خامساً : أن لا يكون أقلّ من ثلاثة أيّام 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 12:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4137


ــ[354]ــ

   الخامس : أن لا يكون أقلّ من ثلاثة أيّام (1) ، فلو نواه كذلك بطل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ولكنّه مشكل ، فإنّ الفصل المزبور يوجب انقطاع الاعتكاف المعتبر فيه الموالاة ، فلا يصلح اللاحق للانضمام إلى السابق كي يكون المجموع اعتكافاً واحداً ، كما لو أفطر أثناء الثلاثة فإنّه يمنع عن الالتحاق ، لأجل اعتبار التوالى في الاعتكاف .

   وعليه ، فيتعيّن أن يكون اليوم الخامس مبدأً لاعتكاف جديد ، ولأجله يعتبر ضمّ يومين آخرين ، إذ لا اعتكاف أقلّ من ثلاثة .

   نعم ، لا بأس بالاقتصار عليه بعنوان الرجاء، فيعتكف اليوم الخامس ويلحقه بما سبق رجاءً .

   (1) بلا خلاف فيه ، بل الإجماع عليه بقسميه كما في الجواهر(1) .

   وتشهد به صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : لا يكون الاعتكاف أقلّ من ثلاثة أيّام»(2) .

   ونحوها موثّقة عمر بن يزيد التي رواها الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن ابن فضّال ، عن محمّد بن علي ، عن الحسن بن محبوب(3) .

 فإنّ طريق الشيخ إلى ابن فضّال وإن كان ضعيفاً(4) إلاّ أنّ طريق النجاشي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 17 : 166 .

(2) الوسائل 10 : 544 /  أبواب الاعتكاف ب 4 ح 2 .

(3) الوسائل 10 : 544 /  أبواب الاعتكاف ب 4 ح 5 ، التهذيب 4 : 289 / 878 ، الاستبصار 2 : 129 / 419 .

(4) انظر المعجم 12 : 364 .

ــ[355]ــ

   وأمّا الأزيد فلا بأس به وإن كان الزائد يوماً أو بعضه (1) أو ليلة أو بعضها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صحيح(1) ، والكتاب واحد كما تكرّرت الإشارة إليه .

   وأمّا محمّد بن علي فالمراد به هنا محمّد بن علي بن محبوب بقرينة روايته عن الحسن بن محبوب كثيراً ، ولا يراد به الكوفي الصيرفي الهمداني المعروف بأبي سمينة ، الذي استظهرنا إرادته من هذه الكلمة في رواية اُخرى تقدّمت وعرفت ضعفه(2) ، وذلك لاختلاف الراوي والمروي عنه في هذه الرواية عن تلك .

   وكيفما كان ، فالرواية معتبرة ، غاية الأمر أنّها موثّقة لا صحيحة من أجل علي بن الحسن بن فضّال .

   (1) بلا خلاف فيه ، ويستدلّ له بمعتبرة أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام) ـ في حديث ـ «قال : من اعتكف ثلاثة أيّام فهو يوم الرابع بالخيار : إن شاء زاد ثلاثة أيّام اُخر ، وإن شاء خرج من المسجد ، فإن أقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد حتّى يتمّ ثلاثة أيّام اُخر»(3) .

   فإنّ مفهوم الشرطيّة الأخيرة جواز الخروج قبل استكمال اليومين بعد الثلاثة ، كأن يخرج في اليوم الرابع أو أثـناء اليوم الخامس . فيدلّ بالدلالـة الالتزاميّة على جواز نيّة الاعتكاف هذا المقدار من الأوّل ، وأنّ ذلك مشروع من حين الشروع .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النجاشي : 257 / 676 .

(2) في ص 340 .

(3) الوسائل 10 : 544 /  أبواب الاعتكاف ب 4 ح 3 .

ــ[356]ــ

   ولا حدّ لأكثره (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ويندفع : بأنّ المفهوم وإن كان تامّاً إلاّ أنّ الدلالة الالتزاميّة ممنوعة ، ضرورة عدم استلزام جواز رفع اليد بقاءً لمشروعيّته حدوثاً كي تسوغ نيّته كذلك من أوّل الأمر . ألا ترى أنّ النافلة يجوز قطعها ورفع اليد عنها بعد الإتيان بركعة واحدة ، ولا يجوز أن ينوي الركعة حين الشروع أو نصفها ؟!

   وبالجملة : مفاد المعتبرة جواز الخروج عن المسجد فيما إذا بدا له ذلك ، ولا يدلّ هذا بوجه على جوازه من الأوّل لتدلّ على مشروعيّته الاعتكاف أربعة أيّام مثلا .

   فالأولى الاستدلال لجواز الزيادة على الثلاثة بإطلاقات مشروعيّة الاعتكاف من الكتاب والسنّة ، إذ لم يرد عليها التقييد إلاّ التحديد من ناحية القلّة دون الكثرة ، فنفس الإطلاقات السليمة عن التقييد من طرف الزيادة وافية لإثبات المشروعيّة .

   (1) وقد يستدلّ له ببعض النصوص المتعرّضة للتحديد من طرف الأقلّ من دون تعرّض للأكثر .

   وفيه ما لا يخفى ، فإنّ عدم التعرّض أعمّ من عدم التحديد ، فلا دلالة له على النفي بعد أن لم تكن في مقام البيان إلاّ من ناحية الأقلّ .

   فالأولى أن يستدلّ هنا أيضاً بالإطلاقات كما عرفت آنفاً .

 ــ[357]ــ

   نعم ، لو اعتكف خمسة أيّام وجب السادس(1) ، بل ذكر بعضهم أ نّه كلّما زاد يومين وجب الثالث، فلو اعتكف ثمانية أيّام وجب اليوم التاسع وهكذا، وفيه تأمّل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لمعتبرة أبي عبيدة المتقدّمة الصريحة في عدم جواز الخروج من المسجد متى أقام يومين بعد الثلاثة حتّى يتمّ ثلاثة أيّام اُخر . فلا مناص من الالتزام به بعد وضوح الدلالة وصحّة السند ، ولا سيّما وقد أفتى المشهور ـ ظاهراً ـ على طبقها .

   وسيجيء إن شاء الله تعالى في المسألة الخامسة : أنّ من أتمّ اليومين الأولين وجب عليه الثالث ، لصحيح محمّد ابن مسلم الصريح في ذلك ، فيما إذا لم يشترط ـ أي لم يشترط على نفسه بنذر ونحوه لا كالاشتراط في باب الإحرام ـ وسيجيء تفصيل الكلام حول ذلك قريباً إن شاء الله تعالى . فهذا أيضاً ممّا لا مناص من الالتزام به .

   وأمّا وجوب اليوم الثالث كلّما زاد يومين لكي يجب اليوم التاسع لو اعتكف ثمانية أيّام وهكذا ، فهو وإن كان قد ذكره بعضهم ، بل عن المسالك والمدارك عدم الفصل بين السادس وكلّ ثالث(1) ، إلاّ أنّ الماتن قد تأمّل فيه ، وهو في محلّه ، فإنّ انقلاب النفل إلى الفرض على خلاف القاعدة لا يصار إليه من غير دليل ، وقد قام الدليل عليه في الفرضين الأولين بمقتضى معتبرة أبي عبيدة وصحيحة ابن مسلم كما سمعت ، وأمّا هنا فلم يقم عليه أىّ دليل ، فيبقى تحت مقتضى القاعدة من عدم الانقلاب كما هو ظاهر ، إذ لا نقول بالقياس ، والأصل البراءة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المسالك 2 : 95 ـ 96 ، المدارك 6 : 313 .

ــ[358]ــ

   واليوم من طلوع الفجر (1) إلى غروب الحمرة((1)) المشرقيّة (2) ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) فإنّ مبدأ اليوم وإن كان هو طلوع الشمس حسبما حقّقناه في مباحث الأوقات من كتاب الصلاة كما مرّ مستقصىً، إلاّ أنّ المراد به في خصوص المقام من طلوع الفجر ، لأجل الروايات الخاصّة المتضمّنة : أ نّه لا اعتكاف من غير صيام، حيث يظهر منها أنّ يوم الاعتكاف هو يوم الصوم ، فإنّه وإن أمكن التفكيك بأن يصوم من الفجر وينوي الاعتكاف من طلوع الشمس لكنّه بعيد عن الفهم العرفي جدّاً كما لا يخفى ، فإنّ العرف لا يكاد يشكّ في أنّ المستفاد من هذا الكلام أنّ يومهما واحد ، فمن أجل هذه القرينة نلتزم بإرادة خلاف الظاهر في خصوص المقام .

   (2) في العبارة (2) مسامحة واضحة كما أشرنا في التعليقة ، فإنّ الحمرة المشرقيّة تزول عن قمّة الرأس وتنتقل من ناحية الشرق إلى الغرب ، لا أنّها تغرب ، فهي باقية غير أنّها تذهب من مكان إلى مكان ، وليست بمستترة ـ  كالقرص تحت الاُفق  ـ كي يطلق عليها الغروب .

   وكيفما كان ، فالمراد أنّ اليوم ينتهي بانتهاء زمان الصوم الذي هو عنده ذهاب الحمرة المشرقيّة ، وقد تقدّم في مبحث الأوقات أنّ الغروب الذي هو منتهى وقت الظهرين وآخر زمان الصوم ومبدأ العشاءين إنّما يتحقّق باستتار القرص لابذهاب الحمرة ، فراجع .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في التعبير مسامحة ، وينتهي اليوم بانتهاء زمان الصوم .

(2) عبّر بمثل هذا التعبير في الجواهر أيضاً 17 : 167 .

ــ[359]ــ

فلا يشترط إدخال الليلة الاُولى (1) ولا الرابعة وإن جاز ذلك كما عرفت ، ويدخل فيه الليلتان المتوسّطتان .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لا إشكال في دخول الليلتين المتوسّطتين ، لإطلاقات الأدلّة ، حيث لم يقيّد دليل المنع عن الخروج من المسجد أو عن الجماع ونحوهما من موانع الاعتكاف بالنهار ، فيعمّ الليل أيضاً ، فيكشف لا محالة عن الدخول ، هذا أولا .

   وثانياً : أنّ نفس التحديد بالثلاثة ظاهر بحسب الفهم العرفي في الاتّصال والاستمرار ، فإنّه المنصرف إلى الذهن في الاُمور القابلة للدوام والاستمرار كما في إقامة العشرة ونحوها ، فلو قلت : مكثت في البلدة الفلانية ثلاثة أيّام ، كان المنسبق إلى الذهن الاتّصال . فهو يستلزم دخول الليلتين المتوسّطتين بطبيعة الحال .

   فما نُسب إلى الشيخ من عدم الدخول(1) غير قابل للتصديق .

   كما لا ينبغي الإشكال في خروج الليلة الأخيرة ، لانتهاء اليوم بانتهاء النهار ، بمقتضى الفهم العرفي المؤيّد برواية عمر بن يزيد ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : إنّ المغيريّة يزعمون أنّ هذا اليوم لهذه الليلة المستقبلة «فقال : كذبوا ، هذا اليوم للّيلة الماضـية ، إنّ أهل بطن نحلة حيث رأوا الهلال قالوا : قد دخل الشهر الحرام»(2) .

   نعم ، هي ضعيفة السند بدهقان الذي اسمه عبدالله كما في الوسائل، أو عبيدالله كما في روضة الكافي(3) . وكيفما كان ، فهو مجهول ، فلا تصلح إلاّ للتأييد .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الخلاف 2 : 239 .

(2) الوسائل 10 : 280 /  أبواب أحكام شهر رمضان ب 8 ح 7 .

(3) الكافي 8 : 332 / 517 وهكذا في الوسائل المحقّق جديداً .

ــ[360]ــ

   وفي كفاية الثلاثة التلفيقيّة إشكال ((1)) (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   فما يُنسب إلى بعض الأصحاب من احتمال الدخول لا ينبغي الإصغاء إليه .

   إنّما الكلام في الليلة الاُولى ، فالمشهور عدم الدخول ، ولكن نُسب الدخول إلى العلاّمة والشهيد الثاني كما في الليلتين المتوسّطتين(2) ، والصحيح ما عليه المشهور ، فإنّ اليوم ظاهر لغةً وعرفاً في بياض النهار في مقابل قوس الليل ، قال تعالى : (سَبْعَ لَيَال وَثَمَانِيَةَ أَيَّام)(3) .

   نعم ، قد يستعمل اليوم في مجموع القوسين ـ أعني: أربعة وعشرين ساعة ـ لقرينة خارجيّة تدلّ عليه مثل قولك : كان سفرنا عشرة أيّام، وأمّا من غير القرينة على الخلاف ـ ولاقرينة في المقام ـ فظاهر اللفظ هو بياض النهار كما سمعت ، ودخول المتوسّطتين إنّما كان لأجل اعتبار الاستمرار كما مرّ ، فلا وجه لقياس الاُولى عليهما كما هو ظاهر .

   (1) والأمر كما ذكره ، بل أوضح ممّا ذكره ، فإنّ اليوم اسم حقيقي لغةً وعرفاً لبياض النهار الذي مبدؤه طلوع الفجر أو طلوع الشمس ، ومنتهاه غروبها ، ولا سيّما في الاعتكاف المعتبر فيه الصوم الذي لا يكون إلاّ في تمام اليوم .

   أمّا الملفّق من نصفين فهو نصفان من يومين وليس بيوم واحد ، كما أنّ من يملك من كلّ من الدارين أو العبدين نصفاً فهو مالك لنصفين من دارين أو من عبدين ، وليس مالكاً لدار واحدة أو لعبد واحد بكامله .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أظهره عدم الكفاية .

(2) الحدائق 13 : 460 ، المسالك 2 : 94 .

(3) الحاقّة 69 : 7 .

 
 

ــ[361]ــ

   وقيام الدليل على إرادة التلفيق ـ المبني على نوع من العناية ـ في بعض الموارد كالعدّة ومدّة الخيار وأقلّ الحيض ونحو ذلك لا يستدعي إرادته في المقام بعد عرائه عن مثل ذلك الدليل ، فلا مناص من الأخذ بظاهر اللفظ من إرادة المعنى الحقيقي ، أعني : اليوم الكامل كما عرفت . فلا يجزي التلفيق بوجه .

   هذا ، وقد سبق نظير ذلك في كتاب الصوم(1) عند التكلّم حول الشهرين المتتابعين وقلنا : إنّ الشهر حقيقة فيما بين الهلالين دون المقدار فلا يجزي التلفيق . وأشرنا هناك إلى أنّ هذه المسألة ـ أعني : كون الشهر حقيقة فيما بين الهلالين ، أو أنّ المراد ما يعمّ المقدار ـ غير معنونة في كلماتهم ، إذ لم نرَ من تعرّض لذلك من قدماء الأصحاب .

   نعم ، تعرّض له المحقّق في الشرائع على وجه يظهر منه أ نّه أرسل إرادة الأعمّ من المقـدار إرسال المسلّمات وأنّ جواز التلفيق من الواضحات ، حيث قال (قدس سره) في أواخر كتاب الكفارات في المسألة الاُولى من المقصد الرابع ما لفظه : من وجب عليه شهران متتابعان فإن صام هلالين فقد أجزأه ولو كانا ناقصين ، وإن صام بعض الشهر وأكمل الثاني اجتزأ به وإن كان ناقصاً ، ويكمل الأول ثلاثين ، وقيل : يتمّ ما فات من الأول ، والأول أشبه(2) ، انتهى .

   فإن الإجزاء في الفرض الأوّل ممّا لا خلاف فيه ولا إشكال ، لكون الشهر حقيقة فيما بين الهلالين كما صرّح به في الجواهر في شرح العبارة(3) .

   وأمّا في الفرض الثاني فقد تكلّم في كيفيّة التكميل فارغاً عن جواز أصل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 279 .

(2) الشرائع 3 : 73 .

(3) الجواهر 33 : 279 .

ــ[362]ــ

التلفيق ، فكأنّه أمر مسلّم مفروغ عنه .

   وكيفما كان ، فقد اختار هو ـ أي المحقّق (قدس سره) ـ الرجوع في التكميل إلى العدد ـ أعني : مقدار الشهر وهو الثلاثون وإن كان ناقصاً ـ وذلك نظراً إلى انكساره فيتعذّر اعتبار الهلال فيه ، فيرجع إلى العدد . فلو صام عشرة أيّام من آخر رجب وتمام شعبان أكمل رجب في شوّال بعشرين يوماً وإن كان الشهر ناقصاً .

   واختار صاحب الجواهر (قدس سره) القول الآخر ، وهو إتمام ما فات من الأوّل ، فيكفي في الفرض المزبور صيام تسعة وعشرين يوماً مع نقصان الشهر ، لأنّه أقرب إلى الشهر الحقيقي .

   ثمّ حكى (قدس سره) قولا ثالثاً ، وهو انكسار الشهرين بانكسار الأول ، لأنّ الثاني لا يدخل حتّى يكمل الأوّل ، فيتمّ من الثاني الذي يليه ثلاثين يوماً أو مقدار ما فات منه ويتمّ الثاني من الذي يليه كذلك(1) . فيرد التلفيق على كلّ من الشهرين .

   وتظهر الثمرة بين الأقوال الثلاثة فيما لو صام من آخر رجب يوماً وهو ناقص ثمّ أتبعه بشعبان وهو مثله في النقص .

   فعلى قول المحقّق : يقضي تسعة وعشرين يوماً من شوّال ، لأنّ العبرة عنده بالعدد وهو ثلاثون .

   وعلى قول صاحب الجواهر : يقضي ثمانية وعشرين يوماً ، لأنّ العبرة بما فات من رجب وليس إلاّ ذلك .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 33 : 279 .

ــ[363]ــ

   وعلى القول الثالث : يبطل التتابع ويجب استئناف الكلّ ، لأنّ مجموع ما صامه ثلاثون يوماً وهو نصف الشهرين، واللازم في حصول التتابع الزياده على النصف ولو بيوم ، ولم تحصل .

   والصحيح ما عرفت من لزوم كون الشهرين هلاليّين ، لكون الشهر حقيقة فيه كما اعترف به في الجواهر ـ على ما مرّ ـ فلا وجه لرفع اليد عن أصالة الحقيقة من غير قرينة .

   وعلى تقدير القول بالانكسار والتلفيق فلا مناص من اختيار القول الأخير ـ أعني : ورود الكسر على الشهرين معاً ـ إذ لا معنى للشروع في الشهر الثاني إلاّ بعد استكمال الشهر الأوّل ، فما صامه من شعبان إنّما هو مكمّل لما صام من رجب ، إمّا مكمّل الثلاثين ـ أعني : العدد ـ أو مكمّل لمقدار ما فات منه ، على الخلاف المتقدّم بين المحقّق وصاحب الجواهر ، فلا يمكن عدّ شعبان شهراً بحياله ، بل مكمّل كما عرفت . ونتيجته ورود الكسر على الشهرين بطبيعة الحال، المستلزم لاستئناف التتابع في الفرض المزبور .

 نعم ، لو أمكن احتساب الزائد على الشهر قبل تحقّقه ـ بأن يكون صيام شعبان ويوم من رجب مصداقاً لصيام شهر وزيادة ـ لم يرد الكسر حينئذ على الشهر الثاني ، ولكنّه لا وجه له وإن كان ذلك هو ظاهر عبارة الجواهر ، بل صريح الوسائل ، حيث أخذه في عنوان الباب في كتابي الصوم والكفّارات ، فقال : باب أنّ من وجب عليه صوم شهرين متتابعين لم يجز له الشروع في شعبان إلاّ أن يصوم قبله ولو يوماً(1) ، غير أ نّه (قدس سره) في كتاب الكفّارات

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 22 : 364 /  أبواب الكفارات ب 4 و ج10 : 375 /  أبواب بقية الصوم الواجب ب 4 .

ــ[364]ــ

لم يأت برواية تدلّ على الاستثناء المأخوذ في العنوان .

   نعم ، في كتاب الصوم ذكر صحيحة منصور التي استدلّ بها في الجواهر أيضاً عن أبي عبدالله (عليه السلام) : أنه قال في رجل صام في ظهار شعبان ثمّ أدركه شهر رمضان «قال : يصوم شهر رمضان ويستأنف الصوم ، فإن هو صام في الظهار فزاد في النصف يوماً قضى بقيّته»(1) .

   ولكنّها ـ كما ترى ـ قاصرة الدلالة على ما ذكراه من كفاية صيام يوم قبل شعبان زائداً عليه ، لوضوح أنّ قوله (عليه السلام) : «فزاد» ظاهرٌ بمقتضى فاء التفريع في كون الزائد حاصلا بعد صيام النصف بأن يصوم النصف أوّلا ـ وهو الشهر ـ ثمّ يزيد عليه بيوم ، وعليه فلا أثر لصيام يوم من رجب ، لأنّ الحاصل من ذي قبل لا يكاد يتّصف بعنوان الزيادة على شعبان بوجه .

   وأصرح منها صحيحة أبي أيّوب ، قال (عليه السلام) فيها : «ولا بأس إن صام شهراً ثمّ صام من الشهر الذي يليه أيّاماً ثمّ عرضت علّة أن يقطعه يقضي بعد تمام الشهرين»(2) .

   فإنّها تنادي بلزوم كون الزائد من الشهر الذي يليه ، فلا اعتبار بما صام من الشهر السـابق بتاتاً . ونتيجة ذلك ورود الكسر على الشهر الثاني أيضاً  كما ذكرناه .

 وعلى الجملة : لم تحرَّر المسألة في كلماتهم بحيث تعنوَن ويُنقل الخلاف ، غير أ نّه يظهر من المتأخّرين ـ كالمحقّق وصاحب الجواهر(3) وغيرهما ـ المفروغيّة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 10 : 375 /  أبواب الكفارات ب 4 ح 1 .

(2) الوسائل 10 : 373 /  أبواب بقية الصوم الواجب ب 3 ح 8 .

(3) الشرائع 3 : 73 ، الجواهر 33 : 279 و 32 : 249 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net