الغسل التّرتيبي والارتماسي كيفيّتان لطبيعة واحدة - تخليل الشّعر مع الشّك في مانعيّته عن وصول الماء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6755


   وثانياً : لو سلمنا أن صدرها ليس قرينة على الذيل أيضاً لا يمكننا الاستدلال بها على ذلك المدعى ، حيث إنها ناظرة إلى السؤال عن الموالاة وأنه إذا غسل مقداراً من بدنه ولم يغسل بعضه نسياناً أو غفلة هل يصح غسله أو لا يصح ، حيث إنه لو غسله بعد التفاته إليه تخلل في غسل أجزائه زمان لا محالة فأجابه (عليه السلام) بأنّ الموالاة غير معتبرة في الغسل . ومن الظاهر أن الموالاة إنما تعتبر أو لا تعتبر في الغسل الترتيبي ، وأما الارتماسي فهو أمر وحداني إما أن يوجد وإما أن لا يوجد ، لأن المراد به إحاطة الماء للبدن وأمره يدور بين الوجود والعدم ، ولا معنى فيه لغسل شيء من البدن تارة وغسل بعضه اُخرى ليعتبر بينهما الموالاة أو لا تعتبر . وعليه فالصحيحة مختصّة بالغسل الترتيبي ولا تعم الارتماسي بوجه .

   نعم هناك شيء وهو أن الغسل الارتماسي هل هو أمر أجنبي عن الغسل رأساً إلاّ أنه يوجب سقوطه ، كما في عدلي الواجب التخييري ، حيث إن كل واحد منهما أمر مغاير للآخر بحسب الطبيعة إلاّ أنه مسقط للآخر ، وكما في الإتمام حيث ذكروا أنه مسقط للواجب من غير أن يكون عدلاً للواجب التخييري أصلاً . أو أن الارتماسي أيضاً غسل ولكنّه طبيعة والترتيبي طبيعة اُخرى من الغسل فهما طبيعتان متغايرتان أو لا هذا ولا ذاك بل هما طبيعة واحدة ولها كيفيّتان ، فقد يؤتى بكيفية الارتماس واُخرى بكيفية الترتيب ، نظير ما ذكرناه في صلاتي القصر والتمام حيث قلنا إنهما طبيعة واحدة لها كيفيتان وفردان ، فقد تجب كيفية القصر واُخرى تجب الإتمام وثالثة يتخير بينهما كما في مواضع التخيير ؟

   أمّا احتمال أن يكون الارتماسي أمراً أجنبياً مغايراً مع الغسل الترتيبي ومسقطاً له فيدفعه ظهور قوله (عليه السلام) : «إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك»(1) فان ظاهره أن الارتماس من طبيعة الغسل وهو مجزئ عن الترتيبي لا أنه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم ذكرها في ص 385 ـ 386 .

ــ[392]ــ

ويجب تخليل الشّعر إذا شكّ في وصول الماء إلى البشرة التي تحته(1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أمر أجنبي عنه ومجزئ ، كما أن ظاهره أن الارتماس هي الطبيعة المأمور بها وغاية الأمر أن المتعيّن الأوّلي كيفية اُخرى وتلك الكيفية مجزئة عن الواجب لا أنه طبيعة اُخرى مغايرة للطبيعة الواجبة ، وعليه فالمتعين أنهما طبيعة واحدة وإنما تختلفان بحسب الكيفية .

   ويترتب على ذلك أنّ المكلّف إذا نوى الترتيبي فغسل رأسه ولكنه عند غسل بدنه بدا له وأراد الارتماس فارتمس ثمّ انكشف بقاء لمعة على بدنه لم يصلها الماء ، فعلى الاحتمالين الأوّلين لا بدّ من أن يرجع ويغتسل من الابتداء ، لأنه في غسل بدنه لم يقصد الترتيب حتى يتحقق بغسل الموضع غير المغسول بعد غسله ، وإنما قصد الارتماس وهو لم يتحقق لبقاء شيء من بدنه فيبطل ، وهذا بخلاف الاحتمال الثالث ، لأن الواجب حينئذ ليس إلاّ غسل الجنابة ولا يجب على المكلّف أن ينوي الترتيبي أو غيره ، وحيث إنه نوى غسل الجنابة وصب الماء على بدنه ولم يحطه الماء فلا محالة يكون هذا ترتيبياً وإن لم يقصده ، إلاّ أنّ الترتيبي والارتماسي لما كانا طبيعة واحدة كان قصد أحدهما قصداً للآخر لا محالة ، بل كفى قصد غسل الجنابة في صحّته وإن لم يقصد الترتيب أو الارتماس ، وبما أنّ الماء لم يصل تمام بدنه فهو يكون ترتيبياً لا محالة فان لم نقل بالترتيب بين الجانبين فيغسل ذلك الموضع فقط سواء كان في الجانب الأيمن أو الأيسر ، وأمّا بناء على الترتيب بينهما فان كان الموضع في الجانب الأيسر فأيضاً يغسله فقط ، وأما إذا كان في الجانب الأيمن فيغسل ذلك الموضع منه ويعود إلى غسل الجانب الأيسر من الابتداء تحصيلاً للترتيب المعتبر بينهما .

    وجوب تخليل الشعر لو شك في مانعيته

   (1) لما مرّ من أن المستفاد من قوله (عليه السلام) : «إذا ارتمس ارتماسة» أن الارتماس مأمور به ومجزئ عن الواجب ، وهو والترتيبي طبيعة واحدة لا أنه أمر أجنبي مسقط للواجب ، كما في الإتمام حيث ذكروا أنه مسقط للمأمور به ، وعليه فكل




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net