طهارة المذي والوذي والودي 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 22556


ــ[416]ــ

وأمّا المذي والوذي والودي فطاهر من كل حيوان إلاّ نجس العين (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فلو كنّا نحن وهذه الأخبار لحكمنا بطهارة المني في هذه المسألة إلاّ أن الاجماع القطعي قام على نجاسة المني من كل ما له نفس سائلة وإن كان محلل الأكل ، وهذا الاجماع يصير قرينة على التصرف في الموثقة بحملها على غير المني من البول والروث ونحوهما .

   وأمّا المسألة الرابعة : فلم يقم على نجاسة المني مما لا نفس له دليل سواء كان محللاً أم محرماً ، وقد عرفت قصور الأدلة عن إثبات النجاسة في مني ما يؤكل لحمه إذا كان له نفس سائلة فضلاً عما لا نفس له ، مضافاً إلى ما ورد من أنه «لا يفسد الماء إلاّ ما كانت له نفس سائلة» (1) لأنها شاملة للمني منه كما تشمل البول وغيره من أجزائه ، وبذلك نحكم بعدم نجاسة المني في الأسماك والحيات ونظائرهما .

    تتميم : أن الفيومي في المصباح فسر المني بماء الرجل (2) ، وفي القاموس فسره بماء كل من الرجل والمرأة (3) ، ومن هنا توهّم بعضهم عدم شمول ما دلّ على نجاسة المني لمني غير الانسان بدعوى قصور الأدلة عن اثبات نجاسته في نفسها إلاّ أن الظاهر أن تعريفهما من باب بيان أظهر الأفراد للقطع بعدم الفرق بين أفراده ، لأنه عبارة عن ماء دافق يخرج عند الشهوة على الأغلب وهذا لا فرق فيه بين الانسان وغيره من الحيوانات ، فلا إجمال للفظ حتى يرجع فيه إلى تفسير اللغوي .

  (1) أمّا المذي فقد ذهب العامة إلى نجاسته (4) حتى من يقول منهم بطهارة المني

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وهو ما رواه حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه . المروية في الوسائل 3 : 464 / أبواب النجاسات ب 35 ح 2 .

(2) لاحظ المصباح المنير : 582 .

(3) القاموس 4 : 391 .

(4) أفتى فقهاء المذاهب الأربعة بنجاسة المذي الخارج من الانسان كما في المهذب للشيرازي الشافعي ج 1 ص 47 وبدايع الصنايع للكاشاني الحنفي ج 1 ح ص 90 والمغني لابن قدامة الحنبلي ج 1 ص 731 ، وشرح صحيح الترمذي للقاضي ابن العربي المالكي ج 1 ص 176 .

ــ[417]ــ

كالشافعية والحنابلة ، ولعمري إنه من عجائب الكلام فكيف يفتى بنجاسة المذي وطهارة المني ؟ بل عن بعضهم نجاسة كل ما يخرج من الانسان (1) حتى الدمعة إذا استندت إلى مرض لا ما استند إلى البكاء .

   وأمّا عندنا فلم ينسب إلى أحد الخلاف في طهارته غير ابن الجنيد ، حيث ذهب إلى نجاسة المذي الخارج عقيب شهوة على ما حكي (2) ، ولعلّه استند في ذلك إلى الأخبار إلاّ أن ما دلّ منها على نجاسة المذي مشتمل على قرائن تقتضي حملها على الاستحباب أو التقية .

   فمنها : صحيحة محمد بن مسلم قال : «سألته عن المذي يصيب الثوب ؟ فقال (عليه السلام) : ينضحه بالماء إن شاء ...» (3) وقرينة الاستحباب فيها ظاهرة .

   ومنها : صحيحة الحسين بن أبي العلاء قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المذي يصيب الثوب ؟ قال : لا بأس به فلما رددنا عليه فقال : ينضحه بالماء» (4) وهي ظاهرة في طهارة المذي بحسب الحكم الواقعي إلاّ أنه أمره بالنضح لاصرار السائل مماشاة مع المخالفين .

   ومنها : صحيحة اُخرى لحسين بن أبي العلاء قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المذي يصيب الثوب ؟ قال (عليه السلام) إن عرفت مكانه فاغسله وإن كان خفي عليك مكانه فاغسل الثوب كلّه» (5) وهي محمولة على الاستحباب بقرينة روايته المتقدمة .

  هذا مضافاً إلى الأخبار الصريحة الواردة في طهارة المذي (6) وما ورد في طهارة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الفقه على المذاهب الأربعة ج 1 ص 12 من الطبعة الاُولى الحنفية قالوا : ان ما يسيل من البدن غير القيح والصديد ان كان لعلة ولو بلا ألم فنجس وإلاّ فطاهر وهذا يشمل النفط وهي القرحة التي امتلأت وحان قشرها وماء السرة وماء الاذن وماء العين ، فالماء الذي يخرج من العين المريضة نجس ولو خرج من غير ألم كالماء الذي يسيل بسبب الغرب وهو عرق في العين يوجب سيلان الدمع بلا ألم .

(2) التذكرة 1 : 54 .

(3) ، (4) ، (5) المرويات في الوسائل 3 : 426 / أبواب النجاسات ب 17 ح 1 ، 2 ، 3 .

(6) ففي صحيحة بريد بن معاوية قال: «سألت أحدهما (عليهما السلام) عن المذي فقال :   لا  ينقض الوضوء ولا يغسل منه ثوب ولا جسد إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق» . وفي صحيحة محمد بن مسلم ، قال : «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المذي يسيل حتى يصيب الفخذ ، قال : لا يقطع صلاته ولا يغسله من فخذه ، إنه لم يخرج من مخرج المني ، إنما هو بمنزلة النخامة» وغيرهما من الأخبار المروية في الوسائل 1 : 276 / أبواب نواقض الوضوء ب 12 ح 1 ، 3 . ومنها : صحيحة زرارة الآتية .

ــ[418]ــ

وكذا رطوبات الفرج (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

البلل المشتبه الخارج بعد الاستبراء من البول أو المني (1) فان المذي وأخواته أيضاً لو كانت نجسة لم يكن لطهارة البلل المشتبه وجه ، للعلم حينئذ بنجاستها على كل حال كان بولاً أو منياً أم كان مذياً أو شيئاً آخر من أخواته .

   وأمّا الوذي والودي فلم يدل دليل على نجاستهما والأصل طهارتهما . بل ويمكن أن يستدل عليها بغير واحد من الأخبار .

   منها : صحيحة زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «إن سال من ذكرك شيء من مذي أو ودي (وذي) وأنت في الصلاة فلا تغسله ، ولا تقطع له الصلاة ولا تنقض له الوضوء وإن بلغ عقبيك ، فانّما ذلك بمنزلة النخامة ، وكل شيء خرج منك بعد الوضوء ، فانّه من الحبائل ، أو من البواسير ، وليس بشيء فلا تغسله من ثوبك إلاّ أن تقذره» (2) .

   نعم ، نسب إلى بعض العامّة ـ وإن لم نقف عليه في كلماتهم ـ نجاستهما كما التزموا بها في المذي بدعوى خروجها من مجرى النجاسة ويدفعه : أن البواطن لا دليل على تنجسها كما عرفته في محلّه .

   (1) لصحيحة إبراهيم بن أبي محمود قال : «سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن المرأة وليها (عليها) قميصها أو إزارها يصيبه من بلل الفرج وهي جنب ، أتصلِّي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) منها ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في الرجل يبول ، قال : ينتره ثلاثاً ثم إن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي» ومنها غير ذلك من الأخبار المروية في الوسائل 1  :  283 / أبواب نواقض الوضوء ب 13 ح 3 ، 1 ، 2 .

(2) الوسائل 1 : 276 / أبواب نواقض الوضوء ب 12 ح 2 .

ــ[419]ــ

والدبر (1) ما عدا البول والغائط .

   الرابع : الميتة من كل ما له دم سائل ، حلالاً كان أو حراماً (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيه ؟ قال : إذا غتسلت صلت فيهما» (1) .

   (1) وتدل عليه صحيحة زرارة المتقدمة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net