لو رأت ثلاثة بصفة الحيض وثلاثة بصفة الاستحاضة وخمسة بصفة الحيض 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6027


ــ[311]ــ

   [ 736 ] مسألة 9 : لو رأت بصفة الحيـض ثلاثة أيّام ثمّ ثلاثة أيّام بصفة الاستحاضة ثمّ بصفة الحيض خمسة أيّام أو أزيد تجعل الحيض الثلاثة الاُولى ((1)) (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فوقها ، فلا ترجيح للسواد على الحمرة ولا للصفرة على الكدرة ، فيدلّ ذلك على أنّ المراد بالأسود هو اللون المناسب للون الدم كما بيّناه .

    مورد التمييز بالصفات

   (1) ذكر (قدس سره) سابقاً أنّ التمييز بالصفات إنّما هو فيما إذا لم يعارضه دم آخر واجد
للصفات (2) ، وإلاّ فهي فاقدة للتمييز ولا بدّ من أن ترجع إلى العدد أو الأقارب كما مرّ ، ومقامنا هذا من هذا القبيل ، لأنّ الحكم بحيضيّة الثّلاثة معارض بالحكم بحيضيّة الخمسة ، إذ الحكم بحيضيّتهما معاً يستلزم كون الحيض أحد عشر يوماً ، ومعه لا يمكن ترجيح أحدهما على الآخر بالصفات ، وعليه يكون ما أفاده (قدس سره) في هذه المسألة منافياً لما تقدّم منه في اشتراط الرّجوع إلى التمييز بعدم كونه معارضاً بدم آخر مثله ، إلاّ أنّ الظاهر ولا أقل من احتمال أنّ حكمه بجعل الثّلاثة حيضاً ليس من جهة التمييز بالصفات ليرد عليه أ نّه مناف لما ذكره قبل ذلك ، بل التمييز بالصفات غير ممكن للمعارضة، ومعه لابدّ أن ترجع المرأة إلى العدد مخيّرة بين الثّلاثة والستّة والسبعة عنده (قدس سره) .

   ومن الظّاهر أنّ الأخذ بالثلاثة حينئذ هو المتعيّن، لأنّ أخذ الست أو السبع مستلزم للمكمل من أيّام الإستحاضة ، ولا مقتضي لجعل الاسـتحاضة حيضاً فيتعيّن الأخذ بالثلاثة ، وعليه فلا يكون ما ذكره في هذه المسألة منافياً لمّا تقدّم منه سابقاً .

   نعم ، ظاهر كلامه في المقام أنّ الحكم بجعل العدد في الأوّل ـ حيث جعل الثّلاثة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل تحتاط فيها وفي الخمسة الأخيرة .

(2) ذكره في الصفحة 276 .

ــ[312]ــ

حيضاً مع إمكان جعل الثّلاثة من الخمسة الأخيرة حيضاً ـ إنّما هو من باب الحكم والفتوى ، مع أ نّه إنّما حكم بجعل العدد في أوّل رؤية الدم من باب الإحتياط (1) ، إلاّ أ نّه سهل لأنّ الإحتياط لزومي ، والإحتياط اللازم بمنزلة الفتوى وهو ظاهر .

    وتوضيح الكلام في المقام أنّ الماتن (قدس سره) قد ذكر في المقام أنّ المرأة إذا رأت الدم ثلاثة أيّام واجداً للصفات وثلاثة أيّام فاقداً لها وخمسة أيّام واجداً للصفات تجعل الحيض الثلاثة الاُولى ، وتعرضّ لعين هذه المسألة سابقاً عند تعرّضه لأحكام المضطربة والمبتدئة وأ نّهما ترجعان إلى التمييز بالصفات وذكر أنّ الرّجوع إلى الصفات مشروط بأمرين :

   أحدهما : أن لا يقلّ الدم عن ثلاثة أيّام ولا يزيد على العشرة .

   وثانيهما : أن لا يعارضه دم آخر واجد للصفات ، ومثّل له بما إذا رأت الدم خمسة أيّام أسود وخمسة أيّام أصفر وخمسة أيّام أسود ، فإنّ الرّجوع إلى الصفات في إحدى الخمستين معارض بالاُخرى ولا يمكن جعلهما معاً حيضاً ، ومعه تكون المرأة فاقدة للصـفات ، ولم يحكم بجعل الخمسة الاُولى حيضاً ، لعدم كون الأسـبقيّة في الوجود مرجحة .

   وأمّا في المقام فقد ذكر أ نّها تجعل الثّلاثة الاُولى حيضاً ، وذكرنا أنّ هذا بظاهره ينافي ما تقدّم منه (قدس سره) كما نقلناه .

   ولكن الصحيح عدم التنافي بينهما ، وذلك لأنّ المرأة في كلتا المسألتين لا تتمكّن من الرّجوع إلى الصفات للمعارضة ، فلا بدّ من أن ترجع إلى أقاربها أو إلى العدد مخيّرة عنده بين الثّلاث والست والسبع ، وعلى كلا التقديرين لا بدّ من جعل العدد في أوّل ما تراه من الدم إحتياطاً لزوميّاً عنده ، بلا فرق في ذلك بين العدد المتخذ من الأقارب والعدد المتّخذ من الرّوايات ، ومعه لا بدّ للمرأة من جعل ثلاثة أيّام من أوّل رؤيتها الدم حيضاً في كلتا المسألتين ، لأ نّها إن رجعت إلى أقاربها فلا يحتمل أن تكون

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حكم به في المسألة [ 730 ] .

ــ[313]ــ

عادتهنّ أقلّ من ثلاثة ، كما أ نّها إذا رجعت إلى العدد أيضاً لا يقلّ حيضها عن الثّلاثة .

   نعم ، بعد ذلك لا بدّ من تتميم الثّلاثة بمقدار عادة النِّساء أو العدد الّذي اختارته غير الثّلاثة ، لأنّ في اختيار الثّلاثة لا حاجة إلى التكميل ، فتأخذ من الخمسة الأخيرة في كلتا المسألتين ما به تكمل عادة نسائها أو العدد الّذي إختارته .

   لكنّه لم يتعرّض للمكمّل في شيء من المسألتين :

   أمّا الوجه في عدم تعرّضه في المسألة الاُولى لجعل الدم الأوّل حيضاً مع تعرّضه له في المقام فهو أنّ في تلك المسألة لم يكن يتوهّم إلحاق الدم الأخير بتمامه أو ببعضه إلى الأوّل بوجه ، ولو بدعوى أن كلّ دم تراه المرأة قبل العشرة فهو من الحيضة السابقة أو من جهة الأخذ بأخبار الصفات بالمقدار الممكن وهو ما به يتمّ عشرة أيّام ، بل الدم الأخير فيها محكوم بعدم الحيضيّة لا محالة ، وإلاّ لو اُلحق الدم الأخير بالأوّل زاد الدم عن عشرة ، لأنّ الخمسة الاُولى مع الخمسة الوسطانيّة عشرة أيّام ومع إلحاق الخمسة الأخيرة إليهما يزيد الحيض عن العشرة .

   وأمّا في المقام فللتوهم المذكور مجال ، إذ لا يزيد الأوّل مع ما يلحق به من الدم الأخير على عشرة أيّام كما توهّم أيضاً ، بأن يحكم بإلتحاق الدم من الخمسة الأخيرة إلى الدم الأوّل بمقدار يكمل به عشرة أيّام ، أي تنضمّ أربعة أيّام من الخمسة إلى الثّلاثة حتّى تكمل العشرة مع الدم المتخلّل بينهما وهو ثلاثة أيّام ، ويحذف اليوم الخامس لأ نّه زائد على العشرة ، بدعوى أنّ كلّ دم تراه المرأة قبل العشرة فهو من الحيضة الاُولى أو بالأخذ بروايات الصفات بالمقدار الممكن .

   ولأجل دفع هذا التوهّم ذكر أنّ الدم الأوّل لا بدّ من جعله حيضاً ، لا أنّ الحيض يجعل عشرة أيّام بضم ما يكمل به العشرة من الدم الأخير إلى الدم الأوّل، ولم يتعرّض لدفعه في المسألة الاُولى إذ لم يكن لهذا التوهّم فيها مجال كما عرفت فالمسألتان ليستا متنافيتين .

   وأمّا فساد هذا التوهّم فهو أنّ أخبار الصفات قد سقطت بالمعارضة على الفرض ،

ــ[314]ــ

فلا مجال للرجوع إلى التمييز بالصفات والحكم بجعل الدم الأوّل حيضاً ، وتتميمه عشرة أيّام بالدم الأخير ليس بأولى من العكس وهو بجعل الخمسة الأخيرة حيضاً وتتميمها عشرة ـ مع الدم المتوسط ـ من الدم الأوّل بأن ينضم إليها يومان من الثّلاثة الاُولى ، ويكون الدم في اليوم الأوّل منها إستحاضة ، مضافاً إلى أ نّه لا وجه للتبعيض في الدم المتساوي من حيث الصفات بجعل بعضه حيضاً دون بعض .

   هذا كلّه في شرح كلام الماتن (قدس سره) .

    تحقيق الكلام في المسألتين

   وأمّا تحقيق الكلام في هاتين المسألتين حيث لم نتعرّض نحن لحكمهما هنا ولا هناك ، فهو أنّ المرأة في مفروض المسألتين لا بدّ من أن ترجع إلى التمييز بالصفات ، وذلك لأنّ أخبار الصفات وإن كانت متعارضة بالإضافة إلى الدمين الواجدين للصفات ، إلاّ أ نّها بالإضافة إلى الدم المتوسّط الفاقد لصفات الحيض ممّا لا معارض لها ، وقد عرفت أنّ المرسلة كما تدلّ على أنّ الإقبال والسواد أمارة الحيض ، كذلك تدلّ على أنّ الإدبار والصفرة أمارة الإستحاضة ، فإذن ترجع المرأة إلى تلك الأمارة وتحكم بعدم الحيضـيّة في الدم المتوسط وكونه إستحاضة ، وليس لها أن ترجع إلى أقاربها أو العدد ، لأ نّهما مترتبان على فقد التمييز بالصفات ، وهذه المرأة ليست بفاقدة له .

   على أنّ أدلّة الرّجوع إلى العدد (1) غير شاملة للمورد في نفسها ، وذلك لأنّ مورده كما في المرسلة (2) ما إذا كانت الإستحاضة دارّة وكان الدم بلون واحد في الجميع وليس الدم في المسألتين على لون واحد في الجميع كما عرفت ، كما أنّ ما دلّ على الرّجوع إلى الأقارب لا تشمله ، لأنّ العمدة فيه هي الموثقة (3) وهي مقيّدة بالمبتدئة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 288 / أبواب الحيض ب 8 .

(2) الوسائل 2 : 288 / أبواب الحيض ب 8 ح 3 .

(3) الوسائل 2 : 288 / أبواب الحيض ب 8 ح 2 .

ــ[315]ــ

وأمّا لو رأت بعد الستّة الاُولى ثلاثة أيّام أو أربعة بصفة الحيض تجعل الحيض الدمين الأوّل والأخير (1) ، وتحتاط في البين ((1)) ممّا هو بصفة الإستحاضة (2) ، لأ نّه كالنّقاء المتخلّل بين الدمين .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الّتي لا تعرف أيّامها ، وقد مرّ أنّ معرفتها لأيّامها لا يحتمل أن تكون بالعادة ، وإنّما المراد بها معرفتها بالتمييز ، والمرأة متمكّنة من التمييز في المقام ، فلا مناص من أن تجعل الدم الأصفر إستحاضة من جهة الرّجوع إلى التمييز .

   والّذي يوضّح ما ذكرناه أنّ المرأة إذا استحيضت مدّة شهر واحد إلاّ أ نّها رأت الدم في العشرة الثّانية والثّالثة بلون الحيض ، وفي العشرة الاُولى بلون الإستحاضة فإنّه لا يمكن في حقِّـها الحكم بأ نّها فاقدة للتمييز فترجع إلى العدد أو عادة نسائها فتجعل الدم الأوّل الفاقد للصفات حيضاً، والدمين الواجدين للأوصاف استحاضة. بل يقال إنّها متمكِّنة من التمييز في الدم الفاقد فيحكم بكونه استحاضة وإن كانت الأدلّة بالإضافة إلى أماريّة السواد مثلاً متعارضة في الدمين الواجدين للصفات .

   فإذا حكمنا بالإستحاضة في الوسط فتبقى المرأة وعلمها الإجمالي بالإضافة إلى الدمين الواجدين للصفات، لأ نّها إمّا حائض في الأوّل ومستحاضة في الثّاني أو العكس أو لعلمها بكونها حائضاً في مجموع تلك الأيّام لا محالة ، ومعه لا بدّ من الإحتياط في الدمين بالجمع بين أفعال المستحاضة وتروك الحائض .

    بعض فروع التمييز

   (1) لأ نّهما واجدان للأوصاف وقد رأتهما قبل العشرة .

   (2) لأ نّه في حكم النّقاء المتخلّل بين الدمين ، وقد تقدّم منه (قدس سره)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مرّ أ نّه بحكم الحيض .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net