فضل الرواتب اليومية وعددها - القيام في صلاة الوتيرة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 16486


ــ[43]ــ

   وأما النوافل فكثيرة ، آكدها الرواتب اليومية ، وهي في غير يوم الجمعة أربع وثلاثون ركعة ثمان ركعات قبل الظهر ، وثمان ركعات قبل العصر ، وأربع ركعات بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء من جلوس تعدّان بركعة(1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) قد ورد الحثّ الأكيد والاهتمام البليغ بشأن الرواتب اليومية والمحافظة عليها في تضاعيف الأخبار(1) ، وأنها مكمّلة للفرائض ومن علامات المؤمن ، بل في بعضها : أنّ ترك البعض منها معصية ، أو فعلها واجب ونحو ذلك مما لم يرد في بقية النوافل ، ولأجله كانت هي أفضل وآكد ، مضافاً إلى ظهور الاجماع والتسالم عليه .

   وأما عددها : فهي في غير يوم الجمعة أربع وثلاثون ركعة : ثمان ركعات قبل الظهر ، وثمان قبل العصر ، وأربع بعد المغرب ، وركعتان بعد العشاء من جلوس تعدّان بركعة ، وركعتان قبل صلاة الفجر ، وإحدى عشرة ركعة صلاة الليل ، فيكون المجموع بضميمة الفرائض إحدى وخمسين ركعة . وقد استفاضت النصوص بل تواترت بذلك(2) .

a  والظاهر اتفاق الأصحاب عليه وإن اختلفت كلماتهم كالنصوص في التعبير عنها بالخمسين تارة ، وباحدى وخمسين اُخرى ، لكن ذلك مجرد اختلاف في التعبير وفي كيفية العدّ والاحتساب بعد التسالم على الحكم ، فان القصر على الخمسين مبني على عدم كون الوتيرة أعني نافلة العشاء من الرواتب بحسب الجعل الأوّلي وبلحاظ أصل التشريع ، إما لما في بعض الأخبار من أنها بدل عن الوتر(3) فلم يجمع بين البدل والمبدل منه في العدّ ، أو لما في بعضها الآخر(4) من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 70 / أبواب أعداد الفرائض ب 17 وما بعده من الأبواب .

(2) الوسائل 4 : 45 / أبواب أعداد الفرائض ب 13 .

(3) الوسائل 4 : 45 / أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 2 وب 29 ح 8 .

(4) الوسائل 4 : 95 / أبواب أعداد الفرائض ب 29 ح 3 .

ــ[44]ــ

أنها إنما شرّعت لاستكمال العدد كي يكون عدد النوافل ضعف الفرائض ، فكأنها لم تكن مجعولة بالذات ولذا لم تحسب منها .

   وكيف كان ، فلا ينبغي الاشكال في الحكم نصاً وفتوى . نعم قد يتراءى من بعض الأخبار ما يوهم خلاف ذلك كصحيح زرارة الدال على أن المجموع أربع وأربعون ركعة باسقاط ركعتين من نافلة المغرب ، وأربع ركعات من نافلة العصر ، قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ما جرت به السنة في الصلاة ؟ فقال : ثمان ركعات الزوال ، وركعتان بعد الظهر ، وركعتان قبل العصر ، وركعتان بعد المغرب ، وثلاث عشرة ركعة من آخر الليل منها الوتر وركعتا الفجر ، قلت : فهذا جميع ما جرت به السنة ؟ قال : نعم» الحديث(1) لكنها لأجل مخالفتها مع تلكم النصوص المستفيضة كما عرفت لا بد من التصرف فيها ، إما بالحمل على اختلاف مراتب الفضل وأن هذه الست ركعات ليست بمثابة الباقي في الفضيلة ، فيكون المراد بما جرت به السنة هو الذي استمرت عليه سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بحيث لم يكن يأتي بأقل منها اهتماماً بشأنها ، أو أنها تحمل على التقية .

   وربما يوجد في بعض الأخبار ما يوهم غير ذلك ، وهي أيضاً محمولة على اختلاف مراتب الفضل وليست من تعارض الأخبار كما لا يخفى .

   ثم إن نافلة العصر لا إشكال في كونها ثمان ركعات قبل فريضة العصر كما عرفت وإن اختلف التعبير عن ذلك في لسان الأخبار ، ففي بعضها عبّر بمثل ذلك كما في رواية الفضل بن شاذان(2) .

   وفي بعضها : أنها أربع بعد الظهر وأربع قبل العصر كما في رواية البزنطي(3) .

   وفي ثالث : أنها ثمانية بعد الظهر كما في رواية الحارث بن المغيرة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 59 / أبواب أعداد الفرائض ب 14 ح 3 .

(2) الوسائل 4 : 54 / أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 23 .

(3) الوسائل 4 : 47 / أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 7 .

ــ[45]ــ

ويجوز فيهما القيام((1)) بل هو الأفضل (1) وإن كان الجلوس أحوط ، وتسمى بالوتيرة ، وركعتان قبل صلاة الفجر ، وإحدى عشرة ركعة صلاة الليل وهي ثمان ركعات ، والشفع ركعتان ، والوتر ركعة واحدة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النضري(2) . والموجود في الوسائل النصري بالصاد ، والصحيح ما ذكرناه .

   وفي رابع : أنها ست ركعات بعد الظهر ، وركعتان قبل العصر كما في موثقة سليمان بن خالد(3) .

   وبالجملة : فالمراد من الجميع شيء واحد وإنما الاختلاف في مجرد التعبير .

   ثم إن ما في بعض الأخبار من أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يأوي بعد العشاء الآخرة إلى فراشه ولم يكن يأتي بالوتيرة(4) ، لا ينافي استحبابها وكونها من الرواتب ، إذ من الجائز أنّ ذلك من جهة أنها بدل عن نافلة الليل فيحتسب عنها فيما إذا لم يوفّق المكلف لها كما نص عليه في جملة من الأخبار ، وحيث إن نافلة الليل كانت واجبة عليه (صلى الله عليه وآله) ولم يكن هناك احتمال الفوت فلا موضوع للبدل بعد الجزم باتيان المبدل منه .

   (1) كما صرّح به وبأفضليته غير واحد على ما هو الشأن في سائر النوافل ، ويستدل له بروايتين ، إحداهما : موثقة سليمان بن خالد عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال :  . . . وركعتان بعد العشاء الآخرة يقرأ فيهما مائة آية قائماً أو قاعداً ، والقيام أفضل ، ولا تعدّهما من الخمسين»(5) .

a  ثانيتهما : معتبرة الحارث بن المغيرة « . . . وركعتان بعد العشاء الآخرة كان أبي يصليهما وهو قاعد وأنا اُصليهما وأنا قائم . . .»الخ(6) فانّهما صريحتان في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، بل الأظهر عدم جوازه .

(2) الوسائل 4 : 48 / أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 9 .

(3) الوسائل 4 : 51 / ابواب اعداد الفرائض ب 13 ح 16 .

(4) الوسائل 4 : 61 / أبواب أعداد الفرائض ب 14 ح 6 .

(5) ، (6) الوسائل 4 : 51 / أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 16 ، 9 .

ــ[46]ــ

الجواز ، كما أن الاُولى ناطقة بالأفضلية والثانية ظاهرة فيها ، نظراً إلى أن الاختلاف بين الصادق وأبيه (عليهما السلام) في الكيفية مستند إلى صعوبة القيام الناشئة من كبر السن وعظم جثته الشريفة كما اُشير إليه في رواية حنان بن سدير عن أبيه قال : «قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : أتصلي النوافل وأنت قاعد ؟ فقال : ما اُصليها إلا وأنا قاعد منذ حملت هذا اللحم وما بلغت هذا السن»(1) . وأما الصادق (عليه السلام) فحيث لم يكن كذلك اختار القيام لأفضليته .

   ولكن الظاهر عدم المشروعية فضلاً عن الأفضلية ، وأن الجلوس معتبر في حقيقة الوتيرة لتقييد دليل التشريع بذلك ، فان النصوص برمّتها قد تضمنت ذلك ، وفي بعضها(2) التصريح بأنهما تحسبان بركعة واحدة تكملة لعدد النوافل لكي تكون ضعف الفرائض ، وفي بعضها(3) أن الرضا (عليه السلام) كان يصليهما عن جلوس مع أنه (عليه السلام) لم يكن بديناً ، فلولا أنهما مقيدتان بالجلوس لم يكن وجه لاختياره وترك ما يدعى أنه الأفضل ، كما لم يكن وجه للتكميل المزبور ، لتقوّمه باحتسابهما ركعة واحدة ، فلو ساغ فيهما القيام لأصبحتا ركعتين وزاد عدد الفرائض عن ضعف الفرائض بركعة واحدة ولم تتحقق التكملة .

a  وأما الروايتان المزبورتان فالظاهر أنهما ناظرتان إلى صلاة اُخرى تستحب بعد العشاء غير الوتيرة ، ولا تحسبان من النوافل المرتّبة ولا تعدّان منها كما صرّح بذلك في ذيل موثقة سليمان بن خالد(4) وهما اللتان يستحب فيهما القيام

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 5 : 491 / أبواب القيام ب 4 ح 1 .

(2) الوسائل 4 : 95 / أبواب أعداد الفرائض ب 29 ح 3 ، 6 .

(3) الوسائل 4 : 47 / أبواب أعداد الفرائض ب 13 ح 7 .

(4) الوسائل 4 : 51 / أبواب اعداد الفرائض ب 13 ح 16 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net