الكلام فيما اشترطه الماتن من رجوع المضطربة والمبتدئة إلى الصفات 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5692


ــ[270]ــ

بشرط أن لا يكون أقل من ثلاثة ولا أزيد عن العشرة (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   منها : ما ورد في مرسلة داود عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث ، قال «قلت له فالمرأة يكون حيضها سبعة أيّام أو ثمانية أيّام ، حيضها دائم مستقيم ، ثمّ تحيض ثلاثة أيّام ثمّ ينقطع عنها الدم وترى البياض لا صفرة ولا دماً ...» (1) .

   ومنها : رواية الخَزّاز عن أبي الحسن (عليه السلام) قال «سألته عن المستحاضة كيف تصنع إذا رأت الدم وإذا رأت الصفرة ...» (2) .

   ومنها غير ذلك من الأخبار (3) ، ومعه لا بعد في حمل الدم الوارد في الموثقة والمرسلة ونظائرهما على الدم الواجد للصفات ، فتحصل أنّ ما ذهب إليه المشهور من أنّ المبتدئة كالمضطربة ترجعان إلى التمييز بالصفات هو الصحيح ، وإذا لم تتمكنا من التمييز بالصفات فيأتي بيان وظيفتها .

    ما اشترطه الماتن في التمييز بالصفات

   (1) قد اشترط (قدس سره) في رجوع المضطربة والمبتدئة إلى التمييز بالصـفات شرطين :

   أحدهما : أن لا يزيد عن العشرة ولا ينقص عن الثّلاثة .

   وثانيهما : أن لا يعارضه دم آخر كما إذا رأت الدم الأحمر خمسة أيّام ثمّ رأت الأصفر خمسة أيّام ثمّ رأت الأسود خمسة أيّام ، فإنّ الحكم بكون مجموعها حيضاً غير ممكن لإستلزامه زيادة الحيض عن العشرة ، والحكم بحيضيّة الخمسة الاُولى معارض بالحكم بحيضيّة الخمسة الثّانية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 285 / أبواب الحيض ب 6 ح 1 .

(2) الوسائل 2 : 291 / أبواب الحيض ب 8 ح 4 .

(3) مثل ما في الوسائل 2 : 280 / أبواب الحيض ب 4 ح 8 .

ــ[271]ــ

    الكلام على الشرط الأوّل :

   أمّا إشتراطه الأوّل فيقع الكلام فيه من جهتين :

   الجهة الاُولى :  في ثبوت شرطيّة عدم الزّيادة عن العشرة وعدم النقيصة عن الثّلاثة .

   فنقول : المعروف بينهم هو الإشتراط ، وأنكره بعضهم تمسّكاً بإطلاق ما دلّ على رجوع غير مستقرة العادة إلى إقبال الدم وإدباره (1) ، حيث لم يقيّد الحكم بحيضيّة الدم المقبل بشيء ، ومعه لا بدّ من الحكم بحيضيّته مطلقاً زاد عن العشرة أو نقص عن الثّلاثة أم لا .

   ويدفعه أنّ الأخبار الواردة في أنّ دم الحيض لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد عن عشرة (2) تقيّد إطلاق مثل المرسلة الدالّة على أنّ غير مستقرّة العادة ترجع إلى إقبال الدم وإدباره ، بمعنى أ نّها تجعل الدم الواجد للصفات حيضاً فيما إذا كان واجداً لبقيّة الشروط .

   وكذلك الحـال فيما دلّ على أنّ دم الحيض ليس به خفاء لأ نّه دم حار عبيط أسود (3) ، فإنّ الدم الواجد لذلك وإن كان حيضاً إلاّ أ نّه مقيّد بما إذا كان مشتملاً على بقيّة الشروط كعدم كونه أقلّ من الثّلاثة ولا زائداً عن العشرة ، وكذلك ما دلّ(4) على أنّ الحمرة أو الصفرة في أيّام العادة حيض ، لأ نّه مقـيّد بما إذا  كان مشـتملاً على شروطه .

   نعم ، في إشتراط الثّلاثة كلام قدّمناه في محلّه (5) ، وهو أنّ الثّلاثة شرط لإستمرار

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 290 / أبواب الحيض ب 8 ح 3 ، 276 / ب 3 ح 4 .

(2) الوسائل 2 : 293 / أبواب الحيض ب 10 .

(3) الوسائل 2 : 275 / أبواب الحيض ب 3 .

(4) الوسائل 2 : 278 / أبواب الحيض ب 4 .

(5) تقدّم في الصفحة 124 و 133 .

ــ[272]ــ

الدم أو لإستمرار الحدث ، فإذا رأت المرأة الدم لحظة فإنقطع ثمّ رأته أيضاً لحظة في آخر اليوم الثّالث يحكم عليها بالحيضيّة أو لا لعدم إستمرار الدم ثلاثة أيّام ، وقد بيّنا أنّ الحيض اسم لنفس الدم ، فلا بدّ أن يكون الدم مستمراً ثلاثة أيّام وإن علمنا من الخارج أنّ حدث الحيض أيضاً لا يكون أقل من ثلاثة ولا أكثر من عشرة ، وهو أمر آخر .

   الجهة الثّانية :  في أنّ المبتدئة أو المضطربة إذا رأت الدم الواجد للصفات أقلّ من ثلاثة أو أكثر من عشرة فوظيفتها ما هي ؟

   هل يحكم بكونهما غير متمكنتين من التمييز بالصفات فترجعان إلى نسائهما أو العدد أو غير ذلك ، أو يحكم بحيضيّة الدم الأقل من الثّلاثة لأ نّه واجد للصفات وتكميله ثلاثة أيّام من الدم الأصفر من جهة الدلالة الإلتزاميّة ، حيث إنّ إطلاق ما دلّ على أنّ دم الحيض ليس به خفاء وأ نّه حارّ غير قاصر الشمول للمقام ، فإذا شملت اليومين مثلاً فيستفاد من ذلك الدليل بالدلالة الإلتزاميّة أنّ يوماً من أيّام الصفرة أيضاً محكوم بالحيضيّة ، لما دلّ على أنّ الحيض لا يقل عن ثلاثة أيّام ، كما قدّمنا نظيره في الدم المرئي في العادة عند كونه أقل من ثلاثة أيّام (1) ؟

   قد يقال بالأخير وأنّ المبتدئة ترجع إلى التمييز بالصفات ، وإذا كان الدم الواجد للصفات أقل من الثلاثة أكملته من الدم الفاقد لها بمقدار يتم به الثّلاثة .

   ويدفعه : أنّ الدلالة الإلتزاميّة وإن كانت معتبرة كالدلالة المطابقيّة إلاّ أ نّها إنّما تكون كذلك إذا لم تكن معارضة ، والدلالة الإلتزاميّة في روايات الصفات معارضة في المقام ، وذلك لأنّ ظاهر قوله (عليه السلام) في المرسلة تنظر إقبال الدم وإدباره أنّ الإقبـال وغيره من الصّفات أمارة الحيض كما أنّ إدبار الدم واصفراره أمارة الإستحاضة ، فكما أنّ مقتضى الأمارة القائمة على حيضيّة الدم الواجد للصفات أنّ الدم في اليومين حيض لأ نّه المدلول المطابقي للأخبار ولا بدّ من ضمّ يوم واحد من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدّم في الصفحة 219 و 221 .

ــ[273]ــ

الأيّام الّتي ترى فيها الصفرة بمقتضى الدلالة الإلتزاميّة لأنّ الحيض لا يقل عن ثلاثة أيّام ، كذلك مقتضى الأمارة القائمة على الإسـتحاضة أنّ اليوم الواحد ليس بحيض فتدل بالدلالة الإلتزاميّة على أنّ الدم في اليومين أيضاً ليس بحيض ، لأنّ الحيض لا يكون أقل من ثلاثة أيّام ، فالدلالة الإلتزاميّة في كلّ من الأمارتين معارضة بالدلالة الإلتزاميّة في الاُخرى ، ومع المعارضة تتساقطان فيحكم بأن المرأة غير متمكنة من التمييز بالصفات .

   اللّهمّ إلاّ أن يقال : إنّ المرسلة وغيرها من أخبار الصفات إنّما تدل على أنّ إقبال الدم أو غيره من الصفات أمارة الحيض ، ولا دلالة لها على أنّ الإدبار والصفرة أمارة على الإستحاضة ، وإنّما يحكم بالإستحاضة عند إدبار الدم وصفرته من جهة فقدان أمارة الحيض لا من جهة قيام الأمارة على الإستحاضة . وعليه فالأمارة أمارة الحيض ، ومقتضى مدلولها الإلتزامي أنّ يوماً من أيّام الصفرة منضم إلى اليومين وأ نّه حيض ، كما دلّ بالمطابقة على حيضيّة الدم في اليومين لأ نّه واجد للصفات من غير أن تكون معارضة بشيء .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net