أمارات التذكية : يد المسلم 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 8649


    أمارات التذكية : يد المسلم :

   (1) لا ينبغي الاشكال في أن يد المسلم من الأمارات الحاكمة على أصالة عدم التذكية وتدل على اعتبارها جميع ما ورد في اعتبار سوق المسلمين ، لأنه وإن كان أمارة على التذكية إلاّ أن أمّاريته ليست في عرض أمّارية يد المسلم ، وإنما هي في طولها بمعنى أن السوق جعلت أمارة كاشفة عن يد المسلم وهي الأمارة على التذكية حقيقة والسوق أمارة على الأمارة . وذلك لأن الغالب في أسواق المسلمين إنما هم المسلمون وقد جعل الشارع الغلبة معتبرة في خصوص المقام ، وألحق من يشك في إسلامه بالمسلمين للغلبة ، بل ولا اختصاص لذلك بالسوق فان كل أرض غلب عليها المسلمون تكون فيها الغلبة أمارة على إسلام من يشك في إسلامه كما في صحيحة إسحاق بن عمار عن العبد الصالح (عليه السلام) أنه قال : «لا بأس بالصلاة في الفرا اليماني وفيما صنع في أرض الاسلام ، قلت فان كان فيها غير أهل الاسلام ؟ قال : إذا كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس» (2) .

   والذي يدل على ما ذكرناه ـ مضافاً إلى أن بعض الروايات الواردة في المقام مقيد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وكذا المأخوذ من سوق المسلمين .

(2) الوسائل 3 : 491 / أبواب النجاسات ب 50 ح 5 .

ــ[453]ــ

بسوق المسلمين (1) وهو يقتضي تقييد ما دلّ على اعتبار مطلق السوق بأسواق المسلمين ـ أن أدلة اعتباره ليست على نحو القضية الحقيقية بأن تدل على اعتبار كل ما وجد وصدق عليه أنه سوق ولو كان لغير المسلمين حتى يتوهّم أن سوقهم أمارة على وقوع التذكية على المشكوك دون شوارعهم وجاداتهم ، لدخالة السقف وخصوصيته في الاعتبار وذلك لأنه مقطوع الفساد ، وإنما الأدلة دلت على اعتباره على نحو القضية الخارجية لأن السوق في رواياته قد يراد به سوق الجبل واُخرى سوق آخر خارجي ، وتلك الأسواق الخارجية بأجمعها سوق المسلمين ولا إطلاق في القضايا الخارجية حتى يتمسك بها في إسراء حكمها إلى سوق غير المسلمين ، فما توهمه بعضهم من اعتبار السوق مطلقاً ولو كان لغير المسلمين تمسكاً في ذلك باطلاق رواياته مما لا مساغ له .

   فتحصل أن الأمارية تختص بأسواق المسلمين وهي أمارة على يد المسلم ، ومعنى كونها أمارة على ذلك عدم لزوم الفحص عن حال البائعين فيها وعدم وجوب السؤال عن أنهم مسلمون أو كفار ، إذ لو وجب ذلك للغي اعتبار عنوان السوق وسقط عن كونه أمارة ، لأن بالفحص يظهر أن البائع مسلم أو غير مسلم ويد الأول أمارة على التذكية بلا خلاف دون يد الثاني فما معنى اعتبار السوق حينئذ ، مع كثرة الأخبار الواردة في اعتباره . ففي صحيحة الحلبي قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الخفاف التي تباع في السوق ؟ فقال : اشتر وصل فيها حتى تعلم أنه ميتة بعينه» (2) .

   وفي صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : «سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية ، أيصلي فيها ؟ فقال : نعم ، ليس عليكم المسألة ، إن أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول : إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم، إن الدين أوسع من ذلك»(3) وفي صحيحته الاُخرى عن الرضا (عليه السلام)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كما عن فضيل وزرارة ومحمد بن مسلم ، «أنهم سألوا أبا جعفر (عليه السلام) عن شراء اللّحوم من الأسواق ولا يدرى ما صنع القصابون فقال : كل إذا كان ذلك في سوق المسلمين ولا تسأل عنه» . المروية في الوسائل 24 : 70 / أبواب الذبائح ب 29 ح 1 .

(2) ، (3) الوسائل 3 : 490 / أبواب النجاسات ب 50 ح 2 ، 3 .

ــ[454]ــ

وكذا ما يوجد في أرض المسلمين مطروحاً إذا كان عليه أثر الاستعمال(1) ، لكن الأحوط الاجتناب .

   [ 171 ] مسألة 7  : ما يؤخذ من يد الكافر أو يوجد في أرضهم محكوم

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال : «سألته عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخف ، لا يدري أذكي هو أم لا ، ما تقول في الصلاة فيه وهو لا يدري أيصلي فيه ؟ قال : نعم ، أنا أشترى الخف من السوق ويصنع لي واُصلي فيه وليس عليكم المسألة» (1) .

   بل وفي بعض الأخبار الحث والترغيب على معاملة الطهارة والذكاة مع ما يؤخذ من أسواق المسلمين فعن الحسن بن الجهم قال : «قلت لأبي الحسن (عليه السلام) : أعترض السوق فأشتري خفاً لا أدري أذكي هو أم لا ؟ قال : صل فيه قلت : فالنعل قال : مثل ذلك ، قلت إنى أضيق من هذا ، قال : أترغب عما كان أبو الحسن (عليه السلام) يفعله» (2) .

   وما ذكرناه ـ مضافاً إلى أنه من لوازم اعتبار السوق كما عرفت ـ هو الذي جرت عليه سيرة المسلمين لأنه لم يعهد منهم السؤال عن كفر البائع وإسلامه في شيء من أسواقهم ، وعليه فلا وجه للمناقشة في اعتبارها كما عن بعضهم .

   ثم ان أمّارية السوق لا يعتبر فيها الايمان لأن الأسواق في تلك الأزمنة كان أهلها من العامة الذين يرون طهارة الميتة بالدبغ لقلة الشيعة وتخفيهم في زمانهم (عليهم السلام) ومع هذا حكموا باعتبارها . هذه خلاصة أمّارات التذكية وسوف نستوفي البحث عنها في مبحث الصلاة إن شاء الله (3) .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net