عروض أحد الشكوك الصحيحة للمصلّي جالساً - قطع الصلاة في الشكوك الصحيحة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء الثامن:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4169


ــ[254]ــ

   [ 2056 ] مسألة 20 : إذا عرض أحد الشكوك الصحيحة للمصلّي جالساً من جهة العجز عن القيام(1) فهل الحكم كما في الصلاة قائماً فيتخيّر ـ في موضع التخيير بين ركعة قائماً وركعتين جالساً  ـ بين ركعة جالساً بدلاً عن الركعة قائماً أو ركعتين جالساً من حيث إنّه أحد الفردين المخيّر بينهما ، أو يتعيّن هنا اختيار الركعتين جالساً ، أو يتعيّن تتميم ما نقص ، ففي الفرض المذكور يتعيّن ركعة جالساً ، وفي الشكّ بين الاثنتين والأربع يتعيّن ركعتان جالساً ، وفي الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع يتعيّن ركعة جالساً وركعتان جالساً ؟ وجوه ، أقواها الأوّل ((1)) ، ففي الشكّ بين الاثنتين والثلاث يتخيّر بين ركعة جالساً أو ركعتين جالساً ، وكذا في الشكّ بين الثلاث والأربع ، وفي الشكّ بين الاثنتين والأربع يتعيّن ركعتان جالساً بدلاً عن ركعتين قائماً ، وفي الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع يتعيّن ركعتان جالساً بدلاً عن ركعتين قائماً وركعتان أيضاً جالساً من حيث كونهما أحد الفردين .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) احتمل (قدس سره) في مفروض المسألة وجوهاً ثلاثة :

   أحدها :  أن يكون الحكم فيه هو الحكم في المصلّي قائماً من بقاء التخيير في موضع التخيير بين ركعة قائماً وركعتين جالساً على حاله ، غير أ نّه لمكان العجز عن الأوّل ينتقل إلى بدله وهو الركعة من جلوس ، فيتخيّر بين ركعة جالساً ـ  بدلاً عن الركعة قائماً  ـ وبين ركعتين جالساً من حيث إنّه أحد الفردين المخيّر بينهما .

   والوجه في ذلك الأخذ باطلاق كلّ من دليل التخيير بين الركعة والركعتين

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل أقواها الأخير ، وبه يظهر حكم الفروع الآتية .

ــ[255]ــ

ودليل بدلية الجلوس عن القيام، فانّ نتيجة الجمع بين الإطلاقين هو ما عرفت. وهذا الوجه هو خيرة الماتن (قدس سره) .

   ثانيها :  تعيّن اختيار الركعتين جالساً ، بدعوى أنّ إطلاق أدلّة التخيير وإن كان في حدّ نفسه شاملاً للمقام إلاّ أ نّه بعد تعذّر أحد الطرفين يتعيّن الطرف الآخر ، كما هو الشأن في كلّ واجب تخييري تعذّر بعض أطرافه ، فانّ التكليف يتعيّن حينئذ في الطرف الآخر .

   ومعه لا مجال للرجوع إلى إطلاق أدلّة بدلية الجلوس ، لاختصاصها بصورة تعيّن القيام المنفي في المقام ، للتخيير بينه وبين الركعتين جالساً اختياراً ، فمثله غير مشمول لإطلاق تلك الأدلّة . وحيث يتمكّن هنا من العدل الآخر فيتعيّن .

   ثالثها :  أ نّه يتعيّن عليه تتميم ما نقص ، ففي الشكّ بين الثلاث والأربع يتعيّن ركعة جالسـاً ، وفي الشكّ بين الثنتين والأربع ركعتان كذلك ، وفي الشكّ بين الثنتين والثلاث والأربع تتعيّن ركعة جالساً وركعتان كذلك ، فيتمّم كلّ نقص يحتمله بالركعة الجلوسية .

   وهذا الوجه الأخير هو الأظهر ، لقصور أدلّة التخيير عن الشمول للمقام فانّها إنّما ثبتت في حقّ من تمكّن من الصلاة قائماً ، وأنّ مثله لو شكّ بين الثنتين والثلاث أو الثلاث والأربع فهو مخيّر في كيفية صلاة الاحتياط بين ركعة قائماً وركعتين جالساً ، فكانت المصلحة الموجودة في الركعة قائماً موجودة في مقام تدارك النقص المحتمل في الركعتين جالساً .

   وأمّا من كان عاجزاً عن القيام رأساً وانتقل فرضه إلى الصلاة جالساً فلم تكن أدلّة التخيير شاملة له من أصلها ، فاللاّزم حينئذ تدارك النقص من جنس الفائت ، وهو الإتيان بما كلّف به من الركعة الجلوسية ، قضاءً لما تقتضيه القاعدة الأوّلية من لزوم المطابقة بين الفائت وما هو تدارك له في الكيفية . فليس عليه إلاّ تتميم النقص بهذا النحو .

ــ[256]ــ

وكذا الحال لو صلّى قائماً ثمّ حصل العجز عن القيام في صلاة الاحتياط (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وبعبارة اُخرى :  دلّت صحيحة صفوان (1) على أنّ مطلق الشكّ في الصلاة موجب للبطلان ، وقد خرجنا عن ذلك في الشكوك الصحيحة بمقتضى موثّقة عمّار(2) المتضمّـنة لعلاج الشكّ بالاحتياط والإتيان بعد الصلاة بما يحتمل نقصه وأ نّه لا يضرّه الفصل بالتسليم .

   وقد تضمّنت أدلّة اُخرى التخيير في كيفية الاحتياط بين القيام ركعة والجلوس ركعتين لمن كان متعارفاً وهو المتمكّن من القيام ، أمّا غير المتعارف العاجز عنه فتلك الأدلّة منصرفة عنه .

   ولكنّ إطلاق الموثّقة غير قاصر الشمول له ، إذ مقتضاه تتميم ما ظن أ نّه نقص ، ولم يظهر منها الاختصـاص بمن كانت وظيفته الصلاة عن قيام ، بل المأخوذ فيها دخول الشكّ في الصلاة ، الشامل للعاجز عن القيام الذي وظيفته الصلاة جالساً ، ولم تذكر فيها كيفية صلاة الاحتياط ، بل دلّت على مجرّد تتميم ما ظنّ نقصه بعد السلام ، والمظنون نقصه في المقام ركعة عن جلوس أو ركعتان عن جلوس أوهما معاً حسب اختلاف موارد الشك ، فيجب عليه تتميم ذلك النقص وتداركه ، المتوقّف على كونـه من جنس الفائت ، ولا يتحقّق هنا إلاّ بالإتيان بالركعة الجلوسية بمقدار ما يحتمل نقصه بعد قصور أدلّة التخيير وبدلية الجلوس للقيام عن الشمول للمقام حسبما عرفت .

   (1) فيثبت التخيير لدى الماتن (قدس سره) بين ركعة جالساً وركعتين جالساً لكن قد عرفت الإشكال في ذلك ، لقصور أدلّة التخيير عن الشمول له . فالواجب عليه إتيان الركعة جالساً ، لأنّ وظيفته الفعلية هو ذلك كما لو فرضنا طروء العجز في الركعة الأخيرة من صلاته .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) المتقدّمة في ص 242 ، 192 .

ــ[257]ــ

وأمّا لو صلّى جالساً ثمّ تمكّن من القيام حال صلاة الاحتياط فيعمل كما كان يعمل في الصلاة
قائماً(1)، والأحوط في جميع الصور المذكورة إعادة الصلاة بعد العمل المذكور (2) .

   [ 2057 ] مسألة 21 : لا يجوز في الشكوك الصحيحة قطع الصلاة ((1)) واستئنافها(3)، بل يجب العمل على التفصيل المذكور والإتيان بصلاة الاحتياط كما لا يجوز ترك صلاة الاحتياط بعد إتمام الصلاة والاكتفاء بالاستئناف ، بل لو اسـتأنف قبل الإتيان بالمنافي في الأثناء بطلت الصلاتان (4) ، نعم لو أتى بالمنافي في الأثناء صحّت الصلاة المسـتأنفة وإن كان آثماً في الإبطال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) إذ قد تبدّل الموضوع من غير المتمكّن إلى المتمكّن من الصلاة قائماً وأصبح بذلك مصداقاً لأدلّة التخيير ، فله أن يأتي بركعة قائماً أو ركعتين جالساً ومعه لا مجال لأدلّة بدلية الجلوس كي تجري فيه الوجوه المتقدّمة .

   (2) حذراً عن الشبهات المتطرّقة في المسألة حسبما عرفتها .

   (3) هذا يتّجه بناءً على تسليم حرمة القطع ، وأمّا بناءً على الجواز من أجل عدم نهوض ما استدلّ به على الحرمة كما تقدّم في محلّه (2) فلا مانع من القطع والاستئناف. وظاهر أنّ أدلّة البناء  على الأكثر غير وافية لإثبات الحرمة، لوضوح كونها بصدد بيان كيفية تصحيح العمل وتعليم طريقة التخلّص لدى عروض الشكّ ، ولا تعرّض لها لبيان الحكم التكليفي بوجه .

   (4) أمّا الصلاة الاُولى فلأجل الزيادات الحاصلة من فعل الصلاة الثانية من ركوع وسجود ونحوهما ، المانعة من صلاحية انضمام الباقي من أجزاء الصلاة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط .

(2) شرح العروة 15 : 523  وما بعدها .

ــ[258]ــ

ولو استأنف بعد التمام قبل أن يأتي بصلاة الاحتياط لم يكف (1) وإن أتى بالمنافي أيضاً ((1)) ، وحينئذ فعليه الإتيان بصلاة الاحتياط أيضاً ولو بعد حين .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأصلية إليها ، ولا أقلّ من السلام للثانية المخرج عن الاُولى أيضاً ، فلا يتوقّف الحكم على اعتبار الموالاة بين الأجزاء كما لا يخفى .

   وأمّا الصلاة الثانية فبطـلانها بناءً على حرمة القطع ظاهر ، لأ نّها بنفسها مصداق للقطع المحرّم ، ولا يكون الحرام مصداقاً للواجب .

   وأمّا بناءً على عدم الحرمة فلامتناع اتّصاف تكبيرة الإحرام بعنوان الافتتاح الذي هو مقوّم لها ، ضرورة اقتضاء هذا العنوان أن لا يكون مصلّياً آنذاك كي يتحقّق معه الشروع والدخول وتتّصف التكبيرة بكونها أوّل الصلاة وافتتاحها والمفروض كونه فعلاً في أثناء الصلاة ومتّصفاً بالدخول فيها ، وهل هذا إلاّ من قبيل تحصيل الحاصل .

   ومن المعلوم أنّ مجرّد البناء على رفع اليد عن الصلاة الاُولى والعدول عنها لا يؤثّر في الخروج ، ولا يستوجب قلب الواقع عمّا هو عليه ، ومن ثمّ سبق في محلّه (2) أنّ نيّة القطع لا تكون قاطعاً ، فلو نوى القطع وقبل الإتيان بالمنافي بدا له وعاد إلى النيّة الاُولى صحّت صلاته .

   وعلى الجملة : فما دام كونه متّصفاً بعنوان المصلّي يتعذّر منه القصد إلى الافتتاح والدخول في الصلاة ، نعم لو أتى قبل ذلك بالمنافي صحّت الصلاة المستأنفة وإن كان آثماً في الإبطال بناءً على حرمته .

   (1) أمّا قبل الإتيان بالمنافي فبناء على ما هو الصحيح من أنّ ركعة الاحتياط

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر كفايته في هذا الفرض .

(2) شرح العروة 14 : 50 وما بعدها .

ــ[259]ــ

جزء متمّم على تقدير النقص لم يكن له الاستئناف ، لعدم إحراز الفراغ من الصلاة ، فلا يتمشّى منه القصد إلى تكبيرة الإحرام المتقوّمة بالافتتاح كما عرفت .

   بل الصلاة الاُخرى غير مأمور بها قطعاً ، سواء أكانت الاُولى تامّة أم ناقصة إذ على الأوّل فقد سقط الأمر ، ولا معنى للامتثال عقيب الامتثال . وعلى الثاني فهو مأمور بالتتميم والإتيـان بركعة الاحتـياط . فلا أمر بالصلاة الثانية على التقديرين .

   وأمّا بناءً على كونها صلاة مستقلّة شرّعت بداعي تدارك النقص المحتمل فكذلك ، للقطع بسقوط الأمر المتعلّق بصلاة الظهر مثلاً ، سواء أكانت تامّة أم ناقصة. أمّا على الأوّل فظاهر ، وكذا على الثاني، إذ المفروض ـ على هذا المبنى ـ اكتفاء الشارع بتلك الصلاة الناقصة في ظرف الشكّ بتعبّده بالبناء على الأكثر والإتيان بركعة مفصولة ، لا بمعنى انقلاب التكليف بالصلاة الأوّلية إلى صلاة الاحتياط ، فانّه غير محتمل وممّا لا تساعده الأدلّة كما لا يخفى ، بل بمعنى الاكتفاء بما وقع وجعل حكم ظاهري نتيجة الاجتزاء على تقدير النقص ، فبعد فرض سقوط التكليف لا موقع للاستئناف بوجه .

   وأمّا بعد الإتيان بالمنافي فقد ذكر في المتن عدم كفاية الاستئناف أيضاً ، بل لا بدّ من الإتيان بصلاة الاحتياط ولو بعد حين .

   ولكنّ الظاهر كفايته في هذا الفرض بناءً على المختار من كون ركعة الاحتياط جزءاً متمّماً، للقطع بالصحّة، أي براءة الذمّة حينئذ إمّا بالصلاة الاُولى لو كانت تامّة أو بالصـلاة المستأنفة لو كانت ناقصة ، ومعه لا حاجة إلى ضمّ صلاة الاحتياط ، بل لا مقتضي لها ، لعدم احتمال التتميم على تقدير النقص والاتّصاف بالجزئية بعد فرض تخلّل المنافي المانع عن صلاحية الانضمام . فتتمحض الوظيفة حينئذ في الاستئناف تحصيلاً للقطع بالفراغ .

   نعم ، يتّجه ما أفاده (قدس سره) بناءً على القول بكونها صلاة مستقلّة ، لما




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net