الدم الخارج بعد الولادة بزمان - الدم الخارج أثناء الولادة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6779


   وأمّا الجهة الثالثة أعني الدم الخارج بعد الولادة فلا شبهة في أنه دم النّفاس ، وهو القدر المتيقن منه فيترتب عليه أحكامه ، وهذا مما لا كلام فيه ، وإنما الكلام فيما إذا تأخّر الدم عن الولادة بأن انقطع ثم عاد فهل يحكم بكونه نفاساً أو لا يحكم ؟

   المعروف أن الدم الذي تراه المرأة بعد الولادة نفاس فيما إذا خرج فيما بين الولادة وعشرة أيام ، وأمّا بعد العشرة فهو ليس بنفاس وإنما هو حيض إذا كان واجداً للصفات ، وهذا لا دليل عليه .

   والظاهر أن منشأ حكمهم هذا هو ما دلّ على أن أكثر النّفاس عشرة أيام(1) ، وبذلك حكموا على الدم المرئي بعد العشرة من الولادة بأنه ليس نفاساً لأن أكثره عشرة أيام ، وهو مبني على احتساب العشرة من زمن الولادة .

   ولا يمكن المساعدة عليه ، لأن احتساب أكثر النّفاس الذي هو عشرة أيام على المشهور أو ثمانية عشر كما قيل إنما هو من زمان رؤية الدم لا الولادة ، إذ النّفاس اسم للدم دون الولادة ، فإذا رأت الدم بعد الولادة بيوم أو نصف يوم فإن الدم المرئي حينئذ دم نفاس فتحسـب العشرة من ذلك الوقت فتتم العشرة بعد إحدى عشر يوماً من الولادة ، والدم الذي رأته في اليوم العاشر من الولادة دم قبيل العشرة .

   وعلى هذا لا فرق بين الدم المرئي بعد العشرة من الولادة وقبلها ، لأنه إن علم أنه مستند إلى النّفاس فهو نفاس في كلتا الصورتين ، وإن كانت نفاسية الدم بعد العشرة بعيداً ، لبعد انقطاع النّفاس وعوده إلى أكثر من عشرة أيام .

   وإذا لم يعلم استناده إلى النّفاس أو شك في كونه منه حكم بعدم كونه نفاساً في كلتا الصورتين ، لأنهما بعد العشرة من رؤية الدم فلا عبرة بكون الدم قبل العشرة أو بعدها بل المدار على كون الدم مستنداً إلى النّفاس .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 382 / أبواب النّفاس ب 3 .

ــ[155]ــ

   وأمّا الجهة الرابعة والدم الخارج في أثناء الولادة ، لأنّها قد تطول بأن يخرج رأس الولد ولا يخرج بدنه إلى ساعة أو يوم أو أقل أو أكثر ويخرج الدم في تلك المدّة ، فهل هو من النّفاس أو أنه مختص بالخارج بعد الولادة ؟

   المشهور عدم الفرق بين الخارج في أثناء الولادة وبعدها ، وهذا هو الصحيح لما ورد في موثقة عمار المتقدمة من قوله (عليه السلام) «تصلِّي ما لم تلد» (1) ، لأنه بمعنى ما لم تأخذ بالولادة لا ما لم تفرغ منها ، لأنها بعد ما أخذت بالولادة يصدق أنها ولدت ولكنه لم يتم ، هذا هو الذي يقتضيه مناسبة الحكم والموضوع ، لأنها مقتضى إرادة ذلك منه ، لأن قوله «ما لم تلد» بيان لحكم الدم الذي تراه بعد الولادة ، فهو في مقابل الدم الذي تراه قبلها ، والمقابل له هو الدم الذي تراه المرأة بعد الأخذ بالولادة وبعد إتمامها لا خصوص ما بعد إتمامها ، فالرواية بمناسبة الحكم والموضوع ظاهرة في إرادة الأخذ بالولادة .

   وعلى الجملة : إن الرواية جعلت الدم على قسمين ، أعني الدم الخارج قبل الولادة والدم الخارج بعد الولادة ، والثاني في مقابل الأول يعم الدم الخارج في أثناء الولادة وما يخرج بعدها .

   وما في كلمات بعضهم من أن النّفاس هو الخارج عقيب الولادة ، لا يراد منه الدم الخارج بعد تمامية الولادة ، بل يحمل على إرادة الخارج عقيب الأخذ بالولادة وإن لم تتم ، إذ معه يصدق أن المرأة ولدت ولكنه لم تتم الولادة .

   وقد دلّت على ذلك صريحاً موثقة السكوني(2) ورواية رزيق(3) إلاّ أنها لضعفها سنداً غير قابلة للاستدلال بها في المقام ، نعم نجعلها مؤيدة للمدعى .

   يبقى الكلام في الولادة الموجبة للنفاس وأنه هل يعتبر فيها خروج الولد تاماً أو لا يعتبر ؟

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 392 / أبواب النّفاس ب 4 ح 1 ، 3 .

(2) الوسائل 2 : 392 / أبواب النّفاس ب 4 ح 2 .

(3) الوسائل 2 : 334 /  أبواب الحيض ب 30 ح 17 .  وهي ضعيفة برزيق بن العباس الخلقاني.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net