حكم ما لو كان لبلد طريقان والأبعد منهما مسافة - حكم المسافة المستديرة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4507


ــ[40]ــ

   [ 2244 ] مسألة 13 : لو كان لبلد طريقان والأبعد منهما مسافة (1) فان سلك الأبعد قصّر ، وإن سلك الأقرب لم يقصّر إلاّ إذا  كان أربعة أو أقل وأراد الرجوع ((1)) من الأبعد .

   [ 2245 ] مسألة 14 : في المسافة المستديرة الذهاب فيها الوصول إلى المقصد والإياب منه إلى البلد ، وعلى المختار يكفي كون المجموع مسافة مطلقاً وإن لم يكن إلى المقصد أربعة ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لا ريب في وجوب التقصير حينئذ لو سلك الأبعد ، وكذا الأقرب مع فرض كونه أربعة ، لكفاية التلفيق من بريدين كما مرّ (2) . كما لا ريب في وجوب التمام لو سلك الأقرب وكان دون الأربعة وأراد الرجوع منه ، لعدم بلوغ الثمانية ولو ملفّقاً كما هو واضح .

   وأمّا لو أراد الرجوع من الأبعد فالظاهر هو التقصير ، لكون الرجوع هنا بنفسه مسافة ، فلا ينافي ما قدّمناه (3) من اشتراط التلفيق بعدم كون كلّ من الذهاب والإياب أقل من الأربعـة ، فانّ ذلك خاص بما إذا لم يكن كلّ منهما بنفسه مسـافة ، وإلاّ فالعبرة بها ، ولا حاجة معها إلى مراعاة التلفيـق كما هو ظاهر جدّاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مرّ أنّ التلفيق لا يتحقّق في الأقلّ من أربعة إلاّ أ نّه في مفروض المسألة يجب القصر لأنّ الرجوع بنفسه مسافة .

(2) في ص 5 وما بعدها .

(3) في ص 7 .

 
 

ــ[41]ــ

وعلى القول الآخر يعتبر أن يكون من مبدأ السّير إليه أربعة((1)) مع كون المجموع بقدر المسافة(1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) قد عرفت أنّ المستفاد من النصوص لزوم التقصير على المسافر الذي يريد قطع مسافة تبلغ ثمانية فراسخ امتدادية ، أو ملفّقة من الذهاب والإياب إمّا مطلقاً أو شريطة أن لا يكون كلّ منهما أقل من أربعة فراسخ كما تقدّم .

   ولا ينبغي الشكّ في عدم اعتبار كون المسافة بالخط المستقيم ، إذ كثيراً ما يكون الطريق معوجاً موجباً للانحراف يميناً وشمالاً بحيث يتشكّل منه الخط المنكسر مرة أو مرتين بل مرات عديدة كما في الجبال والأودية .

   فلو فرضنا مثلثاً وأراد السير من زاوية إلى زاوية اُخرى لا بنحو الاستقامة ، بل على سبيل الانكسار بحيث كان الطريق واقعاً في ضلعين منه فكان بلده في زاوية ومقصده في زاوية اُخرى والطريق إليها مار على الزاوية الثالثة الموجب بطبيعة الحال لتضاعف البعد عما لو كان السير بنحو الاستقامة .

   أو فرضنا نصف دائرة وأراد الانتقال من نقطة إلى اُخرى مسامتة لها ولكن لا بالخط المستقيم ، بل بنحو الانحراف والاسـتدارة ، إمّا لمانع من وجود بحر ونحوه أو لغرض آخر ، فتوقّف الوصول إلى المقصد على قطع تلك المسافة .

   ففي جميع ذلك إذا كان السير بالغاً حدّ المسافة الشرعية أعني ثمانية فراسخ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يعتبر ذلك ، فانّ الظاهر كفاية كون مجموع الدائرة ثمانية فراسخ في وجوب القصر سواء في ذلك وجود المقصد في البين وعدمه ، والأحوط فيما إذا كان ما قبل المقصد أو ما بعده أقل من الأربعة هو الجمع .

ــ[42]ــ

لزمه التقصير، وإن كان البعد الواقع بين بلده ومقصده أقل من ذلك بكثير لو كان بنحو الخط المستقيم، كلّ ذلك لإطلاق الروايات الشامل لما تضمّن الانحراف بل هو الغالب في سير الجمال والقوافل التي هي مورد النصوص ولا سيما في البلاد الجبلية .

   والروايات تشير إلى هذا السير العادي المتعارف ، وإلاّ فقلّما تجد طريقاً سليماً عن الانحراف عارياً عن نوع من الاستدارة أو الانكسار إلاّ في الطرق البحرية أو الجوية كما لا يخفى .

   أمّا طريق البر وهو مورد الروايات فشذّ ما يسلم عن الاعوجاج الموجب لازدياد السير ، وقد كانت المسافة بين النجف وكربلاء مقداراً معيّناً ، وأخيراً بعدما غيّر الطريق وجعل من حي الحسين (عليه السلام) زاد الانحراف فاُضيف على المسافة ما يقرب من نصف الفرسخ ، فخرج آخر الطريق من الخط المستقيم إلى الخط المنكسر .

   وكيف ما كان ، فالمدار في وجوب التقصير بصدق أمرين : كونه مسـافراً وأن يكون مسيره ثمانية فراسخ وإن كان البعد لو قدّر بنحو الاستقامة لعلّه لا يزيد على ثلاثة فراسخ مثلاً ، إذ لا عبرة بالخط المستقيم كما عرفت .

   فعليه إذا فرضنا أنّ حركة هذا المسافر كانت في دائرة تامّة فسار في مسافة مستديرة فلها صورتان :

   إذ تارة تكون الدائرة خارجة عن البلد فيكون واقعاً على جانب منها ملاصقاً لنقطة من نقاطها أو داخلاً أو خارجاً شيئاً ما ، كما لو خرج من النجف إلى الديوانية ثمّ الحلّة ثمّ كربلاء ثمّ رجع إلى النجف بحيث تشكّلت من سيره دائرة حقيقية أو ما يشبهها .

ــ[43]ــ

   واُخرى تكون الدائرة حول البلد بحيث يكون البلد مركزاً لها .

   أمّا الصورة الاُولى :  فلا ينبغي الشكّ في وجوب القصر إذا بلغ به السير ثمانية فراسخ ولو ملفّقة من الذهاب والإياب .

   ولا فرق في ذلك بين أن يكون له مقصد يروم السفر إليه ، أم لم يكن له مقصد أصلاً كما لو سافر لامتحان فرسه ، أو اختبار سيارته أو غاية اُخرى من الغايات المباحة من غير أن يكون له أيّ مقصد ما عدا نفس السير . فوجود المقصد وعدمه سيّان ، ولا يناط به ملاحظة الذهاب والإياب ، بل هما ينتزعان من مراعاة البعد والقرب بالإضافة إلى البلد .

   فانّه لدى خروجه منه يتباعد عنه شيئاً فشيئاً إلى أن يبلغ نصف الدائرة المحاذي للبلد والنقطة المسامتة له التي هي منتهى البعد ، وبعدئذ يسير في النصف الثاني فيأخذ في الاقتراب ويدنو شيئاً فشيئاً إلى أن يصل إلى البلد .

   فكلّما يتباعد فهو ذهاب ، وكلّما يتقارب فهو إياب ، سواء أكان له مقصد أم لا ، وسواء أكان مقصده ـ على تقدير وجوده ـ واقعاً على رأس منتهى البعد أم قبله أم بعده ، فانّ ذلك كلّه أجنبي عن ملاحظة الذهاب والإياب المعلّق عليهما التلفيق في لسان الروايات ، إذ لا يفرق ذلك في واقع الذهاب والإياب المنتزع ممّا عرفت .

   نعم ، قد يطلق الإياب على مجرّد الخروج من المقصد وإن كان قبل ذلك ، كما لو كان مقصده في فرسخين والمفروض أنّ منتهى البعد أربعة مثلاً ، فيقال حينئذ أ نّه يرجع .

   لكنّه مبني على المسامحة ، يراد منه أ نّه يرجع من مقصده لا أ نّه يرجع عن سفره ، والاعتبار بالثاني دون الأوّل كما لا يخفى . وإلاّ فكلّما يبعد فهو ذاهب وكلّما يقرب فهو راجع آئب .

ــ[44]ــ

   فما في المتن من جعل المدار على الوصول إلى المقصد في غير محلّه ، بل قد عرفت عدم لزوم فرض مقصد من أصله ، فاذا كان كلّ منهما ـ أعني من مبدأ السير إلى منتهى البعد والعود عنه ـ أربعة فراسخ فقد تحقّقت المسافة التلفيقية الموجبة للتقصير ، وإذا كان كلّ منهما بنفسه ثمانية فراسخ فلا إشكال .

   وعلى الجملة :  بعد أن لم يعتبر في السفر أن يكون بالخط المستقيم ، بل لعلّه لا يتّفق في البر إلاّ نادراً ـ كما مرّ ـ فحال السير في الدائرة حال السير في غيرها من غير أي إشكال فيه ، كما هو الحال في المثلث ، فانّه يقصّر إذا بلغ مجموع الضلعين ثمانية فراسخ . فالمسافة  المستديرة والمسافة المستقيمة والمسافة المنكسرة كلّها شرع سواء فيما هو مناط للتقصير حسبما عرفت .

   وأمّا الصورة الثانية :  أعني ما لو كان البلد مركزاً للدائرة ، فخرج عن بلده بالخط المستقيم مثلاً إلى أن بلغ الدائرة فسار فيها وطاف حول البلد ، بحيث تكون نسبته إلى البلد في جميع الحالات على حد سواء إلى أن وصل إلى المكان الذي شرع منه في السير ، فهل يكون حكمه التقصير أيضاً إذا كانت المسافة ثمانية فراسخ كما في الصورة الاُولى ؟ الظاهر هو التفصيل .

   إذ تارة تكون الدائرة قريبة من البلد جدّاً بحيث لا يصدق معها عنوان السفر لكونها من توابعه وملحـقاته ، كما لو خرج من النجف إلى آخر ضواحيه ثمّ طاف حوله لغاية الزراعة أو التفرّج ونحوهما من الغايات المشروعة .

 فحينئذ لا إشكال في لزوم التمام وإن بلغ به السير عشرة فراسخ ، بل عشرين لفرض كبر البلد ، لأنّ سيره خارج البلد كسيره داخل البلد في عدم صدق عنوان المسافر عليه ، ولا بدّ في التقصير من صدق هذا العنوان ، لما تقدّم(1) من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 8  ، 13 .

ــ[45]ــ

عدم كون العبرة بمطلق شغل اليوم كيف ما اتّفق .

   ولذا قلنا إنّه لو ذهب فرسخاً ورجع ثمّ ذهب ورجع إلى أن بلغ المجموع ثمانية لا يكفى في التقصير ، لما عرفت من لزوم أمرين في وجوب القصر : صدق السفر ، وكونه ثمانية فراسخ ، فاذا لم يصدق المسافر كما في المقام لكون بعده عن البلد بمقدار نصف الفرسخ مثلاً لم يجب التقصير .

   واُخرى تكون الدائرة بعيدة بمقدار يصدق معه عنوان المسافر ، كما لو بعد عن البلد مقدار ثلاثة فراسخ مثلاً ثمّ دار حول البلد ، فالظاهر حينئذ وجوب التقصير فيما إذا بلغ مجموع سيره ثمانية فراسخ ولو ملفّقاً .

   فانّه حينما يشرع في البعد فهو ذاهب ويمتد ذلك إلى أن يصل منتهاه ، وهي النقطة المقابلة من الدائرة مع النقطة التي دخل فيها ، وحينما يتجاوز عن هذه النقطة يشرع في القرب ويتحقّق معه الرجوع والإياب إلى أن يصل سيره في الدائرة إلى النقطة التي دخل فيها ، فاذا كان كلّ منهما أربعة فراسخ بحيث تلفّقت منهما الثمانية وجب التقصير ، لما عرفت من عدم اعتبار كون السير في الخط المستقيم ، وأنّ العبرة بمطلق الثمانية ، سواء أكانت الخطوط مستقيمة أم مستديرة ، بشرط صدق عنوان المسافر عليه ، والمفروض تحقّقه في المقام . فلا مناص من التقصير حسبما عرفت .

   فإذا فرضنا أنّ مجموع سيره في الدائرة ست ساعات فالسـير في الثلاث الاُولى ذهاب وفي الثلاث الثانية إياب ، فاذا بلغ كلّ منهما أربعة فراسخ وجب عليه القصر .

 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net