وجوب تحصيل الساتر الصلاتي ولو باجارة ونحوها - حكم لباس الشهرة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6407


ــ[388]ــ

   [1309] مسألة 41 : يجب تحصيل الساتر للصلاة ولو باجارة أو شراء (1) . ولو كان بأزيد من عوض المثل ما لم يجحف بماله ولم يضر بحاله ، ويجب قبول الهبة أو العارية ما لم يكن فيه حرج ، بل يجب الاستعارة والاستيهاب كذلك .

   [1310] مسألة 42 : يحرم لبس لباس الشهرة((1)) بأن يلبس خلاف زيّه من حيث جنس اللباس ، أو من حيث لونه ، أو من حيث وضعه وتفصيله وخياطته كأن يلبس العالم لباس الجندي ، أو بالعكس مثلاً (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المقام ـ كما في النساء وكما في الحرب أو الضرورة ـ غير مسموعة كما مرّ سابقاً(2) فلاحظ .

   (1) لوجوب تحصيل مقدّمات الواجب المطلق عقلاً ولو استلزم صرف المال ما لم يبلغ حدّ الإجحاف والإضرار بالحال ، كما لو اُريد بأضعاف قيمته ، فيرتفع حينئذ بدليل نفي الحرج والضرر . فلو اُهدي الساتر وجب القبول ما لم يتضمّن المنّة ، بل وجبت الاستعارة والاستيهاب ما لم تكن فيه ذلّة ، وإلا فمع المهانة أو الامتنان اللذين يشقّ تحملهما عادة يرتفع الوجوب بدليل نفي الحرج كما هو ظاهر .

   (2) فسّر (قدس سره) لباس الشهرة بلبس الإنسان ما هو خلاف زيّه من حيث الجنس أو اللون أو سائر الخصوصيات ، ومثّل له بلبس العالم لباس الجندي أو العكس . وكأنّه استند في تحريمه إلى النهي الوارد في جملة من النصوص المذكورة في الوسائل . كمصحّح أبي أيّوب الخزّاز عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «إنّ الله تعالى يبغض شهرة اللباس»(3) .

   ومرسل ابن مسكان عنه (عليه السلام) قال : «كفى بالمرء خزياً أن يلبس

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط في غير ما إذا انطبق عليه عنوان الهتك ونحوه .

(2) في ص 342 .

(3) الوسائل 5  : 24 / أبواب أحكام الملابس ب 12 ح 1 .

ــ[389]ــ

ثوباً يشهره ، أو يركب دابّة تشهره»(1) .

   ومرسل عثمان بن عيسى عنه (عليه السلام) قال : «الشهرة خيرها وشرّها في النار»(2) .

   وخبر أبي سعيد عن الحسين (عليه السلام) قال : « من لبس ثوباً يشهره كساه الله يوم القيامة ثوباً من النار»(3) .

   وخبر ابن القداح عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال «قال أميرالمؤمنين (عليه السلام) : نهاني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن لبس ثياب الشهرة . . .»الخ . وهذا الاخير مذكور في باب 17 من أحكام الملابس الحديث 5 الوسائل(4) .

   لكن هذه الأخبار مضافاً إلى ضعف أسانيد ما عدا الأوّل منها إمّا من جهة الإرسال ، أو وجود سهل بن زياد في الطريق كما في الأخير ، أو محمد بن سنان كما فيما قبله . تتطرّق المناقشة في دلالتها على النهي عن لباس الشهرة بالمعنى الذي فسّره الماتن ، فانّ الظاهر من هذه الأخبار كون الممنوع لبس ما يوجب اشتهار لابسه بين الناس ، بحيث يعرف به ويكون مميّزا له عمّا عداه ، كأن يلبس الإنسان عمامة حمراء أو ذات حنكين أو الفروة مقلوبة ونحو ذلك ممّا يكون معرّفاً للشخص ويشار إليه بالبنان ، فيوجب اشتهاره بين الناس لامتيازه عنهم .

   ومن الواضح أنّ مجرّد لبس ما هو خلاف الزي لا يقتضي ذلك ، فلو لبس العالم لباس الجندي أو بالعكس ودخل في بلدة غريبة لا يشتهر بذلك ، لمساواته في اللبس مع أهل ذاك اللباس ، بخلاف لبس مثل العمامة الحمراء الموجب للاشتهار حيثما كان ، لاختصاصه به وعدم اشتراك غيره معه .

   وبالجملة : الخروج عن الزي شيء والاشتهار باللباس شيء آخر ، والنسبة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) ، (3) الوسائل 5  : 24 / أبواب أحكام الملابس ب 12 ح 2 ، 3 ، 4 .

(4) الوسائل 5  : 30 / أبواب أحكام الملابس ب 17 ح 5 .

ــ[390]ــ

بينهما عموم من وجه ، والأخبار إنّما تشير إلى المعنى الثاني دون الأوّل والموضوع فيها مطلق ما يوجب الاشتهار من اللباس أو الدابة وغيرهما كما يقتضيه الإطلاق في بعض تلك الأخبار ، ولا يختص بالثياب ، ولذا عنون الباب في الكافي بباب كراهة الاشتهار بين الناس .

   ويؤيّد ما ذكرناه في تفسير هذه الأخبار صحيح حماد بن عثمان قال : «كنت حاضراً لأبي(1) عبدالله (عليه السلام) إذ قال له رجل : أصلحك الله ذكرت أنّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان يلبس الخشن ، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ، ونرى عليك اللباس الجيّد ، قال فقال له : إنّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر ، ولو لبس مثل ذلك اليوم لشهر به ، فخير لباس كلّ زمان لباس أهله . .»(2) .

   حيث يظهر منه أنّ المذموم ليس مجرّد الخروج عن الزي ، بأن يلبس العالم لباس الجندي أو بالعكس ولو في داره مدّة قليلة دون أن يطّلع عليه أحد ، بحيث يكون حكمه حكم لبس الرجل الذهب أو الحرير ، بل العبرة أن يشهر به بين الناس ويكون من أوصافه ونعوته التي يعرف بها كالأمثلة المتقدّمة ، فيقال مثلاً : الرجل الذي عمامته حمراء وهكذا .

   ثم إنّ لباس الشهرة بالمعنى الأوّل الذي فسّره في المتن لا دليل على حرمته بل ولا قائل به فيما نعلم ، وأمّا المعنى الثاني الذي تضمّنته هذه الأخبار فلا يمكن الالتزام بحرمته أيضاً ، فانّ الصحيحة الأخيرة المتقدّمة آنفاً لا يظهر منها أكثر من الكراهة كما لا يخفى ، وما عداها من الروايات السابقة كلّها ضعيفة السند ما عدا الاُولى منها كما عرفت . والرواية الاُولى وإن كانت صحيحة وبحسب الدلالة ظاهرة ، لظهور كلمة يبغض في الحرمة ، إلا أنّه لأجل عدم ذهاب الأصحاب إلى التحريم ، بل لم يعهد القول به صريحاً من أحد ، لا يمكن الالتزام

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [في الكافي 6  : 444 / 15 عند أبي عبدالله بدل لأبي عبدالله] .

(2) الوسائل 5  : 17 / أبواب أحكام الملابس ب 7 ح 7 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net