متابعة الملقّن في القراءة - صور العاجز عن القراءة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع : الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4119


ــ[408]ــ

كما يجوز له اتباع من يلقّنه آية فآية (1) لكن الأحوط اعتبار عدم القدرة على الحفظ وعلى الائتمام .

   [ 1522 ] مسألة 30 : إذا كان في لسانه آفة لا يمكنه التلفظ يقرأ في نفسه ولو توهماً ((1)) ، والأحوط تحريك لسانه بما يتوهمه (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   لكنها ضعيفة السند وإن عبّر عنها بالمصححة في بعض الكلمات ، فانّ الحسن ابن زياد الصيقل لم يوثق . نعم ، ورد في أسانيد كامل الزيارات الحسن بن زياد ولم يعلم أنّ المراد به الصيقل (2) ، بل الظاهر أنّ المراد به الضبيّ مولى بني ضبة المعبّر عنه بالطائي أيضاً ، فانّه المعروف الذي له كتاب دون الصيقل ، ولا أقل من الشك فلم يثبت توثيقه ، فلا يمكن الاعتماد عليها حتى يجمع بينها وبين خبر علي بن جعفر المتقدم ـ في الوجه الرابع ـ بالحمل على الكراهة كما قيل ، لضعفهما معاً كما عرفت .

   (1) كما مرّ في التكبير ، فانّ القدرة المعتبرة في التكليف إنّما هي القدرة الحاصلة في ظرف العمل ولو تدريجاً ، ولا يعتبر فعلية القدرة على المجموع قبل الشروع ، فيجوز متابعة الملقّن وإن تمكن من الحفظ والائتمام .

   (2) إذا كان المصلي قادراً على القراءة الصحيحة فلا كلام ، وأمّا إذا كان عاجزاً ففروضه ثلاثة : إذ قد يكون عاجزاً عن القراءة الصحيحة فيأتي بها ملحونة كما في الفأفاء والتمتام ونحوهما ممّن لا يتمكن من تأدية الحروف عن مخارجها ، كأن يبدل الراء ياءً ، أو كان أعجمياً غريباً عن اللغة العربية فيبدل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

(2) ولكن الرجل على التقديرين لم يكن من مشايخ ابن قولويه بلا واسطة فلا يشمله التوثيق .

ــ[409]ــ

الضاد زاء مثلاً ولا يستطيع أن يتعلم ، وقد يكون عاجزاً عن القراءة رأساً وهذا تارة يكون لمانع ذاتي كما في الأخرس ، واُخرى لمانع عرضي كمن به آفة في لسانه .

   أمّا القسم الأوّل :  فلا شك أنّ وظيفته الاتيان بما يتمكن من القراءة وما يتيسر له ، فانّ هذه هي قراءته ، ولا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها ، وتدل عليه موثقة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «إنّ الرجل الأعجمي من اُمتي ليقرأ القرآن بعجمية فترفعه الملائكة على عربيته» (1) وقد بنينا أخيراً على العمل بروايات السكوني واعتبارها ، لأ نّه موثق بتوثيق الشيخ وإن كان عامياً ، والنوفلي الراوي عنه موجود في أسانيد كامل الزيارات وتفسير القمي .

   وتؤيّده: معتبرة مسعدة بن صدقة قال: «سمعتُ جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول : إنّك قد ترى من المحرم (2) من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح وكذلك الأخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وما أشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم والمحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح» (3) .

   وهل يجب عليه الائتمام مع التمكن منه ؟ الظاهر لا ، لأنّ وظيفته ذلك ، وهي منه بمنزلة القراءة الصحيحة من الفصيح فيشمله إطلاق قوله (عليه السلام) في صحيح زرارة «الصلوات فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنها سنّة» (4) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 221 /  أبواب قراءة القرآن ب 30 ح 4 .

(2) يقال أعرابي محرم : جاف لم يخالط الحضر . أقرب الموارد [ 1 : 185 ] .

(3) الوسائل 6 : 136 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 59 ح 2 .

(4) الوسائل 8 : 285 /  أبواب صلاة الجماعة ب 1 ح 2 .

ــ[410]ــ

   وأمّا القسم الثاني :  وهو العاجز رأساً لمانع ذاتي كالأخرس ، فالمشهور كما في المتن أ نّه يحرّك لسانه ويشير بيده على حذو تفهيم سائر مقاصده ، بل إنّ هذا في الجملة ممّا لا إشكال فيه ولا خلاف ، وتدل عليه موثقة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة ، تحريك لسانه وإشارته باصبعه» (1) ، وتؤيّده معتبرة مسعدة بن صدقة المتقدمة .

   إنّما الكلام في أ نّه يشير إلى أيّ شيء ، فانّ المعاني لا يلزم قصدها أو التوجه إليها حتى في المختار ، فانّ كثيراً من الناس بل أكثرهم يصلّون ولا يدرون ما يقولون ، أو لا يلتفتون ، فقصد المعنى غير معتبر قطعاً حتى تجب الاشارة إليه .

   وأمّا الألفاظ ، فقد يقال بامتناع إشارة الأخرس إليها ، إذ هو لكونه أصم ـ لملازمة الخرس للصم  ـ لم يسمع الألفاظ منذ عمره وطيلة حياته، فكيف يشير إليها وهو لا يعرفها ، فهو بالنسبة إلى الألفاظ كالأعمى بالنسبة إلى الألوان .

   لكن الظاهر أ نّه يشير إلى اللفظ ، إذ هو يعلم ولو إجمالاً أ نّه يخرج من الناس نوع صوت في مقام تفهيم مقاصدهم، لما يراه من تحريك اللسان والشفتين وسائر الملابسات كما يخرج عن نفسه أيضاً ، وإن كان من نفسه مهملاً ، فيشير إلى تلك الأصوات والألفاظ عند القراءة كما في غيرها فتدبر جيداً .

   وأمّا آلة الاشارة ففي المتن كغيره من سائر كلمات القوم أ نّها اليد ، والمذكور في النص الاصبع ، والظاهر أ نّهما متلازمان ومآلهما واحد ، فانّ الاصبع جزء من اليد فلو أشار به يصدق أ نّه أشار بيده كالعكس فلا فرق بين الأمرين .

   وممّا ذكرنا تعرف عدم وجوب الائتمام عليه ، لأنّ هذه هي قراءته وهي منه بمنزلة الصحيح من الفصيح . مضافاً إلى إطلاق النص المعيّن للوظيفة الفعلية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 6 : 136 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 59 ح 1 .

ــ[411]ــ

   وأمّا القسم الثالث :  وهو العاجز عن القراءة لمانع عارضي كمن في لسانه آفة ، فقد ذكر في المتن تبعاً لجمع أ نّه يقرأ في نفسه ولو توهّماً مثل حديث النفس ، وهذا بخصـوصه لم يرد في شيء من الأخـبار ، لكن صاحب الجواهر (قدس سره) (1) استدلّ له تارة :  بصحيحة علي بن جعفر المتقدمة : «سألته عن الرجل يصلح له أن يقرأ في صلاته ويحرّك لسانه بالقراءة في لهواته من غير أن يسمع نفسه ؟ قال : لا بأس أن لا يحرّك لسانه يتوهم توهّماً» (2) .

   وقد أسلفنا الكلام حولها وأ نّه لابدّ من رد علمها إلى أهله، حيث إنّ ظاهرها المختار وهو على خلاف الكتاب والسنة ، وتقدّم(3) ما عن الشيخ من حملها على الائتمام خلف المخالف ، وعرفت أنّ هذا وإن كان بعيداً جداً ، لكنه لا بأس به حذراً من الطرح . وعلى كل حال فهي أجنبية عن محل الكلام كما لا يخفى .

   واُخرى :  بخبره الآخر المروي عن قرب الاسناد(4) لكنه مضافاً إلى ضعف سنده بعبدالله بن الحسن أجنبي عن المقام أيضاً ولا شاهد على حمله عليه .

   وثالثة : بمرسل محمد بن أبي حمزة «قال: يجزئك من القراءة معهم مثل حديث النفس» (5) لكنها مضافاً إلى ضعفها بالارسال كالصريح في الائتمام خلف المخالف لقوله (عليه السلام) «معهم» ، فهي أيضاً أجنبية عن المقام .

   وعلى الجملة: فليس في البين نص يعتمد عليه، وحينئذ فان قلنا بأنّ الأخرس بمفهومه شامل لمحل الكلام ، وأ نّه عبارة عن مطلق من لم يتمكن من التكلّم وإن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 9 : 317 .

(2) الوسائل 6 : 97 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 33 ح 5 .

(3) في ص 404 .

(4) الوسائل 6: 128/  أبواب القراءة في الصلاة ب52 ح4، قرب الاسناد: 203/ 785.

(5) الوسائل 6 : 128 /  أبواب القراءة في الصلاة ب 52 ح 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net