السهو في النافلة ذات الكيفية الخاصّة - نسيان بعض التسبيحات في صلاة جعفر 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء التاسع:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5020


ــ[89]ــ

   [ 2129 ] مسألة 14 : النوافل التي لها كيفيّة خاصّة أو سورة مخصوصة أو دعاء مخصوص كصلاة الغفيلة وصلاة ليلة الدفن وصلاة ليلة عيد الفطر إذا اشتغل بها ونسي تلك الكيفية فان أمكن الرجوع والتدارك رجع وتدارك وإن استلزم زيادة الركن (1) لما عرفت من اغتفارها في النوافل ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حجّيته وكونه بمـثابة العلم ولو تعبّداً ، فهو محرز لأحد الطرفين كما لو قامت حجّة اُخرى من بيّنة ونحوها .

   ويؤيِّد هذا ويؤكِّده أنّ المستفاد من قوله (عليه السلام) في موثّقة عمار : «ألا اُعلِّمك شيئاً ... »
إلخ(1) عدم جواز المضي على الشك ، وأنّ المصلّي لا بدّ وأن يستند إلى ما يؤمن معه عن الخلل . ومن هنا علّمه (عليه السلام) طريقة يؤمن معها عن الزيادة والنقصان . فاللاّزم عليه رفع ترديده بعلم أو علمي والاستناد إلى حجّة قاطعة .

   وبعد التعويل على الظن المستفاد حجّيته من نفس أدلّة الشكوك للتقييد فيها بعدم وقوع الوهم على شيء لم يكن المضي مضياً على الشك، لزوال التردّد حينئذ بل هو مضي على اليقين ولو تعبّداً .

   فلا فرق في حجّيته بين الفريضة والنافلة بمقتضى الإطلاق في صحيحة صفوان الحاكمة بالبطلان ما لم يحصل الظن ، نعم خرجت النافلة عنها لدى الشك فقط ، وأ نّه يحكم عليها حينئذ بالتخيير ، وأمّا مع الظن فهي مشمولة لما يستفاد من إطلاقها من حجّية الظن المتعلّق بالركعات .

   (1) كما لو تذكّر بعد الدخول في الركوع نسيان الآية في صلاة الغفيلة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 213 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 8 ح 3 [ الظاهر كونها ضعيفة سنداً ] .

ــ[90]ــ

وإن لم يمكن(1) أعادها، لأنّ الصلاة وإن صحّت إلاّ أ نّها لا تكون تلك الصلاة المخصوصة (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) كما لو كان التذكّر بعد السلام ، أو بعد الانتهاء عن الركعة ، بحيث استلزم الرجوع زيادة ركعة تامّة ، وهي ممنوع عنها حتّى في النافلة كما مرّ (1) .

   (2) ربما يورد عليه بعدم إمكان الجمع بين الصحّة والإعادة ، إذ لو كان ناوياً لتلك الصلاة الخاصّة فان اُريد من صحّتها صحّتها كما نوى ووقوعها بتلك الكيفية فلا حاجة بعدئذ إلى الإعادة ، وإن اُريد صحّتها بكيفية اُخرى فهي فاقدة للنيّة المعتبرة في العبادة ، إذ المفروض عدم تعلّق القصد بها ، فيكون من قبيل إنّ ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد .

   إلاّ أن يفرض كونه ناوياً لأصل الصلاة أيضاً مضافاً إلى نيّته لتلك الكيفية بحيث يكون على نحو تعدّد المطلوب ، فتّتجه الصحّة حينئذ والجمع بينها وبين الإعادة ، فتصحّ أصل الصلاة وتعاد تلك الكيفية ، وإلاّ فالتوفيق بينهما مع فرض وحدة المطلوب مشكل جدّاً . فينبغي التفصيل بين وحدته وتعدّده .

   أقول :  لا مانع من الجمع بين الصحّة والإعادة حتّى مع فرض الوحدة ، فانّ قصد الخصوصية ملازم لتعلّق القصد بأصل الصلاة ، ولا يكاد ينفكّ عنه ، إذ النسبة بينهما نسبة العموم والخصوص المطلق ، ولا شكّ أنّ الخاص مشتمل على العام وزيادة، كما أنّ الفرد متضمّن للطبيعي مع الخصوصية، والمقيّد شامل للمطلق مع الإضـافة . فهو متّحد معه وغير منفكّ عنه بوجه ، فهو مقصود في ضمن القصد المتعلّق بالخاص لا محالة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [ في ص 86  وما بعدها ، لكن على سبيل الاحتياط ] .

ــ[91]ــ

   فلو ورد الأمر باكرام المؤمن فأكرم زيداً لاعتقاد اتّصافه بخصوصية ككونه عالماً أو هاشمياً ونحو ذلك ثمّ انكشف الخلاف ، أو صلّى في مكان بزعم كونه مسجداً بحيث لم يكن ناوياً للصلاة لولا هذا الزعم ثمّ بان الخلاف ، أفهل يمكن القول بعدم حصول امتثال الأمر باكرام المؤمن ، أو الأمر بطبيعي الصلاة التي هي خير موضوع بدعوى عدم كونه قاصداً للطبيعي .

   وعلى الجملـة : الصلاة الخاصّة المشـتملة على الكيفية المخصوصة مصداق لطبيعي النافلة ، فقصدها قصده بطبيعة الحال ، لاتحادها معه ، وعدم كونها مباينة له ليحتاج إلى قصد آخر كي يعترض بأن ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد .

   وإنّما يتّجه هذا الكلام في العنوانين المتباينين كالظهر والعصر ، والفريضة والنافلة ، والأداء والقضاء ونحو ذلك ممّا لا علاقة بينهما ولا اتّحاد . ففي مثل ذلك لو قصد أحدهما ولم يكن له واقع لا يغني عن الآخر ، لفقد القصد بالإضافة إليه كما ذكر .

   وأمّا في المقام وأشباهه من موارد الخاص والعام ، أو المطلق والمقيّد ، أو الطبيعي والفرد فالقصد الارتكازي بالإضافة إلى الطبيعي موجـود في ضمن القصد المتعلّق بالخاص قطعاً ، وإن كان الداعي والباعث إليه هو الاتِّصاف بتلك الخصوصية المتخلّفة ، بحيث لولاها لم يصدر منه القصد ، وأ نّه لو كان عالماً بأنّ هذا المكان ليس بمسجد أو أنّ هذه الصلاة لم تقع تلك الصلاة الخاصّة كصلاة جعفر مثلاً لم يكن قاصداً لطبيعي الصلاة ، إلاّ أ نّه بالأخرة قد تحقّق منه هذا القصد خارجاً في ضمن القصد المتعلّق بالفرد الخاص ، وإن كان مشتبهاً ومخطئاً في التطـبيق ، ولأجله يحكم بصحّة الصلاة لانطباق الطبيعي المقصود عليها وإعادتها لعدم كونها تلك الصلاة المخصوصة كما أفاده في المتن .

ــ[92]ــ

وإن نسي بعض التسبيحات في صلاة جعفر قضاه متى تذكّر ((1)) (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) إن كان المستند في ذلك ما رواه الطبرسي في الاحتجاج والشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن الحميري في التوقيع حيث «سأله (عليه السلام) عن صلاة جعفر إذا سها في التسبيح في قيام أو قعود ، أو ركوع أو سجود وذكره في حالة اُخرى قد صار فيها من هذه الصلاة هل يعيد ما فاته من ذلك التسبيح في الحالة التي ذكره أم يتجاوز في صلاته ؟ التوقيع : إذا سها في حالة عن ذلك ثمّ ذكره في حالة اُخرى قضى ما فاته في الحالة التي ذكره» (2) .

   فمضافاً إلى ضعف السند بالإرسال في طريق الاحتجاج ، وبأحمد بن إبراهيم النوبختي الواقع في طريق الشـيخ فانّه مجهول ، قاصرة الدلالة على الإطلاق المذكور في المتن ، لاختصاص مفادها بما إذا تذكّر في حالة اُخرى من صلاته ولا يعمّ التذكّر لما بعد الصلاة كما هو ظاهر .

   وإن كان المستند ما رواه الكليني والشيخ عنه باسناده عن أبان قال : «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : من كان مستعجلاً يصلّي صلاة جعفر مجرّدة ، ثمّ يقضي التسبيح وهو ذاهب في حوائجه» (3) ونحوه ما رواه الصدوق بإسناده عن أبي بصير(4) بدعوى أنّ الاستعجال مع الترك العمدي إن كان عذراً يسوغ معه تأخير التسبيح إلى ما بعد الصلاة فالنسيان أولى بالعذر ، فيكشف

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، ولا بأس بالإتيان به رجاء .

(2) الوسائل 8 : 61 /  أبواب صلاة جعفر ب 9 ح 1 ، الاحتجاج 2 : 565 ، كتاب الغيبة : 376 .

(3) الوسائل 8 : 60 /  أبواب صلاة جعفر ب 8 ح 1 ، الكافي 3 : 466 / 3 ، التهذيب 3 : 187 / 424 .

(4) الوسائل 8 : 60 /  أبواب صلاة جعفر ب 8 ح 2 ، الفقيه 1 : 349 / 1543 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net