرتد بالأخرى و إزاره إلى نصف الساق و هو يطوف في الأسواق و معه درة يأمرهم بتقوى الله و صدق الحديث و حسن البيع و الوفاء بالكيل و الميزان.
     (و في أسد الغابة ) بسنده عن رجل من ثقيف قال استعملني علي بن أبي طالب على مدرج سابور فقال لا تضربن رجلا سوطا في جباية درهم و لا تبيعن لهم رزقا و لا كسوة شتاء و لا صيف و لا دابة يعتملون عليها و لا تقيمن رجلا قائما في طلب درهم قلت يا أمير المؤمنين إذن أرجع إليك كما ذهبت من عندك قال و إن رجعت ويحك إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو يعني الفضل. و هو أول من ساوى بين الناس في العطاء و كان يأخذ كأحدهم و قصته مع أخيه عقيل حين طلب منه زيادة في عطائه فقال له اصبر حتى يخرج عطائي فلم يقبل فأبى أن يعطيه أكثر من عطائه معروفة و كذلك خبره مع ولده الحسن حين استقرض شيئا من عسل بيت المال و مع ابنته حين استعارت عقدا من بيت المال.
     (الثاني و العشرون) السخاء و الجود. قال ابن أبي الحديد : أما السخاء و الجود فحاله فيه ظاهرة كان يصوم و يطوي و يؤثر بزاده و فيه أنزل  (و يطعمون الطعام على حبه مسكينا و يتيما و أسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء و لا شكورا)  و روى المفسرون أنه لم يكن يملك إلا أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا و بدرهم نهارا و بدرهم سرا و بدرهم علانية فأنزل فيه  (الذين ينفقون أموالهم بالليل و النهار سرا و علانية)  و روي أنه كان يسقي بيده لنخل قوم من يهود المدينة حتى مجلت يده و يتصدق بالأجرة و يشد على بطنه حجرا.و قال الشعبي و قد ذكر عنده علي عليه‏ السلام : كان أسخى الناس كان على الخلق الذي يحبه الله السخاء و الجود و ما قال لا لسائل قط.و قال عدوه و مبغضه الذي يجتهد في وصمه و عيبه معاوية بن أبي سفيان لمحفن بن أبي محفن الضبي لما قال له جئتك من عند أبخل الناس فقال ويحك كيف تقول إنه أبخل الناس و لو ملك بيتا من تبر و بيتا من تبن لأنفق تبره قبل تبنه.و هو الذي كان يكنس بيوت الأموال و يصلي فيها و هو الذي قال يا صفراء و يا بيضاء غري غيري و هو الذي لم يخلف ميراثا و كانت الدنيا كلها بيده إلا ما كان من الشام »اه«.
 (آية النجوى)
    و حسبك في جوده و سخائه عليه‏ السلام أن آية النجوى لم يعمل بها أحد من الصحابة غنيهم و فقيرهم غيره حتى نسخت و جاءهم اللوم و التوبيخ منه تعالى أ أشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات و لم ينج منه غيره قال النسائي في الخصائص : ذكر النجوى و ما خفف علي عن هذه الأمة ثم روى بسنده عن علي قال لما نزلت  (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة)  قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله لعلي مرهم أن يتصدقوا قال بكم يا رسول الله قال بدينار قال لا يطيقون قال فبكم قال بشعيرة فقال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله إنك لزهيد فأنزل الله أ أشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات الآية و كان علي يقول خفف بي عن هذه الأمة و رواه غير النسائي من أصحاب الصحاح بأسانيدهم مثله قال الواحدي في قوله تعالى  (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول)  الآية قال مقاتل بن حيان نزلت الآية في الأغنياء و ذلك أنهم كانوا يأتون النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فيكثرون مناجاته و يغلبون الفقراء على المجالس حتى كره رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله ذلك من طول جلوسهم و مناجاتهم فأنزل الله تبارك و تعالى هذه الآية و أمر بالصدقة عند المناجاة فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئا و أما أهل الميسرة فبخلوا و اشتد ذلك على أصحاب النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فنزلت الرخصة و قال علي بن أبي طالب إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي و لا يعمل بها أحد بعدي يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول كان لي دينار فبعته و كنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى نفد فنسخت بالآية الأخرى أ أشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات. و روى الطبري في تفسيره بعدة أسانيد عن مجاهد في قوله تعالى فقدموا بين يدي نجواكم صدقة قال نهوا عن مناجاة النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله حتى يتصدقوا فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب قدم دينارا فتصدق به ثم أنزلت الرخصة في ذلك.
     (الثالث و العشرون) حسن الخلق و طلاقة الوجه قال ابن أبي الحديد : و أما سجاحة الأخلاق و بشر الوجه و طلاقة المحيا و التبسم فهو المضروب به المثل فيه حتى عابه بذلك أعداؤه و قال عمرو بن العاص لأهل الشام أنه ذو دعابة شديدة و قال علي عليه‏ السلام في ذلك عجبا لابن النابغة يزعم لأهل الشام أن في دعابة و أني امرؤ تلعابة أعافس و أمارس.
    و عمرو بن العاص إنما أخذها عن عمر بن الخطاب لقوله لما عزم على استخلافه لله أبوك لو لا دعابة فيك إلا أن عمر اقتصر عليها و عمرو زاد فيها و سمجها و قال صعصعة بن صوحان و غيره من شيعته و أصحابه: كان فينا كأحدنا لين جانب و شدة تواضع و سهولة قياد و كنا نهابه مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف على رأسه.و قال معاوية لقيس بن سعد : رحم الله أبا حسن فلقد كان هشا بشا ذا فكاهة قال قيس نعم كان رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يمزح و يبسم إلى أصحابه أراك تسر حسوا في ارتغاء و تعيبه بذلك أما و الله لقد كان مع تلك الفكاهة و الطلاقة أهيب من ذي لبدتين قد مسه الطوى تلك هيبة التقوى ليس كما يهابك طغام أهل الشام .قال و قد بقي هذا الخلق متوارثا متناقلا في محبيه و أوليائه إلى الآن كما بقي الجفاء و الخشونة و الوعورة في الجانب الآخر و من له أدنى معرفة بأخلاق الناس و عوائدهم يعرف ذلك »اه«.
     (الرابع و العشرون) حسن الرأي و التدبير قال ابن أبي الحديد : أما الرأي و التدبير فكان من أشد الناس رأيا و أصحهم تدبيرا و هو الذي أشار على عمر لما عزم أن يتوجه بنفسه إلى حرب الروم و الفرس بما أشار و هو الذي أشار على عثمان بأمور كان صلاحه فيها و لو قبلها لم يحدث عليه ما حدث»اه« . (أقول) و هو الذي أشار على المسلمين بأن يدفن النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله في موضع وفاته و أن يصلي عليه المسلمون فرادى بدون إمام جماعة بعد جماعة و إن شئت أن تجعل هذا من العلم و الفقه فلك ذلك.و هو الذي أشار على عمر بوضع التاريخ للهجرة .
    روى الحاكم في المستدرك بسنده عن سعيد بن المسيب : جمع عمر الناس فسألهم من أي يوم يكتب التاريخ فقال علي بن أبي طالب من يوم هاجر رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و ترك أرض الشرك ففعله عمر و ذكره ابن الأثير في تاريخه عن سعيد بن المسيب مثله. و من أخباره في جودة الرأي ما رواه المفيد في الإرشاد عن شبابة بن سوار عن أبي بكر الهذلي قال سمعت رجلا من علمائنا يقول : و ذكر حديثا خلاصته أنه انتهى خبر إلى من بالكوفة من المسلمين أن جموعا كثرة تحتشد في فارس لغزوهم، فأنهى مسلمو الكوفة الخبر إلى عمر ففزع لذلك فزعا شديدا فاستشار المسلمين و قال إن الشيطان قد جمع لكم جموعا و أقبل بها ليطفئ بها نور الله فأشار عليه طلحة بالمسير بنفسه و قال عثمان أرى أن تشخص أهل الشام من شامهم و أهل اليمن من يمنهم و تسير أنت في أهل هذين الحرمين و أهل المصرين الكوفة و البصرة فتلقى جميع المشركين بجميع المؤمنين و قال علي إنك إن أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم إلى ذراريهم و إن أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة إلى ذراريهم و إن أشخصت أهل هذين الحرمين انتقضت عليك العرب من أطرافها فأما ذكرك كثرة العجم و رهبتك من جموعهم فإنا لم نكن نقاتل على عهد رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله بالكثرة و إنما كنا نقاتل بالبصيرة و إن الأعاجم إذا نظروا إليك قالوا هذا رجل العرب فان قطعتموه فقد قطعتم العرب و كان أشد لكلبهم و لكني أرى أن تقر هؤلاء في أمصارهم و تكتب إلى أهل البصرة فليتفرقوا على ثلاث فرق فلتقم فرقة منهم على ذراريهم و لتقم فرقة على أهل عهدهم لئلا ينتقضوا و لتسر فرقة منهم إلى إخوانهم مددا لهم فقال عمر أجل هذا هو الرأي و قد كنت أحب أن أتابع عليه و جعل يكرر قول علي و ينسقه إعجابا به و اختيارا له.
     (الخامس و العشرون) سياسة الملك و الخشونة في ذات الله. قال ابن أبي الحديد : أما السياسة فإنه كان شديد السياسة خشنا في ذات الله لم يراقب ابن عمه في عمل كان ولاه إياه و لا رقب أخاه عقيلا في كلام جبهه به و نقض دار مصقلة بن هبيرة و دار جرير بن عبد الله البجلي و قطع جماعة و صلب آخرين و من جملة سياسته حروبه أيام خلافته بالجمل و صفين و النهروان و في أقل القليل منها مقنع فان كل سائس في الدنيا لم يبلغ فتكه و بطشه و انتقامه مبلغ العشر مما فعل عليه‏ السلام في هذه الحروب بيده و أعوانه»اه« .
    و  في الإستيعاب بسنده عن كعب بن عجرة قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله علي مخشوشن في ذات الله (و في حلية الأولياء ) بسنده عن أبي سعيد الخدري قال شكا الناس عليا فقام رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله خطيبا فقال يا أيها الناس لا تشكوا عليا فو الله أنه لأخيشن في ذات الله عز و جل.و رواه الحاكم في المستدرك و صححه إلا أنه قال لأخيشن في ذات الله و في سبيل الله (و بسنده) عن كعب بن عجرة قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله لا تسبوا عليا فإنه ممسوس في ذات الله تعالى»اه« ممسوس أي مسه الأذى و العناء في ذات الله تعالى.
     (السادس و العشرون) أنه ولي كل مؤمن. في الإستيعاب (بسنده) عن ابن عباس أن رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله قال لعلي بن أبي طالب أنت ولي كل مؤمن بعدي و يأتي في حديث عمران بن حصين قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أن عليا مني و أنا من علي و هو ولي كل مؤمن بعدي و قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أن عليا مني و أنا منه و هو وليكم بعدي. و يأتي في حديث علقمة و في جوامع مناقبه قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله له أنت ولي كل مؤمن بعدي.
     (السابع و العشرون)  قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله من كنت وليه فإن عليا وليه. روى الحاكم في المستدرك بسنده عن بريدة الأسلمي و قال صحيح على شرط الشيخين أنه مر بقوم ينتقصون عليا فقال إني كنت أنال من علي و في نفسي عليه شي‏ء و كنت مع خالد بن الوليد في جيش فأصابوا غنائم فعمد علي إلى جارية من الخمس فأخذها لنفسه و كان بين علي و بين خالد شي‏ء فقال خالد هذه فرصتك و قد عرف الذي في نفسي على علي قال فانطلق إلى النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فاذكر ذلك له فأتيت النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فذكرت له أمر علي و كنت إذا حدثت الحديث أكببت، فرفعت رأسي و أوداج رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله قد أحمرت و قال من كنت وليه فإن عليا وليه.
    و روى النسائي في الخصائص بسنده عن بريدة : بعثنا رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و استعمل علينا عليا فلما رجعنا سألنا كيف رأيتم صحبة صاحبكم فإما شكوته أنا و إما شكاه غيري فرفعت رأسي و إذا وجه رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله قد أحمر فقال من كنت وليه فعلي وليه.
     (الثامن و العشرون) حديث المنزلة.و هو قوله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي و مر ذكره في الجزء الثاني في غزوة تبوك و يأتي ذكره في هذا الجزء في أدلة إمامته و أنه من أثبت الآثار و أصحها قال المفيد : لما جعل عليا منه بمنزلة هارون من موسى أوجب له جميع منازل هارون من موسى إلا ما خصه العرف من الأخوة و استثناه هو من النبوة لفظا و هذه فضيلة لم يشرك فيها أحد أمير المؤمنين و لا ساواه في معناها و لا قاربه فيها على حال»اه«.
     (التاسع و العشرون) قول سعد ، ثلاث كن لعلي لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم. روى مسلم في صحيحه و ابن الأثير في أسد الغابة و الترمذي بسند قوي كما في الإصابة و غيرهم بأسانيدهم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال ما منعك أو ما يمنعك أن تسب أبا التراب أو أبا تراب فقال أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سمعت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يقول لعلي و قد خلفه في بعض مغازيه فقال له علي يا رسول الله تخلفني مع النساء و الصبيان فقال له رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي و سمعته يقول يوم خيبر لأعطين الراية رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله فتطاولنا إليها فقال ادعوا لي عليا فأتاه و به رمد فبصق في عينيه و دفع الراية إليه ففتح الله عليه.و أنزلت هذه الآية قل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم فدعا رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فقال اللهم هؤلاء أهلي.
     (و روى) النسائي في الخصائص بسنده عن محمد بن عبد الله بن أبي نجيح عن أبيه عن معاوية ذكر علي بن أبي طالب فقال سعد بن أبي وقاص و الله لأن يكون لي واحدة من خلال ثلاث أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس لأن يكون قال لي ما قاله له حين رده من تبوك أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس و لأن يكون قال لي ما قال له يوم خيبر لأعطين الراية رجلا يحب الله و رسوله يفتح الله على يديه ليس بفرار أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس و لأن يكون لي ابنته و لي منها من الولد ما له أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس.
     (الثلاثون) حديث الكساء و آية التطهير.و في أسد الغابة بسنده عن أم سلمة أن النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله جلل عليا و فاطمة و الحسن و الحسين كساء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي و حامتي اللهم اذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا قالت أم سلمة قلت يا رسول الله أنا منهم قال إنك إلى خير.
    و في الإستيعاب ، لما نزلت  (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا)  دعا رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فاطمة و عليا و حسنا و حسينا في بيت أم سلمة و قال اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا. و روى الواحدي في أسباب النزول بسنده عن أبي سعيد أنها نزلت في خمسة النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم‏ السلام .
     (و بسنده) عن أم سلمة ان النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله كان في بيتها فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة فدخلت بها عليه فقال لها ادعي لي زوجك و ابنيك قالت فجاء علي و حسن و حسين فدخلوا فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة و هو على منامة له و كان تحته كساء خيبري قالت و أنا في الحجرة أصلي فأنزل الله تعالى هذه الآية إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم أخرج يديه فألوى بهما إلى السماء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي و خاصتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا قالت فأدخلت رأسي البيت و قلت أنا معكم يا رسول الله قال إنك إلى خير إنك إلى خير.
     (الحادي و الثلاثون) تصدقه بخاتمه و هو في الصلاة حتى نزل فيه قوله تعالى  (إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون) .
     (الثاني و الثلاثون) خبر سد الأبواب غير باب علي عليه‏ السلام كان رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله لما هاجر إلى المدينة و بنى مسجده فيها بنى لنفسه حجرا في جانب المسجد أسكنها أزواجه و بنى لعلي عليه‏ السلام حجرة بجانب الحجرة التي أسكنها عائشة و بنى أصحابه بجانب المسجد حجرا سكنوها و كانت أبوابها إلى المسجد فأمر النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله بسد هذه الأبواب إلا باب علي فبقي بابه إلى المسجد ليس له طريق غيره و فتح الباقون أبوابا من غير جهة المسجد و كانت الحجرة التي تسكنها عائشة التي دفن فيها النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و بيت علي كلاهما في الجانب الشرقي من المسجد فلما زادت بنو أمية في المسجد دخلت فيه هذه البيوت.
    في مسند أحمد بن حنبل  )1( صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله 369 ج 4 الطبعة المصرية. حدثنا عبد الله  )2( هو ابن أحمد بن حنبل. حدثني أبي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا عوف عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم قال كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أبواب شارعة في المسجد فقال يوما سدوا هذه الأبواب إلا باب علي فتكلم في ذلك الناس فقال ]فقام[ رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فحمد الله و اثنى عليه ثم قال أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب إلا باب علي و قال فيه قائلكم و إني و الله ما سددت شيئا و لا فتحته و لكني أمرت بشي‏ء فأتبعته.
     (الثالث و الثلاثون) آية المباهلة و تأتي عند ذكر أخباره سنة عشر من الهجرة فقد دلت على أنه نفس رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و أفضل الناس بعده كما يأتي مفصلا هناك و يأتي عند ذكر أدلة إمامته.
     (الرابع و الثلاثون) حديث الطائر المشوي. روي النسائي في الخصائص بسنده عن أنس بن مالك أن النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله كان عنده طائر فقال اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير فجاء أبو بكر فرده ثم جاء عمر فرده ثم جاء علي فأذن له (و في أسد الغابة ) بسنده عن أنس مثله إلا أنه قال بدل عمر ثم جاء عثمان .قال ذكر أبي بكر و عثمان في هذا الحديث غريب جدا.ثم قال و قد روي من غير وجه عن أنس .و رواه غير أنس من الصحابة .ثم روي بسنده عن أنس قال أهدي إلى النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله طير فقال اللهم ائتني بأحب خلقك إليك فجاء علي فأكل معه.و بسنده عن أنس بن مالك أهدي لرسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله طير فقال اللهم ائتني برجل يحبه الله و يحبه رسوله قال أنس فأتى علي فقرع الباب فقلت إن رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله مشغول و كنت أحب أن يكون رجل من الأنصار ثم إن عليا فعل مثل ذلك ثم أتى الثالثة فقال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يا أنس أدخله فقد عنيته فلما أقبل قال اللهم وال اللهم وال قال و قد رواه عن أنس غير واحد حدثنا حميد الطويل و أبو الهندي و يغنم بن سالم .
     (الخامس و الثلاثون) إنه أحب الناس إلى رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله روى النسائي بسنده عن جميع بن عمر قال دخلت مع أمي على عائشة و أنا غلام فذكرت لها عليا فقالت ما رأيت رجلا أحب إلى رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله منه و لا امرأة أحب إلى رسول الله من امرأته (و بسنده) عن جميع بن عمر دخلت مع أبي على عائشة فسألها وراء الحجاب عن علي فقالت تسألني عن رجل ما أعلم أحدا كان أحب إلى رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله منه و لا أحب إليه من امرأته (و بسنده) إلى ابن بريدة جاء رجل إلى أبي فسأله أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله قال من النساء فاطمة و من الرجال علي و يدل عليه ما مر من حديث الطائر المشوي.
     (السادس و الثلاثون)  قوله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله من كنت مولاه فعلي مولاه و هذا قد تقدم في حديث الغدير و نذكر هنا ما ورد في غير حديث الغدير ، روى النسائي في الخصائص بسنده عن ابن عباس عن بريدة بعثني النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة فلما رجعت شكوته إلى النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فرفع رأسه إلي و قال يا بريدة من كنت مولاه فعلي مولاه»و بسنده«عن ابن عباس عن بريدة خرجت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة فقدمت على النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فذكرت عليا فتنقصته فجعل رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يتغير وجهه فقال يا بريدة أ لست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قلت بلى يا رسول الله قال من كنت مولاه فعلي مولاه .
     (السابع و الثلاثون)  قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله علي مني و أنا منه. قال البخاري في صحيحه في مناقب علي بن أبي طالب : قال النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله لعلي أنت مني و أنا منك و هذا القول رواه البخاري بسنده عن البراء بن عازب في الصلح و عمرة القضاء من حديث (و روى) النسائي في الخصائص بسنده من حديث أنه صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله قال لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى و أنا منك (و بسنده) عن عمران بن حصين قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله إن عليا مني و أنا منه و ولي كل مؤمن بعدي»اه« و قد ورد في خبر براءة لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني و في وقعة أحد إنه مني و أنا منه.
     (الثامن و الثلاثون)  قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله علي كنفسي. روى النسائي في الخصائص بسنده عن أبي قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله لينتهن بنو وليعة أو لأبعثن عليهم رجلا كنفسي ينفذ فيهم أمري فيقتل المقاتلة و يسبي الذرية فما راعني إلا و كف عمر في حجزتي  )2( الحجزة بضم الحاء و سكون الجيم و فتح الزاي معقد الإزار. من خلفي من يعني  )3( لعل في العبارة سقطا و أصلها فقال من يعني و النسخة المنقول عنها غير مضمونة الصحة. قلت إياك يعني و صاحبك  )1( لعله على سبيل الإنكار. قال فمن يعني قلت خاصف النعل و علي يخصف النعل.
    و أخرج أحمد بن حنبل في المحكي عن المسند و في المحكي عن المناقب أن رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله قال لتنتهن يا بني وليعة  )2( وليعة كسفينة حي من كندة . أو لأبعثن إليكم رجلا كنفسي يمضي فيكم أمري يقتل المقاتلة و يسبي الذرية فالتفت إلى علي فأخذ بيده و قال هو هذا مرتين.
     (التاسع و الثلاثون)  قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله من سب عليا فقد سبني. روى النسائي في الخصائص بسنده عن أبي عبد الله الجدلي قال دخلت على أم سلمة فقالت لي أ يسب رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فيكم قلت سبحان الله أو معاذ الله قالت سمعت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يقول من سب عليا فقد سبني.
    و رواه الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي عبد الله الجدلي مثله و قال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و قد رواه بكير بن عثمان البجلي بزيادة ألفاظ (و بسنده) عن أبي عبد الله الجدلي حججت و أنا غلام فمررت بالمدينة و إذا الناس عنق واحد فاتبعتهم فدخلوا على أم سلمة زوج النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فسمعتها تقول يا شبيب (شبت ]شبث[ ظ) بن ربعي فأجابها رجل جلف جاف لبيك يا أمتاه قالت يسب رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله في ناديكم قال و أنى ذلك قالت فعلي بن أبي طالب قال أنا لنقول أشياء نريد عرض الدنيا قالت فإني سمعت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يقول من سب عليا فقد سبني و من سبني فقد سب الله تعالى.
     (الأربعون) إن حبه حب رسول الله و بغضه بغضه و أذيته أذيته،  في الإستيعاب : قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله من أحب عليا فقد أحبني و من أبغض عليا فقد أبغضني و من آذى عليا فقد آذاني و من آذاني فقد آذى الله. و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن عمرو بن شاس الأسلمي قال خرجنا مع علي إلى اليمن فجفاني في سفره ذلك حتى وجدت في نفسي فلما قدمت أظهرت شكايته في المسجد حتى بلغ ذلك رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فدخلت المسجد ذات غداة و رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله في ناس من أصحابه فلما رآني أبدني عينيه، يقول حدد إلي النظر حتى إذا جلست قال يا عمرو أما و الله لقد آذيتني فقلت أعوذ بالله أن اؤذيك يا رسول الله قال بلى من آذى عليا فقد آذاني قال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه.
     (الحادي و الأربعون) إن طاعته طاعة رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و معصيته معصيته.  روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي ذر قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله من أطاعني فقد أطاع الله و من عصاني فقد عصى الله و من أطاع عليا فقد أطاعني و من عصى عليا فقد عصاني قال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و قال الذهبي في تلخيص المستدرك صحيح .
     (الثاني و الإربعون) إن مفارقته مفارقة رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله. روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي ذر قال النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يا علي من فارقني فقد فارق الله و من فارقك يا علي فقد فارقني.
     (الثالث و الأربعون) إنه مع القرآن و القرآن معه. روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أم سلمة سمعت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يقول علي مع القرآن و القرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض قال هذا حديث صحيح الإسناد و ذكره الذهبي في تلخيص المستدرك و لم يتعقبه.
     (الرابع و الأربعون)  قوله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله اللهم أدر الحق معه حيث دار. روى الحاكم في المستدرك و قال صحيح على شرط مسلم عن علي قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار.
     (الخامس و الأربعون)  قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله هذا وليي و المؤدي عني. روى النسائي في الخصائص بسنده عن سعد قال إن رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله خطب فقال أما بعد أيها الناس فإني وليكم قالوا صدقت ثم أخذ بيد علي فرفعها ثم قال هذا وليي و المؤدي عني والى الله من والاه و عادى من عاداه.
     (السادس و الأربعون) اختصاصه بتأدية براءة و قول جبرئيل للنبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك و مر ذلك مفصلا في السيرة النبوية في الجزء الثاني.
     (السابع و الأربعون) تزويجه بفاطمة سيدة نساء العالمين و لولاه لم يكن لها كفؤ و قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله للزهراء ما أنا زوجتك بل الله تولى تزويجك و انحصار نسل رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله في أولاده (في الإستيعاب ) زوجه رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ما خلا مريم بنت عمران و قال لها زوجتك سيدا في الدنيا و الآخرة و إنه لأول أصحابي إسلاما و أكثرهم علما و أعظمهم حلما»اه« و قد خطبها غيره فلم يزوجها أحدا و قال ما أنا زوجتها بعلي بل الله زوجها.
    روى النسائي في الخصائص بسنده عن عبد الله بن يزيد عن أبيه قال خطب أبو بكر و عمر فاطمة فقال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله إنها صغيرة فخطبها علي فزوجها منه (و بسنده) عن ابن عباس في حديث أن النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله قال لها يا ابنتي و لله ]الله[ ما أردت أن أزوجك إلا خير أهلي.
     (الثامن و الأربعون) مدح محبه و ذم مبغضه. روى الحاكم في المستدرك من طريق احمد بن حنبل و صححه بسنده عن عمار بن ياسر سمعت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يقول لعلي يا علي طوبى لمن أحبك و صدق فيك و ويل لمن أبغضك و كذب فيك.
     (التاسع و الأربعون) إن حبه و بغضه يفرق بهما بين المؤمن و المنافق.
    »في الإستيعاب« بسنده عن جابر : ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغض علي بن أبي طالب. و روى أحمد في مسنده بسنده عن جابر بن عبد الله ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببغضهم عليا .و بسنده عن أبي سعيد الخدري مثله »و روى« الترمذي بسنده عن أبي سعيد الخدري أن كنا لنعرف المنافقين نحن معاشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب. و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي ذر ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله و رسوله و التخلف عن الصلوات و البغض لعلي بن أبي طالب هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه.
     (الخمسون) دخوله على رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله كل يوم و كل ليلة سحرا يتعلم منه. روى النسائي في الخصائص بسنده عن عبد الله بن بحر الحضرمي عن أبيه و كان صاحب مطهرة علي قال علي كانت لي منزلة من رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله لم تكن لأحد من الخلائق فكنت آتيه كل سحر فأقول السلام عليك يا نبي الله فإن تنحنح انصرفت إلى أهلي و إلا دخلت عليه »و بسنده« عن عبد الله بن يحيى أنه سمع عليا يقول كنت أدخل على نبي الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله كل ليلة فإن كان يصلي سبح فدخلت و إن لم يكن يصلي أذن لي فدخلت »و بسنده«عن عبد الله بن يحيى قال علي كان لي ساعة من السحر أدخل فيها على رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فإن كان في صلاته سبح و إن لم يكن في صلاته أذن لي»و بسند آخر« عنه نحوه»و بسنده«عن أبي يحيى قال علي كان لي من النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله مدخلان مدخل بالليل و مدخل بالنهار»الحديث«.
     (الواحد و الخمسون) إنه إذا سأل رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أجابه و إذا سكت ابتدأت . روى النسائي في الخصائص بسنده عن عبد الله بن عمرو بن هند الجملي عن علي كنت إذا سألت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أعطيت و إذا سكت ابتدأني، و رواه الحاكم في المستدرك بسنده مثله سندا و متنا إلا أنه قال أعطاني بدل أعطيت و قال صحيح على شرط الشيخين و أقره الذهبي في تلخيص المستدرك (و في الخصائص ) بسنده عن أبي البختري عن علي كنت إذا سألت أعطيت و إذا سكت ابتديت (و بسنده) عن زاذان قال علي كنت و الله إذا سألت أعطيت و إذ سكت ابتديت.
     (الثاني و الخمسون) إن مثله مثل عيسى بن مريم عليه‏ السلام.
    روى النسائي بسند ]بسنده[ عن ربيعة بن ناجذ عن علي قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يا علي فيك مثل من مثل عيسى أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه و أحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به »و في الإستيعاب« بسنده عن الشعبي قال لي علقمة تدري ما مثل علي في هذه الأمة قلت و ما مثله قال مثل عيسى بن مريم أحبه قوم حتى هلكوا في حبه و أبغضه قوم حتى هلكوا في بغضه.
     (الثالث و الخمسون) شبهه بالأنبياء.  في الفصول المهمة لأبن الصباغ المالكي عن البيهقي في كتاب فضائل الصحابة يرفعه بسنده إلى رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أنه قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه و إلى نوح في تقواه و إلى إبراهيم في حلمه و إلى موسى في هيبته و إلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب .
     (الرابع و الخمسون)  قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله إنه أمير المؤمنين و سيد المسلمين و خاتم الوصيين و إمام المتقين و قائد الغر المحجلين،  روى أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء بسنده عن أنس في حديث قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين و سيد المسلمين و قائد الغر المحجلين و خاتم الوصيين قال أنس قلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار و كتمته إذ جاء علي فقال من هذا يا أنس فقلت علي فقام مستبشرا فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه و يمسح عرق علي بوجهه قال علي يا رسول الله لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل قال و ما يمنعني و أنت تؤدي عني و تسمعهم صوتي و تبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي.
     (الخامس و الخمسون) قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله له إنك سيد العرب ، مر في وقعة خيبر  قوله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله له يا علي إنك سيد العرب و أنا سيد ولد آدم.و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن عروة عن أبيه عن عائشة قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله ادعوا لي سيد العرب فقلت يا رسول الله أ لست سيد العرب قال أنا سيد ولد آدم و علي سيد العرب قال و له شاهد آخر من حديث جابر قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله ادعوا لي سيد العرب فقالت عائشة أ لست سيد العرب يا رسول الله فقال أنا سيد ولد آدم و علي سيد العرب .
     (السادس و الخمسون)  قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله له أنت سيد في الدنيا و الآخرة و غير ذلك  روى الحاكم في المستدرك بأسانيده عن الحسين بن محمد القتباني و محمد بن إسحاق و أحمد بن يحيى بن إسحاق الحاواني قالوا حدثنا أبو الأزهر و قد حدثناه أبو علي المزكى عن أبي الأزهر حدثنا عبد الرزاق أنبانا معمر عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس : نظر النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله إلى علي فقال يا علي أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة حبيبك حبيبي و حبيبي حبيب الله و عدوك عدوي و عدوي عدو الله و الويل لمن أبغضك بعدي قال صحيح على شرط الشيخين و أبو الأزهر بإجماعهم ثقة و إذا انفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح.
    ثم حكى عن أحمد بن يحيى الحلواني أنه لما ورد أبو الأزهر من صنعاء و ذاكر أهل بغداد بهذا الحديث أنكره يحيى بن معين فلما كان يوم مجلسه قال في آخر المجلس أين هذا الكذاب النيسابوري الذي يذكر عن عبد الرزاق هذا الحديث فقام أبو الأزهر فقال ها أنا ذا فضحك يحيى بن معين و قربه و أدناه فقال له كيف حدثك عبد الرزاق بهذا و لم يحدث به غيرك فقال قدمت صنعاء و عبد الرزاق غائب في قرية له فخرجت إليه فسألني عن أمر خراسان فحدثته به و كتبت عنه و انصرفت معه إلى صنعاء فلما ودعته قال لي قد وجب علي حقك فأنا أحدثك بحديث لم يسمعه مني غيرك فحدثني و الله بهذا الحديث لفظا فصدقه يحيى بن معين و اعتذر إليه.
     (السابع و الخمسون)  قوله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله هذا أمير البررة،  روى الحاكم في المستدرك بسند فيه أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني عن جابر بن عبد الله سمعت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و هو آخذ بضبع علي بن أبي طالب و هو يقول هذا أمير البررة قاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله ثم مد بها صوته.
    قال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه. قال الذهبي في تلخيص المستدرك : بل و الله موضوع و أحمد كذاب فما أجهلك على سعة معرفتك (أقول) تسرعه إلى الحلف على ما لا يعلم دليل على قلة مبالاته و من أين له أن يعلم بوضعه فهل كان حاضرا مع النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و ضبط جميع ما قاله و لو فرض أن أحمد كذاب كما يزعم فهل يمكنه الجزم بأن جميع رواياته موضوعة كيف و الكاذب قد يصدق على أن الحاكم أطول منه في الرواية باعا و أوسع إطلاعا و قد حكم بصحته و قد أساء الأدب مع إمام من أئمة علماء المسلمين و ركن إلى بذاءة اللسان التي ليست من صفات العلماء و لو كان الحاكم حيا لقال: له ما أجهلك على ضيق معرفتك و بالجملة كلامه هذا كاشف عن شدة تحامله و احتدام غيظه فلا عبرة به.
     (الثامن و الخمسون)  قوله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله لفاطمة إن الله اطلع إلى الأرض فاختار رجلين أباك و بعلك. روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي هريرة قالت فاطمة يا رسول الله زوجتني من علي بن أبي طالب و هو فقير لا مال له فقال يا فاطمة أما ترضين أن الله عز و جل اطلع إلى أهل الأرض فاختار رجلين أحدهما أبوك و الآخر بعلك.صحيح على شرط الشيخين و قول الذهبي إنه موضوع على سريج)لا يلتفت إليه إذ لم يسنده إلى دليل»و بسنده«عن ابن عباس قالت فاطمة زوجتني من عائل لا مال له فذكر نحوه صحيح على شرط الشيخين و كذبه الذهبي بلا دليل.
     (التاسع و الخمسون) منزلته من رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و قربه منه، روى النسائي بسنده عن العلاء سأل رجل ابن عمر عن عثمان إلى أن قال فسأله عن علي فقال لا تسأل عنه ألا ترى منزلته من رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله (و بسنده) عن عرار سألت عبد الله بن عمر قلت ألا تحدثني عن علي و عثمان قال أما علي فهذا بيته من بيت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و لا أحدثك عنه بغيره»الحديث«ثم روى بسنده عن العلاء بن عرار قال سألت عن ذلك ابن عمر و هو في مسجد رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله قال ما في المسجد غير بيته»و بسنده«عن سعيد بن عبيد جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن علي قال لا أحدثك عنه و لكن انظر إلى بيته من بيوت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله قال فإني أبغضه قال به أبغضك الله.
    »أقول«الظاهر أن قوله فهذا بيته من بيت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يراد به مجاورة بيته لبيت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و ملاصقته له فكان دائما يسأله و يتعلم منه و يدل عليه جواب ابن عمر للعلاء حين سأله عن تفسير ذلك بأنه ما في المسجد غير بيته و كأنه إشارة إلى سد الأبواب التي كانت شارعة في المسجد غير باب رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و باب علي و قد أورد النسائي هذه الأحاديث في عنوان»ذكر منزلة علي و قربه من النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله« .
     (الستون) إنه وارث علوم رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله روى النسائي بسنده عن خالد بن قثم بن العباس أنه سئل من أين ورث علي رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله قال إنه كان أولنا به لحوقا و أشدنا به لزوقا»و بسنده«عن خالد بن قثم إنه قيل له أ علي ورث رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله دون جدك و هو عمه قال إن عليا أولنا به لحوقا و أشدنا به لزوقا »و قوله«أولنا به لحوقا أراد السبق في الإسلام و أشدنا به لزوقا أراد الجوار و قلة المفارقة (اه) »و روى« الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي إسحاق سألت قثم بن العباس كيف ورث علي رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله دونكم قال لأنه كان أولنا به لحوقا و أشدنا به لزوقا.
     (الواحد و الستون) نزول آية أ جعلتم سقاية الحاج »الآية« في تفضيله: في أسباب النزول للواحدي النيسابوري : قال الحسن و الشعبي و القرظي إن عليا و العباس و طلحة بن شيبة افتخروا فقال طلحة أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه و إلي ثياب بيته و قال العباس أنا صاحب السقاية و القائم عليها و قال علي ما أدري ما تقولان لقد صليت ستة أشهر قبل الناس و أنا صاحب الجهاد.فأنزل الله تعالى هذه الآية  (أ جعلتم سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله و اليوم الآخر و جاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله  (إلى أن قال)  الذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم أعظم درجة عند الله و أولئك هم الفائزون.
     (الثاني و الستون) صعوده على منكبي النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و القاء الصنم من فوق الكعبة. روى النسائي في الخصائص بسنده عن أبي مريم قال علي انطلقت مع رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله حتى أتينا الكعبة فصعد رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله على منكبي فنهضت به فلما رأى رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله ضعفي قال لي اجلس فجلست فنزل النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و جلس لي و قال لي اصعد على منكبي فصعدت على منكبيه فنهض بي فقال علي إنه يخيل لي أني لو شئت لنلت أفق السماء فصعدت على الكعبة و عليها تمثال من صفر أو نحاس فجعلت أعالجه لأزيله يمينا و شمالا و قداما و من بين يديه و من خلفه حتى استمكنت منه فقال نبي الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله اقذفه فقذفت به فكسرته كما تكسر القوارير ثم نزلت فانطلقت أنا و رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد»اه«. و كان ذلك قبل الهجرة .
     (الثالث و الستون) إنه آخر الناس و أقربهم عهدا بالنبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و مناجاته و سراره له عند الموت و عهد إليه سبعين عهدا. روى النسائي في الخصائص بسنده عن أم المؤمنين أم سلمة أن أقرب الناس عهدا برسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله علي (و بسنده) عن أم موسى قالت أم سلمة و الذي تحلف به أم سلمة إن إقرب الناس عهدا برسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله علي قالت لما كان غدوة قبض رسول الله فأرسل إليه رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و أظنه كان بعثه في حاجة فجعل يقول جاء علي ثلاث مرات فجاء قبل طلوع الشمس فلما أن جاء عرفنا أن له إليه حاجة فخرجنا من البيت و كنا عند رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يومئذ في بيت عائشة و كنت في آخر من خرج من البيت ثم جلست من وراء الباب فكنت أدناهم إلى الباب فأكب عليه علي فكان آخر الناس به عهدا فجعل يساره و يناجيه. و في ذلك يقول خزيمة بن ثابت :
و أقرب الناس عهدا بالنبي و من              جبريل عون له في الغسل و الكفن
     (الرابع و الستون)  قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله له تقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله. روى النسائي في الخصائص بسنده عن أبي سعيد الخدري : كنا جلوسا ننتظر رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فخرج إلينا و قد انقطع شسع نعله فرمى به إلى علي فقال إن منكم رجلا يقاتل الناس على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله قال أبو بكر أنا قال لا قال عمر أنا قال لا و لكن خاصف النعل. »و روى« أبو نعيم في الحلية بسنده عن أبي سعيد الخدري كنا نمشي مع النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فانقطع شسع نعله فتناولها علي يصلحها ثم مشى فقال يا أيها الناس إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله قال أبو سعيد فخرجت فبشرته بما قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فلم يكترث به فرحا كأنه قد سمعه.
     (الخامس و الستون)  قوله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله في الخوارج : يقتلهم أولى الطائفتين بالحق أو أقرب الناس إلى الحق. روى النسائي في الخصائص بسنده عن أبي سعيد الخدري أنه قال في الخوارج يخرجون على حين فرقة من الناس قال أبو سعيد فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و أشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم و أنا معه (و بسنده) عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله قال تمرق مارقة من الناس يلي قتلهم أو يقتلهم أولى الطائفتين بالحق،  و في رواية يقاتلهم أقرب الناس إلى الحق. و  في الإستيعاب روى أبو سعيد الخدري و غيره عن النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أنه قال تمرق مارقة في حين اختلاف من المسلمين تقتلها أولى الطائفتين بالحق.
     (السادس و الستون) قتاله الناكثين و القاسطين و المارقين و هم أهل الجمل و صفين و الخوارج : روى النسائي في الخصائص بسنده عن زر بن حبيش أنه سمع عليا يقول أنا فقأت عين الفتنة لو لا أنا ما قوتل أهل النهروان و أهل الجمل و لو لا إنني أخشى أن تتركوا العمل لأخبرتكم بالذي قضى الله لسان نبيكم لمن قاتلهم مبصرا ضلالتهم عارفا بالهدى الذي نحن عليه.
    و في حلية الأولياء بسنده عن زر عن علي قال أنا فقأت عين الفتنة و لو لم أكن فيكم ما قوتل فلان و فلان »و في الإستيعاب« روي من حديث علي و من حديث ابن مسعود و من حديث أبي أيوب الأنصاري أن عليا أمر بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين .قال و روي عنه أنه قال ما وجدت إلا القتال أو الكفر بما أنزل الله يعني)و الله أعلم)قوله تعالى و جاهدوا في الله حق جهاده و ما كان مثله»اه«.
     (السابع و الستون)  قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله إن الله امتحن قلبه للإيمان: روى النسائي في الخصائص بسنده عن ربعي عن علي جاء النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أناس من قريش فقالوا يا محمد إنا جيرانك و حلفاؤك و إن من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة في الفقه إنما فروا من ضياعنا و أموالنا فأرددهم إلينا قال لأبي بكر ما تقول فقال صدقوا إنهم لجيرانك و حلفاؤك فتغير وجه النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله ثم قال يا معشر قريش و الله ليبعثن الله عليكم رجلا منكم امتحن الله قلبه للإيمان فيضربكم على الدين أو يضرب بعضكم قال أبو بكر أنا هو يا رسول الله قال لا قال عمر أنا هو يا رسول الله قال لا و لكن ذلك الذي يخصف النعل و قد كان أعطى عليا نعلا يخصفها .
     (الثامن و الستون)  قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله ما أنا انتجيته و لكن الله انتجاه: ففي أسد الغابة بسنده عن جابر لما كان يوم الطائف دعا رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله عليا فناجاه طويلا فقال بعض أصحابه لقد أطال نجوى ابن عمه قال صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله ما أنا انتجيته و لكن الله انتجاه.
     (التاسع و الستون)  قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يوم خيبر لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله و رسوله و يحب الله و رسوله كرارا غير فرار يأخذها بحقها لا يرجع حتى يفتح الله على يديه و كان علي أرمد فتفل في عينيه فبرئتا فدفع إليه الراية فقتل مرحبا و فتح الحصن و اقتلع الباب و مر ذلك في غزوات النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و في شجاعة علي عليه‏ السلام.
     (السبعون) ما ورد في موالاته و الاقتداء بالأئمة من بعده.  روى أبو نعيم في حلية الأولياء بسنده عن شريك عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله : من سره أن يحيا حياتي و يموت ميتتي و يتمسك بالقصبة الياقوتة التي خلقها الله بيده ثم قال لها كوني فكانت فليتول علي بن أبي طالب من بعدي ثم قال رواه شريك أيضا عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم و رواه السدي عن زيد بن أرقم و رواه ابن عباس  و هو غريب (و بسنده) عن عكرمة عن ابن عباس قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله من سره أن يحيا حياتي و يموت مماتي و يسكن جنة عدن غرسها ربي فليوال عليا من بعدي و ليوال وليه و ليقتد بالأئمة من بعدي فإنهم عترتي خلقوا من طينتي رزقوا فهما و علما و ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي للقاطعين فيهم صلتي لا أنالهم الله شفاعتي.
     (الواحد و السبعون)  قوله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي. روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أنس بن مالك و قال صحيح على شرط الشيخين أن النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله قال لعلي أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي.
     (الثاني و السبعون) أن النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله كان إذا غضب لا يجترئ أحد أن يكلمه غير علي. روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أم سلمة أن النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله كان إذا غضب لم يجترئ أحد منا أن يكلمه غير علي بن أبي طالب، هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه.
     (الثالث و السبعون) نزول »إنما أنت منذر و لكل قوم هاد« في حقه: روى الحاكم في المستدرك بسنده عن علي »إنما أنت منذر و لكل قوم هاد« قال علي: رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله المنذر و أنا الهادي قال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه. و في الدر المنثور للسيوطي : أخرج ابن جرير و ابن مردويه و أبو نعيم في المعرفة و الديلمي و ابن عساكر و ابن النجار قال لما نزلت إنما أنت منذر و لكل قوم هاد وضع رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يده على صدره فقال أنا المنذر و أومأ بيده إلى منكب علي فقال أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي.و أخرج ابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي سمعت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يقول إنما أنت منذر و وضع يده على صدر نفسه ثم وضعها على صدر علي و يقول لكل قوم هاد،  و أخرج ابن مردويه و الضياء في المختارة عن ابن عباس في الآية قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله : المنذر أنا و الهادي علي بن أبي طالب .
     (الرابع و السبعون)  قول النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله له إن الأمة ستغدر به بعده و يلقى جهدا. روى الحاكم في المستدرك و قال صحيح بسنده عن علي عليه‏ السلام قال إن مما عهد إلي النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله إن الأمة ستغدر بي بعده (و بسنده) و صححه على شرط الشيخين عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله لعلي أما أنك ستلقى بعدي جهدا قال في سلامة من ديني قال في سلامة من دينك.و روى الحاكم في المستدرك أيضا و صححه عن حيان الأسدي سمعت عليا يقول قال لي رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله إن الأمة ستغدر بك بعدي و أنت تعيش على ملتي و تقتل على سنتي من أحبك أحبني و من أبغضك أبغضني و أن هذه ستخضب من هذا يعني لحيته من رأسه.
     (الخامس و السبعون) أن النظر إلى وجهه عبادة. روى الحاكم في المستدرك و صححه عن الأعمش عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله النظر إلى وجه علي عبادة. ثم قال تابعه عمرو بن مرة عن إبراهيم النخعي و ذكر مثله.و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي سعيد الخدري عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله النظر إلى علي عبادة هذا حديث صحيح الإسناد و شواهده عن عبد الله بن مسعود صحيحة و ذكر مثل الحديث الأول.

مقتل أمير المؤمنين علي عليه‏ السلام و قدر عمره و مدة خلافته
    قتل عليه‏ السلام سنة 40 من الهجرة في شهر رمضان ضرب ليلة تسع عشرة ليلة الأربعاء و قبض ليلة الجمعة ليلة إحدى و عشرين على المعروف بين أصحابنا و عليه عمل الشيعة اليوم و روى الطبري و ابن الأثير أنه ضرب ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان فتكون وفاته ليلة الأحد. و عمره »ثلاث و ستون سنة« رواه الحاكم في المستدرك عن محمد بن الحنفية أو »أربع و ستون« أو »خمس و ستون سنة« منها عشر سنين أو اثنتا عشرة سنة قبل البعثة و ثلاث و عشرون مع النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله بعد البعثة ثلاث عشرة بمكة و عشر بالمدينة و ثلاثون سنة بعد وفاة النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و قيل في سنه غير ذلك  فروى الحاكم في المستدرك عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه قتل و هو ابن »ثمان و خمسين سنة«.
    و أشهر الأقوال الأول و الثالث قال ابن شهرآشوب في المناقب : قبض صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله قتيلا في مسجد الكوفة وقت التنوير ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة مضين من شهر رمضان فبقي يومين إلى نحو الثلث من الليل و له يومئذ »خمس و ستون سنة« في قول الصادق عليه‏ السلام و قالت العامة »ثلاث و ستون سنة« »اه« و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : قتل علي يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة40 و هو يوم قتل ابن »ثلاث و ستين سنة« أو »أربع و ستين« (و بسنده) عن أبي بكر بن أبي شيبة : قتل علي بن أبي طالب سنة 40 من مهاجر رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله و هو ابن »ثلاث و ستين سنة« قتل يوم الجمعة للحادي و العشرين من شهر رمضان و مات يوم الأحد و دفن بالكوفة »اه«.
    و كانت مدة خلافته خمس سنين إلا نحوا من أربعة أشهر أو ثلاثة أشهر لأنه بويع لخمس بقين من ذي الحجة سنة35 كما مر.و روى الحاكم في المستدرك عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن خلافته كانت خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ثم روى عن أبي بكر بن أبي شيبة أنه قال ولي علي بن أبي طالب خمس سنين»اه« و كأنه مبني على نوع من التسامح.

نعيه نفسه قبل مقتله
    قال ابن الأثير في الكامل قيل من غير وجه أن عليا كان يقول ما يمنع أشقاكم أن يخضب هذه من هذه يعني لحيته من دم رأسه. و قال الحسن بن كثير عن أبيه: خرج علي من الفجر فأقبل الأوز يصحن في وجهه فطردوهن عنه فقال ذروهن فإنهن نوائح، فضربه ابن ملجم في ليلته ، و قال الحسن بن علي يوم قتل علي : خرجت البارحة و أبي يصلي في مسجد داره فقال لي يا بني إني بت أوقظ أهلي لأنها ليلة الجمعة فملكتني عيناي فنمت فسنح لي رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله فقلت يا رسول الله ما ذا لقيت من أمتك من الأود و اللدد (قال أبو الفرج : و الأود العوج و اللدد الخصومات ) فقال لي: ادع عليهم فقلت اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم و أبدلهم بي من هو شر مني فجاء ابن الثباج فأذنه بالصلاة فخرج و خرجت خلفه فضربه ابن ملجم فقتله.
    و في تذكرة الخواص عن الشعبي أنشد علي عليه‏ السلام قبيل قتله بأيام:
تلكم    قريش    تمناني    لتقتلني              فلا و ربك لا فازوا و لا ظفروا
فإن   بقيت   فرهن   ذمتي   لهم              بذات  ودقين  لا  يعفو  لها  أثر
و سوف يورثهم فقدي على وجل              ذل الحياة بما خانوا و ما غدروا

سبب قتل أمير المؤمنين عليه‏ السلام
    قال الطبري في تاريخه و ابن الأثير في الكامل : كان سبب قتله عليه‏ السلام أن عبد الرحمن بن ملجم المرادي و البرك بن عبد الله التميمي الصريمي و اسمه الحجاج و عمرو بن أبي بكر التميمي السعدي و هم من الخوارج اجتمعوا فتذاكروا أمر الناس و عابوا الولاة ثم ذكروا أهل النهر فترحموا عليهم و قالوا ما نصنع بالبقاء بعدهم فلو شرينا أنفسنا لله و قتلنا أئمة الضلال و أرحنا منهم البلاد فقال ابن ملجم أنا أكفيكم عليا و قال البرك بن عبد الله أنا أكفيكم معاوية و قال عمرو بن بكر أنا أكفيكم عمرو بن العاص فتعاهدوا أن لا ينكص أحدهم عن صاحبه الذي توجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه و أخذوا سيوفهم فسموها و اتعدوا لتسع عشرة أو سبع عشرة من رمضان فأتى ابن ملجم الكوفة فلقي أصحابه بها و كتمهم أمره و رأى يوما أصحابا له من تيم الرباب و معهم امرأة منهم اسمها قطام (بنت الأخضر التيمية) قتل أبوها و أخوها يوم النهر و كانت فائقة الجمال فخطبها فقالت لا أتزوجك إلا على ثلاثة آلاف و عبد و قينة و قتل علي فقال أما قتل علي فما أراك ذكرته و أنت تريدينني قالت بل التمس غرته فإن أصبته شفيت نفسك و نفسي و نفعك العيش معي و إن قتلت فما عند الله خير من الدنيا و ما فيها قال و الله ما جاء بي إلا قتل علي فلك ما سألت قالت سأطلب لك من يشد ظهرك و يساعدك و بعثت إلى رجل من قومها اسمه وردان فأجابها و أتى ابن ملجم رجلا من أشجع اسمه شبيب بن بجرة فقال هل لك في شرف الدنيا و الآخرة قال و ما ذاك قال قتل علي بن أبي طالب قال شبيب ثكلتك أمك لقد جئت شيئا أدا كيف تقدر على قتله قال أكمن له في المسجد فإذا خرج إلى صلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه قال ويحك لو كان غير علي كان أهون قد عرفت سابقته و فضله و بلاءه في الإسلام و ما أجدني انشرح لقتله قال أما تعلمه قتل أهل النهر العباد الصالحين قال بلى قال فلنقتله بمن قتل من أصحابنا فأجابه فلما كان ليلة الجمعة و هي الليلة التي واعد ابن ملجم فيها أصحابه على قتل علي و معاوية و عمرو جاءوا قطام و هي في المسجد الأعظم معتكفة فدعت لهم بالحرير و عصبتهم به. و قال المفيد إنهم أتوا قطام ليلة الأربعاء.
    و قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين إنهم أتوا قطام بنت الأخضر بن شجنة من تيم الرباب و هي معتكفة في المسجد الأعظم قد ضربت عليها قبة فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم و تقلدوا سيوفهم و مضوا فجلسوا مما يلي السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين عليه‏ السلام إلى الصلاة. (قال المفيد ) و قد كانوا قبل ذلك القوا إلى الأشعث ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين عليه‏ السلام و أوطأهم على ذلك و حضر الأشعث في تلك الليلة لمعونتهم و كان حجر بن عدي في تلك الليلة بائتا في المسجد فسمع الأشعث يقول لابن ملجم النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح فأحس حجر بما أراد الأشعث فقال قتلته يا أعور و خرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين عليه‏ السلام ليخبره الخبر و يحذره من القوم و خالفه أمير المؤمنين عليه‏ السلام في الطريق فدخل المسجد قال الطبري و ابن الأثير فلما خرج علي نادى الصلاة الصلاة فضربه شبيب بالسيف فوقع سيفه بعضادة الباب أو الطلق و ضربه ابن ملجم على قرنه بالسيف و قال الحكم لله لا لك يا علي و لا لأصحابك. و قال أبو الفرج فضربه ابن ملجم فأثبت الضربة في وسط رأسه قال ابن عبد البر : فقال علي فزت و رب الكعبة لا يفوتنكم الرجل.
    و روى الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في أماليه بسنده إلى الأصبغ بن نباتة قال لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‏ السلام غدونا عليه نفر من أصحابنا أنا و الحارث و سويد بن غفلة و جماعة معنا فقعدنا على الباب فسمعنا البكاء من الدار فبكينا فخرج إلينا الحسن بن علي عليهما السلام فقال يقول لكم أمير المؤمنين انصرفوا إلى منازلكم فانصرف القوم غيري و اشتد البكاء في منزله فبكيت فخرج الحسن فقال ألم أقل لكم انصرفوا فقلت لا و الله يا ابن رسول الله ما تتابعني نفسي و لا تحملني رجلاي أن انصرف حتى أرى أمير المؤمنين و بكيت فدخل الدار و لم يلبث أن خرج فقال لي ادخل فدخلت على أمير المؤمنين عليه‏ السلام فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف دمه و اصفر وجهه فما أدري وجهه أشد صفرة أم العمامة فأكببت عليه فقبلته و بكيت فقال لي لا تبك يا أصبغ فإنها و الله الجنة فقلت له جعلت فداك إني أعلم و الله إنك تصير إلى الجنة و إنما أبكي لفقداني إياك يا أمير المؤمنين (و روى) قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب الخرائج عن عمرو بن الحمق قال دخلت على علي عليه‏ السلام حين ضرب الضربة بالكوفة فقلت ليس عليك بأس إنما هو خدش قال لعمري إني لمفارقكم ثم أغمي عليه فبكت أم كلثوم فلما أفاق قال لا تؤذيني يا أم كلثوم فإنك لو ترين ما أرى أن الملائكة من السماوات السبع بعضهم خلف بعض و النبيين يقولون انطلق يا علي فما أمامك خير لك مما أنت فيه.

وصية أمير المؤمنين عليه ‏السلام
    ذكرها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه و أبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبيين .بسم الله الرحمن الرحيم.هذا ما أوصى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون ثم إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين أوصيكما بتقوى الله و أن لا تبغيا الدنيا و أن بغتكما و لا تأسفا على شي‏ء منها زوي عنكما و قولا بالحق و اعملا للأجر (للآخرة خ ل) و كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا أوصيكما و جميع ولدي و أهل بيتي و من بلغهم كتابي هذا من المؤمنين بتقوى الله و نظم أمركم و صلاح ذات بينكم فإني سمعت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يقول صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام و إن البغضة حالقة الدين و لا قوة إلا بالله انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب و الله الله في الأيتام لا تغيروا أفواههم و لا يضيعوا بحضرتكم فإني  سمعت رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله يقول من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله له الجنة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار، و الله الله في القرآن فلا يسبقكم إلى العمل به غيركم و الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم و الله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا و إن أدنى ما يرجع به من أمه أن يغفر له ما سلف من ذنبه و الله الله في الصلاة فإنها خير العمل و إنها عمود دينكم و الله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم و الله الله في صيام شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار و الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم فإنما يجاهد في سبيل الله رجلان إمام هدى و مطيع له مقتد بهداه و الله الله في ذرية نبيكم فلا يظلمن بين أظهركم و الله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا و لم يؤوا محدثا فإن رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أوصى بهم و لعن المحدث منهم و من غيرهم و المؤوي للمحدث، و الله الله في الفقراء و المساكين فأشركوهم في معايشكم و الله الله في النساء و ما ملكت أيمانكم فإن آخر ما تكلم به رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله أن قال أوصيكم بالضعيفين نسائكم و ما ملكت أيمانكم ثم قال الصلاة الصلاة و لا تخافن في الله لومة لائم يكفكم من أرادكم و بغى عليكم قولوا للناس حسنا كما أمركم الله عز و جل و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيولي الله الأمر شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم عليكم بالتواصل و التباذل و التبار و إياكم و التقاطع و التدابر و التفرق و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب حفظكم الله من أهل بيت و حفظ فيكم نبيكم و استودعكم الله خير مستودع و أقرأ عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.
    و قال ابن الأثير إنه دعا الحسن و الحسين عليهما السلام فقال لهما أوصيكما بتقوى الله و لا تبغيا الدنيا و أن بغتكما و لا تبكيا على شي‏ء زوي عنكما منها و قولا الحق و ارحما اليتيم و كونا للظالم خصما و للمظلوم ناصرا و اعملا بما في كتاب الله و لا تأخذكما في الله لومة لائم ثم نظر إلى محمد بن الحنفية فقال هل حفظت ما أوصيت به أخويك قال نعم قال فإني أوصيك بمثله و أوصيك بتوقير أخويك العظيم حقهما عليك و لا تقطع دونهما أمرا ثم قال أوصيكما به فإنه شقيقكما و ابن أبيكما و قد علمتما إن أباكما كان يحبه و قال للحسن أوصيك أي بني بتقوى الله و أقام الصلاة و إيتاء الزكاة و غفر الذنب و كظم الغيظ و صلة الرحم و الحلم عن الجاهل و التفقه في الدين و التعاهد للقرآن و حسن الجوار و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و اجتناب الفواحش.
    ثم قال للحسن : أبصروا ضاربي أطعموه من طعامي و اسقوه من شرابي.ثم قال للحسن عليه‏ السلام إذا أنا مت فلا تغال في كفني و صل علي و كبر علي سبعا و في رواية خمسا و غيب قبري.
    و في ضربة ابن ملجم أمير المؤمنين عليه‏ السلام يقول عمران بن حطان الرقاشي الخارجي :
يا ضربة  من  تقي  ما  أراد  بها              إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني    لأذكره    حينا    فأحسبه              أوفى  البرية   عند   الله   ميزانا
أكرم بقوم بطون الأرض أقبرهم              لم  يخلطوا  دينهم  بغيا و عدوانا
لله  در  المرادي  الذي  سفكت              كفاه  مهجة  شر  الخلق إنسانا
أمسى  عشية  غشاه   بضربته                 مما  جناه  من   الآثام   عريانا

قتل ابن ملجم لعنه الله
    كان أمير المؤمنين عليه‏ السلام لما ضربه ابن ملجم أوصى به فيما رواه الحاكم في المستدرك فقال أحسنوا إليه فإن أعش فهضم أو قصاص و إن أمت فعاجلوه فإني مخاصمه عند ربي عز و جل (و في رواية) للحاكم لما جاءوا بابن ملجم إلى علي عليه‏ السلام قال اصنعوا به ما صنع رسول الله صلى‏ الله ‏عليه‏ و آله برجل جعل له على أن يقتله فأمر أن يقتل و يحرق بالنار.
    قال الطبري و لما قبض أمير المؤمنين عليه‏ السلام بعث الحسن إلى ابن ملجم فأحضره فقال للحسن هل لك في خصلة أني أعطيت الله عهدا أن لا أعاهد عهدا إلا وفيت به و أني عاهدت الله عند الحطيم أن أقتل عليا و معاوية أو أموت دونهما فإن شئت خليت بيني و بينه فلك علي عهد الله أن لم أقتله و بقيت أن آتيك حتى أضع يدي في يدك فقال له الحسن لا و الله حتى تعاين النار ثم قدمه فقتله و أخذه الناس فأدرجوه في بوارى و أحرقوه بالنار.

موضع قبر أمير المؤمنين عليه‏ السلام
    قد عرفت أنه حمل ليلا إلى ناحية الغريين و دفن هناك و أخفي قبره بوصية منه.و حكى ابن أبي الحديد في شرح النهج عن أبي القاسم البلخي أنه قال إن عليا عليه‏ السلام لما قتل قصد بنوه أن يخفوا قبره خوفا من بني أمية أن يحدثوا في قبره حدثا فأوهموا الناس في موضع قبره تلك الليلة و هي ليلة دفنه إيهامات مختلفة فشدوا على جمل تابوتا موثقا بالحبال يفوح منه روائح الكافور و أخرجوه من الكوفة في سواد الليل صحبة ثقاتهم يوهمون أنهم يحملونه إلى المدينة فيدفنونه عند فاطمة عليها السلام و أخرجوا بغلا و عليه جنازة مغطاة يوهمون أنهم يدفنونه بالحيرة و حفروا حفائر عدة منها بالمسجد و منها برحبة قصر الإمارة و منها في حجرة من دور آل جعدة بن هبيرة المخزومي و منها في أصل دار عبد الله بن يزيد القسري بحذاء باب الوراقين مما يلي قبلة المسجد و منها في الكناسة و منها في الثوية فعمي على الناس موضع قبره و لم يعلم دفنه على الحقيقة إلا بنوه و الخواص المخلصون من أصحابه فإنهم خرجوا به عليه‏ السلام وقت السحر في الليلة الحادية و العشرين من شهر رمضان فدفنوه على النجف بالموضع المعروف بالغري بوصاة منه عليه‏ السلام إليهم في ذلك و عهد كان عهد به إليهم و عمي موضع قبره على الناس و اختلفت الأراجيف في صبيحة ذلك اليوم اختلافا شديدا .



 
 


السيرة الذاتية :

  • السيرة الذاتية لسماحة السيد الخوئي
  • صور سماحة السيد الخوئي
  • السيد الخوئي في كلمات العلماء

المؤسسة والمركز :

  • تعريف بمركز الإمام الخوئي في نيويورك
  • تعريف بمؤسسة الإمام الخوئي الخيرية
  • نشاطات المركز
  • إعلانات عن النشاطات والمناسبات

المواضيع والمقالات الدينية :

  • سيرة النبي (ص) وآله (ع)
     جديد القسم :



 تحديث الفيديو : تحديث تنسيق القسم الثالث والأخير من ملفات الفيديو العامة

 تحديث الفيديو : تحديث تنسيق القسم الثاني من ملفات الفيديو العامة

 تحديث الفيديو : تحديث تنسيق القسم الأول من ملفات الفيديو العامة

 تحديث الفيديو : تحديث تنسيق ملفات الفيديو لمقتطفات من حياة الإمام الخوئي قدس سره

 إضافة كتب : إضافة القسم الثامن من الكتب النصيّة في قسم المكتبة

 إضافة كتب : إضافة القسم السابع من الكتب النصيّة في قسم المكتبة

 إضافة كتب : إضافة القسم السادس من الكتب النصيّة في قسم المكتبة

 إضافة كتب : إضافة القسم الخامس من الكتب النصيّة في قسم المكتبة

 إضافة كتب : إضافة القسم الرابع من الكتب النصيّة في قسم المكتبة

 إضافة كتب : إضافة القسم الثالث من الكتب النصيّة في قسم المكتبة

     البحث في القسم :


  

     ملفات عشوائية :



 إستكمال النقص في موسوعة معجم رجال الحديث في مكتبة الموقع

 تحديث الموقع : إضافة 50 لطمية للملا باسم الكربلائي

 إضافة أكثر من 750 فتوى لآية الله العظمى السيد السيستاني

 دروس صوتية : البدء بإضافة الدورة الأصولية لدروس بحث الخارج

 الإمام محمد الجواد عليه السلام

 دروس صوتية : إضافة المجموعة الثامنة من الدورة الأصولية لدروس بحث الخارج

 عشاء تبرعي لدعم مدرسة الايمان الاسلامية في مركز الامام الخوئي

 الإمام القائم المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف

 الإمام محمد الباقر عليه السلام

 مكتب الشؤون الفنية في مؤسسة الإمام الخوئي الخيرية

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - المؤلفات - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net