أقسام ماء الورد 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9835


    أقسام ماء الورد

   وثانيهما : أن ماء الورد على ثلاثة أقسام :

   أحدها : ما اعتصر من الورد كما يعتصر من الرمان وغيره ولم يشاهد هذا في الأعصار المتأخّرة ، ولعلّه كان موجوداً في الأزمنة السالفة .

   وثانيها : الماء المقارن للورد ، كالماء الذي اُلقي عليه شيء من الورد ، وأدنى المجاورة يكفي في صحة الاضافة والاسناد فيصح أن يطلق عليه ماء الورد ، فإنّه لأجل المجاورة يكتسب رائحة الورد ويتعطّر بذلك لا محالة ولكن هذا لا يخرج الماء المقترن بالورد عن الاطلاق ، كما كان يخرجه في القسم السابق ، وهذا لوضوح أن مجرد التعطر بالورد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التهذيب 1 : 219 .

ــ[20]ــ

باكتساب رائحته لا يكون مانعاً عن إطلاق الماء عليه حقيقة ، وهو نظير ما إذا اُلقيت عليه ميتة طاهرة كميتة السمك واكتسب منها رائحة نتنة ، فإن ذلك لا يخرجه عن الاطلاق ويصح استعماله في الوضوء والغسل قطعاً . نعم ، يدخل الماء بذلك تحت عنوان المتغيّر وهو موضوع آخر له أحكام خاصة ، والمتغير غير المضاف إذ المضاف على ما أسمعناك سابقاً هو الذي خلطه أمر آخر على نحو لا يصح أن يطلق عليه الماء حقيقة بلا إضافته إلى شيء كما في ماء الرمان وفي القسم المتقدم من ماء الورد ، إلاّ على سبيل العناية والمجاز . وأمّا إذا كان الماء أكثر مما اُضيف إليه بحيث صحّ أن يطلق عليه الماء بلا إضـافته كما صحّت إضـافته إلى الورد أيضاً ، فهو ماء مطلق كما عرفت في نظائره من ماء البحر أو البئر ونحوهما .

   وثالثها : ماء الورد المتعارف في زماننا هذا ، وهو الماء الذي يلقى عليه مقدار من الورد ثم يغلى فيتقطر بسبب البخار ، وما يؤخذ من التقطير يسمى بماء الورد ، وهذا القسم أيضاً خارج عن المضاف ، لما قدمناه من أن مجرد الاكتساب وصيرورة الماء متعطّراً بالورد لا يخرجه عن الاطلاق ، فإنّه إنّما يصير مضافاً فيما إذا خلطه الورد بمقدار أكثر من الماء حتى يسلب عنه الاطلاق كما في ماء الرمان ، وليس الأمر كذلك في ماء الورد فإن أكثره ماء والورد المخلوط به أقل منه بمراتب ، وهو نظير ما إذا صببنا قطرة من عطور كاشان على قارورة مملوءة من الماء فإنّها توجب تعطر الماء بأجمعه ، مع أن القطرة المصبوبة بالاضافة إلى ماء القارورة في غاية القلة . فامثال ذلك لا يخرج الماء عن الاطلاق ، وإنّما يتوهّم إضافته من يتوهّمها من أجل قلته ، فلو كان المضاف كثير الدوران والوجود خارجاً لما حسبناه إلاّ ماءً متغيراً بريح طيب ، ومن هنا لو فرضنا بحراً خلقه الله تعالى بتلك الرائحة لما أمكننا الحكم باضافته بوجه .

   فإلى هنا ظهر أن لماء الورد أقساماً ثلاثة : الأول منها مضاف والقسمان الأخيران باقيان على إطلاقهما ، وعليه فلا محيص من حمل الرواية على القسمين الأخيرين ، فإن القسم المضاف منها لا يوجد في الأعصار المتأخرة ولعلّه لم يكن موجوداً في زمان الأئمة (عليهم السلام) أيضاً فلا تشمله الرواية ، وجواز الوضوء والغسل في القسمين الأخيرين على طبق القاعدة ، هذا .

ــ[21]ــ

   ثم لو شككنا في ذلك ولم ندر أن المراد بماء الورد في الرواية هل هو خصوص القسمين المطلقين ، أو الأعم منهما ومن قسم المضاف فنقول : إن مقتضى إطلاق الرواية جواز الغسل والوضوء بجميع الأقسام الثلاثة المتقدمة مطلقها ومضافها ، ومقتضى إطلاق الآية المباركة (إذا قمتم إلى الصّلاة ) وغيرها مما دلّ على انحصار الطهور بالماء والتراب وجوب الوضوء والغسل بالماء وبالتيمم على تقدير فقدانه مطلقاً ، سواء أ كان متمكناً من القسم المضاف أم لم يكن ، فلا يكون وجوده مانعاً عن التيمم بحسب إطلاق الآية المباركة ، والنسبة بينهما عموم من وجه فيتعارضان في مادة اجتماعهما وهي ما إذا لم يكن هناك ماء وكان متمكناً من القسم المضاف ، فإنّها مورد للتيمّم بحسب إطلاق الآية المباركة ، ومورد للوضـوء حسب ما يقتضيه إطلاق الرواية وبذلك تسقط الرواية عن الاعتبار ويحكم بوجوب التيمم مع وجود القسم المضاف وذلك لما بيناه في محله من أن الرواية إذا كانت معارضة للكتاب بالعموم من وجه فمقتضى القاعدة سقوطها عن الاعتبار لمخالفتها للكتاب في مادة الاجتماع وهذه المناقشة هي الصحيحة .

   وربّما يجاب عن الاستدلال بالرواية بوجه آخر وهو : أن لفظة «ورد» يحتمل أن تكون بكسر الواو وسكون الراء ، وماء الوِرد بمعنى الماء الذي ترد عليه الدواب وغيرها للشراب ، ولعلّ السائل كان في ذهنه أن مثله مما تبول فيه الدواب ، ولأجله سأله عن حكم الوضوء والغسل به ، وعليه فالرواية مجملة لا يمكن الاستدلال بها على شيء .

   ويدفعه : ان هذا الاحتمال ساقط لا يعتنى به ، لأ نّه إنّما يتجه فيما لو كانت الأخبار الواجب اتباعها مكتوبة في كتاب وواصلة إلى أرباب الحديث بالكتابة ، فبما أ نّها ليست معرّبة ومشكّلة يمكن أن يتطرق عليها احتمال الكسر والفتح وغيرهما من الاحتمالات ، ولكن الأمر ليس كذلك فإنّهم أخذوا الأخبار عن رواتها الموثوق بهم بالقراءة ، ووصلت إليهم سماعاً عن سماع وقراءةً بعد قراءة على الكيفية التي وصلت إليهم ، وحيث إن راوي هذه الرواية وهو الصّدوق (قدس سره) قد نقلها بفتح الواو حيث استدلّ بها على جواز الوضوء بالجلاّب فيجب اتباعه في نقله ، ولا يصغى معه إلى

ــ[22]ــ

احتمال كسر الواو ، فإنّه يستلزم فتح باب جديد للاستنباط لتطرق هذه الاحتمالات في أكثر الأخبار ، وهو يسقطها عن الاعتبار ، هذا كلّه فيما ذهب إليه الصّدوق (طاب ثراه) .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net