بول وغائط حيوان يشك أنه مأكول اللحم 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7131


    الشك في حلية حيوان وحرمته :

   (1) الشك في ذلك تارة من جهة الشبهة الحكمية ، كما إذا ولد حيوان مما يؤكل لحمه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقاهة 1 : 172 .

(2) حيث قال (عليه السلام) «أو شيء من وجوه النجس فهذا كلّه حرام ومحرم لأن ذلك كلّه منهي عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلب فيه . [ تحف العقول : 331 ] ورواها في الوسائل 17 : 83 / أبواب ما يكتسب به ب 2 ح 1 .

ــ[405]ــ

وما لا يؤكل ولم يشبه أحدهما ، وكما إذا شككنا في الأرنب مثلاً أنه يحل أكل لحمه أو يحرم . واُخرى من جهة الشبهة الموضوعية ، كما إذا شككنا في أن الموجود في الخارج غنم أو قرد ولم يعلم حاله لظلمة ونحوها .

   أمّا الشبهات الحكمية : فالمرجع فيها إنما هو قاعدة الطهارة في كل من البول والخرء ، لأن النجاسة إنما علقت على كون الحيوان محرم الأكل شرعاً ولم نحرزه في المقام ، ولذا نشك في طهارة بوله ونجاسته ومقتضى قاعدة الطهارة طهارة كل من بوله وخرئه . نعم ، إنما يحكم بذلك بعد الفحص عن تشخيص حال الحيوان من حيث حرمة أكل لحمه وإباحته كما هو الحال في جريان الأصل في جميع الشبهات الحكمية .

   وأمّا الشبهات الموضوعية : فحالها حال الشبهات الحكمية ، فيرجع فيها أيضاً إلى قاعدة الطهارة من غير اشتراط ذلك بالفحص نظير غيرها من الشبهات الموضوعية .

   وقد خالف في ذلك صاحب الجواهر (قدس سره) حيث احتمل عدم جواز الرجوع إلى أصالة الطهارة قبل الفحص والاختبار بدعوى : أن الاجتناب عن بول ما لايؤكل لحمه يتوقّف على الاحتراز عن بول ما يشك في حلية أكله ، وذكر أن حال المقام حال الشك في القبلة أو الوقت أو غيرهما مما علق الشارع عليه أحكاماً ، فكما أن الرجوع فيهما إلى الأصل غير سائغ قبل الفحص فكذلك الحال في المقام . نعم ، لا  مانع من الحكم بطهارة ملاقيه لاستصحاب طهارته ، وقال إن المسألة غير منقحة في كلماتهم (1) .

   ولكن الصحيح عدم اعتبار الفحص في المقام نظير غيره من الشبهات الموضوعية لاطلاق الدليل أعني قوله (عليه السلام) «كل شيء نظيف ...» (2) وأمّا القبلة والوقت وأمثالهما فقياس المقام بها قياس مع الفارق ، لأنها من قيود المأمور به والتكليف فيها معلوم ، والتردد في متعلقه فلا بدّ فيها من الاحتيـاط ، وأمّا النجاسة في مدفوعي ما لايؤكل لحمه فهي حكم انحلالي ، ولكل فرد من أفرادهما حكم مستقل ، وهي كغيرها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 5 : 289 .

(2) كما في موثقة عمار المروية في الوسائل 3 : 467 / أبواب النجاسات ب 37 ح 4 .

ــ[406]ــ

من الأحكام الشرعية مجعولة على نحو القضايا الحقيقية التي مرجعها إلى قضايا شرطية مقدمها وجود موضـوعاتها ـ كالبول والخرء في المقام ـ وتاليها ثبوت محمولاتها ، وعليه فاذا وجد في الخارج شيء وصدق عليه أنه بول مالا يؤكل لحمه فيترتّب عليه حكمه .

   وأمّا إذا شـككنا في ذلك ولم ندر أنه بول مالايؤكل لحمه ، فلا محـالة نشك في نجاسته وهو من الشك في أصل توجه التكليف بالاجتناب عنه ، وغير راجع إلى الشك في المكلف به مع العلم بالتكليف ، لأن العلم بالحكم في بقية الموارد لا ربط له بالحكم في مورد الشك ، فلا وجه معه للزوم الاحتياط قبل الفحص ، هذا .

   وقد يورد على الحكم بطهارة مدفوعي الحيوان المشكوك حرمته بوجهين :

   أحدهما : أن ذلك إنما يتم فيما إذا قيل بحلية أكل لحمه بأصالة الحلية لأنه حينئذ محلل الأكل ، ومدفوع الحيوانات المحللة طاهر ، ولا يوافق القول بحرمة أكله ـ  كما في المتن  ـ لأصالة عدم التذكية أو استصحاب حرمته حال الحياة ، لنجاسة مدفوع الحيوانات المحرمة فكيف يحكم بطهارة بوله وخرئه ؟ .

   والجواب عن ذلك أن نجاسة البول والخرء إنما تترتب على الحرمة الثابتة على الحيوان في نفسه ، لا من جهة عدم وقوع التذكية عليه أو من جهة حرمة أكل الحيوان حال حياته ، والحرمة الثابتة بالأصل ليست من هذا القبيل ، لأنها إنما ثبتت للحيوان بلحاظ الشك في حليته وحرمته من جهة الشك في التذكية أو من جهة استصحاب الحرمة الثابتة حال حياة الحيوان ، وعلى كل حال فهي أجنبية عن الحرمة الثابتة للحيوان في ذاته ونفسه .

  وثانيهما : أن الحكم بطهارة البول والخرء مما يشك في حليته إنما يتم فيما إذا لم يكن هناك ما يقتضي نجاسة مطلق البول ، وأمّا معه كقوله (عليه السلام) في السؤال عن بول أصاب بدنه أو ثيابه : «صبّ عليه الماء أو اغسله مرّتين» (1) وغيره مما دلّ على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كما في صحيحة محمّد بن مسلم ورواية ابن أبي نصر البزنطي المرويتين في الوسائل 3 :395 / أبواب النجاسات ب 1 ح 1 ، 7 ، وغيرهما .

ــ[407]ــ

وإن كان لا يجوز أكل لحمه بمقتضى الأصل ((1)) (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نجاسة البول مطلقاً فلا يمكن الحكم بطهارتهما . وهذه المطلقات وإن كانت مخصّصة ببول ما يؤكل لحمه بلا خلاف ، والحيوان المشكوك إباحته من الشبهات المصداقية حينئذ ، إلاّ أن مقتضى استصحاب عدم كونه محلل الأكل على نحو العدم الأزلي أنه من الأفراد الباقية تحت العام ، لأن الخارج وهو الحيوان المحلّل أكله عنوان وجودي وهو قابل لاحراز عدمه بالاستصحاب الجاري في الأعدام الأزلية ، وبه يحكم بدخوله تحت العمومات ومقتضاها نجاسة بوله وخرئه كما مرّ .

   ويردّه : أن جريان الاستصحاب بلحاظ مقام الجعل يختص بما إذا كان المشكوك فيه من الأحكام الالزامية أو ما يرجع إليها لأنها هي التي يتعلق عليها الجعل المولوي ، وأمّا الأحكام الترخيصية كالاباحة والحلية فهي غير محتاجة إلى الجعل ، بل يكفي في ثبوتها عدم جعل الالزام من الوجوب أو التحريم ، وعليه فاستصحاب العدم الأزلي لاثبات عدم حلية الحيوان غير جار في نفسه ، ولا يمكن معه إحراز كون الفرد المشتبه من الأفراد الباقية تحت العام ولا يجوز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية ولا مناص حينئذ من الرجوع إلى قاعدة الطهارة للشك في طهارة البول .

   وعلى الجملة لا ملازمة بين القول بحرمة أكل الحيوان وبين القول بنجاسة بوله فيمكن الحكم بطهارة بوله مع الحكم بحرمة لحمه ، كما يمكن الحكم بحلية لحمه لأصالة الحلية ونحوها مع الحكم بنجاسة بوله بمقتضى العمومات المتقدمة مع قطع النظر عما ذكرناه في الجواب .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net