حكم العورة والسُّرة في الغسل - هل يعتبر غسل الأعلى فالأعلى في الغسل 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9072


ــ[380]ــ

والأحوط أن يغسل النصف الأيمن من الرقبة (1) ثانياً مع الأيمن والنصف الأيسر مع الأيسر ، والسرة والعورة (2) يغسل نصفهما الأيمن مع الأيمن ونصفهما الأيسر مع الأيسر ، والأولى أن يغسل تمامهما مع كل من الطرفـين . والترتيب المذكور شرط واقعي ، فلو عكس ولو جهلاً أو سهواً بطل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    حكم الأجزاء المشتركة

   (1) الكلام في الأجزاء المشتركة . منها الرقبة : قدمنا أن الرقبة داخلة في الرأس لا من جهة أن الرأس بمفهومه يشمل الرقبة ، بل من جهة أن الرقبة كالرأس في الغسل ولا بدّ أن تغسل قبل غسل البدن ، ولكن الحد المشترك بينها وبين الجسد لا بدّ من غسله مع الرقبة تارة ومع البدن اُخرى لقاعدة الاشتغال ، حتى يحصل القطع بغسل الرقبة بتمامها قبل البدن وغسل البدن بعد الرقبة ، كما هو الحال في الوضوء حيث لا بدّ من إدخال مقدار من الأطراف في الغسل تحصيلاً للقطع بتحقق الغسل الواجب . ثمّ إن قلنا بالترتيب بين الجانب الأيمن والأيسر وجب غسل النصف الأيمن من الحدّ الفاصل من الرقبة مع الجانب الأيمن ثانياً ونصفها الأيسر مع الجانب الأيسر ثانياً ، وأما إذا أنكرنا الترتيب بينهما فلا بدّ من غسله مع البدن كيفما اتفق . ومنها السرة والعورة .

   (2) هل يجب غسلهما مع الأيمن فقط ، أو يجب غسلهما مع الأيسر كذلك ، أو ينصفان فيغسل نصفهما الأيمن مع الأيمن ونصفهما الأيسر مع الجانب الأيسر ، أو لا بدّ من غسلهما بتمامهما مع الجانب الأيمن تارة ومع الجانب الأيسر اُخرى ؟ وهذا الأخير هو الذي جعله الماتن أولى .

   والظاهر أنه لا أولوية ملزمة لذلك ، وذلك لأنه مبني على احتمال أن تكون السرة والعورة تابعتين للأيمن أو للأيسر ومن هنا تغسلان بتمامهما مع كل من الطرفين عملاً بكلا الاحتمالين ، ولكنّه احتمال لا منشأ له ، إذ لا وجه لتبعيتهما للأيمن أو الأيسر ، لأن نسبتهما إلى كل من الجانبين على حد سواء بحيث لو نصفتا وقع نصفهما في أحد الجانبين ونصفهما الآخر مع الآخر ، ومع تساوي النسبتين لا موجب لاحتمال تبعيتهما

 
 

ــ[381]ــ

ولا يجب البدأة بالأعلى في كل عضو ولا الأعلى فالأعلى (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لأحد الطرفين ، فهما عضوان مستقلان كبقيّة الأعضاء المستقلة كالأنف وغيره . وهل يجب غسل نصفهما الأيمن مع الأيمن ونصفهما الأيسر مع الأيسر ؟ الصحيح عدم وجوب ذلك أيضاً . أمّا بناء على عدم الترتيب بين الجانبين فظاهر ، فانه يتمكن من غسلهما كيفما اتفق ، وأمّا بناء على القول بالترتيب بين الطرفين فلأنه لم يثبت بدليل لفظي ليحكم بالترتيب في كل عضو ، وإنّما ثبت ـ لو قلنا به ـ بالإجماع كما مر ، وهو دليل لبِّي يقتصر فيه على المقدار المتيقن وهو غير الأعضاء المشتركة من السرة والعورة ، فالمطلقات فيهما محكمة . وله أن يغسلهما كيفما اتفق ، نعم غسلهما بتمامهما مع كل من الجانبين احتياط محض لا بأس به .

    عدم وجوب البدأة بالأعلى فالأعلى

   (1) هذا هو المعروف بينهم ، بل لا خلاف فيه إلاّ ما نسب إلى بعضهم . وما ذهبوا إليه هو الصحيح . وقد يجعل صحيحة زرارة «ثمّ تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك»(1) وصحيحته الاُخرى «ثمّ صب على رأسه ثلاث أكف ثمّ صب على منكبه الأيمن مرّتين وعلى منكبه الأيسر مرّتين» (2) دليلاً على لزوم البدأة بالأعلى فالأعلى .

   وفيه : أنّ القرن ليس بمعنى أعلى الرأس وإنما معناه موضع القرن من الحيوانـات نعم يكنى به عن الاستغراق ، فالأمر بغسل البدن من القرن إلى القدم معناه وجوب غسل الجسد بتمامه ولا دلالة له على لزوم كون ذلك من الأعلى إلى الأسفل . على أنها إنما وردت لتحديد المغسول وأنه هو ما بين القرن والقدم ، وأمّا أنه كيف يغسل فلا تعرض له في الرواية بوجه كما ذكرنا نظيره في الوضوء ، هذا بالإضافة إلى الصحيحة الاُولى .

   وأمّا الصحيحة الثانية فهي أيضاً لا تدلّ على لزوم الغسل من الأعلى إلى الأسفل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 230 / أبواب الجنابة ب 26 ح 5 .

(2) الوسائل 2 : 229 / أبواب الجنابة ب 26 ح 2 .

ــ[382]ــ

لأنّ الأمر بصب الماء على المنكبين ليس أمراً مولوياً وإنما هو إرشاد إلى إيصال الماء إلى جميع أجزاء البدن ، وذلك للقرينة الخارجية والداخلية .

   أمّا الخارجية فهي موثقة سماعة الآمرة بصب كف من الماء على الصدر وكف منه على الكتف (1) فانّ الصدر والكتف ليسا من أعلى البدن فمنه يظهر أن الغرض إيصال الماء إلى أجزاء البدن ، وهذا قد يكون بصب الماء من اليمين واليسار وقد يكون من القدام والخلف ، فليس الأمر بصب الماء من المنكبين إلاّ لذلك لا لأجل لزوم الغسل من الأعلى إلى الأسفل .

   وأمّا القرينة الداخلية فلقوله (عليه السلام) في ذيلها : «فما جرى عليه الماء فقد أجزأه» لأنه تفريع على صب الماء من المنكبين ، ومعناه أنّ الصب إنما هو لجريان الماء على البدن ، ومن الواضح أن الجريان إنما يكون بصب الماء من الأعلى والمنكب ولذا أمر به لا لأن الغسل لا بدّ أن يقع من الأعلى إلى الأسفل ، هذا كله .

   على أنا لو سلمنا كونه مولوياً فهو متعلق بالصب على المنكبين مقيّداً بالمرّتين وليس أمراً مطلقاً بالصب على المنكبين ، وقد علمنا خارجاً أن القيد مستحب ، إذ لا يعتبر في الصب مرّتان ، فيكون الأمر بالمقيد أمراً استحبابيا .

   وتوهّم أنّ العلم بالاستحباب إنما يوجب رفع اليد عن ظهور الأمر في الوجوب في القيد وأما ذات المقيّد فالأمر باق على ظهوره فيه ، فأصل الصب على المنكبين واجب مندفع بأن ذلك إنما يتم في العموم والإطلاق ، فان الأمر إذا تعلق باكرام عشرة وعلمنا بعدم وجوب إكرام واحد منهم فهو لا يوجب رفع اليد عن ظهور الأمر في الوجوب في الجميع ، وإنما نرفع اليد عنه في خصوص الواحد المعلوم استحبابه ، وهذا بخلاف الأمر بالمقيّد لأ نّه شيء واحد لا ينحل إلى أمرين أمر بالذات وأمر بالقيد ، فإذا علمنا أنّ القيد مستحب فلا بدّ من رفع اليد عن ظهور الأمر بالمقيّد من الوجوب .

   ويؤيِّد ما ذكرناه من عدم لزوم الغسل من الأعلى إلى الأسفل صحيحة زرارة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 231 / أبواب الجنابة ب 26 ح 8 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net