الإقتدااء في اليومية بما لا يصح الاقتداء فيها - إدراك الركعة في الجماعة بادراك الإمام راكعاً 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء السابع:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4887


ــ[98]ــ

   [1890] مسألة 23: إذا نوى الاقتداء بمن يصلّي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها (1) سهواً أو جهلا كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلا، فان تذكّر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد وصحّت، وكذا تصحّ إذا تذكّر بعد الفراغ ولم تخالف صلاة المنفرد، وإلاّ بطلت((1)) (2).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شريك فمن عمل له ولغيره كان لغيره(2). وكلام المصنّف (قدس سره) منزّل على غير هذه الصورة بالضرورة.

   (1) كما لو ائتمّ به بتخيّل أنّه يصلّي فريضة الفجر فانكشف في الأثناء أو بعد الفراغ أنّها كانت نافلة، أو اعتقد أنّه يصلّي اليومية فائتمّ به ثمّ بان له أنّها صلاة الآيات مثلا، ونحو ذلك ممّا لا يجوز فيه الاقتداء.

   (2) لا ينبغي الشكّ في بطلان الجماعة وعدم انعقادها حينئذ كما هو ظاهر وأمّا الصلاة فهل هي محكومة بالبطلان أيضاً، أو لا ؟

   الصحيح أن يقال: إنّه إذا أخلّ بوظيفة المنفرد بارتكاب ما يوجب البطلان عمداً وسهواً كما لو زاد ركوعاً لمتابعة الإمام، أو عرضه أحد الشكوك المبطلة كالشكّ بين الواحدة والثنتين فرجع إلى الإمام لاعتقاده الائتمام فلا إشكال في بطلان الصلاة حينئذ، أخذاً باطلاق ما دلّ على البطلان.

   وأمّا إذا أخلّ بما لا يوجب البطلان إلاّ عمداً كترك القراءة فالظاهر صحّة الصلاة حينئذ، سواء أكان التذكّر أثناء الصلاة أم بعدها، لحديث «لا تعاد الصلاة»(3)، لعدم قصوره عن شمول مثل المقام، لكونه معذوراً في ترك القراءة وإن كان عن عمد، لزعمه الائتمام، كما مرّ غير مرّة.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) صحّة الصلاة مطلقاً إلاّ فيما إذا أتى بما تبطل به الصلاة عمداً وسهواً لا تخلو من قوّة.

(2) الوسائل 1: 72 / أبواب مقدمة العبادات ب 12 ح 7.

(3) الوسائل 1: 371 / أبواب الوضوء ب 3 ح 8.

ــ[99]ــ

   [1891] مسألة 24: إذا لم يدرك الإمام إلاّ في الركوع، أو أدركه في أوّل الركعة أو أثنائها أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع، جاز له الدخول معه وتحسب له ركعة، وهو منتهى ما تدرك به الركعة في ابتداء الجماعة على الأقوى (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 ما يدرك به الجماعة:

   (1) لا إشكال كما لا خلاف في أنّ من أدرك الإمام قبل الركوع - أي فيما بين تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع - فهو مدرك للركعة، فلا يلزم في تحقّق الائتمام أن يكون ذلك عند تكبيرة الإحرام أو قبل القراءة أو قبل الفراغ عنها، بل لو أخّر ذلك فأدرك تكبيرة الركوع فقد أدركها أيضاً، وهو متّفق ومجمع عليه.

   والمعروف والمشهور أنّه لو أدرك الإمام حال الركوع كفى أيضاً، وجاز له الدخول معه وتحسب له ركعة، وهو منتهى ما تدرك به الركعة في ابتداء الجماعة، فيكبّر تكبيرة الافتتاح واُخرى للركوع، وإن خاف فوت الركوع أجزأته تكبيرة الافتتاح.

   وعن المفيد(1) والطوسي (قدس سرهما) في النهاية (2) أنّ منتهى الحدّ إدراك تكبيرة الركوع، فلا يكفي إدراك الإمام راكعاً، وإن عدل الأخير عنه في الخلاف ووافق المشهور، بل ادّعى الإجماع عليه(3). ونسب الخلاف إلى القاضي(4) أيضاً. وكيف كان، فالمتّبع هو الدليل.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [كما نقله جمع عن المقنعة، لكنا لم نعثر عليه فيها، قال في مفتاح الكرامة 3: 128 السطر 21:  ونقله جماعة من متأخري المتأخرين عن المقنعة، وليس في المقنعة عين ولا أثر، وكأنّهم  توهّموه من عبارة التهذيب 3: 43 ذيل ح 148...].

(2) النهاية: 114.

(3) الخلاف 1: 547 المسألة 285، 555 المسألة 298.

(4) المهذب 1: 82.

ــ[100]ــ

   وقد وردت جملة وافرة من النصوص بالغة حدّ الاستفاضة - بل قيل بتواترها، ولا يبعد تواترها الإجمالي - دلّت على كفاية إدراك الإمام راكعاً وفيها الصحاح والموثّقات أيضاً، وهي كما يلي:

   1 - صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «أنّه قال: إذا أدركت الإمام وقد ركع فكبّرت وركعت قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدركت الركعة وإن رفع رأسه قبل أن تركع فقد فاتتك
الركعة»(1).

   2 - صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبدالله (عليه السلام) «أنّه قال: في الرجل إذا أدرك الإمام وهو راكع، وكبّر الرجل وهو مقيم صُلبه، ثمّ ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة»(2).

   3 - صحيحة أبي اُسامة يعني زيد الشحّام: «أنّه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل انتهى إلى الإمام وهو راكع، قال: إذا كبّر وأقام صُلبه ثمّ ركع فقد أدرك»(3) إلى غير ذلك من الأخبار الظاهرة بل الصريحة في المطلوب، ممّا لا تخفى على المراجع.

   وتؤيّدها الأخبار الواردة في أنّ من دخل المسجد وخاف من رفع الإمام رأسه من الركوع قبل أن يبلغ الصفّ جاز له التكبير والركوع في مكانه، ثمّ يمشي راكعاً أو بعد السجود - على اختلاف النصوص - ممّا عقد لها في الوسائل باباً مستقلا(4)، فانّ هذا الحكم كما ترى يلازم جواز إدراك الإمام راكعاً.

   ويؤيّدها أيضاً ماورد من استحباب إطالة الإمام ركوعه ضعفين إذا أحسّ بمن يريد الاقتداء به، وقد عقد لها في الوسائل باباً مستقلا أيضاً(5).

   كما يؤيّدها أيضاً ما روي عن أبي جعفر (عليه السلام): «أنّ أميرالمؤمنين

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1)، (2) الوسائل 8: 382 / أبواب صلاة الجماعة ب 45 ح 2، 1.

(3) الوسائل 8: 383 / أبواب صلاة الجماعة ب 45 ح 3.

(4) الوسائل 8: 384 / أبواب صلاة الجماعة ب 46.

(5) الوسائل 8: 394 / أبواب صلاة الجماعة ب 50.

 
 

ــ[101]ــ

(عليه السلام) قال: إنّ أوّل صلاة أحدكم الركوع»(1).

   وبازاء هذه الروايات طائفة اُخرى من الروايات - وينتهي سند كلّها إلى محمّد بن مسلم - دلّت بظاهرها على عدم الكفاية ما لم يدرك تكبيرة الركوع وهي:

   صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال: إذا أدركت التكبيرة قبل أن يركع الإمام فقد أدركت الصلاة»(2)، حيث دلّت بمفهومها على عدم إدراك الصلاة ما لم يدرك التكبيرة.

   وصحيحته الاُخرى عن أبي جعفر (عليه السلام) قال «قال لي: إذا لم تدرك القوم قبل أن يكبّر الإمام للركعة فلا تدخل معهم في تلك الركعة»(3).

   وصحيحته الثالثة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال: لا تعتدّ بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الإمام»(4).

   وصحيحته الرابعة قال «قال أبو عبدالله (عليه السلام): إذا لم تدرك تكبيرة الركوع فلا تدخل معهم في تلك الركعة»(5).

   وهذه الطائفة كما تراها لا تقاوم الطائفة المتقدّمة دلالة، فانّ تلك صريحة في الجواز، وهذه أقصاها الظهور، لتضمّنها النهي الظاهر في التحريم القابل للحمل على الكراهة.

   وعليه فمقتضى الجمع العرفي رفع اليد عن ظاهر الثانية بصريح الاُولى، بحمل النهي في الثانية على الكراهة والحكم بأولوية التأخير إلى الركعة اللاحقة. وإذا فرض أنّها الركعة الأخيرة فالأولى الالتحاق به في التشهّد من دون احتسابها ركعة، وبذلك يدرك فضيلة الجماعة.

   ومع الغضّ عن ذلك فالطائفة الثانية لا تقاوم الاُولى سنداً أيضاً، وذلك لانتهائها - كما عرفت - إلى محمّد بن مسلم، فهي بحكم رواية واحدة مرويّة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8: 384 / أبواب صلاة الجماعة ب 45 ح 6.

(2)، (3)، (4)، (5) الوسائل 8: 381 / أبواب صلاة الجماعة ب 44 ح 1، 2، 3، 4.

ــ[102]ــ

بطرق متعدّدة، فلا تقاوم تلكم الروايات الكثيرة المستفيضة البالغة حدّ التواتر ولو إجمالا، فتندرج الثانية في الرواية الشاذّة في مقابل الرواية المشهورة وهي الطائفة الاُولى، وقد اُمرنا بالأخذ بما اشتهر بين الأصحاب المجمع عليه بينهم وطرح الشاذّ النادر.

   فعلى تقدير المعارضة والغضّ عن الجمع العرفي المتقدّم يكون الترجيح للأخبار المجوّزة، وتطرح المانعة بردّ علمها إلى أهله.

   نعم، إنّ هناك رواية اُخرى ربما يظهر منها المنع وعدم الاكتفاء بادراك الإمام في الركوع، وهي صحيحة الحلبي، وقد رواها المشايخ الثلاثة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة، وإن أدركته بعدما ركع فهي أربع بمنزلة
الظهر»(1).

   قال في الوسائل: يمكن أن يكون المراد: إذا أدركته بعد فراغه من الركوع ورفع رأسه...، ووافقه المحقّق الهمداني (قدس سره)، وعلى ذلك فقد حمل الركوع في الصدر على الفراغ أيضاً(2). فيكون حاصل المعنى: أنّه إذا أدركت الإمام قبل أن يفرغ من ركوع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة، وإن أدركته بعد فراغه ورفع رأسه عنه فقد فاتت الصلاة، وعليه أن تصلّي الظهر أربع ركعات.

   ولكنّه كما ترى خلاف الظاهر جدّاً، فانّ صيغة الفعل الماضي ظاهرة في التحقّق، فقوله: «بعدما ركع» ظاهر في تحقّق الركوع منه خارجاً، الحاصل بالدخول، فحمله على الفراغ منه وانقضائه برفع الرأس منه خلاف الظاهر.

   كما أنّ صيغة المضارع ظاهرة في الشروع والتلبس، فقوله: «قبل أن يركع» بمعنى: قبل أن يشرع في الركوع ويتلبّس به. فحمله على ما قبل الفراغ منه بعد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 7: 345 / أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب 26 ح 1، 3، الكافي 3: 427 / 1، الفقيه 1: 270 / 1233، التهذيب 3: 243 / 656.

(2) مصباح الفقيه (الصلاة): 627 السطر 8.

ــ[103]ــ

الشروع والتلبس به خلاف الظاهر أيضاً.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net