تجديد المستحاضة الأعمال لغير الصلاة - تجديد الأعمال للصلاة المعادة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6578


ــ[88]ــ

   [ 791 ] مسألة 5 : يجب على المستحاضة (1) تجديد ((1)) الوضوء لكل صلاة ولو نافلة ، وكذا تبديل القطنة أو تطهيرها ((2)) ، وكذا الخرقة إذا تلوثت ، وغسل ظاهر الفرج إذا أصابه الدم ، لكن لا يجب تجديد هذه الأعمال للأجزاء المنسيّة (2) ولا لسجود السهو إذا اُتي به متصلاً بالصلاة (3) ، بل ولا لركعات الاحتياط للشكوك (4) بل يكفيها أعمالها لأصل الصلاة ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اغتسالها من الحيض حتى ترى أنها متوسطة أو كثيرة لتغتسل ، فاللاّزم أن يقع الاختبار فيما إذا أرادت الاغتسال والصلاة ، ولما قدمنا أن الاغتسال لا يجوز لها قبل الوقت فلا مناص من أن يكون اختبارها بعد الوقت ، إلاّ أن يفرض اختبارها في آخر جزء متصل بالوقت بحيث يدخل الوقت بإتمام الاختبار حتى تغتسل وتصلِّي ، لكنه فرض عقلي لا وقوع له خارجاً بحسب العادة .

   (1) تقدّم الكلام في جميع ما ذكره في المقام سابقاً فلا نعيده .

    عدم وجوب أعمال المستحاضة لغير الصلاة

   (2) لما قدمناه سابقاً من أنها أجزاء الصلاة على تقدير نقصها ، غاية الأمر أن مكانها وزمان إتيانها قد تبدل ، وقد أتت بالأعمال للصلاة وأجزائها ، فلا يجب إتيانها للأجزاء المأتي بها بعد الصلاة المعبر عنها بالأجزاء المنسية .

   (3) إما لعدم اشتراط الطهارة فيه مطلقاً أو لأنه من توابع الصلاة ، والاغتسال والوضوء إنما يجبان للصلاة مع مالها من التوابع وقد أتت بهما ، ولا يجبان لخصوص الصلاة ، ومعه لا وجه للاتيان بهما لسجود السهو .

  (4) لما ذكرناه في بحث الاستصحاب(3) عند التكلم في صحيحة زرارة الواردة في مَن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط في الاستحاضة الكثيرة كما سيجيء .

(2) على الأحوط في غير الاستحاضة الكثيرة بل فيها أيضاً بالاضافة إلى كل صلاة ، وكذلك وجوب تبديل الخرقة .

(3) في مصباح الاُصول  3 : 63 .

ــ[89]ــ

شكّ في ركعات الصلاة وأنها ثنتان أو أربع ونحو ذلك ، حيث قلنا إن الركعات الاحتياطية جزء حقيقي للصلاة لكن لا لمطلق المكلفين ، فإنهم على قسمين: قسم يجب في حقهم الصلاة وركعاتها من غير أن يتوسط بينها السلام ، وهم من لم يطرأ عليهم الشك في صلاتهم . وقسم يجب عليهم الصلاة مع الفصل في ركعاتها بالسلام وموضوع هذا الحكم هو الذي يشك في الاتيان بالركعات بشرط أن لا يكون آتياً بها في الواقع ، فالذي يشك في الاتيان ولم يكن آتياً بها واقعاً فوظيفته بحسب الواقع هو الصلاة مع الانفصال والاتيان ببعض ركعاتها منفصلاً .

   لا أن ذلك مجرّد حكم ظاهري ، والشك في الاتيان بالركعات أمر وجداني ، فإذا أحرز بوجدانه أنه شاك في الاتيان فيمكنه إحراز عدم إتيانه بها واقعاً بالاستصحاب فبضم الوجدان إلى الأصل يثبت أن الركعات الاحتياطية جزء حقيقي من الصلاة .

   ومع كونها من أجزاء الصلاة التي توضأت أو اغتسلت المستحاضة لأجلها لا وجه للاغتسال أو التوضؤ لها ثانياً ، فركعات الاحتياط لا تحتاج إلى تجديد الغسل ولا الوضوء ، بلا فرق في ذلك بين صورتي عدم انكشاف الخلاف في الاستصحاب ، أعني استصحاب عدم الاتيان بالركعات المشكوكة ، وانكشافه .

   لأن صلاة الاحتياط إذا ظهر بعدها أن المكلف كان آتياً بالركعات المشكوك فيها وإن كانت تقع نافلة لا محالة ، والنافلة صلاة مستقلة لابدّ لها من الوضوء والغسل ، إلاّ أنها لا تحتاج إليهما في خصوص المقام ، وذلك لقصور الدليل عن الشمول لما حكم بكونه نافلة بعد الاتيان به كما في المقام ، لأن صلاة الاحتياط إنما يحكم بكونها نافلة بعدما ينكشف عدم نقصان الصلاة ، وأمّا قبل ذلك فلا ، لأنها كانت من الابتداء محكومة بكونها جزءاً من الصلاة بحكم الاستصحاب ، لما ذكرناه من أن مقتضى الاستصحاب عدم الاتيان بالركعة المشكوك فيها واقعاً ، ومعه يجب عليها أن تأتي بها مع الانفصال ، فإن مقتضى الاستصحاب وإن كان هو الاتيان بها متصلة إلاّ أن وظيفة المكلف تتبدّل حينئذ إلى الانفصال ، فلابد من الاتيان بها مع الانفصال .

   فتحصل : أن أدلّة وجوب الوضوء أو الغسل لكل صلاة قاصرة الشمول للمقام

ــ[90]ــ

نعم لو أرادت إعادتها احتياطاً أو جماعة وجب تجديدها (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا هو الوجه في عدم وجوبهما لصلاة الاحتياط ،

   لا ما ربما يتوهم من أن صلاة الاحتياط على تقدير نقص الصلاة جزء لها فلا تحتاج إلى تجديدهما ، وعلى تقدير تماميتها تقع زائدة ، ولا يضر بطلانها بصحة الصلاة .

   فإن ذلك مندفع بما ذكرناه في محلِّه من أن صلاة الاحتياط يعتبر فيها أن تكون صحيحة في نفسها على كل حال ، وأمّا ما يكون صحيحاً على تقدير نقص الصلاة وفاسداً على تقدير تماميتها فلا دليل على كونها جابرة لنقص الصلاة المأتي بها على تقدير نقصانها ، ومعه لا يمكن الاقتصار عليها بوجه .

    وجوب تجديد الأعمال في الصلاة المعادة

   (1) أمّا الصلاة المعادة احتياطاً فقد تكون واجبة ، كما إذا حكم ببطلان المأتي به من الصلاة لأجل الشك في صحتها أو في الاتيان ببعض أجزائها وعدم جريان قاعدة الفراغ أو التجاوز في حقها لأجل الغفلة حال العمل أو للقطع الوجداني بالبطلان فالاحتياط واجب بالاعادة حينئذ .

   وقد تكون مستحبة كما إذا شك في صحتها بعد الفراغ عنها أو في ركوعها بعد ما دخلت في السجود ، فإن مقتضى قاعدة التجاوز والفراغ وإن كان صحة ما أتت به إلاّ أن التحفظ عن البطلان الواقعي بترك الركوع والاحتياط مستحب في نفسه .

   أمّا المعادة الواجبة فلا ينبغي الاشكال في أنها هي الصلاة الأوّلية المحكومة بالبطلان وليست صلاة مغايرة لها ، فعلى تقدير القول بعدم وجوب المبادرة إلى الصلاة فلا شبهة في عدم وجوب الوضوء أو الغسل لها .

   وإذا قلنا بوجوبها فلا يبعد عدم وجوب تجديدهما أيضاً ، وذلك لأن المراد بالمبادرة ليس هو المبادرة الحقيقية الفعلية ، بل المراد بها هي الفورية العرفية وعدم التواني في

ــ[91]ــ

الامتثال ، ومن ثمة لا يجب عليها الصلاة في المغتسل بعد غسلها ، بل يجوز لها أن تأتي إلى غرفتها وتصلِّي فيها ، فالاشتغال بالمقدمات العادية أو الشرعية للصلاة ليس مانعاً عن صدق المبادرة بوجه . وعليه فاشتغالها بالصلاة المحكومة بالبطلان بعدها لا يعد منافياً للمبادرة الواجبة بوجه ، لعدم توانيها في الامتثال ، فحالها حال المقدّمات .

   وأظهر من ذلك ما لو حكم ببـطلانها في أثناء الصلاة كما لو شكت بين الثنتين والثلاث قبل إتمام السجدتين ، فإن مثله لا يكون مانعاً عن صدق المبادرة يقيناً ، فلا يجب عليها إعادة الوضوء والغسل ثانياً ، نعم إذا فصلت بينهما بزمان كما إذا أعادت بعد ساعة أو ساعتين وجب عليها الوضوء والغسل جديداً .

   وأمّا المعادة استحباباً فهي على عكس المعادة الواجبة ، ولا إشكال في وجوب تجديد الغسل أو الوضوء لها على كل حال ، قلنا بوجوب المبادرة أم لم نقل ، وذلك لأنها صلاة مستحبة مغايرة للصلاة التي اغتسلت أو توضأت لأجلها ، وقد دلت الأخبار (1) المتقدمة على وجوبهما لكل صلاة .

   وسيأتي الوجه في توضيح وجوب الغسل لها مع أن النوافل لا يجب فيها الغسل في الاستحاضة ، وإنما يجب فيها الوضوء لكل صلاة فقط .

   اللّهمّ إلاّ على مسلك فاسد وهو جواز تبديل الامتثال بالامتثال وأن المكلف متمكن من رفع امتثاله السابق وجعله كالعدم بالامتثال الجديد ، فإن الصلاة المعادة هي الصلاة الأولية ، فيبتني وجوب الغسل أو الوضوء لها على القول بوجوب المبادرة وعدمه ويأتي فيه ما قدمناه .

   إلاّ أنّا ذكرنا في بحث الاجزاء(2) أن الامتثال بعد الاتيان بالمأمور به أمر عقلي ، وليس اختياره بيد المكلف ليرفعه ويبدله ، فالامتثال غير قابل للتبديل بوجه .

   وأمّا الصلاة المعادة جماعة إماماً أو مأموماً فقد ظهر حكمها مما بيناه ، فإنها صلاة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 371 / أبواب الاستحاضة ب 1 .

(2) في محاضرات في اُصول الفقه  2 : 225 .

ــ[92]ــ

مستحبّة مغايرة للصلاة التي اغتسلت أو توضأت لأجلها ، فلا مناص من الوضوء أو الغسل لها مطلقاً ، قلنا بوجوب المبادرة أم لم نقل ، اللّهم إلاّ على القول بجواز تبديل الامتثال بالامتثال، وقد عرفت ما فيه، وتوضيح ما ذكرناه: أن الصلاة المعادة المستحبّة فرادى كانت أم جماعة إماماً أو مأموماً وإن كانت نافلة ولا يجب الغسل للنوافل كما مرّ بل يجب فيها الوضـوء فقط إلاّ أنها تمتاز في المقام عن بقية النوافل بما ستعرفه ، فنقول :

   إن الصلاة المعادة استحباباً إن كان قد فصل بينها وبين الصلاة المأتي بها وجوباً فصلاً زمانياً فلا إشكال في لزوم إعادة الوضوء والغسل لها .

   أمّا الوضوء فلأنه معتبر لكل صلاة فريضة كانت أم نافلة ، وما أتت به من الوضوء للفريضة غير كاف للنافلة ، لوجوب المبادرة والمفروض أنها فصلت بينهما زماناً .

   وأمّا الغسل فلأن النوافل وإن كان لا يجب فيها الاغتسال كما مرّ ، إلاّ أن النافلة في المقام إنما يؤتى بها احتياطاً وبداعي التحفظ على المأمور به الواقعي على تقدير وجود خلل في الصلاة المأتي بها واقعاً ، فهي نافلة معنونة بعنوان صلاة الظهر مثلاً واُتي بها بعنوان كونها تداركاً للواقع ، وعليه فلا بدّ أن تشتمل على جميع الاُمور المعتبرة في الواجبة من الغسل والوضوء وغيرهما ، إذ مع كونها فاقدة للغسل أو لغيره لا يمكن أن تكون موجبة للتحفظ على الواقع وتداركاً له ، بل لا يصح إطلاق الاحتياط عليها .

   وأمّا إذا لم يفصل بينها وبين الصلاة الواجبة فصلاً زمانياً فيحتمل أيضاً وجوب إعادة كل من الغسل والوضوء للمعادة احتياطاً ، وذلك لما أشرنا إليه من أنها وإن كانت نافلة إلاّ أنها معنونة بعنوان كونها صلاة الظهر مثلاً على تقدير وجود خلل في المأتي به ، فلا يمكن أن تكون تداركاً وموجبة للتحفظ على الواجب الواقعي إلاّ فيما إذا كانت مشتملة على جميع الاُمور المعتبرة في الواجب من الغسل والوضوء .

  وبعبارة اُخرى: إن لصلاة الظهرين فردين، منها وجوبية ومنها صلاة ظهر استحبابية ومقتضى إطلاق ما دلّ على أنها تغتسل لصلاة الظهر أو الظهرين(1) عدم الفرق بين

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 371 /  أبواب الاستحاضة ب 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net