السفر المستلزم لترك واجب - السفر مع كون الدابة مغصوبة أو المشي في أرض مغصوبة 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4452


ــ[103]ــ

   [ 2258 ] مسألة 27 : إذا كان السفر مستلزماً لترك واجب كما إذا كان مديوناً وسافر مع مطالبة الديّان وإمكان الأداء في الحضر دون السفر (1) ونحو ذلك ، فهل يوجب التمام أم لا ؟ الأقوى التفصيل بين ما إذا كان لأجل التوصّل إلى ترك الواجب أو لم يكن كذلك ، ففي الأوّل يجب التمام دون الثاني لكن الأحوط الجمع في الثاني .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لا يخفى أنّ هذه المسألة لا تبتني على النزاع المعروف في مسألة الضد من أنّ أحدهما هل هو مقدّمة لترك الآخر ، أو أنّ عدمه مقدّمة لوجود الآخر أو لا ، بل يحكم بوجوب التمام في المقام فيما إذا سافر لغاية التوصل إلى ترك الواجب كما ذكره في المتن وإن أنكرنا المقدّمية في تلك المسألة رأساً .

   فانّ العقل كما يحكم بقبح المعصية وحسن الطاعة ولذلك كان الأمر والنهي المتعلّقان بهما إرشاديين ، كذلك يحكم بقبح تعجيز النفس عن أداء الواجب ، بأن يفعل ما يتعذّر معه الامتثال ، ويكون من قبيل أنّ الممتنع بالاختيار لا ينافي الاختيار .

   وهذا كما لو ذهب إلى مكان يعلم بأنّ هناك من يصدّه عن صلاة الفريضة، أو يجبره على ارتكاب الجريمة من شرب خمر ونحوه ، فانّ هذا كلّه قبيح عقلاً وإن كان التكليف في ظرفه ساقطاً شرعاً لقبح خطاب العاجز ، إلاّ أنّ العقاب في محلّه ، لانتهائه إلى الاختيار حسبما عرفت .

   وعليه فتعجيز النفس عن أداء الدين المطالب باختيار السفر مع التمكّن منه في الحضر قبيح عقلاً ، لكونه امتناعاً بسوء الاختيار ، ومعه لم يكن سفره مسير حقّ جزماً ، فلا جرم يكون مورداً لوجوب التمام ومشمولاً للأدلّة المتقدِّمة .

ــ[104]ــ

   [ 2259 ] مسألة 28 : إذا كان السفر مباحاً لكن ركب دابّة غصبية ، أو كان المشي في أرض مغصوبة فالأقوى فيه القصر، وإن كان الأحوط الجمع(1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   هذا فيما إذا قصد بسفره ذلك ، أي التوصّل إلى ترك الواجب ، وأمّا لو لم يكن بهذا القصد ، بل لغاية اُخرى مباحة أو راجحة كزيارة الحسين (عليه السلام) فمجرّد التلازم الواقعي مع ترك الواجب لا يسـتوجب اتّصاف السـير بالباطل ولا يخرجه عن مسير الحق ليكون مشمولاً لتلك الأدلّة، فانّ التعجيز القبيح وإن ترتّب في هذه الصورة أيضاً وتحقّق خارجاً إلاّ أ نّه لا ينطبق على نفس السفر ما لم يكن لتلك الغاية القبيحة . فالسفر إذن لم يكن معصية وقبيحاً لا بنفسه ولا بغايته ليكون مصداقاً للمسير بغير الحق ، بل هو باق تحت أصالة القصر حسبما عرفت .

   ونتيجة ذلك كلّه : صحّة التفصيل المذكور في المتن، وإن كان الاحتياط بالجمع في الصورة الثانية ممّا لا ينبغي تركه .

   (1) قد عرفت(1) انتفاء القصر فيما إذا كان السفر بنفسه أو بغايته معصية .

   وأمّا لو كان مقروناً بالمعصية كما لو ركب دابة غصبية ، أو مشى في أرض مغصوبة، أو كان ثوبه أو محمول آخر أو نعل دابته غصبياً فهل الحكم هو التمام أيضاً في الجميع كما عن الجواهر(2)، أو فصّل بين سلوك الأرض المغصوبة وبين غيره ويختصّ التمام بالأوّل كما عن المحقّق الهمداني(3)، أو يحكم بالتقصير مطلقاً كما قوّاه في المتن ؟ وجوه ، أقواها الأخير .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 94 وما بعدها .

(2) الجواهر 14 : 260 .

(3) مصباح الفقيه (الصلاة) : 742 السطر 8 .

ــ[105]ــ

   والوجه فيه :  أنّ السفر بعنوانه الأوّلي أعني الابتعاد عن الوطن والانتقال ببدنه إلى خارج البلد لا يكون بما هو محرّماً ما لم ينطبق عليه بعض العناوين الموجبة لذلك من نهي الوالد أو الزوج ، أو الإلقاء في التهلكة وما شاكل ذلك ممّا تقدّم ، أو يكون لغاية محرّمة قد نهى الشـارع عنها ، فيجب التمام في كلّ من هاتين الحالتين بمقتضى النصوص كما مرّ (1) .

   أمّا إذا لم يكن السفر مورداً لانطباق شيء من الحالتين ، فلم يكن محرّماً لا بعنوانه الأوّلي أو الثانوي ، ولا بغايته ، بل كان مقارناً وملازماً لعنوان محرّم من غير انطباق عليه بوجه، فهو خارج عن نطاق تلك الأدلّة ومحكوم بأصالة القصر .

   ولا ريب أنّ الأمثلة المتقدّمة كلّها من هذا القبيل ، ضرورة أنّ الغصب إنّما ينطبق على التصرف في الدار ، أو الكون في الأرض الغصبية ، أو استصحاب مال الغير، لا على نفس السفر والابتعاد عن الوطن أعني الحركة السيرية الخاصّة من بلد إلى بلد، وإنّما هو عنوان مقارن معه ، ولا يسري حكم المقارن إلى مقارنه كما هو موضّح في الاُصول في مبحث اجتماع الأمر والنهي(2) .

   وعلى الجملة :  الركوب على الدابة أو الكون في المكان المغصوب الشاغل للمكان والفضاء شيء ، والسفر والابتعاد وانتقال الجسد من مكان إلى مكان شيء آخر . وليس السير تصرّفاً زائداً على نفس الكون ليكون بحياله مصداقاً للغصب . ولذلك قلنا بجواز الصلاة في المكان المغصوب للمحبوس فيه ، لعدم كون الهيئة الركوعية أو السجودية تصرّفاً آخر زائداً على اشغال الفضاء الذي لا بدّ منه على أيّ حال . وتمام الكلام في محلّه(3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 94 وما بعدها .

(2) أشار إلى ذلك في محاضرات في اُصول الفقه 4 : 183 ، 265 ، 269 .

(3) شرح العروة 13 : 26 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net