لو تمكّن من القيام وعجز عن الركوع قائماً 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4650


ــ[233]ــ

   [ 1476 ] مسألة 16 : إذا تمكن من القيام لكن لم يتمكن من الركوع قائماً جلس وركع جالساً (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   لكنك عرفت آنفاً أ نّه لا دليل عليه ، فانّ من البديهي خروج الايماء عن مفهوم الركوع والسجود ، فلا بدّ في بدليته عنهما من إقامة الدليل ، وهو مختص بالايماء بالرأس أو بالعين ، وأمّا الايماء بسائر الأعضاء ، فلا دليل عليه .

   ومن ثم كان العاجز عن البدل المزبور غير قادر على الركوع والسجود رأساً فيكون كفاقد الطهورين ، حيث إنّ الركوع والسجود كالطهارة من المقوّمات الدخيلة في صدق الماهية ، كما يكشف عنه حديث التثليث (1) ، فلو قلنا بسقوط الصلاة عن فاقد الطهورين قلنا بسقوطها في المقام أيضاً، لوحدة المناط وقضائها بعد ذلك ، وإن كان الأحوط الجمع بين القضاء وبين أن يأتي في الوقت بالمقدور من أجزاء الصلاة .

   (1) لا ريب أنّ من تمكن من القيام لا تسوغ له الصلاة جالساً لقوله (عليه السلام) : «إذا قوي فليقم» (2) ، وأمّا إذا تمكن منه وعجز عن الركوع قائماً فقد ذكر (قدس سره) أ نّه يجلس ويركع جالساً. وهذا وإن لم يرد به نص بالخصوص لكنه مطابق للقاعدة ، فانّ الركوع الجلوسي ركوع حقيقة ولا تنتقل الوظيفة إلى الايماء إلاّ بعد العجز عن الركوع الحقـيقي ، فأدلّة الايماء غير شاملة للمقام والمفروض العجز عن الركوع القيامي ، فتتعيّن الوظيفة في الركوع جالساً (3) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 310 /  أبواب الركوع ب 9 ح 1 .

(2) الوسائل 5 : 495 /  أبواب القيام ب 6 ح 3 .

(3) ولكنّه يشكل بظهور دليل البدلية في كون الايماء بدلاً عن الركوع الذي هو وظيفته الشرعية حسب حالته الفعلية إن قائماً أو جالساً ، لا عن طبيعي الركوع ، فمن يصلي قائماً إنّما يومئ فيما إذا كان عاجزاً عمّا لو كان قادراً عليه في هذه الحالة لفعل وهو الركوع القيامي دون الجلوسي ، كيف وهو وظيفة العاجز عن القيام وهذا قادر عليه حسب الفرض ومن ثمّ يومئ العاري قائماً ولا يركع جالساً ، وهكذا الحال في من يصلي جالساً ، وحيث إنّه موظّف في مفروض المسألة بالركوع القيامي وقد عجز عنه فلا جرم ينتقل إلى الايماء كما صرّح (دام ظلّه) بذلك في تعليقته الشريفة على المسألة الثانية من مبحث الركوع وكذا في بحثه الشريف هناك على ما ضبطناه عنه في شرح العروة 15 : 28  وصرّح (دام ظلّه) به أيضاً في المنهاج ، المسألة 593 وفي المسائل المنتخبة ، المسألة 292 ولم أعثر عاجلاً على موافق له .

ــ[234]ــ

وإن لم يتمكن من الركوع والسجود صلى قائماً وأومأ للركوع والسجود وانحنى لهما ((1)) بقدر الامكان(1) وإن تمكّن من الجلوس جلس لايماء السجود(2).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) أمّا الايماء فلا إشـكال ، وقد تقدّم (2) أ نّه بدل اضطراري عن الركوع والسجود . وأمّا الانحناء فليس عليه دليل ظاهر عدا قاعدة الميسور .

   وفيه أوّلاً :  أنّ القاعدة ممنوعة في نفسها .

   وثانياً :  مع التسليم فلا صغرى لها في المقام ، إذ الانحناء من مقدمات الركوع فهو مباين معه، والمباين لايعدّ من مراتب الشيء كي يكون ميسوراً  له  كما لايخفى .

   وثالثاً :  مع تسليم الكبرى والصغرى فلا مجال لها في المقام أيضاً ، إذ تدفعها إطلاقات أدلة الايماء المعيّنة للوظيفة الفعلية ، ومن الواضح أنّ القاعدة إنّما تجري مع عدم تعيّن الوظيفة من قبل الشارع .

   (2) هذا لا دليل عليه أيضاً، عدا كون الايماء جالساً أقرب إلى هيئة السجود

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر عدم وجوبه وعدم وجوب الجلوس للايماء إلى السجود .

(2) في ص 222 .

ــ[235]ــ

وهو كما ترى وجه اعتباري لا يصلح مدركاً لحكم شرعي ، وقد عرفت النقاش في قاعدة الميسور من الوجوه الثلاثة ، فالأقوى عدم الوجوب .

   وقد يقال :  بوجوبه رعاية للجلوس الواجب بين السجدتين ، فانّ سقوطهما بالتعذّر الموجب للانتقال إلى الايماء لا يستدعي سقوط الجلوس الواجب بينهما بعد فرض القدرة عليه .

   وفيه أوّلاً :  أنّ إطلاقات أدلّة الايماء دافعة لهذا الاحتمال ، إذ مقتضاها أنّ وظيفة العاجز عن السجود إنّما هو الايماء ليس إلاّ ، سواء تمكن من الجلوس بين السجدتين أم لا، فعدم التقييد بذلك مع كونه (عليه السلام) في مقام بيان الوظيفة الفعلية يدفع احتمال وجوبه .

   وثانياً :  أنّ الجلوس بين السجدتين ليس واجباً مستقلاًّ ، وإنّما هو بيان لحد رفع الرأس عن السجدة ردّاً لما زعمه أبو حنيفة (1) من كفاية مجرد الرفع كيف ما اتفق ولو بمقدار يسير يمكن إدخال شيء فيما بين الجبهة والمسجد ولو بمقدار إصبع أو أقل ، بل قد ذهب إلى عدم وجوب الرفع أصلاً ، كما لو حفر وهو في حال السجدة حفيرة فوضع جبهته فيها ، وأنّ هذا المقدار كاف في صدق التعدّد فاُشير في هذه الأخبار إلى عدم الكفاية وبطلان هذه المقالة ، وأنّ الحدّ الشرعي لرفع الرأس الموجب لتعدّد السجدة إنّما هو البلوغ حدّ الجلوس، وعليه فالجلوس إنّما يجب في فرض وجوب السجود ، وأمّا مع سقوطه لتعذّره والانتقال إلى بدله وهو الايماء ، فلا موضوع لوجوب الجلوس ، بل هو سـاقط قطعاً ، فلا وجه لمراعاته .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المغني لابن قدامة 1 : 598 ، المجموع 3 : 440 .

ــ[236]ــ

والأحوط وضع ما يصح السجود عليه ((1)) على جبهته إن أمكن (1) .
ــــــــــــــــــــــــــ

   (1) تقدّم الكلام فيه(3) ، وعرفت أنّ الأظهر عدم وجوبه ، وعلى تقدير الوجوب فهو خاص بالمضطجع لاختصاص الدليل به ، ولا يعمّ سائر موارد الايماء كما مرّ تفصيله .
ــــــــــــــ

(1) مرّ حكمه آنفاً .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net