انتقاض التيمم بدل الغسل ـ غير الجنابة ـ بالحدث الأصغر 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4390


ــ[402]ــ

سابقاً ، لأن ظاهر التوصيف هو التلبس الفعلي ـ يتيمّم ويصلِّي جماعة ، فهو مع كونه جنباً متيمم ومتطهر حيث قال : «يتيمّم الجنب ويصلِّي بهم» أي يصلِّي الجنب بهم فدلّتنا على أنّ التيمّم غير رافع للجنابة وإنّما هو موجب للطهارة مع بقاء المكلّف على جنابته .

   ثمّ لو أغمضنا عن تلكم الروايات ففي الكتاب والسنّة غنى وكفاية ، بالإضافة إلى ما تقدم من أنّ الجنابة عنوان يبقى مع التيمّم كما عرفت .

   والمتحصل: أنّ المكلّف في مفروض المسألة يتيمّم وإن كان ضم الوضوء إليه أحوط هذا كلّه في حدث الجنابة .

   وأمّا المحدث بسائر الأحداث كحدث الحيض والنفاس ومسّ الميت ونحوها إذا تيمّم بدلاً عن الغسل ثمّ أحدث بالأصغر فلا ينبغي الإشكال في وجوب الوضوء عليه ، للإطلاقات الدالّة على وجوب الطّهارة المائية عند الحدث ، وذلك لعدم الدليل على إغناء التيمّم البدل عن الغسل في غير الجنابة عن الوضوء وإن قلنا بالإغناء في الأغسال ، فلو لم يتمكّن من الماء للوضوء تيمّم بدلاً عن الوضوء .

   وأمّا التيمّم الّذي أتى به بدلاً عن الغسل فهل يبطل باحداثه بحدث أصغر ليجب عليه التيمّم ثانياً بدلاً عن الغسل ، أو أ نّه لا يبطل ؟

   لا يأتي فيه ما ذكرناه في حدث الجنابة ، لأ نّه ليس له عنوان ينطبق على المكلّف بعد تيمّمه إذا أحدث كعنوان ملامسة النِّساء أو الجنابة كما قدمناه ، وليس هو مورداً للتمسك بالإطلاقات كما في الجنابة .

   إلاّ أن حكم التيمّم بدلاً عن سائر الأحداث حكم التيمّم بدلاً عن غسل الجنابة وذلك لأن موثقة سماعة الّتي رواها في الوسائل في الباب الأوّل من الجنابة (1) المشتملة على جميع أسباب الغسل تدلّنا على أنّ الغسل من تلك الأحداث كالحيض والنفاس ومسّ الميت والجنابة إنّما هو شرط لصحّة الصلوات الآتية ، فالأغسال واجبة وجوباً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 273 / ح 3 .

ــ[403]ــ

شرطياً لا نفسياً وهو ظاهر .

   ومقتضى تلك الموثقة أنّ المحدث بحدث من تلك الأحداث مادام لم يغتسل لم تقع صلواته الّتي بعد(1) الغسل صحيحة ، فلو كنّا نحن وهذه الموثقة لقلنا بسقوط الصلاة عن المحدث بحدث منها إذا لم يجد ماءً يغتسل به ، لعدم تمكّنه من شرط الصلاة الّذي هو الاغتسال قبلها ، ولكن الأدلّة الدالّة على بدلية التراب عن الماء تدلّنا على أنّ الفاقد للماء مأمور بالتيمّم بدلاً عن الغسل فنحكم بها بوجوب الصلاة عليه وصحّتها إذا وقعت بعد تيمّمه .

   إلاّ أن تلك الأدلّة ليس لها إطلاق يشمل ما لو أحدث المكلّف بالأصغر بعد التيمّم وذلك للدليل الدال على أن بدلية التراب محدودة بعدم إحداثه وعدم إصابته الماء حيث قال : «ما لم يحدث أو يصب ماءً» فعلمنا من ذلك أنّ البدلية وما دلّ على جواز إيقاع الصلوات النهارية واللّيلية بتيمم واحد إنّما هما إذا لم يحدث المكلّف ولم يصب ماءً، وأمّا بعد ما يحدث فأين أدلّة البدلية والإطلاقات حتّى نتمسّك بها بعد الحدث .

   إذن لا بدّ إمّا أن يغتسل حتّى تصح منه الصلوات المتأخرة عنه أو يتيمّم بدلاً عنه إذا لم يجد ماءً ، فيجب عليه أن يتيمّم بدلاً عن الغسل ويتوضأ أو يتيمّم تيمماً آخر بدلاً عن الوضوء .

   والّذي يدلّنا على ذلك ـ مضافاً إلى ما تقدم ـ صحيحة أبي همام عن الرضا (عليه السلام) قال : «يتيمّم لكل صلاة حتّى يوجد الماء»(2) فان مقتضاها وجوب التيمّم على الفاقد لكل صلاة ، وقد خرجنا عنها فيما إذا لم يحدث بالحدث الأصغر بما دلّنا على جواز إيقاع صلوات اللّيل والنهار أو غيرهما بتيمم واحد ما لم يحدث أو يصب ماءً (3) ، وتبقى صورة إحداثه بالأصغر مشمولة للصحيحة وهي تقتضي وجوب التيمّم للصلوات الآتية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) والصحيح : قبل الغسل .

(2) الوسائل 3 : 379 /  أبواب التيمّم ب 20 ح 4 .

(3) راجع نفس الباب المتقدم .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net