لزوم تكرار الوضوء في القليلة بتكرار المسّ - وطء المستحاضة الكثيرة والمتوسطة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6659


ــ[131]ــ

وليس لها الاكتفاء بوضوء واحد للجميع على الأحوط وإن كان ذلك الوضوء للصلاة ، فيجب عليها تكراره بتكرارها حتى في المسّ يجب عليها ذلك لكل مسّ على الأحوط (1) ، نعم لا يجب عليها الوضوء لدخول المساجد والمكث فيها ، بل ولو تركت الوضوء للصلاة أيضاً .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   لم أر من تعرّض لهذه المسألة ، ولكن ظهر حكمها ممّا بيناه آنفاً ، وحاصله : أن الوضوء لما لم يقم دليل على كفايته لغير صلاتها الفريضة فمقتضى القاعدة أن تتوضأ لغيرها من الأعمال المشروطة بالطهارة من الطواف والمسّ وصلاة الطواف وغيرها مضافاً إلى عموم قوله (عليه السلام) «فلتتوضأ لكل صلاة» (1) فإنه شامل لصلاة الطواف وغيرها .

    تكرار الوضوء لكل مسّ

   (1) بل هذا هو الظاهر ، وذلك لأن مقتضى قوله تعالى (لا يمسَّه إلاّ المُطَهَّرُون ) (2) أن كل مسّ لا بدّ أن يقع قبله وضوء وطهارة ، غاية الأمر أنّا علمنا أن وضوء غير المستحاضة للصـلاة أو لغيرها يكفي لمسه ما دام لم ينتقض ، كما يكفي لغير المسّ ممّا يشترط فيه الطهارة .

   وأمّا وضوء المستحاضة فلا دليل على كونه كذلك ، لدلالة الأخبار المتقدمة على أن المستحاضة لابدّ أن تتوضأ لكل صلاة، فإذن يشك في كفاية وضوئها للمس أوّلاً لمسها ثانياً ، ومع الشك في كفاية وضوء المستحاضة للمس لمسها ثانياً لا بدّ من الرجوع إلى إطلاق النهي عن مسّ الكتاب على غير طهر ، وقد عرفت أنه يقتضي وقوع كل مسّ عن وضوء قبله ، وعليه يجب أن يتعدّد وضوء المستحاضة بتعدّد المسّ .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 371 ، 374 ، 375 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 1 ، 7 ، 9 .

(2) الواقعة 56 : 79 .

ــ[132]ــ

   [ 804 ] مسألة 18 : المستحاضة الكثيرة والمتوسطة إذا عملت بما عليها جاز لها جميع ما يشترط فيه الطهارة حتى دخول المساجد والمكث فيها وقراءة العزائم ومسّ كتابة القرآن ((1)) ، ويجوز وطؤها ، وإذا أخلّت بشيء من الأعمال حتى تغيير القطنة بطلت صلاتها ، وأمّا المذكورات سوى المسّ فتتوقف على الغسل فقط ، فلو أخلت بالأغسال الصلاتية لا يجوز لها الدخول والمكث والوطء وقراءة العزائم على الأحوط ، ولا يجب لها الغسل مستقلاًّ بعد الأغسال الصلاتية وإن كان أحوط . نعم إذا أرادت شيئاً من ذلك قبل الوقت وجب عليها الغسل مستقلاًّ على الأحوط (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   نعم ، لو قلنا بجريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية لأمكن في المقام أن يقال باستصحاب أثر الطهارة المتيقنة للمس أوّلاً عند مسها ثانياً وثالثاً ، للشك في بقائها وارتفاعها ، إلاّ أنّا لا نقول به في الأحكام .

    إذا عملت المستحاضة بوظيفتها

   (1) ذهب الماتن (قدس سره) تبعاً لجماعة إلى أن المستحاضة المتوسطة أو الكثيرة إذا أتت بغسلها جاز لها جميع ما يشترط فيه الطهارة من الدخول في المسجدين والمكث في المساجد وقراءة العزائم والوطء وغيرها وإن أخلت بغير الاغتسال كتغيير القطنة ، وذلك لأنه شرط في الصلاة دون غيرها .

   وأمّا إذا أخلت بالأغسال فلا يجوز لها شيء من ذلك . بل ذكر (قدس سره) أن زوجها إذا أراد الوطء قبل وقت الصلاة وجب عليها الاغتسال للوطء .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في جوازه إشكال والأحوط تركه حتى بعد الغسل أو الوضوء ، ولا يبعد جواز قراءتها العزائم ودخولها المسجد والمكث فيه بل وطؤها أيضاً ولو لم تعمل بما عليها ، وإن كانت رعاية الاحتياط أولى في الجميع ، نعم بعد الغسل لصلاة يجوز وطؤها إلى زمان الأمر بالغسل ثانياً بلا إشكال .

ــ[133]ــ

    جهات الكلام في المسألة

   والكلام في هذه المسألة يقع من جهات :

   الجهة الاُولى : في اشتراط جواز وطء المستحاضة باغتسالها وعدمه .

   الجهة الثانية : في اشتراط قراءتها العزائم به أي بالاغتسال .

   الجهة الثالثة : في اشتراطه في جواز دخولها المسجدين والمكث في المساجد .

   الجهة الرابعة : في اشتراط الغسل لمسّها الكتاب العزيز وعدمه .

   أمّا الجهة الاُولى : فمقتضى الأخبار المتقدمة في جواز وطء الحائض بعد انقطاع دمها (1) أن الوطء للزوجة إنما يحرم ما دام الحيض باقياً ، فإذا انقطع دم الحيض منها وصارت طاهرة منه جاز وطؤها وإن كانت مستحاضة بالمتوسطة أو الكثيرة ، ولا دلالة في تلكم الروايات على اشتراط وطء المستحاضة باغتسالها .

   وعليه لو فرضنا أن المرأة لا تصلِّي أو أنها تصلِّي من غير غسل لجهلها أو لغير ذلك فلا مانع من إتيان زوجها لها .

   وليس في قبال هذه الأخبار سوى موثقة لسماعة «وإن أراد زوجها أن يأتيها فحين تغتسل» (2) ، واستدل بها على أن وطء المستحاضة لابدّ أن يكون بعد الاغتسال حملاً لقوله (عليه السلام) «حين تغتسل» على معنى بعد الاغتسال ، والموثقة مروية بطريقين ، والجملة المذكورة وردت في أحد الطريقين دون الآخر ، وهو الذي نقله عنه صاحب الوسائل في الباب الأول من الجنابة في الحديث الثالث (3) .

   إلاّ أن حمل قوله (عليه السلام) «حين تغتسل» على ما بعد الاغتسال خلاف ظاهر الحديث جدّاً ولا وجه للالتزام به ، فالاستدلال بها ممّا لا وجه له .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 325 / أبواب الحيض ب 27 .

(2) الوسائل 2 : 374 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 6 .

(3) الوسائل 2 : 173 / أبواب الجنابة ب 1 ح 3 .

ــ[134]ــ

   وبما أن الالتزام بظاهر الموثقة غير ممكن ، لأنها إنما تدل على جواز وطء المستحاضة حال الاغتسال أو في الآن المتصل بغسلها ، ولا يمكن الالتزام به ، لأنه غير مراد قطعاً ، فإن لازمه الحكم بعدم جواز وطء المستحاضة بعد حال اغتسالها ، وهذا ممّا لا يمكن التفوّه به ولا سيما في المتوسطة التي اغتسلت قبل الفجر ولا يجب عليها إلاّ الغسل مرّة واحدة ، لأن الموثقة مشتملة على حكم المتوسطة والكثيرة أيضاً ، وكيف يمكن الالتزام بعدم جواز وطء المستحاضة المتوسطة وإن اغتسلت قبل ذلك .

   فلا مناص من حملها على محمل أقرب من حملها على ما بعد الاغتسال ، وهو أن يقال إن الرواية وردت إرشاداً إلى أمر غير شرعي ، وأن المراد بالجملة المذكورة هو ما قبل الاغتسال لئلاّ يجب على المرأة اغتسـالان ، بل يأتيها زوجها قبل غسـلها حتى يكفيها غسل واحد ، فالموثقة وردت للارشاد إلى أن غسل الجنابة يغني عن غسل الاستحاضة ، وأن المرأة يأتيها زوجها قبل اغتسالها حتى لا يتكرر الاغتسال في حقها.

   وهذا وإن كان خلاف ظاهر الحديث إلاّ أنه أقرب المحـامل ، وعليه لا معارض للأخبار الدالّة على جواز وطء المستحاضة وإن لم تغتسل(1) ، لا سيما أن بعضها مشتمل على قوله «إذا شاء»(2) ، فالاغتسال غير معتبر في وطء المستحاضة .
ـــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 371 ، 379 / أبواب الاستحاضة ب1 ، 3 ، 317 / أبواب الحيض ب24 ح1، 2.

(2) الوسائل 2 : 372 / أبواب الاستحاضة ب 1 ح 4 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net