ميتة ما لا نفس له 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 10283


    ميتة ما لا نفس له :

   (1) الكلام في هذه المسألة يقع في مقامين :

   أحدهما : في كبرى طهارة الميتة مما لا نفس له .

   وثانيهما : في بعض صغرياتها مما وقع الكلام في أن له نفساً سائلة أو لا نفس له .

   أمّا المقام الأوّل : فلم يستشكل أحد فيما نعلمه من الأصحاب في طهارة الميتة من كل حيوان محكوم بالطهارة حال حياته إذا لم تكن له نفس سائلة ، وتدل عليها جملة كثيرة من الأخبار .

   منها : موثقة حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليه السلام) قال : «لا  يفسد الماء إلاّ ما كانت له نفس سائلة» (1) لأن الميتة هي القدر المتيقن منها ، لأنها إما مختصة بالميتة نظراً إلى أن الافساد وعدمه مضافان فيها إلى الذات ، أعني ذات الحيوان الذي له نفس أو لا نفس له ، أو أنها أعم فتشمل الميتة وكل ما يضاف إليها من دمها وبولها وغيرهما كما استظهرناه سابقاً .

   ومنها : موثقة عمار الساباطي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «سئل عن الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما اُشبه ذلك يموت في البئر والزيت والسمن وشبهه قال : كل ما ليس له دم فلا بأس» (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 3 : 464 / أبواب النجاسات ب 35 ح 2 ، 1 .

ــ[444]ــ

   ومنها : ما عن أبي بصير في حديث : «وكل شيء وقع في البئر ليس له دم مثل العقرب والخنافس وأشباه ذلك فلا بأس» (1) ومنها غير ذلك من الأخبار ، إلاّ أنهم اختلفوا في الوزغ بعد تسليم أنه مما لا نفس له ، ولكن هذا الخلاف غير راجع إلى ما قدمناه من كبرى طهارة الميتة مما لا نفس له ، وإنما هو مستند إلى الخلاف في طهارة الوزغ حال حياته ونجاسته ، والكبرى المسلمة تختص بحيوان محكوم بالطهارة حال حياته دون الحيوانات النجسة وإن لم يكن لها نفس سائلة ، وهذا نظير ما قدّمناه في الشعر والصوف وغيرهما مما لا تحله الحياة ، وذكرنا أنها طاهرة من كل حيوان ميت كان محكوماً بالطهارة في حياته دون ما كان نجساً .

   وكيف كان فقد ذهب جماعة إلى نجاسة الوزغ وزادوا بذلك نجاسة على الأعيان النجسة . بل عن بعضهم نجاسة الثعلب والأرنب والفأرة أيضاً إلاّ أ نّا نتكلم في خصوص الوزغ هنا بمناسبة عدم كونه ذا نفس سائلة فنقول :

   نسب القول بنجاسة الوزغ إلى الشيخ (2) والصّدوق (3) وابن زهرة (4) وسلار (5)وغيرهم (قدس سرهم) واعتمدوا في ذلك على روايات ثلاث :

   الاُولى : ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الفأرة والوزغة تقع في البئر قال : ينزح منها ثلاث دلاء» (6) بتقريب أن الأمر بالنزح ظاهر في وجوبه ووجوب النزح ظاهره الارشاد إلى نجاسة الوزغ والفأرة لبعد كونه تعبداً صرفاً .

   الثانية : رواية هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «سألته

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 185 / أبواب الماء المطلق ب 17 ح 11 .

(2) النهاية : 52 .

(3) حكى عنه في الحدائق 5 : 226 ، ويظهر من الفقيه 1 : 8 / 10 .

(4) الغنية : 49 .

(5) المراسم : 56 .

(6) الوسائل 1 : 187 / أبواب الماء المطلق ب 19 ح 2 .

ــ[445]ــ

عن الفأرة والعقرب وأشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حياً هل يشرب من ذلك الماء ويتوضأ منه ؟ قال : يسكب منه ثلاث مرات ، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة ، ثم يشرب منه ويتوضأ منه ، غير الوزغ فانّه لا ينتفع بما يقع فيه» (1) وظاهرها أن عدم جواز الانتفاع به مستند إلى نجاسة الوزغ .

   الثالثة : رواية الفقه الرضوي : «فان وقع في الماء وزغ اُهريق ذلك الماء ...» (2)لأنها كسابقتها ظاهرة في أن الأمر بالاهراق إرشاد إلى نجاسة الوزغ الموجبة لنجاسة الماء .

   ولكن الصحيح طهارة الوزغة ولا يمكن المساعدة على شيء مما استدل به على نجاستها . أمّا الروايتان الأخيرتان فلضعفهما (3) . وأمّا صحيحة معاوية فلأن ظهورها في نجاسة الوزغة وإن كان غير قابل للانكار إلاّ أنه لا مناص من رفع اليد عن ظاهرها بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال : «سألته عن العظاية والحيّة والوزغ يقع في الماء فلا يموت أيتوضأ منه للصلاة ؟ قال : لا بأس به ...» (4) وبها تحمل الصحيحة المتقدمة على التنزه لاشمئزاز النفس عن الماء الذي وقع الوزغ فيه . وكذا الحال في الروايتين الأخيرتين على تقدير صحة سندهما .

   هذا ومع الاغماض عن ذلك وفرض التعارض بين ما دلّ على نجاسة الوزغ وطهارته فالمرجع هو صحيحة الفضل أبي العباس الدالة على طهارة كل حيوان ما عدا الكلب ، قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن فضل الهرة والشاة والبقرة والابل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 240 / أبواب الأسآر ب 9 ح 4 ، وأيضاً الوسائل 1 : 188 / أبواب الماء المطلق ب  19 ح 5 ،

(2) فقه الرضا : 93 .

(3) الوجه في تضعيف الرواية الثانية هو عدم توثيق يزيد بن إسحاق الواقع في سندها في الرجال ولكن الرجل ممن وقع في أسانيد كامل الزيارات ومقتضى ذلك هو الحكم بوثاقته ، ومعه تصبح الرواية صحيحة لا محالة .

(4) الوسائل 3 : 460 / أبواب النجاسات ب 33 ح 1 ، وأيضاً الوسائل 1 : 238 / أبواب الأسآر ب  9 ح 1 .

ــ[446]ــ

والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع فلم أترك شيئاً إلاّ سألته عنه ؟ فقال : لا  بأس به حتى انتهيت إلى الكلب فقال رجس نجس لا تتوضأ بفضله وأصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أوّل مرّة ثم بالماء» (1) هذا كلّه في المقام الأول .

   وأمّا المقام الثاني : فقد قالوا إن الحية والتمساح مما لا نفس له كبقية الحيوانات البحرية وحشرات الأرض ، وأنكره بعضهم وادعى أنهما مطلقاً أو بعض أقسام الحية ذو نفس سائلة ، فان ثبت شيء من الدعويين فهو ، وإلاّ فعلى ما سلكناه في محله من جريان الأصل في الأعدام الأزلية يحكم بطهارة ميتتها ، لأن جملة من الأخبار المعتبرة دلت على طهارة ميتة ما لا نفس له كما قدمناها ، وهي مخصصة لعموم ما دلّ على نجاسة الميتة فالخارج عن العام عنوان عدمي وهو ما لا نفس له ، والباقي تحته معنون بعنوان وجودي أعنى ما له نفس سائلة ، ومقتضى أصالة عدم كون المصداق المشتبه مما له نفس سائلة طهارة ميتته بعد ما ثبت في محله من عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية .

   والفارق بين ما نحن فيه وغيره مما يتمسك فيه بأصالة العدم الأزلي في المصداق المشتبه لادراجه تحت العموم ، هو أن الخارج عن العام في المقام عنوان عدمي والباقي معنون وجودي ، ومعه ينتج الأصل الجاري في العدم الأزلي إدراج الفرد المشتبه تحت الخاص ، وهذا بخلاف ما إذا كان الخارج عنواناً وجودياً والباقي معنوناً بعنوان عدمي فان معه تنعكس الحال ، فالأصل الجاري في العدم الأزلي يثبت أن الفرد المشتبه داخل في حكم العام .

   وأمّا على مسلك من لا يرى جريان الأصل في الأعدام الأزلية فالأمر في الموارد المشكوكة أيضاً كما عرفت ، لقاعدة الطهارة بعد عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية . وهكذا الكلام في كل مورد شككنا في أنه مما له نفس أو لا نفس له ولو من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 226 / أبواب الأسآر ب 1 ح 4 ، وأيضاً 3 : 413 / أبواب النجاسات ب 11 ح 1 إلاّ أنه ليس فيها تمام الحديث .

ــ[447]ــ

   [ 168 ] مسألة 4 : إذا شكّ في شيء أنه من أجزاء الحيوان أم لا فهو محكوم بالطهارة وكذا إذا علم أنه من الحيوان لكن شكّ في أنه مما له دم سائل أم لا (1) .

   [ 169 ] مسألة 5 : المراد من الميتة أعم مما مات حتف أنفه أو قتل أو ذبح على غير الوجه الشرعي (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أجل تردده بين حيوانين أحدهما ذو نفس سائلة ، أو تردده بين كونه من الحيوان أو من غيره كما إذا لم ندر أن المطروح في الطريق جلد أو غير جلد .

   (1) لأصالة عدم كونه من أجزاء الحيوان أو عدم كونه من أجزاء ما له نفس سائلة أو لأصالة الطهارة كما مرّ .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net