وجوب غسل تمام ظاهر البدن - رأي الخونساري في صحّة الغسل مع بقاء شيء يسير غير مغسول 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5797


ــ[356]ــ

والواجب فيه بعد النيّة غسل ظاهر تمام البدن (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    وجوب غسل ظاهر تمام البدن في الغسل

   (1) لصحيحة زرارة ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن غسل الجنابة فقال : تبدأ فتغسل ، إلى أن قال : ثمّ تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك» الحديث (1) وصحيحة البزنطي عن الرضا (عليه السلام) في حديث «ثمّ أفض على رأسك وسائر جسدك» (2) وغيرهما من الأخبار الآمرة بغسل تمام الجسد (3) . وفي موثقة سماعة «يفيض الماء على جسده كلّه» ، وفي بعضها أنها «تمرّ يدها على جسدها كلّه»(4) . وفي بعضها: «من ترك شعرة من الجنابة متعمداً فهو في النار»(5) . والمراد بالشعرة إما أنه معناها الحقيقي فتدلّ على وجوب غسل الشعر الذي هو من توابع البدن ، فلو وجب غسل ما هو من توابع البدن بتمامه فلا محالة يجب غسل نفسه بتمامه بطريق أولى ، وإما بمعناها المجازي ـ أي بمقدار جزئي ـ وحينئذ تدلّ على وجوب غسل تمام البدن على نحو بليغ هذا .

   وقد ذهب المحقِّق الخونساري(6) إلى عدم وجوب الاعتداد ببقاء شيء يسير غير مخل بصدق غسل البدن عرفاً ، وذلك لصحيحة إبراهيم بن أبي محمود ، قال «قلت للرضا (عليه السلام) : الرجل يجنب فيصيب جسده ورأسه الخلوق والطيب والشيء اللكد مثل علك الروم والظرب وما أشبهه فيغتسل فإذا فرغ وجد شيئاً قد بقي في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 230 / أبواب الجنابة ب 26 ح 5 .

(2) الوسائل 2 : 233 / أبواب الجنابة ب 26 ح 16 .

(3) كما يستفاد من غير واحد من الأحاديث المذكورة في الباب المتقدّم .

(4) الوسائل 2 : 231 / أبواب الجنابة ب 26 ح 8 ، ب 38 ح 6 .

(5) الوسائل 2 : 175 / أبواب الجنابة ب 1 ح 5 ، 2 ، ب 38 ح 7 .

(6) مشارق الشموس : 170 / السطر 12 .

ــ[357]ــ

جسده من أثر الخلوق والطيب وغيره ، قال : لا بأس»(1) .

   وفي رواية الكليني عن محمّد بن يحيى «الطراز» بدل «الظرب»(2) وفي الوافي «الطرار» . قال في البيان الذي عقب به الحديث : الخلوق بالفتح ضرب من الطيب ـ  وهو الذي يستثنى للمحرم من أنواع العطر  ـ  فيه تركيب . واللكد بالمهملة اللزج اللصيق ، وفي التهذيب(3) : اللزق والطرار بالمهملات ما يطين به ويزين(4) .

   ولم يظهر لتلك الكلمة معنى مناسب للرواية ، لأن الطرار هو ما يزين به ولو بالتعليق وليس ممّا يلصق البدن ، والطراز بمعنى الطرز والنمط أي الاُسلوب ، ولا يناسب الرواية لأنها في مقام التمثيل للكد . والظرب بمعنى ما يلصق ، وهو أيضاً غير مناسب للرواية ، لأنها في مقام التمثيل للكد الذي هو بمعنى ما يلصق فكيف يمثل له بما يلصق فلم يظهر معنى هذه الكلمة ، ولعلّها كانت في تلك الأزمنة بمعنى مناسب للرواية . وعلى الجملة : إن لهذه الكلمة الواردة في صحيحة إبراهيم بن أبي محمود احتمالات لا يتناسب شيء منها للرواية .

   نعم المنقول في نسخ الوسائل «الظرب» . وعن الكليني «الطراز» ، ولكن النسخ مغلوطة قطعاً ، فان الكلمة ليست بالظاء بل بالضاد ، والضرب بمعنى العسل الأبيض الغليظ كما في اللّغة ، وفي مجمع البحـرين ذكر الحديث نفسه في مادة «الضّرب»(5) وهذا أمر يناسب الرواية كما لا يخفى بخلاف الظرب الذي هو بمعنى اللاصق فانه كما ترى لا يناسبها بوجه . وأما الطرار فهو جمع الطره ولم نر استعماله مفرداً ، وقد جعله في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 239 / أبواب الجنابة ب 30 ح 1 .

(2) الكافي 3 : 51 / 7 .

(3) راجع التهذيب 1 : 130 / باب حكم الجنابة وصفة الطّهارة منها ، ح 356 ، مع تعليقه .

(4) الوافي 6 : 510 / 4812 .

(5) مجمع البحرين 2 : 106 .

ــ[358]ــ

مجمع البحرين مفرداً وفسّره بالطين ونقل الحديث واستشهد به(1) . وأمّا ما ذكره في الوافي تفسيراً للكلمة من أنها بمعنى ما يطين به ويزين فمما لم نقف عليه في الأخبار ولا في شيء من اللغات ، وعليه فالمحتمل في الصحيحة أمران : أحدهما الضرب بمعنى العسل الأبيض الغليظ ، وثانيهما : الطرار بمعنى الطين .

   وكيف كان ، استدلّ بالصحيحة على عدم وجوب غسل اليسير من البدن الذي لا يكون مخلاً بصدق غسل البدن عرفا .

   ويدفعه : أن الصحيحة إنما دلّت على جواز الغسل وصحّته مع بقاء أثر الخلوق والطيب والعلك لا مع بقاء عينها ، وكم فرق بينهما ، فان أثرها من الرائحة اللطيفة أو لون الصفرة غير مانع من وصول الماء للبشرة ، وهذا بخلاف عينها والعين غير مذكورة في الصحيحة . على أنها دلّت على صحّته مع بقاء أثرها ، أعم من أن يكون يسيراً أم كان كثيراً كما إذا دهن بالخلوق جميع رأسه مثلاً ، ولا دلالة فيها على جوازه وصحّته مع شيء يسير في البدن ، فلو كان الأثر بمعنى العين فلازمها صحّة الغسل ولو مع وجود العين في تمام الرأس ، وهو كما ترى .

   وبمضمونها روايات اُخرى أيضاً ظاهرة في إرادة الأثر دون العين منها : ما رواه إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «كن نساء النبي (صلّى الله عليه وآله) إذا اغتسلن من الجنابة يبقين صفرة الطيب على أجسادهن وذلك أن النبي (صلّى الله عليه وآله) أمرهنّ أن يصببن الماء صبّاً على أجسادهنّ» (2) . وفي موثقة عمار عن أبي عبدالله «في الحائض تغتسل وعلى جسدها الزعفران لم يذهب به الماء قال : لا بأس» (3) إذ من المعلوم أن المراد بالزعفران أثره فانه بنفسه لا يلصق بالبدن .

 ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) مجمع البحرين 3 : 376 .

(2) الوسائل 2 : 239 / أبواب الجنابة ب 30 ح 2 .

(3) الوسائل 2 : 240 / أبواب الجنابة ب 30 ح 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net