انفعال الماء بأقسامه بالتغيّر بأحد الأوصاف الثلاثة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8061


   أحكام الماء المتغيِّر

   (1) قد قسمنا الماء بلحاظ الانفعال وعدمه إلى أقسام ثلاثة :

   أحدها : ما لا ينفعل لاعتصامه بمادته كما في البئر ، والجاري ، والحمّام .

   وثانيها : ما لا ينفعل لاعتصامه بنفسه وكثرته كما في الكر .

   وثالثها : ما لا مادّة له ولا كثرة فيه وهو قابل للانفعال .

   وهذه الأقسام بأجمعها ينفعل إذا تغير بأحد أوصاف النجس من الطعم والرائحة واللون بملاقاته . والمستند في ذلك هو الروايات المستفيضة الواردة من طرقنا وهي من الكثرة بمكان ربّما يدعى تواترها ، ومعها لا حاجة إلى الاستدلال بالنبويات المروية بطرق العامة من قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «خلق الله الماء طهوراً لا ينجسه شيء إلاّ ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه» (1) ولا يحتمل فيها الانجبار لوجود ما يعتمد عليه من طرقنا ، كما لا نحتاج إلى التمسك بما رواه في دعائم الإسـلام عن علي (عليه السلام) «في الماء الجاري يمر بالجيف والعذرة والدم يتوضأ منه ويشرب وليس ينجسه شيء ما لم يتغير أوصافه : طعمه ولونه وريحه» (2) لارسال رواياته ، وإن كان مصنفه وهو قاضي نعمان المصري فاضلاً ومن أجلاء عصره . والأخبار الواردة من طرقنا على طوائف ثلاث :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 135 / أبواب الماء المطلق ب 1 ح 9 . وقد قدّمنا نقلها [ في ص 11 ] عن كنز العمّال وموضعين من سنن البيهقي .

(2) المستدرك 1 : 188 / أبواب الماء المطلق ب 3 ح 1 . وعن دعائم الإسلام 1 : 111 .

ــ[57]ــ

   الطائفة الاُولى : ما دلّ على انفعال طبيعي الماء بالتغير بأحد أوصاف النجس كصحيحة حريز بن عبدالله عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ من الماء واشرب ، فإذا تغير الماء وتغير الطعم فلا توضّأ منه ولا  تشرب» (1) وموثقة سماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «سألته عن الرجل يمر بالماء وفيه دابة ميتة قد أنتنت ؟ قال : إذا كان النتن الغالب على الماء فلا  يتوضّأ ولا  يشرب» (2) والمذكور فيهما كما ترى طبيعي الماء على وجه الاطلاق .

   الطائفة الثانية : ما دلّ على انفعال ما لا مادّة له وهو الكر بالتغير بأوصاف النجس ، كصحيحة عبدالله بن سنان قال : «سأل رجل أبا عبدالله (عليه السلام) وأنا حاضر عن غدير أتوه وفيه جيفة ؟ فقال : إن كان الماء قاهراً ولا توجد منه الريح فتوضأ» (3) وما رواه زرارة قال قال أبو جعفر (عليه السلام) : «إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجسه شيء تفسخ فيه أو لم يتفسخ إلاّ أن يجيء له ريح تغلب على ريح الماء» (4) ورواية حريز عن أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «أ نّه سُئل عن الماء النقيع تبول فيه الدواب ؟ فقال : إن تغيّر الماء فلا تتوضأ منه ، وإن لم تغيره أبوالها فتوضأ منه ، وكذلك الدم إذا سال في الماء وأشباهه» (5) . ومحل الاستشهاد فيها هو قوله (عليه السلام) وكذلك الدم إلى قوله وأشباهه . وأمّا صدرها وهو الذي دلّ على نجاسة أبوال الدواب فلعلّه محمول على التقيّة، لأن العامّة ذهبوا إلى نجاسة أبوال البغال والحمير ونحوهما (6) وهذه الروايات قد اشتملت على الماء النقيع وهو الماء النازح

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 137 / أبواب الماء المطلق ب 3 ح 1 .

(2) الوسائل 1 : 139 / أبواب الماء المطلق ب 3 ح 6 .

(3) الوسائل 1 : 141 / أبواب الماء المطلق ب 3 ح 11 .

(4) الوسائل 1 : 140 / أبواب الماء المطلق ب 3 ح 8 .

(5) الوسائل 1 : 138 / أبواب الماء المطلق ب 3 ح 3 .

(6) قال ابن حزم في المحلّى المجلد 1 ص 168 البول كلّه من كل حيوان : إنسان أو غير إنسان ممّا يؤكل لحمه أو لا يؤكل لحمه نحو ما ذكرنا كذلك ، أو من طائر يؤكل لحمه أو لا يؤكل لحمه  

ــ[58]ــ

حتى الجاري منه ينجس إذا تغيّر بالنجاسة في أحد أوصافه الثلاثة من الطعم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المجتمع في الغدران وماء الغدير وغير ذلك من المياه البالغة كراً من دون أن تكون لها مادّة .

   الطائفة الثالثة : ما دلّ على انفعال ماله مادّة كالبئر إذا تغير بأحد أوصاف النجس ، وهي كصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا (عليه السلام) قال : «ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلاّ أن يتغيّر ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب طعمه لأن له مادّة» (1) وهي واردة في ماله مادّة وهو ظاهر ، وبهذه الطوائف الثلاث نبني على انفعال مطلق الماء إذا تغيّر بأحد أوصاف النجس .

ــــــــــــــــــــــــــــ

 فكل ذاك حرام أكله وشربه إلى أن قال: وفرض اجتنابه في الطهارة والصلاة ، إلاّ ما لا يمكن التحفّظ منه إلاّ بحرج فهو معفو عنه كونيم الذباب ، ونجو البراغيث. وقال أبو حنيفة : أمّا البول فكله نجس سواء كان مما يؤكل لحمه أو مما لا يؤكل لحمه ، إلاّ أن بعضه أغلظ نجاسة من بعض . فبول كل ما يؤكل لحمه من فرس ، أو شاة أو بعير ، أو بقرة . أو غير ذلك لا ينجس الثوب ، ولا تعاد منه الصلاة إلاّ أن يكون كثيراً فاحشاً فينجس وتعاد منه الصلاة أبداً . ولم يحد أبو حنيفة ـ  في المشهور عنه  ـ في الكثير حداً ، وحده أبو يوسف بان يكون شبراً في شبر . قال : فلو بالت شاة في بئر تنجست وتنزح كلّها . قالوا : وأمّا بول الانسان وما لا يؤكل لحمه فلا تعاد منه الصلاة ، ولا ينجس الثوب إلاّ أن يكون أكثر من قدر الدرهم البغلِّي ، فإن كان كذلك نجس الثوب ، وأعيدت منه الصلاة أبداً ، فإن كان قدر الدرهم البغلِّي فأقل لم ينجس الثوب ولم تعد منه الصلاة وأمّا الروث فإنّه سواء كلّه كان مما يؤكل لحمه أو مما لا يؤكل لحمه من بقر كان أو من فرس أو من حمار أو غير ذلك . وإن كان في الثوب منه أو النعل ، أو الخف ، أو الجسد أكثر من قدر الدرهم البغلِّي بطلت الصلاة وأعادها أبداً وإن كان قدر الدرهم البغلِّي فأقلّ لم يضرّ شيئاً إلى أن قال : وأمّا بول ما لا يؤكل لحمه ونجوه ، ونجو ما يؤكل لحمه فكل ذلك نجس . وقال مالك : بول ما لا يؤكل لحمه ونجوه نجس وبول ما يؤكل لحمه ونجوه طاهران . وقال داود : بول كل حيوان ونجوه ـ  أكل لحمه أو لم يؤكل  ـ فهو طاهر ، حاشا بول الانسان ونجوه فقط ، فهما نجسان . وقال الشافعي : مثل قولنا الذي صدرناه به . راجع المجلد 1 ص 16 الفقه على المذاهب الأربعة .

(1) الوسائل 1 : 141 / أبواب الماء المطلق ب 3 ح 12 ، و ص 172 ب  14 ح 6 .

ــ[59]ــ

والرائحة واللّون (1) بشرط أن يكون بملاقـاة النجاسـة ، فلا يتنجّس إذا كان

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net