وجوب غسل المستحاضة عند انقطاع الدم 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8623


ــ[125]ــ

   [ 802 ] مسألة 16 : يجب على المستحاضة المتوسطة والكثيرة إذا انقطع عنها بالمرّة الغسل للانقطاع إلاّ إذا فرض عدم خروج الدم منها من حين الشروع في غسلها السابق للصلاة
السابقة (1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكثيرة يدلّنا على عدم وجوب الوضوء في الكثيرة ، لأن وجوب الوضوء في المتوسطة مقيد بعدم تجاوز الدم عن الكرسف ولو فيما بينها وبين المغرب ، ومع التجاوز لا يجب الوضوء .

   وتوضيحه : أن كل كثيرة مسبوقة بالتوسط لا محالة ، فعدم وجوب الوضوء في جميع موارد الكثيرة إنما هو من جهة أنه مقيد بعدم تجاوز الدم ، والأخبار الواردة في الكثيرة(1) إنما دلّت على وجوب الغسل فقط ولم يتعرّض لوجوب الوضوء بوجه ، ومعه يحكم بعدم وجوب الوضوء على المستحاضة ، هذا كله في صورة التبدل من الأدنى إلى الأعلى ، ومنه ظهر الحال في الصور الآتية فلاحظ .

   الصورة الرابعة : وهي ما إذا تبدّلت من الأعلى إلى الأدنى ، فإن الكثيرة إذا تبدّلت بالمتوسطة ليس لها الاكتـفاء بالغسل الواحد مع الوضوء ، بل لا بدّ لها من الاتيان بوظائف الكثيرة ، لصدق أنها امرأة تجاوز دمها الكرسف ، والاستحاضة الكثيرة آناً ما كافية في ثبوت أحكامها .

   الصورة الخامسة والسادسة : ما إذا تبدلت الكثيرة أو المتوسطة إلى القليلة ، فإنه لابدّ من إتيان وظيفتي المتوسطة أو الكثيرة ، لكفاية صدق كون المرأة ممّن ثقب دمها أو تجاوز دمها الكرسف آناً ما في ترتب أحكامها .

    وجوب الغسل للانقطاع

   (1) قد لا يخرج عن المستحاضة حال غسلها وصلاتها دم ، ولا إشـكال في أنها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نفس المصدر .

ــ[126]ــ

بغسلها تصير طاهرة ولا يجب عليها بعد ذلك شيء .

   وقد يخرج الدم حال غسلها أو بعده أو حال صلاتها ، وفي مثله لا بدّ لها من أن تغتسل للانقطاع إذا انقطع بعد الصلاة ، وذلك لما استفدناه من الأخبار من أن دم الاستحاضة حدث ، وإنما خرجنا عمّا دلّ على ناقضية الحدث بالاضافة إلى حال الصلاة والاغتسال ، وأمّا بعدهما فهو حدث لابدّ من الاغتسال له .

   مضافاً إلى صحيحة ابن نعيم حيث علقت عدم وجوب الغسل عليها بما إذا لم تطرح الكرسف عنها ، وقال «فإن طرحت الكرسف عنها فسال الدم وجب عليها الغسل» (1) ولو كان ذلك في أثناء غسلها أو صلاتها ، وهي صريحة في المدعى حيث صرحت بأنها إذا رأت الدم فيما بينها وبين المغرب أيضاً وجب عليها الوضوء إن لم يسل والغسل إن سال .

   وتدلّ عليه المطلقات الواردة في المقام كموثقة سَماعة (2) وغيرها من أن الدم إذا ثقب الكرسف أو تجاوز عنه وجب عليها الاغتسال مرة أو لكل صلاتين ، فإن إطلاقها يشمل ما إذا كان ذلك في أثناء غسلها وصلاتها .

   فالمتحصل : أن المستحاضة لا بدّ لها من الاغتسال للانقطاع ، وليس لها الاكتفاء بغسلها الذي خرج دم في أثنائه أو بعده أو أثناء صلاتها ، لعدم حصول الطهارة لها بذلك مطلقاً ، وإلاّ لم تكن حاجة إلى الوضوء لكل صلاة أو الغسل لكل صلاتين بعد ذلك ، هذا كله في المتوسطة والكثيرة .

   ومنه يظهر الحال في القليلة وأنها إذا لم يخرج منها دم في أثناء وضوئها وصلاتها فلا تحتاج إلى وضوء بعد ذلك ، وأمّا إذا خرج في أثنائهما وانقطع بعد ذلك فلابد لها من أن تتوضأ للصلاة التي بعدها ، لما عرفت من عدم ارتفاع حدثها بما أتت به من الوضوء .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 374 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 7 .

(2) الوسائل 2 : 374 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 6 .

ــ[127]ــ

    المناقشة في كلام المشهور

   ويمكن أن يقال إن الحكم بوجوب الغسل للانقطاع وإن كان هو المشهور إلاّ أنه مورد المناقشة في المتوسطة، وذلك لقصور المقتضي ، حيث إن غاية ما تدلّ عليه الأخبار الواردة في المقام أن حدوث المتوسطة موجب للغسل الواحد في حقها ، والمفروض أنها أتت بوظيفتها واغتسلت ، وأمّا أنها إذا انقطعت ثم عادت أيضاً موجبة للحدث والاغتسال فهو محتاج إلى الدليل ولا يكاد يستفاد من الأخبار ، وبعبارة اُخرى إن حدوث دم الاستحاضة المتوسطة هو الذي يستفاد من الأخبار كونه موجباً للاغتسال دون بقائه .

   وعليه لا يمكن الاستدلال على وجوب الغسل للانقطاع بالاطلاقات ، كما لا مجال للتشبث بالصحيحة المتقدمة ، لأنها أجنبية عما نحن فيه ، حيث إنها تدل على أن طروء دم الاستحاضة وحدوثه فيما بينها وبين المغرب موجب للاغتسال في حقها . وأمّا أنه إذا انقطع ثم عاد أيضاً موجب للاغتسال فهي أجنبية عن ذلك رأساً .

   وعليه ففي الاستحاضة المتوسطة إذا اغتسلت وصلّت ثم عاد دمها لا يجب عليها الغسل للانقطاع لأنه بلا موجب ، حيث إنها أتت بما هو وظيفة المستحاضة المتوسطة أعني الغسل الواحد ليومها وليلتها ، فلا يجب عليها الغسل ثانياً للانقطاع . كيف فلو لم ينقطع دمها لم يجب عليها غسل آخر ، فكيف بما إذا انقطع ثم عاد .

   نعم ، يجب عليها بعد عود دمها أن تتوضأ للصلوات الآتية ، لاطلاق ما دلّ على أن المستحاضة  المتوسطة يجب عليها الوضوء لكل صلاة، وبما أنها رأت الدم بصفة المتوسطة فهي مستحاضة متوسطة يجب عليها الوضوء للصلوات الآتية ، هذا كله في المتوسطة .

   بل يمكن أن يقال إن الأمر في الكثيرة أيضاً كذلك بالاضافة إلى الصلاة الثانية فيما إذا أرادت أن تجمع بين الصلاتين فاغتسلت وصلّت إحداهما ثم عاد الدم ، فلا يجب عليها أن تغتسل للثانية ، وذلك لاطلاق ما دلّ على كفاية الغسل الواحد في الكثيرة لصلاتين (1) ، والمفروض أنها اغتسلت فيكفيها ذلك الغسل بالاضافة لهما .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 371 / أبواب الاستحاضة ب 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net