تجدّد القدرة على المرتبة المتقدِّمة أثناء المرتبة المتأخِّرة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3776


ــ[251]ــ

   [ 1486 ] مسألة 26 : لو تجدّدت القدرة على القيام في الأثناء انتقل إليه ((1)) (1) ، وكذا لو تجـدّد للمضطجع القدرة على الجلوس ، أو للمستلقي القدرة على الاضطجاع ، ويترك القراءة أو الذكر في حال الانتقال .

   [ 1487 ] مسألة 27 : إذا تجددت القدرة بعد القراءة قبل الركوع قام للركوع ، وليس عليه إعادة القراءة ، وكذا لو تجددت في أثناء القراءة لا يجب اسـتئنافها ، ولو تجددت بعد الركوع ، فان كان بعد تمام الذكر انتصب للارتفاع ((2)) منه وإن كان قبل تمامه ارتفع منحنياً ((3)) إلى حدّ الركوع القيامي ، ولا يجوز له الانتصاب ثم الركوع ، ولو تجددت بعد رفع الرأس من الركوع لا يجب عليه القيام للسجود ، لكون انتصابه الجلوسي بدلاً عن الانتصاب القيامي ويجزئ عنه ، لكن الأحوط القيام للسجود عنه .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) قد عرفت أنّ هذا عكس المسألة السابقة ، وتفصيل الكلام في المقام على نحو يتضح به حال المسألة الآتية أيضاً ، أ نّه تارة يفرض الكلام في ضيق الوقت بحيث لا يسع للاستئناف ، واُخرى في سعته .

   أمّا في الضيق :  فالصحيح ما أفاده في المتن من الاجتزاء بما صدر منه من البدل، والانتقال في بقيّة العمل إلى الوظيفة الاختيارية من دون حاجة إلى إعادة ما سبق ، لأ نّه أتى به حسب الوظيفة الفعـلية ، وأدلة البدلية كما تعمّ مجموع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا إنّما يتم في ضيق الوقت ، وأمّا في السعة فان أمكن التدارك بلا إعادة الصلاة كما إذا تجدّدت القدرة بعد القراءة وقبل الركوع وجب ، وإلاّ وجبت الإعادة في القيام الركني دون غيره ، وبذلك يظهر الحال في المسألة الآتية .

(2) في وجوب الانتصاب إشكال بل منع .

(3) في وجوبه إشكال بل منع .

ــ[252]ــ

العمل تشمل أبعاضها أيضاً كما مرّ ، والمفروض اسـتيعاب العذر لتمام الوقت لعدم التمكن من الاستئناف وتداركها بتمامها بعد فرض الضيق ، فتكون الصلاة ملفقة من الوظيفتين الاختيارية والاضطرارية ، ومقتضى إطلاق الأدلة صحتها كما مرّ ، ويجب الكفّ عن القراءة والذكر في حال الانتقال بعد فرض التمكن من الاتيان بالواجب الأصلي الاختياري .

   وهذا كله واضح لا سترة عليه ، غير أنّ هناك فروعاً نبّه عليها في المسألة الآتية ينبغي التعرض لها :

   منها :  أ نّه لو تجددت القدرة قبل الركوع ، سواء أكان أثناء القراءة أم بعدها وجب عليه القيام رعاية للركوع الاختياري المتقوّم بالانحناء عن القيام ولا يجب عليه إعادة القراءة، كما لايجب استئنافها لو كان التجدد أثناءها ، لما عرفت من صحتها بعد الاتيان بها حسب الوظيفة الفعلية ، وعدم التمكن من التدارك لمكان الضيق وهذا ظاهر .

   ومنها :  أ نّه لو تجددت القدرة بعد الدخول في الركوع ، فصّل الماتن (قدس سره) حينئذ بين ما إذا كان ذلك بعد تمام الذكر فيجب الانتصاب للارتفاع منه تحصيلاً للقيام بعد الركوع ، وبين ما إذا كان قبل الاتمام ، سواء لم يأت بالذكر أصلاً أو لم يستكمله ، فيجب حينئذ أن يرتفع منحنياً إلى حدّ الركوع القيامي كي يأتي بالذكر الواجب فيه ، ولا يجوز له الانتصاب ثم الركوع كي لا تلزم زيادة الركوع .

   أقول :  أمّا ما ذكره (قدس سره) من الانتصاب في الصورة الاُولى فلا دليل عليه ، لأنّ الواجب إنّما هو رفع الرأس عن الركوع إلى حدّ الانتصاب المناسب للركوع ، فان كان الواجب هو الركوع عن قيام كان اللازم الانتصاب القيامي وإن كان عن جلوس لزم الانتصاب الجلوسي ، وليس الانتصاب القيامي واجباً حتى في الركوع الجلوسي بالضرورة، كما لا يجدي الانتصاب الجلوسي في الركوع

ــ[253]ــ

القيامي ، ولذا لو انتقل عن هيئة الركوع إلى الجلوس منتصباً من دون تخلل القيام لم يأت بالواجب ، ولا يمكن تداركه أيضاً للاخلال بالاتصال .

   وبالجملة :  الواجب من القيام بعد الركوع الانتصاب عن كل ركوع بحسبه على ما تقتضيه الوظيفة الفعلية من الركوع القيامي أو الجلوسي ، وحيث إنّ المفروض صحة ما صدر عنه من الركوع الجلوسي ، فلا يجب في القيام المعتبر بعده إلاّ الانتصاب الجلوسي على ما عرفت ، فلا وجه للقيام أصلاً .

   وأمّا ما ذكره في الصورة الثانية ، من أ نّه يرتفع منحنياً ويقوم متقوّساً إلى حدّ الركوع القيامي فهو أيضاً لا يمكن المساعدة عليه ، لما تقدم غير مرّة من تقوّم الركوع بالانحناء عن قيام ، ولذا قلنا بدخل القـيام المتصل بالركوع في حقيقة الركوع ، فانّ مجرّد هذه الهيئة غير المسـبوقة بالقيام ليست من حقيقة الركوع في شيء، وإنّما هي على صورة الركوع وشكله، وعليه فالارتفاع متقوِّساً لا ينفع ، إذ لا يتحقق معه الركوع القيامي ، كما أنّ الانتصاب والاتيان بالركوع القيامي غير جائز لاستلزامه زيادة الركوع كما صرّح به (قدس سره)، فلا مناص له من اتمام الذكر في نفس هذا الركوع الجلوسي المفروض صحته ثم الانتصاب عنه جالساً كما مرّ آنفاً ثم إتمام الصلاة حسب الوظيفة الاختيارية .

   ومنها :  أ نّه لو تجددت القدرة بعد رفع الرأس من الركوع ، ذكر في المتن أ نّه لا يجب عليه القيام للسجود، لكون انتصابه الجلوسي بدلاً عن الانتصاب القيامي.

   وهذا هو الصحيح كما عرفت وجهه آنفاً من أنّ الانتصاب عن كل ركوع بحسبه ، والمفروض أنّ وظيفته هي الركوع الجلوسي . نعم ، الأحوط القيام للسجود عنه كما أشار إليه في المتن ، لاحتمال دخل ذلك في السجود ، لا كونه من توابع الركوع ، وسيجيء مزيد توضيح له في محلّه إن شاء الله تعالى ، هذا كله في فرض الضيق .

ــ[254]ــ

   وأمّا في السعة : فمقتضى إطلاق كلماتهم الحكم بالصحة هنا أيضاً، فيتم صلاته حسب الوظيفة الاختيارية ويجتزئ بها ، وكأ نّهم اعتمدوا في ذلك على استفادة الاطلاق من أدلة البدلية ، فالجزء الاضطراري مجزئ ، سواء أتمكن من الاستئناف لسعة الوقت أم لا .

   لكنك عرفت النقاش في ثبوت هذا الاطلاق فلا نعيد ، ولذا لم نقل بإجزاء الأوامر الاضطرارية عن الواقعية ، وإن قلنا بجواز البدار لذوي الأعذار .

   فالتحقيق في المقام أن يقال : إنّ من تجددت له القدرة أثناء الصلاة إمّا أن يتمكن من التدارك من دون حاجة إلى الاعادة أو لا .

   فالأوّل :  كما لو كبّر قائماً وهو قادر ثم طرأ العجز فجلس وقرأ ، ثم تجددت القدرة فقام قبل الركوع ، فانّ هذه الصلاة لا نقص فيها إلاّ من حيث وقوع القراءة حال الجلوس فيتداركها ويعيدها قائماً ، ولا يلزم منه إلاّ زيادة القراءة والجلوس، وهي زيادة غير مبطلة، لكونه معذوراً فيها فيشملها حديث لا تعاد.

   وأمّا الثاني :  أعني ما يتوقف التدارك على الاعادة ، فان كان ذلك من جهة استلزام التدارك زيادة الركن وجبت الاعادة ، كما لو تجددت القدرة بعد الركوع ، فانّ الوظيفة حينئذ الاتيان بالركوع القيامي ، فان أتى به لزم زيادة الركوع لتكرره ، وإن اقتصر على ما أتى به لزم الاخلال بالوظيفة الفعلية ، فلا مناص من الاعادة .

   وأمّا إذا كان ذلك من جهة الاخلال بالقيام غير الركني ، كما لو طرأ العجز وهو في الركوع القيامي فجلس ـ سواء سجد أم لا ـ ، ثم تجددت القدرة ، فانّه قد أخلّ بالقيام الواجب بعد الركوع ، وهو وإن لم يكن ركناً إلاّ أ نّه لا يسعه التدارك ، لأنّ الواجب هو القيام المتصل بالركوع ، أعني رفع الرأس عنه منتصباً لا مطلق القيام ، وهذا لا يمكن تحصيله فعلاً إلاّ باعادة الركوع المستلزم لزيادة




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net