الشك في غسل عضو بعد إتمام الغسل - جريان قاعدتي الفراغ والتجاوز في الغسل 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 14710


ــ[32]ــ

   [ 694 ] مسألة 11 : إذا شكّ في غسل عضو من الأعضاء الثّلاثة أو في شرطه قبل الدّخول في العضو الآخرة رجع ((1)) وأتى به (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن هنا له أن يكتفي به في الأغسال الزمانيّة كغسل يوم الجمعة أو ليلة كذا ، إلاّ أ نّه محدث لا محالة ، فلو دخل في الإحرام أو غيره من الأعمال المشترطة بالطّهارة الحاصلة من الغسل فقد دخل فيه محدثاً وغير واجد لشرطه ، وإن توضأ ارتفع حدثه بذلك ، إلاّ أ نّه طهارة وضوئيّة وشرط العمل هو الطّهارة الحاصلة من الغسل دون الوضوء ، فلا مناص له إلاّ أن يستأنف غسله حتّى يحصل له الطّهارة الغسليّة ، فلو استأنفه بنحو العدول من التّرتيب إلى الإرتماس كان أحوط .

    الشكّ في غسل عضو من أعضاء الغسل

   (1) لا إشكال ولا خلاف في أنّ الشكّ في صحّة العمل وفساده بعد الفراغ عنه مورد لقاعدة الفراغ ، كما أنّ الشكّ في وجود شيء بعد الدّخول في الغير المرتّب عليه مورد لقاعدة التّجاوز ، فيعتبر في قاعدة الفراغ أن يكون الشكّ في فساد العمل وصحّته ، إذ يعتبر فيها إحراز المضي ، وهو لا يتحقق مع الشكّ في أصل الوجود ، كما يعتبر في قاعدة التّجاوز الشكّ في وجود الشيء وعدمه بعد الدّخول في الغير المرتب عليه ، أي بعد التّجاوز عن محل المشكوك فيه .

   فعلى هذا إذا فرغ عن غسله وشكّ في صحّة ما أتى به أو فساده لإحتماله الإخلال بجزء أو بشرط لا يعتني بشكّه ذلك ، بل يبني على صحّته لقاعدة الفراغ ، وأمّا إذا شكّ في أصل وجوده وأ نّه أتى به أم لم يأت به فلا بدّ من أن يعتني بشكّه ذلك ، لاستصحاب عدم إتيانه بالغسل ، وليس المورد من موارد قاعدة التّجاوز ، لعدم التّجاوز عن محل المشكوك فيه ، إذ لا محل شرعي للغسل المأمور به حتّى إذا اعتاد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يبعد عدم وجوب الرّجوع إذا كان المشكوك فيه هو الشّرط .

ــ[33]ــ

وإن كان بعد الدّخول فيه لم يعتن به ويبني على الإتيان على الأقوى ، وإن كان الأحوط الإعتناء ما دام في الأثناء ولم يفرغ من الغسل ، كما في الوضوء . نعم ، لو شكّ في غسل الأيسر ((1)) أتى به وإن طال الزّمان ، لعدم تحقّق الفراغ حينئذ ، لعدم إعتبار الموالاة فيه ، وإن كان يحتمل عدم الإعتناء إذا كان معتاد الموالاة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الغسل في محل ، كما إذا كان من عادته الاغتسال بعد الجنابة بلا فصل لكراهة البقاء على الجنابة في النّوم مثلاً وقد شكّ في الإتيان به بعد قيامه من النّوم ، وذلك لأ نّه حينئذ وإن كان قد تجاوز عن المحل الإعتيادي للإغتسال ، إلاّ أ نّا ذكرنا في الاُصول أنّ التّجاوز عن المحل الإعتيادي ممّا لا أثر له ، والمعتبر هو التّجاوز عن المحل المقرّر الشرعي (2) ، وبما أنّ الغسل لا محل له فلو شكّ في وجوده لا بدّ من أن يعتني بشكّه هذا كلّه إذا شكّ بعد الفراغ عن العمل .

   وأمّا إذا شكّ وهو في أثنائه في أ نّه أتى بجزء من أجزائه أم تركه ، فإن كان دخل في الجزء المترتب عليه لم يعتن بشكّه لقاعدة التّجاوز ، وأمّا إذا كان في المحل ولم يدخل في جزء مترتب عليه فلا مناص من أن يعتني بشكّه ويأتي بالمشكوك فيه ، للإستصحاب أو قاعدة الإشتغال بل لنفس أدلّة قاعدة التّجاوز ، حيث دلّت على أنّ الشكّ إنّما هو في شيء لم تجزه (3) ، هذا إذا كان شكّه في الجزء .

   وأمّا إذا شكّ في شرط من شروط الجزء أو العمل فعلى ما قدّمناه في محله من عدم اختصاص قاعدة الفراغ بالمركبات وإتيانها في الأجزاء (4) أيضاً لا يعتني بشكّه ذلك بل يبني على صحّة ما أتى به لقاعدة الفراغ ، وذلك لعموم أدلّتها وأنّ «كلّ ما شككت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بناءً على عدم اعتبار التّرتيب بين الجانبين يكون حكم الشكّ في غسل الأيمن حكم الشكّ في غسل الأيسر بعينه ، واحتمال عدم الاعتناء بالشكّ لمعتاد المبالاة ضعيف جدّاً .

(2) مصباح الاُصول 3 : 315 .

(3) الوسائل 1 : 469 / أبواب الوضوء ب 42 ح 2 .

(4) مصباح الاُصول 3 : 273 ، 277 .

ــ[34]ــ

فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو» (1) نعم بناءً على إختصاصها بالمركب كما بنى عليه شيخنا الاُستاد (قدس سره) (2) لا تجري القاعدة في المقام ، ولا بدّ من الإعتناء بشكّه .

   ومن لم يقل بجريان قاعدة التّجاوز عند تجاوز المحل والدّخول في الجزء الآخر المترتب عليه إنّما استند إلى أنّ المأمور به في الوضوء إنّما هو الطّهارة ، وهي أمر بسيط لا معنى للشك فيه في أثنائه ، إذ ليس له أجزاء ليعقل الشكّ في جزء منه بعد الدّخول في جزئه الآخر ، وإنّما هي أمر واحد بسـيط إمّا أن يوجد وإمّا أن ينعدم ، فما دلّ (3) على عدم جريان القاعدة في الوضوء على طبق القاعدة ، وكذلك الحال في الغسل والتّيمم ، لوحدة المناط في الجميع . وهذا هو الّذي ذهب إليه شيخنا الأنصاري (قدس سره) (4) .

   وقد أجبنا عنه في محله بأن الوضوء والغسل والتيمم هي الطّهارة بعينها ، لأ نّها اسم لتلك الأفعال الصّادرة في الخارج من المسحات والغسلات ، وهي اُمور مركّبة لا مانع من الشكّ في جزء منها بعد الدّخول في جزء آخر ، بل الأمر كذلك حتّى إذا قلنا أنّ الطّهارة أمر بسيط وتلك الأفعال أسباب لها ، وذلك لأ نّها أسباب شرعيّة تعبديّة لا مانع من إجراء قاعدة التّجاوز فيها عند الشكّ في أجزائها ، فما دلّ على عدم جريان القاعدة في الوضوء على خلاف القاعدة ، فلا بدّ من الإقتصار فيه على مورده وهو الوضوء دون الغسل والتّيمم (5) .

   وقد ذكر شيخنا الاُستاذ (قدس سره) وجهاً آخر ، وهو أنّ أدلّة إعتبار قاعدة التّجاوز مختصّة بالصّلاة ، فعدم جريانها في الوضوء والغسل والتّيمم على القاعدة لقصور الدّليل (6) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 237 / أبواب الخلل الواقع في الصّلاة ب 23 ح 3 .

(2) أجود التقريرات 2 : 467 / الرّابع من وجوه تغاير قاعدة الفراغ والتّجاوز .

(3) الوسائل 1 : 470 /  أبواب الوضوء ب 42 ح 3 .

(4) كتاب الطّهارة : 161 السطر 25 ، فرائد الاُصول  2 : 713 .

(5) مصباح الاُصول 3 : 288 .

(6) أجود التقريرات 2 : 468 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net