بطلان الصلاة بتقديم السورة على الفاتحة عمداً 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3831


ــ[290]ــ

ولا يجوز تقديمها عليها (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بايقاع ركعة وإن خلت عن السورة في الوقت وإتمامها خارجه واحتسابها أداءً .

   أمّا صدق الصلاة فبمقتضى الأمر الثاني ، وأمّا وجوبها فبمقتضى الأمر الأوّل ، وأمّا كونها في الوقت فللأمر الثالث ، لما عرفت من أنّ صدق الركعة لا يتوقف على الاشتمال على السورة ، فلا مجال للتأمل في شمول الحديث للمقام وليس ذلك من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية في شيء، ومع ذلك فالاحتياط بضم القضاء لا ينبغي تركه .

   (1) اتفق الفقهاء على وجوب تقديم الحمد على السورة ، فلو خالف الترتيب عمداً بطل ، وهذا ممّا لا خلاف فيه فتوى ، إنّما الكلام في مستنده .

   فقد اسـتدل له بسيرة المسلمين والتابعين ، بل المعصومين أنفسهم (عليهم السلام) فانّ المعهود عنهم خلفاً عن سلف مراعاة الترتيب .

   وفيه :  أنّ فعلهم (عليهم السلام) لا يدل على الوجوب . ومنه يظهر الحال في السيرة فانّها لا تكشف إلاّ عن أصل الجواز ، وغاية ما يترتب على المواظبة والاستدامة منهم على عمل إنّما هو رجحانه واستحبابه دون الوجوب ، إذ كثيراً ما نرى استمرارهم واهتمامهم بالنسبة إلى الاُمور المستحبة كما لا يخفى .

 واستدلّ له في المستند(1) : بصحيحة محمد بن مسلم(2) المتقدمة راوياً لها «يبدأ» بدل «يقرأ» لكن الموجـود في الوسائل والحدائق (3) «يقرأ» كما تقدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستند 5 : 98 .

(2) الوسائل 6 : 37 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 1 ح 1 .

(3) الحدائق 8 : 92 .

ــ[291]ــ

فلو قدّمها عمداً بطلت الصلاة للزيادة العمدية إن قرأها ثانياً ((1)) ، وعكس الترتيب الواجب إن لم يقرأها (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والظاهر أ نّه الصحيح (2) ، ولا أقل من اختلاف النسخ وعدم الوثوق بالصحيح منها ، فتسقط عن الاستدلال .

   ويظهر من الجواهر أنّ النسخة التي عنده كانت «يبدأ» أيضاً كما في المستند لتعبيره بروايات البدأة بصـيغة الجمع ، مع أ نّها ليست إلاّ اثنتين كما ستعرف فلولا أ نّه (قدس سره) يرى أنّ الصحيحة ثالثة لهما لم يحسن منه التعبير المزبور .

   وكيف كان ، فالأولى الاستدلال عليه بصحيحة حماد (3) ، حيث تضمنت تقديم الحمد على السورة بضميمة قوله (عليه السلام) في الذيل «يا حماد هكذا صلّ» الظاهر في الوجوب . وبموثقة سماعة قال : «سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسى فاتحة الكتاب ـ إلى أن قال ـ فليقرأها ما دام لم يركع ، فانّه لا قراءة حتى يبدأ بها في جهر أو إخفات»(4) .

   وبخبر الفضل بن شاذان المشتمل على التصريح بالبدأة بالحمد(5) لكنه ضعيف السند ، لضعف طريق الصدوق إلى الفضل ، فلا يصلح إلاّ للتأييد . والعمدة ما عرفت من صحيحة حماد والموثقة ، فلا إشكال في الحكم .

   (1) الاخلال بالترتيب تارة يكون عن عمد ، واُخرى عن سهو .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر صدق الزيادة العمدية وإن لم يقرأها ثانياً .

(2) بل الظاهر أنّ الصحيح ما في المستند ، لتطابقه مع الكافي الذي هو أضبط ، لاحظ الكافي 3 : 317 / 28 .

(3) الوسائل 5 : 459 /  أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 1 .

(4) ، (5) الوسائل 6 : 38 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 1 ح 2 ، 3 .

ــ[292]ــ

   أمّا في صورة العمد ، فتارة يأتي بالسورة قبل الحمد بقصد الجزئية ، واُخرى بقصد الوظيفة الشرعية ، وثالثة بقصد القرآن أو مطلق الذكر .

   لا ريب في البطلان في الصورة الاُولى ، للزوم الزيادة العمدية المبطلة بمجرّد الشروع في السورة قاصداً بها الجزئية ، سواء أتداركها بعد ذلك وأتى بها بعد الحمد ثانياً أم لا ، فانّ قوام الزيادة بالاتيان بشيء بقصد الجزئية ولم يكن بجزء واقعاً ، وهذا العنوان صادق من أوّل الأمر ، ولا يناط ذلك بالاتيان بالوجود الثاني من الطبيعة كما يظهر من المتن وغيره ، بل الحال كذلك حتى لو قلنا باستحباب السورة ، لعدم الفرق في صدق الزيادة بالمعنى المتقدم بين الوجـوب والاستحباب ، كما لو قنت في الركعة الاُولى بقصد الجزئية .

   ولو لم يتم ما ذكـرناه من صدق الزيادة من الأوّل ، وتوقف صـدقها على الاتيان بالوجود الثاني كما ذكره في المتن ، لم يكن وجه للحكم بالبطلان في المقام إذ المستفاد من أدلة الزيادة أنّ المبطل منها إنّما هو إحداث الزائد لا إحداث صفة الزيادة لما سبق ، فلا يتحقق البطلان إلاّ إذا أوجد الزائد متصفاً من أوّل حدوثه بصفة الزيادة ، كما لو أتى بعد الانتهاء عن الجزء المأمور به بفرد ثان من الطبيعة ، وأمّا إذا ارتكب عملاً أوجب اتصاف السابق بالزيادة كما في المقام فلا دليل على البطلان . ولذا لو شرع في بعض كلمات الآية وقبل استكمالها بدا له في العدول لداع من الدواعي فرفع اليد عنها ثم استأنفها كما لو قال : إيا ثم قال : إياك نعبد لا يحكم بالبطلان ، لأ نّه أحدث صفة الزيادة للسابق ، لا أ نّه أحدث الزائد .

   وبالجملة : فتعليل الحكم بالبطلان في المقام بلزوم الزيادة العمدية إن قرأها ثانياً وعكس الترتيب الواجب إن لم يقرأها كما فعله في المتن غير وجيه ، بل الصحيح تعليله بلزوم الزيادة العمدية من أوّل الأمر ، سواء قرأها بعد ذلك أم لا كما عرفت .

ــ[293]ــ

   وأمّا الصورة الثانية :  أعني ما لو قدّم السورة بعنوان الاستحباب والوظيفة الشرعية دون أن يقصد بها الجزئية ، فأدلة الزيادة العمدية غير شاملة لمثل ذلك ، لما عرفت من تقوّمها بقصد الجزئية المنفي في الفرض ، فلا بطلان من هذه الجهة. نعم، هو تشريع محرّم كما لو قنت في الركعة الاُولى بقصد الوظيفة الشرعية .

   وهل يوجب ذلك البطلان في المقام ؟ تقدم الكلام حوله سابقاً (1) ، وقلنا إنّه قد يقال به بدعوى عدم شمول ما دلّ على نفي البأس من قراءة القرآن في الصلاة لمثله ، لانصرافه إلى القراءة المحللة دون المحرّمة ، فيندرج ذلك تحت عمومات مبطلية التكلم في الصلاة .

   وفيه :  ما عرفت من أنّ المبطل خصوص كلام الآدمي لا مطلق الكلام والقراءة المزبورة لا تخرج بالحرمة عن القـرآنية حتى تندرج في كلام الآدمي فهو قرآن محرّم كقراءة سور العزائم المحرّمة على الجنب والحائض ، وليس من كلام الآدمي في شيء .

   وبالجملة : أدلة استحباب القراءة وإن لم تشمل هذا الفرد إلاّ أنّ أدلة مبطلية الكلام أيضاً غير شاملة له ، والمرجع في مثله أدلة البراءة عن المانعية .

   فالأقوى في هذه الصورة عدم البطلان وإن كان آثماً ، فيأتي بالسورة بقصد الجزئية بعد الحمد ، ومعه يحصل الترتيب .

   وأمّا الصورة الثالثة :  أعني ما لو قدّم السورة لا بقصد الجزئية ولا الوظيفة الشرعية ، بل بقصد القرآن ، فلا وجه حينئذ للبطلان إلاّ إذا بنينا على حرمة القران بين السورتين، وعمّمناه لمثل المقام ممّا وقع فيه الفصل بين السورتين بالحمد كما ربّما يؤيده إطلاق قوله (عليه السلام) في صحيحة منصور المتقدمة : «لا تقرأ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 27 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net