الإتمام في موضع القصر \ الإتمام في موضع القصر عن علم وعمد 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء العاشر:الصلاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3691


ــ[355]ــ

   [ 2347 ] مسألة 3 : لو صلّى المسافر بعد تحقّق شرائط القصر تماماً (1) ، فإمّا أن يكون عالماً بالحكم والموضوع أو جاهلاً بهما أو بأحدهما أو ناسياً فإن كان عالماً بالحكم والموضوع عامداً في غير الأماكن الأربعة بطلت صلاته ووجب عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه ، وإن كان جاهلاً بأصل الحكم وأنّ حكم المسافر التقصير لم يجـب عليه الإعادة فضلاً عن القضاء وأمّا إن كان عالماً بأصل الحكم وجاهلاً ببعض الخصوصيات مثل أنّ السفر إلى أربعة فراسخ مع قصد الرجوع يوجب القصر ، أو أنّ المسافة ثمانية ، أو أنّ كثير السفر إذا أقام في بلده أو غيره عشرة أيّام يقصّر في السفر الأوّل أو أنّ العاصي بسفره إذا رجع إلى الطاعة يقصّر ونحـو ذلك وأتم وجب عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه ((1)) ، وكذا إذا كان عالماً بالحكم جاهلاً

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تماماً ولو في الحضر يسوّغ الإتيان بالنافلة ولو في السفر لتدلّ على مشروعية النافلة في المقام كما هو أظهر من أن يخفي .

   وعليه فالأقوى عدم مشروعية النافلة في جميع فروض المسألة ، استناداً إلى عموم ما دلّ على سقوطها في المقصورة بعد سلامته عما يصلح للتخصيص .

   (1) حاصل ما ذكره (قدس سره) أنّ الإتمام في الموضع المستجمع لشرائط القصر يتصوّر على أقسام، إذ قد يكون ذلك عن علم وعمد بالحكم وبالموضوع فيتمّ عامداً مع كونه عالماً بحكم القصر وبموضوعه ، وقد يكون عامداً في الإتمام ولكنّه جاهل بهما أو بأحدهما .

   وهذا تارة يكون مع الجهل بأصل الحكم أو الموضوع ، كما لو كان جاهلاً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا يبعد عدم وجوب القضاء إذا علم بالحال في خارج الوقت .

ــ[356]ــ

بالموضوع كما إذا تخيّل عدم كون مقصده مسافة مع كونه مسافة ، فانّه لو أتمّ وجب عليه الإعادة أو القضاء ((1)) ، وأمّا إذا كان ناسياً لسفره أو أنّ حكم السفر القصر فأتمّ فان تذكّر في الوقت وجب عليه الإعادة وإن لم يعد وجب عليه القضاء في خارج الوقت ، وإن تذكّر بعد خروج الوقت لا يجب عليه القضـاء ، وأمّا إذا لم يكن ناسياً للسفر ولا لحـكمه ومع ذلك أتمّ صلاته ناسياً ((2)) وجب عليه الإعادة والقضاء .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بأنّ حكم المسافر القصر ، أو أنّ مقصده مسافة .

   واُخرى مع الجهل بالخصوصيات مثل أنّ المسافة التلفيقية توجب التقصير أو أنّ المسافة الشرعية ثمانية فتخيّل أ نّها أكثر ، أو أنّ العاصي بسفره إذا رجع إلى الطاعة يقصّر، أو اعتقد أنّ من عدل عن نيّة الإقامة يتم ولو لم يأت بالرباعية ونحو ذلك .

   وثالثة : يكون ناسياً لحكم السفر أو موضوعه أو غافلاً ، فلا يكون عامداً في الإتمام . فيكون مجموع الأقسام أربعة .

   أمّا في صورة العلم والعمد : فلا إشكال في البطلان ولزوم الإعادة في الوقت بل القضاء في خارجه ، وإن كان ربّما يتأمّل في الأخير كما ستعرف .

   ويستدلّ له بجملة من النصوص التي منها صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم(3) المصرّحة بالإعادة فيما لو قرئت عليه آية التقصير وفسّرت له ، وغيرها . ولكنّا في غنى عن الاستدلال بها بعد كون البطلان هو مقتضى القاعدة الأوّلية ولو لم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) عدم وجوب القضاء فيما إذا ارتفع جهله خارج الوقت غير بعيد .

(2) الظاهر أنّ مراده من النسيان السهو .

(3) الوسائل 8 : 506 /  أبواب صلاة المسافر ب 17 ح 4 .

ــ[357]ــ

ترد في المقام أيّة رواية ، وذلك من وجهين :

   أحدهما : منافاته مع قصد القربة المعـتبر في صحّة العبادة ، إذ كيف يمكن التقرّب من العالم العامد الملتفت إلى مخالفة عمله مع الواقع وعدم تعلّق الأمر به ، حتّى ولو كان ذلك بنحو التشريع المحرّم ، فانّه موجب لحرمة العمل ، فكيف يتقرّب بالعمل الحرام .

   ثانيهما : أنّ الإتمام زيادة في الفريضة ، بل من أظهر مصـاديقها ، بعد كونها عمدية ومتعلّقة بالركن بل الركعة ، فيشمله عموم قوله (عليه السلام) : «من زاد في صلاته فعليه الإعادة» (1) ، وقوله في صحيح زرارة : «إذا استيقن أ نّه زاد في صلاته المكتوبة ركعة لم يعتد بها ، واستقبل صلاته استقبالاً» (2) فانّ المقام المشتمل على زيادة الركعتين عامداً هو القدر المتيقّن من تلك الأدلّة .

   وقد اُشير إلى ذلك في رواية الأعمش بقوله (عليه السلام) : «ومن لم يقصّر في السفر لم تجز صلاته ، لأ نّه قد زاد في فرض الله عزّ وجلّ» (3) فانّ الرواية وإن كانت ضعيفة السند إلاّ أنّ مضمونها صحيح غير قابل للإنكار ، فهو كمن صلّى الفجر أربعاً معتمّداً .

   ومنه تعرف أنّ البطلان هو مقتضى القاعدة الأوّلية في جميع الفروض المتقدّمة لاندراجها في عموم أدلّة الزيادة القادحة، ما لم يرد على الصحّة دليل بالخصوص هذا .

   مضافاً إلى اندراج العامد في جملة من النصوص الحاكمة بلزوم الإعادة ، التي منها : ما أشرنا إليه من صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم ، قالا «قلنا لأبي جعفر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 231 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 19 ح 2 .

(2) الوسائل 8 : 231 /  أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 19 ح 1 .

(3) الوسائل 8 : 508 /  أبواب صلاة المسافر ب 17 ح 8 .

ــ[358]ــ

(عليه السلام) : رجل صلّى في السفر أربعاً أيعيد أم لا ؟ قال : إن كان قرئت عليه آية التقصير وفسّرت له فصلّى أربعاً أعاد ، وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه» (1) فانّ العالم العامد من أظهر مصاديق من قرئت عليه الآية وفسّرت له .

   ومنها :  صحيحة عبيدالله  بن علي الحلبي قال «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : صلّيت الظهر أربع ركعات وأنا في السفر ، قال : أعد» (2) فانّها وإن كانت محمولة على غير صورة العلم والعمد كالنسـيان أو الغفلة ، لإباء جلالة الراوي وهو الحلبي ورفعة مقامه عن أن يتم في السفر جهلاً بالحكم ، فضلاً عن أن يفعله عالماً عامداً ، إلاّ أ نّها تدلّ على لزوم الإعادة في صورة العمد بالأولوية القطعية كما لا يخفى .

   بل يمكن أن يقال : إنّ السؤال عن القضيّة الحقيقية الفرضية ، لا الخارجية الشخصية ليكون منافياً لجلالة الراوي ، وهذا استعمال دارج في كيفية طرح السؤال من الإسناد إلى النفس على سبيل التقدير والفرض ، فيقول السائل : فعلت كذا وكذا ، مريداً به السؤال عن الحكم الكلّي ، لا أ نّه اتّفق له بشخصه خارجاً. وعليه فتكون الصحيحة  بنفسها شاملة للعامد بمقتضى  الإطلاق المستند إلى ترك الاستفصال .

   وعلى الجملة : فلا ينبغي التأمل في دلالتها على حكم العامد إمّا بالفحوى أو بالإطلاق ، بل هي بنفسها شاملة لجميع فروض المسألة لولا ورود التخصيص عليها كما سـتعرف . فلو كنّا نحن وهذه الصحيحة ولم يرد في المقام شيء من النصوص الخاصّة لحكمنا بالبطلان في جميع تلك الفروض ، كما كان هو مقتضى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 506 /  أبواب صلاة المسافر ب 17 ح 4 .

(2) الوسائل 8 : 507 /  أبواب صلاة المسافر ب 17 ح 6 .

ــ[359]ــ

القاعدة الأوّلية استناداً إلى أدلّة الزيادة حسبما مرّت الإشارة إليه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net