استثناء الطفل والطفلة عن اعتبار المماثلة - استثناء الزوجين عن اعتبار المماثلة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6840


 فصل

[  في اعتبار المماثلة بين المغسل والميِّت  ]

    تجب المماثلة بين الغاسل والميِّت في الذكورية والاُنوثية (3)

ـــــــــــــــــــــــــ
 فصل :  اعتبار المماثلة بين الغاسل والميِّت

   (3) لجملة من الأخبار المعتبرة الدالّة على أنّ الميِّت إذا لم يكن عنده من يماثله أو من محارمه ولو من النِّساء وانحصر من عنده بغير المماثل من غير محارمه دفنه غير المماثل من غير تغسيل(1) هذا .

  وقد نسب إلى الشيخين والحلبي ومن المتأخّرين إلى صاحب المفاتيح وجوب التغسـيل حينئذ من فوق اللّـباس(2) وعن ابن زهرة أنّ الغسل أحوط(3) بل عن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 520 /  أبواب غسل الميِّت ب 21 ، 532 /  ب 24 ح 12 .

(2) نسبه إليهم في الجواهر 4 : 68 /  باب غسل الميِّت وراجع التهذيب 1 : 441 /  ذيل الرقم [ 1425 ] ، المبسوط 1 : 175 ، الخلاف 1 : 698 /  المسألة [ 485 ] ( لكن في جميعها حكم الشيخ بترك الغسل )، نعم يستفاد وجوب الغسل من وراء الثياب من موضع آخر من التهذيب 1 : 343 ، المقنعة 87 / ب 13 ، الكافي في الفقه : 237 / في أحكام الجنائز، المفاتيح 2 : 163.

(3) الغنية : 102 /  كتاب الصلاة .

ــ[326]ــ

فلا يجوز تغسيل الرجل للمرأة ولا العكس ولو كان من فوق اللّباس ولم يلزم لمس أو نظر إلاّ في موارد :

   أحدها : الطفل الّذي لا يزيد سنه عن ثلاث سنين فيجوز لكل منهما تغسيل مخالفه (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المفاتيح تغسيله مع وجوب غضّ البصر على المغسل لئلاّ يقع نظره على بدن الميِّت الأجنبي غير المماثل (1) .

   وهذا ممّا لا دليل عليه سوى جملة من الأخبار الواردة في أن من عند الميِّت إذا انحصر بغير المماثل وغير المحارم غسله غير المماثل من فوق اللباس(2) إلاّ أن هذه الروايات ضعيفة السند بأجمعها ولا يعارض بها الأخبار المعتبرة المتقدِّمة . على أنّا لو أغمضنا عن سندها لم يكن مناص من حملها على الاستحباب ، لأ نّه مقتضى الجمع العرفي بينهما ، حيث إنّ الأمر بدفن الميِّت من غير غسل أو النهي عن تغسيله حينئذ نصان صريحان في جواز الدفن من غير غسل ، ومعه يحمل الأمر بغسله من فوق الثياب على الاستحباب . والأمر والنهي لا ينافيان استحباب الغسل من فوق الثياب لأنّ النهي ورد في مقام توهم الوجوب ، لوجوب تغسيل الموتى ، والأمر ورد في مقام توهّم الحظر ، لحرمة دفن الميِّت من غير غسل ، وهما ظاهران في الجواز دون الحرمة والوجوب ، والجواز يجتمع مع الاستحباب .

    الموارد المستثناة عن اعتبار المماثلة :

   الطفل والطفلة :

   (1) الكلام في هذه المسألة يقع في مقامين : أحدهما : الصبي وثانيهما : الصبية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لم يوجد في كتابه وجوب غضّ البصر والصحيح : (بل عن الحلبي) .

(2) الوسائل 2 : 522 /  أبواب غسل الميِّت ب 22 .

ــ[327]ــ

   أمّا المقام الأوّل :  فقد ادّعوا الاجماع على عدم اعتبار المماثلة بين الغاسل والميِّت في محل الكلام ـ وهو الصبي الّذي لا يزيد سنه عن ثلاث سنين ـ والعبرة في ذلك بزمان الموت دون الاغتسال ، بمعنى أن يكون قد عاش حياً ثلاث سنين وإن وقع غسله بعد ثلاث سنين .

   وهذا هو الصحيح ، وذلك لاطلاق الأدلّة الدالّة على وجوب تغسيل الأموات ، وعدم تقييدها بما إذا كان الغاسل مماثلاً للميت ، ولا مزاحم لهذا الاطلاق ، فانّ الأخبار المتقدِّمة الدالّة على أنّ الرجل أو المرأة إذا مات ولم يكن عنده من يماثله يدفن كما هو بثيابه من غير غسل، مختصّة بالرجل والمرأة، وهما غير شاملين للصبي والصبية في مفروض الكلام ،

   لأن غاية ما هناك أن نتعدى منهما إلى المميز من الصبي والصبية بمناسبة الحكم والموضوع ، وأمّا غير المميز منهما ـ كما هو مفروض المسألة ، أعني الصبي أو الصبية غير المتجاوزين عن ثلاث سنوات ـ فلا ، فالاطلاق غير مزاحم .

   ويدل على ذلك صريحاً موثقة عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) «أ نّه سئل عن الصبي تغسله امرأة ؟ قال : إنّما يغسل الصبيان النِّساء» (1) حيث دلّت على أن غسل النِّساء للصبيان أمر متعارف عادي .

   وأمّا المقام الثاني :  فالأمر فيه أيضاً كذلك ، لأن مقتضى الاطلاق عدم اعتبار المماثلة بين الغاسل والصبية كالصبي ، والأخبار الدالّة على اعتبار المماثلة غير شاملة للصبي والصبية ـ كما تقدم ـ فالاطلاقات لا مزاحم لها .

   إلاّ أ نّه ربما يقال باعتبار المماثلة في الصبية دون الصبي لوجهين :

   أحدهما : ما عن المعتبر من أنّ الأصل حرمة النظر ، أي حرمة نظر الأجنبي إلى الصبية (2) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 527 /  أبواب غسل الميِّت ب 23 ح 2 .

(2) المعتبر 1 : 324 /  في أحكام الأموات .

ــ[328]ــ

ولو مع التجرّد ومع وجود المماثل وان كان الأحوط الاقتصار على صورة فقد المماثل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وفيه : أ نّه إن اُريد من ذلك أنّ الرجل الأجنبي يحرم عليه النظر إلى بدن الصبية حتّى وجهها وكفيها وغيرهما سوى عورتها فهو مقطوع الخلاف ، للسيرة القطعية الجارية على جواز ذلك ، بل جواز نظر الرجل إلى الصبية غير المميزة من المسائل المتسالم عليها بينهم .

   وإن اُريد منه أنّ الرجل يحرم عليه النظر إلى عورة الصبية ولمسها ، فيندفع بأ نّه على تقدير ثبوته لا ملازمة بين حرمته وعدم جواز تغسيله ، لامكان التغسيل من غير نظر ولا لمس .

   وقد يستدل (1) على اعتبار المماثلة وعدم جواز تغسيل الرجل للصبية بموثقة عمار المتقدِّمة حيث ورد في ذيلها : «وعن الصبية تموت ولا تصاب امرأة تغسلها ، قال (عليه السلام) : يغسلها رجل أولى الناس بها» (2) لدلالتها على أن حكم الصبية حكم المرأة في أ نّه إذا لم يوجد المماثل يغسلها الرجل من ذوي الأرحام ولا يجوز أن يغسلها الأجنبي .

   ويردّه : أنّ المراد بأولى الناس بها إمّا هو الأولوية العرفية ـ  أعني من يلي أمرها  ـ لأنّ الطفل بهذا السن لا يتمكّن من إدارة شؤونه من المأكل والمشرب والمنكح وغيرها ولا سيما الصبية فيحتاج إلى من يدير أمره وشؤونه وهو أولى الناس به عرفاً .

   وإمّا أن يراد به الأولوية في الارث ، كما هو الحال في الصلاة عليه والدفن وغيرهما على ما تقدم من أ نّهما هي لأولى الناس بالميت من حيث الارث .

   وعلى كلا التقديرين لا دلالة لها على اعتبار كون الرجل المغسل للصبية محـرماً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا هو الوجه الثاني .

(2) الوسائل 2 : 527 /  أبواب غسل الميِّت ب 23 ح 2 .

ــ[329]ــ

لأنّ الأولوية في الارث لا تسـتلزم المحرمية ، بل مقتضى إطلاقها عدم اعتبار كون الرجل من المحارم .

   ولعلّ الوجه في تقييد الرجل في الرواية بكونه أولى الناس بها عدم جريان العادة على تغسيل الرجال ومباشرتهم لتنظيف الأطفال ، وإنّما جرت العادة على تغسيل المرأة الصبي والصبية ، فتراهن يصحبن الصبي أو الصبية معهن إلى الحمامات ويغسلنهم دون الرجال ، ومن ثمة قيدت الرجل بكونه أولى الناس بها وممّن يتصدى لأمر الصبية وشؤونها .

   هذا كلّه في أصل عدم اعتبار المماثلة بين الغاسل والصبي والصبية .

    التقييد بعدم زيادة السن عن ثلاث

   وأمّا تقييد ذلك بما إذا لم يزد سنهما على ثلاث سنوات ، فهو المشهور بين الأصحاب وقد ورد ذلك في رواية أبي نمير : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) حدثني عن الصبي إلى كم تغسله النِّساء ؟ فقال (عليه السلام) : إلى ثلاث سنين» (1) وهي وإن كانت واردة في الصبي إلاّ أنّها تدل على عدم جواز تغسيل الرجل الصبية بعد ثلاث سنين بطريق أولى .

   ولا يمكن المساعدة على ذلك بوجه ، لضعف الرواية بأبي نمير ، إذ لم يوثق ولم يمدح في الرجال . ودعوى انجبار ضعفها بعمل المشهور على طبقها ، يردها ما مرّ غير مرّة وإن رواها المشايخ الثلاثة (2) .

   وعليه فالتحديد بثلاث سنين إن كان إجماعياً فهو وإلاّ فهو حكم مشهوري لا مثبت له . فلا فرق في عدم اعتبار المماثلة بين الغاسل والصبي والصبية قبل ثلاث سنين وبعدها إلى زمان التمييز ، هذا .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 526 /  أبواب غسل الميِّت ب 23 ح 1 .

(2) الكافي 3 : 160 /  1 ، الفقيه 1 : 94 /  431 ، التهذيب 1 : 341  / 998 .

ــ[330]ــ

   وعن المقنعة (1) والمراسم (2) تحديد ذلك في الصبي ـ لا في الصبية ـ بما إذا كان ابن خمس سنين ، وأمّا إذا زاد سنه على ذلك فلا يجوز للنِّساء أن يغسلنه بل يدفنه بثيابه .

   وهذا ممّا لم نقف له على مدرك ، نعم نقله الصدوق عن شيخه محمّد بن الحسن بن الوليد في جامعه ـ بالاضافة إلى الصبية فحسب ـ ونقل حديثاً بهذا المعنى ناسباً له إلى الحلبي .

   وفي الوسائل عن الشهيد في الذكرى أنّ الصدوق رواه مسنداً (3) عن الحلبي عن الصادق (عليه السلام) في كتاب مدينة العلم (4) .

   إلاّ أن شيئاً من ذلك لا يصلح للاستدلال به .

   أمّا ما ذكره شيخ الصدوق في جامعه فهو فتوى منه ولا اعتبار بها في حقّنا .

   وأمّا ما نسبه إلى الحلبي فلعدم العثور على سنده ، وكذا الحال فيما نقله الشهيد عن الصدوق في مدينة العلم من الرواية المسندة إذ لا علم لنا بسند ذاك الحديث .

   فالصحيح عدم الاعتبار بالتحديد بثلاث أو بخمس سنين ، وثبوت الحكم في حق الصبي والصبية غير المميزين ، لأن مقتضى الاطلاقات عدم اعتبار المماثلة بين الغاسل والميِّت ، وإنّما التزمنا بها للأخبار المتقدِّمة وهي مختصّة بالرجل والمرأة ، إلاّ أن مناسبة الحكم والموضوع يقتضي إلحاق المميز من الصبي والصبية بهما باعتبار المماثلة فيه دون غير المميز منهما .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المقنعة : 87 /  باب تلقين المحتضرين (لكنّه حكم في الزائد عن الخمس بالغسل في الثياب) .

(2) المراسم : 50 /  باب غسل الميِّت (لكنّه حكم في الزائد عن الخمس بالغسل في الثياب) .

(3) الوسائل 2 : 528 /  أبواب غسل الميِّت ب 23 ح 4 .

(4) وهو كتاب لم نره ولم نر من رآه ، لأ نّه كتاب قد فقد .

ــ[331]ــ

   الثاني : الزّوج والزّوجة فيجوز لكل منهما تغسيل الآخر ولو مع وجود المماثل ومع التجرّد (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    من الموارد المستثناة :  الزّوج والزّوجة

   (1) هذا هو المشهور بين الأصحاب أو الأشهر ، وعن الشيخ في التهذيبين (1) وابن زهرة في الغنية (2) والحلبي (3) اختصـاص الحكم بصـورة الاضـطرار ، وعدم جـواز تغسيل كل منهما الآخر إلاّ مع عدم المماثل ، والكلام في هذه المسألة يقع في مقامين :

   أحدهما : في جواز تغسيل كل منهما الآخر في الجملة .

   وثانيهما : بعد ثبوت أصل الجواز هل هو مطلق أو أ نّه يجوز من وراء الثوب أو الدرع .

   أمّا المقام الأوّل :  فلا إشكال في جواز تغسيل كل من الزوج والزوجة صاحبه ولو مع وجود المماثل ، ويدل عليه الأخبار الكثيرة :

   منها :  صحيحة عبدالله بن سنان قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل أيصلح له أن ينظر إلى امرأته حين تموت أو يغسلها (4) فقال : لا بأس بذلك إنّما يفعل ذلك أهل المرأة كراهية أن ينظر زوجها إلى شيء يكرهونه منها» (5) .

   ومنها :  ما عن الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «سئل عن الرجل يغسل امرأته ؟ قال : نعم ، من وراء الثوب لا ينظر إلى شعرها ولا إلى شيء منها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التهذيب 1 : 440 /  1421 ، الاستبصار 1 : 199 /  702 .

(2) الغنية : 102 /  الفصل الثامن عشر من كتاب الصلاة .

(3) الكافي في الفقه : 237 /  في أحكام الجنائز .

(4) سقطت هنا جملة من الرواية وهي «إن لم يكن عندها من يغسّلها ؟ وعن المرأة ، هل تنظر إلى مثل ذلك من زوجها حين يموت ...» .

(5) الوسائل 2 : 528 /  أبواب غسل الميِّت ب 24 ح 1 .

ــ[332]ــ

وإن كان الأحوط الاقتصار على صورة فقد المماثل وكونه من وراء الثياب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والمرأة تغسل زوجها ، لأ نّه إذا مات كانت في عدّة منه ، وإذا ماتت هي فقد انقضت عدّتها» (1) وعلل عدم نظر الزوج إلى زوجته في بعضها الآخر بأ نّه ممّا يكرهه أهل المرأة كما مرّ في الصحيحة المتقدِّمة .

   ومنها :  غير ذلك من الأخبار المصرّحة بالجواز .

   وأمّا الأخبار المستدل بها على عدم جواز ذلك إلاّ مع الاضطرار :

   فمنها :  ما دلّ على أنّ الرجل لا يغسل المرأة إلاّ أن لا توجد امرأة كما في رواية أبي حمزة (2) وغيرها (3) .

   وفيه : أن ما دلّ على ذلك مطلق وغير مختص بالزوج والزوجة ، فعلى تقدير اعتبار سنده لا بدّ من الخروج عنها بما دلّ على جواز تغسيل كل من الزوج والزوجة صاحبه وهو ظاهر .

   ومنها :  صحيحة زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في الرجل يموت وليس معه إلاّ النِّساء ، قال : تغسله امرأته ، لأنّها منه في عدّة وإذا ماتت لم يغسلها لأ نّه ليس منها في عدّة» (4) حيث دلّت على عدم جواز تغسيل الزوج زوجته .

  والجواب عنها : أنّها وإن كانت معتبرة بحسب السند إلاّ أ نّه لا مناص من حملها على التقيّة، لما قيل من ذهاب بعض العامّة إلى ذلك(5) ، لدلالة الأخبار الكثيرة المتقدِّمة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 532 /  أبواب غسل الميِّت ب 24 ح 11 .

(2) الوسائل 2 : 519 /  أبواب غسل الميِّت ب 20 ح 10 .

(3) كما فيما رواه أبو بصير قال : «قال أبو عبدالله (عليه السلام) يغسل الزوج امرأته في السفر والمرأة زوجها في السـفر إذا لم يكن معهم رجـل»  الوسـائل 2 : 533 /  أبواب غسل الميِّت ب 24 ح 14 .

(4) الوسائل 2 : 533 /  أبواب غسل الميِّت ب 24 ح 13 .

(5) المغني 2 : 394 ،  المجموع 5 : 150 .

ــ[333]ــ

على الجواز ، وقد اشتمل بعضها على هذا التعليل أو التعليل بأن ذلك ممّا يكرهه أهل الزوجة ، فان ذلك تعليل بالأمر الخارجي ولا تدل على عدم الجواز شرعاً ، بل يستفاد منها الجواز ، وإنّما المنع من جهة أمر آخر ليس راجعاً إلى الشرع ، كيف وقد ورد في بعضها أنّ الزوج أحق بزوجته حتّى يضعها في قبرها ، ومع التصريح بالجواز لا بدّ من حمل الصحيحة على التقيّة ، أو تحمل الصحيحة على الأفضلية جمعاً بينها وبين صحيحة الحلبي .

   ومنها :  الأخبار الواردة في أن فاطمة (عليها السلام) غسّلها عليّ (عليه السلام) لأنّها كانت صدّيقة والصدّيقة لا يغسلها إلاّ صدّيق (1) .

   وفيها ما رواه مفضل بن عمر : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) من غسّل فاطمة (عليها السلام) ؟ قال : ذاك أمير المؤمنين (عليه السلام) فكأ نّما استضقت (استفظعت) ذلك من قوله ، فقال لي : كأ نّك ضقت ممّا أخبرتك به ؟ فقلت : قد كان ذلك جعلت فداك ، فقال : لا تضيقنّ فانّها صدّيقة لم يكن يغسلها إلاّ صدّيق ... » (2) . لدلالتها على أنّ الرجل لا يجوز له أن يغسل زوجته إلاّ في مقام الضرورة وعدم المماثل ، حيث استعظم الراوي تغسيل الإمام (عليه السلام) لفاطمة (عليها السلام) وهو كاشف عن عدم جواز تغسيل الرجل زوجته ، وأجابه (عليه السلام) بأن ذلك لكونها صديقة وحيث لم توجد في النِّساء صدِّيقة فغسّلها أمير المؤمنين (عليه السلام) لأ نّه صدّيق .

   ولا يخفى أن تلك الروايات لا دلالة لها على كراهة تغسيل الزوج زوجته فضلاً عن الحرمة ، وذلك لأنّ الراوي لم يستعظم ذلك من جهة علمه بحرمته ، وذلك لأن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن يرتكب أمراً غير مشروع ، وإنّما كان مستنداً إلى عظمة مقامه وعدم مناسبته له ، لأ نّه (عليه السلام) لم يكن غسّل إلى ذلك الزمان سوى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وتغسيل الأموات ولا سيما المرأة لم يكن مناسباً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 530 ـ 534 /  أبواب غسل الميِّت ب 24 ح 6 ، 15 ، 16 ، 17 وغيرها .

(2) الوسائل 2 : 530 /  أبواب غسل الميِّت ب 24 ح 6 .

ــ[334]ــ

لمقامه ، فانّ النِّساء إنّما يغسلهن النِّساء دون الرّجال فاسـتعظم ذلك . وأجاب (عليه السلام) بأ نّه لمكانة فاطمة (عليها السلام) لأنّها صدِّيقة والصدِّيقة لايغسلها إلاّ صدِّيق.

   ومنها :  رواية أبي بصير قال : «قال أبو عبدالله (عليه السلام) يغسل الزوج امرأته في السفر والمرأة زوجها في السفر إذا لم يكن معهم رجل» (1) لدلالتها على اعتبار المماثلة مع الاختيار .

   ويدفعها : أنّها ضعيفة السند بقاسم بن محمّد الجوهري (2) فلا يمكن الاعتماد عليها بوجه .

   فتحصل : أ نّه لا إشكال في جواز تغسيل كل من الزوج والزوجة صاحبه في الجملة . هذا كلّه بالاضافة إلى المقام الأوّل .
ــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 533 /  أبواب غسل الميِّت ب 24 ح 14 .

(2) تقدم غير مرّة ان قاسم بن محمّد الجوهري ممّن وقع في أسانيد كامل الزيارات ومعه لا يبقى أيّ ضعف في السند .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net