التصرف في التركة قبل إخراج الحق منها - كفاية رضا المالك من دون إذن في جواز التصرف 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5763


ــ[39]ــ

   [1332] مسألة 14 : من مات وعليه من حقوق الناس كالمظالم أو الزكاة أو الخمس لا يجوز لورثته التصرف في تركته((1)) ولو بالصلاة في داره قبل أداء ما عليه من الحقوق (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كما مرّ يتبعها أينما تحققت وإن انتقلت إلى الغير ، ولازمه بطلان النقل بنسبته لكونه تصرفاً في ملك الغير بغير إذنه ، غير أنهم (عليهم السلام) أباحوا حقهم وأذنوا في هذا التصرف ، ولازمه انتقال الحق من العين إلى العوض لو كان له عوض ، وإلا كما في الهبة غير المعوضة ينتقل إلى ذمة مَن عليه الخمس ، سواء أكان ممن يعتقد به أم لا ، فاذا كان الموافق فضلاً عن المخالف له مال فيه الخمس فاشترى به داراً فمقتضى أخبار التحليل صحة هذا البيع ونفوذه من دون حاجة الى مراجعة الحاكم لصدور الاذن العام ممّن هو المالك لأمر الخمس ، أعني الامام (عليه السلام) فيملك البائع جميع المال أعني الثمن وينتقل الخمس منه إلى بدله أعني الدار ، ولو نقله بلا عوض كما لو وهب المال صح وانتقل الخمس إلى الذمة .

   ويؤيد ما ذكرناه من انتقال الخمس إلى العوض : رواية حارث بن حصيرة الأزدي الواردة في من وجد كنزاً فباعه بغنم ، حيث حكم الامام (عليه السلام) بتعلق الخمس بالغنم(2) والرواية وإن كانت ضعيفة السند لكنها مؤيدة للمطلوب .

   (1) ذكر (قدس سره) في هذه المسألة أنه لا يجوز التصرف في تركة مَن مات وعليه من حقوق الناس شيء من المظالم أو الزكاة أو الخمس قبل أداء ما عليه من الحقوق ، وذكر (قدس سرّه) في المسألة الآتية أنّ من مات وعليه دين

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إذا كان الحق ثابتاً في ذمة الميت فالحكم فيه ما نذكره في الفرع الآتي ، وإن كان ثابتاً في الأعيان فلا يجوز التصرف فيها قبل الأداء أو الاستئذان من الحاكم في غير ما كان الحق من الخمس بل فيه أيضاً على الأحوط .

(2) الوسائل 9 : 497 / أبواب ما يجب فيه الخمس ب 6 ح 1 .

ــ[40]ــ

لا يجوز التصرف فيها مع الاستيعاب ، ومع عدمه يجوز بشرط العلم برضا الديّان أو إذنهم فيه ، وكذا إذا كان بعض الورثة قاصراً أو غائباً .

   وغير خفي أنّ المسألتين من واد واحد ، فان المظالم أو الزكاة ونحوهما أيضاً من مصاديق الدين ، والكل ـ بعد الموت ـ متعلق بالعين ، فمناط البحث مشترك في الجميع ، ومعه لا حاجة الى عقد مسألتين وإفراد كل منهما بالذكر ، غاية الأمر أنّ الدائن في باب الخمس والزكاة ونحوهما حيث لم يكن شخصاً خاصاً ، إذ المالك هو الجهة أعني عنوان الفقراء أو السادات ، كان التصرف منوطاً باذن الحاكم الذي هو ولي عليهم ، وفي باب الدين يكون المالك هو الغريم فيعتبر إذنه بخصوصه ، وهذا لايكون فارقاً في مناط البحث بين البابين كما لا يخفى .

   بل يلحق بها الحج ، فانه أيضاً من مصاديق الدين وحق من الله تعالى متعلق ـ بعد الموت ـ بالعين يجب إخراجه منها كبقية الديون ، فهو أيضاً داخل في محل البحث .

   وتفصيل الكلام في المقام : أنّ الأصحاب (قدّس الله أسرارهم) بعد اتّفاقهم على انتقال التركة إلى الورثة بمجرد الموت إذا لم يكن وصية ولا دين ، وعلى انتقال ما زاد عليهما مع وجودهما أو أحدهما ، اختلفوا في انتقالها مع الدين المستوعب وانتقال ما يقابل الدين غير المستوعب على قولين ، نسب كل منهما إلى جماعة كثيرين ، وليس أحدهما مشهوراً بالاضافة إلى الآخر .

   أحدهما : الانتقال ، فجميع المال ينتقل إلى الوارث بمجرد موت المورّث ، غايته أنّه متعلق لحق الديان ، وكأنّ مبنى هذا القول امتناع بقاء الملك بلا مالك ، فبعد خروجه عن ملك المورّث بمجرد موته لعدم قابليته للملكية حينئذ ، ينتقل إلى ملك الوارث ، وإلا لزم المحذور المزبور .

   ثانيهما : عدم الانتقال فيبقى الكل في فرض الاستغراق وبمقدار الدين على ملك الميت ، ولا يملك الورثة إلا ما زاد عليه ، فتحصل الشركة بينهم وبين الميت في العين ، فالدين مانع عن انتقال مقداره إلى الوارث ، لكنه مانع بقاء ما دام هو

 
 

ــ[41]ــ

باقياً ، فلو ارتفع كما لو أدى الوارث الدين من مال آخر أو تبرّع به شخص آخر أو أبرأه الغريم بحيث فرغت ذمة الميت عن الدين انتقل المال حينئذ بأجمعه إلى الوارث .

   ويترتب على القول الأول جواز تصرف الوارث في العين لو رضي به ذو الحق ، فانه تصرف في ملك نفسه ، غايته متعلق لحق الغير والمفروض إذنه في ذلك ، فلا يشمله عموم المنع عن التصرف في ملك الغير لعدم الموضوع له . وهذا بخلاف القول الثاني فانه لا يجوز التصرف فيه وإن أذن به من له الحق ، إذ المفروض بقاؤه على ملك الميت فهو من التصرف في ملك الغير ـ الممنوع عنه ـ لا من التصرف في ملكه المتعلق لحق الغير كي يعتبر إذنه كما كان كذلك على القول الأول ، فلابد من الاستئذان من المالك وهو الميت ، وحيث لا يمكن ، يستأذن من وليّه وهو الحاكم ، فالعبرة بإذنه لا بإذن الغريم .

   هذا ، والظاهر من الماتن اختياره القول الأول لتجويزه التصرف في العين لو رضي به الديان الذي هو من لوازم هذا القول كما عرفت .

   وحيئنذ فيتوجه عليه أوّلاً : أنه لا وجه لتخصيص ذلك بالدين غير المستغرق كما صنعه (قدس سره) في المتن ، بل لازمه تجويز التصرف حتى في المستغرق لو رضي به الديان ، إذ المفروض ـ بناء على هذا القول الذي استظهرنا اختياره من الماتن ـ انتقال التركة بأجمعها إلى الوارث فهي ملك لهم ، غايته أنه متعلق لحق الغير ، فلو أذن جاز التصرف لوجود المقتضي وعدم المانع ، ولا مدخل للاستغراق وعدمه في ذلك كما لا يخفى .

   وثانياً : أنه لا حاجة إلى الاذن حتى في المستغرق فضلاً عن غيره ، فان الممنوع إنما هو مزاحمة حق الغرماء التي لا تتحقق إلا بتصرف يوجب إعدام الموضوع وإفناء متعلق الحق كإتلافه الحقيقي أو الاعتباري ، مثل احراقه أو إعتاقه أو وقفه ونحوها مما لا يبقى معه مجال لإعمال الحق ، وأما مجرّد التصرف كالصلاة واللبس ونحوهما مما لا يزاحم الحق ، فلا وجه لمنعه بعد كونه تصرفاً

ــ[42]ــ

في ملك المتصرف ، كما ذكرنا نظير ذلك في حق الرهانة ، بل لم نستبعد هناك التصرف بمثل البيع أيضاً فضلاً عن الصلاة ونحوها فراجع ولاحظ(1) .

   وعلى الجملة : بعد البناء على انتقال التركة بأجمعها إلى الورثة وأنه ليس في البين عدا تعلق حق الغير بها كما في العين المرهونة ، فاللازم ـ رعاية للحق ـ عدم جواز مزاحمته لا عدم جواز التصرف في متعلقه وبينهما عموم من وجه ، فالتصرف غير المزاحم لا دليل على حرمته بعد عدم كونه تصرفاً في ملك الغير ، فلا حاجة إلى الاستئذان وإن استغرق الدين كما لا يخفى .

 ويتوجه على ما ذكرناه مما يترتب على القول الثاني ـ من عدم جواز تصرف الوارث في التركة وإن أذن به الغريم لكونه من التصرف في ملك الغير ، وهو الميت الذي لا يفرق فيه بين المشترك وغيره ـ أنّ ذلك إنما يستقيم لو كان الاشتراك الحاصل بين الوارث والميت من قبيل الاشاعة في العين بحيث يكون للميت ملك مشاع بنسبة حصته سار في التركة ، فيكون كل جزء منها مشتركاً بينهما لا يجوز التصرف لأحدهما بدون رضا الآخر ، إلا أنّ هذا المبنى غير سديد ، اذ لازمه أنه لو تلف بعض التركة ـ تلفاً غير مضمون على الوارث أي لم يكن مستنداً إليه كتلف سماوي من حرق ونحوه ـ يكون التالف محسوباً عليه وعلى الميت بنسبة الاشتراك ، كما هو الحال في كل شريكين ، حيث إنّ الربح لهما والتاوي عليهما ، فلو كانت التركة ألفاً والدين مائة وقد تلف منها خمسمائة ، فاللازم أن لا يملك الميت حينئذ إلا خمسين ، فلا يعطى الديان أكثر من ذلك ، مع أنه باطل جزماً ولا قائل به ، فان التلف يحسب حينئذ على بقية التركة ولا ينقص عن الدين شيء اتفاقاً ، فيكشف ذلك عن أنّ الشركة الحاصلة بينهما ليست بنحو الاشاعة ، بل الصواب أنها بنحو الكلي في المعيّن(2) . فمقدار مائة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ص 9 ، وراجع مصباح الفقاهة 5  : 238 .

(2) كونه على هذا النحو إنما يتجه فيما إذا كان الدين من جنس التركة ، ومن ثم التزم (دام ظله) في باب الزكاة (العروة 2 : 113 / 2688) بأن الشركة فيه من قبيل الشركة في المالية لا الكلي في المعين . إلا أن يقال : إنّ الدين حينئذ هو كلي المالية المقدرة والمتحققة في    المعيّن الخارجي .

ــ[43]ــ

دينار مثلاً يملكه الميت من مجموع التركة ، لا أنه شريك مع الوارث في كل جزء منها بنسبة دينه كما هو مقتضى الاشاعة ، ومن الواضح أنّ من باع صاعاً من الصبرة بنحو الكلي في المعيّن دون الاشاعة فله التصرف في تلك الصبرة إلى أن يبقى منها مقدار ما ينطبق عليه الكلي ـ أعني الصاع ـ من دون حاجة إلى الاستئذان من المشتري كما يحتاج إليه لو باعه إياه مشاعاً فانه تصرف في ملكه لا في ملك الغير . نعم بعد بلوغ ذلك الحد حيث إن الكلي ينطبق على الباقي حينئذ قهراً فيستقر فيه الحق ولا يجوز التصرف فيه .

   وعليه فيجوز في المقام التصرف للورّاث بمقدار يبقى معه ملك الميت من دون حاجة إلى الاستئذان لا من الغرماء ولا من الحاكم الشرعي كما لا يخفى .

   هذا ، والأظهر من القولين المتقدمين(1) هوالثاني منهما ، أعني عدم الانتقال وبقاء مقدار الدين على ملك الميت ، فانه بعد معقوليته في مقام الثبوت ـ بداهة أن الملكية من الاُمور الاعتبارية ولا مانع من اعتبار العقلاء إياها حتى بالاضافة إلى الجماد فيما إذا ترتب أثر على هذا الاعتبار ، ومن هنا تعتبر مالكية المسجد أو الكعبة أو الجهة ونحوها ، ومنها الميت الذي لا يقصر عنها ، فلا يلزم من عدم الانتقال إلى الوارث بقاء الملك بلا مالك . على أنّ ذلك مقتضى الاستصحاب ، للشك في انقطاع العلاقة الملكية الأبدية الثابتة حال الحياة بمجرد الموت فيما عدا المتيقن منه .

 أنّ ذلك مقتضى ظواهر الأدلة في مقام الاثبات من الآيات والروايات ، قال تعالى : (مِن بَعْدِ وَصِيَّة يُوصِى بِهَآ أَوْ دَيْن)(2) وظاهره كما ترى أنّ مرتبة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 40 .

(2) النساء 4  : 11 .

ــ[44]ــ

   [1333] مسألة 15 : إذا مات وعليه دين مستغرق للتركة لا يجوز للورثة ولا لغيرهم التصرف في تركته قبل أداء الدين ، بل وكذا في الدين غير المستغرق ، إلا إذا علم رضا الديان((1)) ، بأن كان الدين قليلا والتركة كثيرة والورثة بانين على أداء الدين غير متسامحين ، وإلا فيشكل حتى الصلاة في داره ، ولا فرق في ذلك بين الورثة وغيرهم ، وكذا إذا لم يكن عليه دين ولكن كان بعض الورثة قاصراً أو غائباً أو نحو ذلك(1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الارث متأخرة عنهما ، فلا يورث إلا ما زاد عليهما ، ولا ينتقل إلى الوارث إلا المقدار الفاضل منهما . فهذا التعبير الوارد في الآية نظير ما ورد من أن الخمس بعد المؤونة ، فكما أنّ المؤونة لا تحسب من الخمس فكذا الدين والوصية لا يحسبان من الميراث .

   وأما النصوص : فقد تضمن غير واحد منها الترتيب في مصرف التركة وأنه يبدأ أوّلاً بالتجهيز من الكفن والدفن ، ثم بعده الدين ثم الوصية ، ثم الميراث(2) . ومفادها المطابق للآية المباركة أنّ موضوع الارث هو ما يتركه الميت بعد إخراج هذه الاُمور ، فلا ينتقل إلى الوارث إلا مازاد عليها ، فلا منافاة بينها وبين عموم ما تركه الميت من حق أو مال فلوارثه كما لا يخفى ، لتخصيص العموم بهذه الأدلة .

   (1) قد ظهر من جميع ما ذكرناه الفرق بين التصرف في حق الديان وبين التصرف في ملك القاصر أو الغائب ، فان الملكية في الأول على سبيل الكلي في المعيّن الذي لا يحتاج التصرف معه إلى الاستئذان ، بخلاف الثاني فان المال حينئذ مشترك بين جميع الورثة ومنهم القاصر أو الغائب بنحو الاشاعة ، فلا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر كفاية البناء على أداء الدين من غير مسامحة في جواز التصرف بلا حاجة إلى إحراز رضا الديّان .

(2) الوسائل 19: 329 / كتاب الوصايا ب 28.

ــ[45]ــ

   [1334] مسألة 16 : لا يجوز التصرف حتّى الصلاة في ملك الغير إلا باذنه الصريح أو الفحوى أو شاهد الحال والأوّل : كأن يقول : أذنت لك بالتصرف في داري بالصلاة فقط ، أو بالصلاة وغيرها (1) .

   والظاهر عدم اشتراط حصول العلم برضاه ، بل يكفي الظن((1)) الحاصل بالقول المزبور ، لأن ظواهر الألفاظ معتبرة عند العقلاء .

   والثاني : كأن يأذن في التصرف بالقيام والقعود والنوم والأكل من ماله ، ففي الصلاة بالأولى يكون راضياً ، وهذا أيضاً يكفي فيه الظن على الظاهر ، لأنه مستند إلى ظاهر اللفظ إذا استفيد منه عرفاً ، وإلا فلابد من العلم بالرضا ، بل الأحوط اعتبار العلم مطلقاً .

   والثالث : كأن يكون هناك قرائن وشواهد تدل على رضاه كالمضائف المفتوحة الأبواب والحمّامات والخانات ونحو ذلك ، ولا بدّ في هذا القسم من حصول القطع((2)) بالرضا ، لعدم استناد الاذن في هذا القسم إلى اللفظ ولا دليل على حجية الظن غير الحاصل منه .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يجوز التصرف من احدهم الا باذن الآخرين ، لعموم المنع من التصرف في ملك الغير بغير إذنه الشامل للمشترك وغيره كما مرّ غير مرّة ، وعليه فلابد من الاستئذان منهما ، وحيث لا يمكن فيجب الرجوع إلى الحاكم الشرعي الذي هو ولي عليهما .

   (1) تفصيل الكلام يستدعي البحث في جهات :

   الاُولى : هل المناط في جواز التصرف في ملك الغير هو مجرد الرضا الباطني وطيب نفسه به ، أو أنّ العبرة بابراز ذلك باذن ونحوه كما هو المعتبر في باب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لعلّه أراد به الظن النوعي ، وإلاّ فالظن الشخصي لا اعتبار به وجوداً وعدماً وكذا الحال    فيما بعده .

(2) وفي حكمه الاطمئنان به .

ــ[46]ــ

المعاملات بلا ارتياب ، ومن هنا لا تحصل الاجازة في العقد الفضولي إلا بابراز المالك رضاه به وإمضاء العقد بما يدل عليه من قول أو فعل ؟

   الأقوى هو الأول ، ويدلّ عليه بعد السيرة الشرعية ، بل بناء العقلاء كافة ـ الممضى لدى الشارع بعدم الردع ـ على جواز التصرف في مال الغير بمجرد العلم برضاه وإن لم يصدر منه إذن في الخارج كما لا يخفى ، قوله (عليه السلام) في موثقة سماعة : «لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه»(1) والتقييد بالاسلام لمكان الاهتمام بشأنه ، وإلا فالحكم يعمّه والكافر الذمي مع قيامه بشرائط الذمة .

   وكيف كان ، فقد أنيطت حلية المال وجواز التصرف فيه بمجرد طيب النفس ، سواء اُبرز ذلك بمثل الاذن أم لا بمقتضى الاطلاق . وتؤيدها رواية تحف العقول(2) المشتملة على هذا المضمون وإن كانت ضعيفة السند .

   نعم ، بازائها التوقيع المروي عن الاحتجاج : «لا يجوز التصرف في مال الغير إلا باذنه»(3) الظاهر في اعتبار الاذن وعدم جواز التصرف بدونه وإن تحقق الطيب .

 لكن التوقيع لا يصلح للمعارضة مع الموثق ، إذ مضافاً إلى ضعف سنده كما لا يخفى ، لا دلالة فيه على اعتبار الإذن بما هو كذلك ، بحيث يكون لهذا العنوان مدخلية في جواز التصرف ، بل المتبادر منه عرفاً بمناسبة الحكم والموضوع أنّ أخذه بعناية الطريقية وكونه كاشفاً نوعاً عن الرضا الباطني الذي هو مناط الجواز ، فهو مأخوذ في موضوع الدليل على سبيل الطريقية دون الموضوعية ، نظير التبين المعلّق عليه الامساك في آية الصوم(4) ، حيث إنّ الموضوع لوجوب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 5  : 120 / أبواب مكان المصلي ب 3 ح 1 .

(2) الوسائل 5 : 120 / أبواب مكان المصلي ب 3 ح 3 ، تحف العقول : 34 .

(3) الاحتجاج 2  : 559 / 351 (نقل بالمضمون) .

(4) البقرة 2  : 187 .

ــ[47]ــ

الامساك هو طلوع الفجر واقعاً ، والتبين طريق إليه لا أنه هو الموضوع .

   هذا مع أنه على تقدير تسليم المعارضة فحيث إنها بالاطلاق والنسبة عموم من وجه ، حيث دل الموثق على إناطة الحل بالطيب سواء قارنه الاذن أم لا ، ودل التوقيع على المنع عن التصرف مع عدم الاذن سواء كان معه طيب أم لا ، فيتعارضان في مادة الاجتماع وهي التصرف مع الطيب من دون إذن ، فانه يجوز على الأول ويحرم على الثاني ، وبما أنّ المعارضة بالاطلاق كما عرفت فيسقطان ويرجع إلى بناء العقلاء القائم على جواز التصرف بمجرد العلم بالرضا من دون مدخلية للاذن كما مرّ .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net