دخول الجنب المسجد لأخذ شيء منه - دخول الجنب المشاهد المشرفة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6363


ــ[317]ــ

وكذا الدخول بقصد أخذ شيء منها فإنه لا بأس به ((1)) (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاجتياز سواء كان هناك مشي أم لم يكن والاُخرى تدلّ على حرمته من غير مشي كان معه اجتياز أم لم يكن ، وتتعارضان فيما إذا كان دخله بالمشي ، فانّ الاُولى تدلّ على حرمته والثانية على جوازه ، وفي موارد التعارض لا بدّ من الرجوع إلى المرجحات والترجيح مع الصحيحة لموافقتها الكتاب ، لأنه سبحانه استثنى عنوان العبور من المسجد بقوله : (إلاّ عابِرِي سَبِيل ) وهو عين الاجتياز والمرور ، ولم يستثن عنوان المشي في المساجد كما لعله ظاهر هذا .

   ثمّ إن المرور لو كان صادقاً مع المشي وكان أمراً آخر وراء الاجتياز فالكلام فيه أيضاً هو الكلام في المشي ، لأن النسبة بين الاجتياز والمرور المتحد مع المشي عموم من وجه ، والترجيح مع الصحيحة لموافقتها الكتاب ، فانّ المستثنى فيه هو العبور الذي هو غير المشي والمرور المتّحد معه .

    دخول المسجد جنباً بنيّة الأخذ

  (1) لا إشكال في جواز أخذ الجنب وتناوله شيئاً من المسجد ، كما لا كلام في حرمة وضعه شيئاً فيه ، وذلك لصحيحة عبدالله بن سنان ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الجنب والحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه ؟ قال : نعم ولكن لا يضعان في المسجد شيئاً» (2) وصحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم المتقدّمة حيث ورد في ذيلها : «ويأخذان من المسجد ولا يضعان فيه شيئاً ، قال زرارة قلت : فما بالهما يأخذان منه ولا يضعان فيه ؟ قال : لأنهما لا يقدران على أخذ ما فيه إلاّ منه ويقدران على وضع ما بيدهما في غيره» (3) وحاصله : التعليل بالأمر المتعارف الغالبي وبيان

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال بل منع .

(2) الوسائل 2 : 213 / أبواب الجنابة ب 17 ح 1 .

(3) الوسائل 2 : 213 / أبواب الجنابة ب 17 ح 2 .

ــ[318]ــ

حكمة التفصيل بين الوضع والأخذ ، فان الجنب أو غيره لا يتمكن من أخذ متاعه الذي في المسجد إلاّ بالدخول فيه غالباً ، كما أنه وغيره متمكن غالباً من وضع متاعه في مكان آخر غير المسجد فلا يضطر إلى الدخول فيه . وكيف كان ، فهذان الحكمان ممّا لا كلام فيه .

   وإنما البحث في أن الأخذ جائز في نفسه والوضع محرم كذلك أو أن الأخذ جائز لجواز الدخول بغاية الأخذ والوضع محرم لحرمة الدخول لغاية الوضع ، فالمحتمل أمران لا ثالث لهما ، فإما أن يكون الأخذ والوضع جائزاً ومحرماً في نفسه وذاته وإما أن يكون جائزاً ومحرماً من جهة استلزامهما الدخول .

   فان قلنا إن حرمة الوضع وجواز الأخذ مستندان إلى أنفسهما فكما لا يجوز حينئذ الوضع في المسجد من غير الدخول فيه كذلك يحرم الأخذ بالدخول فيه للأخذ ، فان جواز الأخذ لا يستلزم جواز الدخول ، وهما أمران فليس له أن يدخله لأخذ شيء . وإذا قلنا إن حرمة الوضع وجواز الأخذ مستندان إلى استلزامهما الدخول فحينئذ يجوز الدخول في المسجد للأخذ والتناول كما يجوز وضع شيء فيه من الخارج لا بالدخول ، لأن المحرّم هو الوضع بالدخول دون الوضع من غير الدخول .

    مناقشة مع الماتن

   ومن هنا تعرف أن ما ذكره الماتن (قدس سره) في هذه المسألة والمسألة الآتية من الحكم بجواز الدخول فيه بقصد أخذ شيء والحكم بحرمة الوضع فيه ولو من غير الدخول فيه ، أمران متنافيان ، فان جواز الأخذ لو كان مستنداً إلى جواز الدخول بهذه الغاية فلا بدّ أن تستند حرمة الوضع أيضاً إلى حرمة الدخول بتلك الغاية من دون أن تكون حرمة أحدهما وجواز الآخر مستنداً إلى ذاتهما ونفسهما ، ومعه يجوز الوضع في نفسه وإنما يحرم بالدخول في المسجد . وإذا بنينا على أن حكمهما مستندين إلى ذاتيهما فالوضع في ذاته محرم والأخذ في نفسه مباح فحينئذ وإن صحّ الحكم بحرمة مطلق الوضع في المسجد إلاّ أنه لا يلائم الحكم بجواز الدخول لأخذ شيء ، فان جواز

ــ[319]ــ

الأخذ حكم مترتب عليه في نفسه وهو غير مستلزم لجواز الدخول فيه ، فليأخذ الشيء من غير دخول .

   وعلى الجملة : الحكم بجواز الدخول لغاية الأخذ والحكم بحرمة الوضع أمران متنافيان ، فإما أن يحرم الوضع في نفسه ويجوز الأخذ أيضاً  كذلك فلا وجه معه لجواز الدخول من جهة جواز الأخذ ، وإمّا أن يحرم الوضع لأجل الدخول ويجوز الأخذ أيضاً لأجله ، فحينئذ يجوز الدخول من جهة جواز الأخذ إلاّ أن الوضع لا يكون محرماً مطلقاً بل مع الدخول في المسجد فقط . هذا كله فيما يرد على الماتن (قدس سره) .

    تحقيق في أصل المسألة

   وأمّا تحقيق أصل المطلب فالصحيح أن حرمة الوضع وجواز الأخذ مستندان إلى ذاتيهما ، وذلك لأنه الظاهر من صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم (1) ، لأنه (عليه السلام) قد بيّن حكم الدخول قبل ذلك وأنه محرم إلاّ على نحو الاجتياز ثمّ بيّن جواز الأخذ وحرمة الوضع ، فمنه يظهر أن جواز الأخذ ليس من جهة جواز الدخول وكذا حرمة الوضع ليست مستندة إلى حرمة الدخول ، لتقدّم حكم الدخول حرمة وجوازاً فلا وجه لإعادته ، فليس حرمة أحدهما وجواز الآخر إلاّ مستندين إلى أنفسهما ، وبه يصح الحكم بحرمة الوضع مطلقاً وإن كان من غير دخول ، ولكن لا بدّ أيضاً من الحكم بحرمة الدخول وعدم جوازه لأجل الأخذ ، لأن جوازه غير مستند إلى جواز الدخول هذا .

   ثمّ إن في رواية علي بن إبراهيم القمي عن الصادق (عليه السلام) أن «الحائض والجنب يضعان فيه الشيء ولا يأخذان منه ، فقلت : ما بالهما يضعان فيه ولا يأخذان منه ؟ فقال : لأنهما يقدران على وضع الشيء فيه من غير دخول ولا يقدران على أخذ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 213 / أبواب الجنابة ب 17 ح 2 .

ــ[320]ــ

والمشاهد كالمساجد ((1)) في حرمة المكث فيها (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما فيه حتى يدخلا»(2) وهي كما ترى عكس الأخبار المجوزة للأخذ والمحرمة للوضع في المسجد ، حيث دلّت على جواز الوضع وحرمة الأخذ معللة بأن الوضع في المسجد لا يستلزم الدخول فيه فلا يكون حراماً ، لأن المحرّم هو الدخول ، فليضع الشيء فيه من الخارج ، إلاّ أنّ الأخذ منه لا يمكن بغير الدخول فيحرم لحرمة الدخول . وهي وإن كانت مؤكدة لما ذكرناه من أن جواز الأخذ لا يستلزم جواز الدخول في المسجد إلاّ أنها من جهة حكمها بجواز الوضع مخالفة لما قدّمناه . والذي يسهل الخطب أن الرواية مرسلة ولا ندري أن الواسطة أي شخص فلا تنهض حجّة في مقابل الأخبار المتقدِّمة .

    إلحاق المشاهد بالمساجد

   (1) هل المشاهد المشرفة تلحق بالمسجدين فيحرم المكث والمرور فيها ولو بعنوان الاجتياز ، أو أنها ملحقة بسائر المساجد فيحرم فيها المكث دون الاجتياز ، أو لا تلحق بهما ولا بسائر المساجد فلا مانع من المكث والاجتياز فيها ؟ ذهب جماعة إلى إلحاقها بالمساجد لوجوه :

   منها : أن روح المسجدية وحقيقتها التي هي شرافة المكان وكونه محلاً للعبادة والتقرب إلى الله سبحانه متحققة في المشاهد على نحو أتم ، فيأتي فيها أحكام المسجد من حرمة المكث وغيرها لا محالة . وفيه : أن حرمة المكث والدخول تترتب في ظواهر الأدلّة على عنوان المسجد لا على معنى المسجد وروحه ، فتسرية أحكام المسجد إلى ما فيه روحه وحقيقته يحتاج إلى دليل .

   ومنها : أن ترك مكث الجنب ودخوله فيها من تعظيم شعائر الله وقد قال الله

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على المشهور الموافق للاحتياط .

(2) الوسائل 2 : 213 / أبواب الجنابة ب 17 ح 3 .

 
 

ــ[321]ــ

سبحانه إن تعظيمها من تقوى القلوب(1) . ويدفعه : أن التعظيم بما له من المراتب المختلفة مما لا دليل على وجوبه ، نعم هو مستحب ، وإنما يحرم الهتك فقط ، فإذا لزم من دخول الجنب ومكثه في المشاهد هتك فنلتزم بحرمته وبذلك يتصف تعظيمها بالوجوب ولكن بالعرض والمجاز ، فان الحرمة متعلقة بالهتك وتركه يستلزم التعظيم والهتك قد يكون وقد لا يكون ، بل ربّما يكون دخول الجنب المشاهد مصداقاً للتعظيم والإجلال ، كما إذا  كان الوقت ضيقاً ولم يتمكن المسافر من الاغتسال لخروج القافلة ونحوه فدخل للزيارة وهو جنب ، فانه في الحقيقة تعظيم وليس من الهتك في شيء .

   ومنها : الأخبار الناهيـة عن دخول الجنب بيوت الأنبيـاء ، منها : ما عن جابر الجعفي عن علي بن الحسين (عليه السلام) أنه «قال : أقبل أعرابي إلى المدينة فلما قرب المدينة خضخض ودخل على الحسين (عليه السلام) وهو جنب ، فقال له : يا أعرابي أما تستحيي الله تدخل على إمامك وأنت جنب ، ثمّ قال : أنتم معاشر العرب إذا خلوتم خضخضتم... » الحديث (2) وغيره من الروايات الضعاف والمرسلة (3) . والعمدة فيها روايتان :

   إحداهما : صحيحة محمّد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات عن أبي طالب يعني عبدالله بن الصلت عن بكر بن محمّد ، قال : «خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبدالله (عليه السلام) فلحقنا أبو بصير خارجاً من زقاق وهو جنب ونحن لا نعلم حتى دخلنا على أبي عبدالله (عليه السلام) قال : فرفع رأسه إلى أبي بصير فقال : يا أبا محمّد أما تعلم أنه لا ينبغي لجنب أن يدخل بيوت الأنبياء ؟ قال : فرجع أبو بصير ودخلنا»(4) .

   الثانية : هي هذه الرواية التي رواها الحميري في قرب الأسناد عن أحمد بن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا مضمون ما في سورة الحج  22 : 32 .

(2) الوسائل 2 : 193 / أبواب الجنابة ب 7 ح 24 ، 212 / أبواب الجنابة ب 16 ح 4 .

(3) الوسائل 2 : 211 / أبواب الجنابة ب 16 ، فان جميعها مذكورة فيها .

(4) الوسائل 2 : 211 / أبواب الجنابة ب 16 ح 1 .  بصائر الدرجات : 261 .

ــ[322]ــ

إسحاق عن بكر بن محمّد الأزدي (1) . فقد دلّتنا هذه الأخبار على أن دخول الجنب المشاهد محرّم ، إذ لا فرق بين أحيائهم وأمواتهم .

   ويتوجّه على الاستدلال بهذه الأخبار أن ما كانت دلالته منها تامّة على المدعى ضعيفة السند كرواية الجعفي والمفيد وعلي بن عيسى في (كشف الغمة) والكشي في رجاله(2) ، فانّ النهي فيها عن دخول الجنب على الإمام (عليه السلام) أو بيوت الأنبياء أو غضبه (عليهم السلام) وإن كان ظاهراً في حرمة دخول الجنب على الإمام (عليه السلام) إلاّ أنها ضعاف بالإرسال . وما كان بحسب السند معتبراً كالروايتين المتقدّمتين غير تامّة بحسب الدلالة ، وذلك لأنه بناءً على أن كلمة «لا ينبغي» ظاهرة في الكراهة كما هو المعروف بينهم فعدم دلالتهما على الحرمة في غاية الوضوح ، وأما بناءً على ما استظهرناه من أنها بمعنى لا يتيسر ولا يتمكن وأن معنى لا ينبغي لك أي لا تتمكن منه ، وحيث إنه متمكن منه تكويناً فتكون ظاهرة في عدم التمكن شرعاً وتشريعاً وهو معنى الحرمة . فالروايتان في نفسيهما وإن كانتا ظاهرتين في الحرمة إلاّ أن هناك قرينتين على عدم إرادة ظاهر تلك اللفظة في خصوص الروايتين :

   إحداهما : أن أبا بصير إنما كان بصدد الاختبار كما شهد به بعض الأخبار الواردة في المسألة أعني رواية كشف الغمة ، حيث صرح فيها أبو بصير بكونه بصدد الامتحان والاختبار ، وكان الإمام (عليه السلام) في مقام الإعجاز والإخبار عن أمر واقعي ولم يكن بصدد بيان الحرمة والحلية ، فقوله : «لا ينبغي» وهو في هذا المقام لا يلائم أدنى مرتبة الكراهة فضلاً عن الكراهة التامّة فلا نستفيد منها الحرمة بتلك القرينة ، حيث يحتمل إرادة الكراهة منها حينئذ لعدم منافاتها مع كلمة لا ينبغي .

   وثانيتهما : أنا نقطع بدخول الجنب على الأئمة (عليهم السلام) في أسفارهم ومجالسهم العامّة كجلوسهم في الأعياد وغيرها ، للعلم الوجداني بعدم خلو جميعهم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المصدر المتقدّم ، كذا قرب الاسناد : 43 / 140 .

(2) راجع الوسـائل 2 : 211 /  أبواب الجنابة ب 16 ، فان جميعـها مذكورة فيها ، الإرشـاد 2  :  185 ، كشف الغمّة 2 : 188 ، رجال الكشي : 170 / 288 .

ــ[323]ــ

عن الجنابة ، لعدم مبالاة أكثر الناس بالدين أو من باب المصادفة ونحوها ، ومع هذا كلّه لم يرد في شيء من الأخبار ولا سمعنا أحداً يقول إن الإمام أمر بخروج أحد أو منع أحداً عن الدخول لأنه جنب ، ولم يرد ذلك إلاّ فيما رووه عن أبي بصير . ومن الواضح أن ذلك لو كان محرماً لشاع وذاع وانتشر ووصلنا بالتواتر وشبهه لكثرة ابتلاء الناس بذلك ، ولما انحصرت الرواية بأبي بصير ، وهذه أيضاً قرينة على عدم حرمة الدخول على الأئمة جنباً وبذلك تحمل الرواية على الكراهة .

   نعم لو قلنا بحرمته وتمّت دلالة الأخبار وسندها لم يمكن المناقشة في ذلك بالنقض بأزواجهم وأولادهم وجواريهم وخدمهم ، حيث إنهم في بيوت الأئمة (عليهم السلام) وكانوا يحتلمون أو يجنبون يقيناً ولم يرد في رواية أمرهم بإخراج الجنب منهم عن البيت ومنعه عن الدخول فيه . والوجه في عدم ورود النقض بذلك أن المحرّم على ما يستفاد من الروايات دخول الجنب من الخارج عليهم أو في بيوتهم ، وأما من صار جنباً في بيتهم (عليهم السلام) فهو ممن لا تشمله هذه الأخبار قطعاً . ولكنك عرفت أن الأخبار غير تامّة إمّا سنداً وإمّا بحسب الدلالة فلا دليل على حرمة دخول الجنب المشاهد المشرفة هذا كلّه .

   مضافاً إلى أن المحرّم إنما هو الدخول في بيت الأنبياء وأولادهم من الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فانهم أولاد النبي فبيتهم بيت النبي (صلّى الله عليه وآله) ، فانّ هذا هو المستفاد من الأخبار الواردة في المسألة ، وظاهر هذا العنوان إرادة ما هو بيت مضاف إلى النبي أو الأئمة بالفعل ، ونعني بذلك أن يكون البيت مضافاً إليهم إضافة ظرفية بأن يكون البيت ظرفاً لوجودهم بالفعل ، لوضوح عدم كفاية الإضافة الملكية في ذلك حيث إن الإمام إذا كان له بيت استأجره أحد لا يمكن منع المستأجر عن دخوله الدار المستأجرة من جهة أنها دار الصادق (عليه السلام) مثلاً ، فلا محيص من إرادة الإضافة الظرفية وأن البيت الذي هو ظرف لوجوده (عليه السلام) يحرم أن يدخل فيه الجنب وذلك من جهة وجوده لا لأجل البيت ، ومن هنا ورد في قضية الأعرابي : «تدخل على إمامك وأنت جنب» . فإذا كان الأمر كذلك فلا تشمل الأخبار المشاهد

ــ[324]ــ

المشرفة بوجه ، وذلك لعدم كونها ظرفاً لوجودهم بل ظرفاً لزيارتهم والعبـادة فيها ولا يُقال إنها بيت فيه الإمام بل هي بيت دفن فيه الإمام . وكون أمواتهم كاحيائهم مرزوقون عند ربّهم وإن كان صحيحاً إلاّ أن الحكم مترتب على عنوان لا يشمل ذلك العنوان البيوت التي دفنوا فيها ، حيث لا تضاف البيوت إليهم إضافة ظرفية لوجودهم ولا يُقال إنها بيت فيه الإمام بل إنها بيت فيه قبره (عليه السلام) .

   فتحصل : أن الأخبار أيضاً كالوجهين السابقين ولا دلالة فيها على حرمة دخول الجنب المشاهد ، ولا سيما أن الجنب في بعضها كان جنباً عن الحرام والاستمناء ، كما في رواية جابر الجعفي المشتملة على قضية الأعرابي ، ويحتمل أن يكون منعه (عليه السلام) ناظراً إلى تلك الجهة لا إلى جهة حرمة دخول مطلق الجنب . هذا ولكنه مع ذلك لا يمكن الجزم بالجواز ، لذهاب جماعة إلى الحرمة ، ولكن الحرمة لو تمّت وثبتت تختص بالحرم ولا تعمّ الرواق ، لعدم كونه بيتاً فيه الإمام أو فيه قبره وإنما هو بيت محيط بذلك البيت .

   ثمّ إن ظواهر الأخبار ـ على تقدير تماميتها ـ أن طبيعي دخول الجنب بيوت الأنبياء مبغوض محرم بلا فرق في ذلك بين المكث والاجتياز ، فيكون حالها حال المسجدين لا كسائر المساجد ، فلو كانت الأخبار تامّة لزمنا الحكم بحرمة مطلق الدخول ولو كان على نحو الاجتياز ، فما عن صاحب الحدائق (قدس سره) من أن منعه (عليه السلام) لعله كان مستنداً إلى علمه بلبث أبي بصير ومكـثه عنده(1) ممّا لا  وجه له ، حيث إن علمه الخارجي بلبث أحد لا يقتضي الحكم بالحرمة على نحو الإطلاق .

   كما أنّ دخول الجنب المشاهد المشرفة لو كان مستلزماً للهتك لحرم بلا كلام ، سواء تمّت الأخبار المتقدّمة دلالة وسنداً أم لم تتم ، بل الهتك في المشاهد أعظم من الهتك في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 3 : 54 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net