لو خرج لضرورة وطال خروجه - عدم الفرق في اللبث بأيّ نحو كان في المسجد - حكم المرأة المعتكفة إذا طُلِّقت أثناء اعتكافها 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 12:الصوم   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3466


ــ[459]ــ

   [ 2595 ] مسألة 36 : لو خرج لضرورة وطال خروجه بحيث انمحت صورة الاعتكاف بطل (1) .

   [ 2596 ] مسألة 37 : لا فرق في اللبث في المسجد بين أنواع الكون (2) من القيام والجلوس والنوم والمشي ونحو ذلك ، فاللازم الكون فيه بأىّ نحو ما كان .

   [ 2597 ] مسألة 38 : إذا طُلِّقت المرأة المعتكفة في أثناء اعتكافها طلاقاً رجعيّاً (3) وجب عليها الخروج إلى منزلها للاعتداد وبطل اعتكافها ، ويجب استئنافه إن كان واجباً موسّعاً بعد الخروج من العدّة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) كما ظهر وجهه ممّا مرّ ، فإنّ الصورة قوام العمل ومن أهمّ الشرائط ، وبانتفائها ينتفي المشروط .

   (2) لإطلاق الأدلّة بعد ان كان الواجب مجرد اللبث والمكث .

   (3) أمّا إذا كان الطلاق بائناً أو مات عنها زوجها فلا إشكال ، فإنّها حينئذ كسائر النساء أجنبيّة عن الزوج لها ما لهنّ وعليها ما عليهن .

   وأمّا إذا كان رجعيّاً فيجب عليها الاعتداد في بيتها ، ولا يجوز لها الخروج ، كما لا يجوز له إخراجها ما لم تأت بفاحشة مبيّنة كتاباً وسنّة .

   ومن هنا قد يشكل الأمر في المقام ، نظراً إلى أنّ مقتضى كونها مطلقة وجوب الرجوع إلى البيت للعدّة ، كما أنّ مقتضى كونها معتكفة عدم الخروج من المسجد .

   والذي ينبغي أن يقال : إنّه لا إشـكال في وجوب الرجوع فيما إذا كان الاعتكاف اسـتحبابيّاً مع عدم إذن الزوج بالبقاء ، أو كان واجباً موسّعاً ، كما لو

ــ[460]ــ

   وأمّا إذا كان واجباً معيّناً فلا يبعد التخيير بين إتمامه ثمّ الخروج وإبطاله والخروج فوراً ، لتزاحم الواجبين ((1)) ولا أهمّيّة معلومة في البين .

   وأمّا إذا طُلِّقت بائناً فلا إشكال ، لعدم وجوب كونها في منزلها في أيّام العدّة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقع الطلاق في اليومين الأولين مع عدم الإذن أيضاً ، لعدم المزاحمة حينئذ كما هو ظاهر ، فيبطل الاعتكاف .

   كما لا ينبغي الإشكال ـ وإن لم يتعرّض له الأكثر ـ في أنّ الاعتكاف إذا كان مع الإذن حدوثاً وبقاءً يجوز الاسـتمرار فيه وإن كان مستحبّاً فضلاً عن الواجب ، وذلك لأجل بعض الأخبار السليمة عن المعارض الناطقة باختصاص النهي عن الخروج من البيت بما إذا كان بغير إذن الزوج . وأمّا مع الإذن فيجوز لها الخروج . إذن فإذا فرضنا إذن الزوج بالبقاء في المسجد وكونها خارج البيت فلا مانع حينئذ من صحّة اعتكافها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أمّا بالاضافة إلى اليومين الأوّلين فلا موجب لوجوب الاعتكاف عليها فيهما إلاّ بالنذر أو ما شاكله ، فعندئذ إن أذن الزوج الزوجة المذكورة بإتمام الاعتكاف وجب عليها الإتمام وفاءً بالنذر أو نحوه ، وأمّا إذا لم يأذن لها بذلك وجب عليها الخروج حيث إنّه يكشف عن بطلانه من الأوّل ، وعلى كلا التقديرين فلا تزاحم في البين ، وأمّا بالإضافة إلى اليوم الثالث فإن بنينا على أن وجوب الخروج عليها للاعتداد من أحكام العدة فحينئذ إن لم يأذن الزوج لها بإتمام الاعتكاف وقع التزاحم بين وجوب الخروج عليها وبين وجوب الاعتكاف في هذا اليوم ، وأمّا إذا أذن لها فلا تزاحم حيث لا يجب عليها الخروج عندئذ ، وأمّا إذا بنينا على أن وجوب الخروج عليها من أحكام الزوجية وجب عليها إتمام الاعتكاف حينئذ ، ولا يجوز لها الروج وإن لم يأذن الزوج لها إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

 
 

ــ[461]ــ

   ويؤيّده ما دلّ من الأخبار على جواز حجّ الرجعيّة مع الإذن حتّى الحجّ الاستحبابي ، فالخروج مطلقاً مع الإذن منصوص وكذلك الخروج لخصوص الحجّ ، وحال الاعتكاف حال الحجّ في أ نّه مع رضاء الزوج لا ينبغي أن يستشكل في جوازه ، لإطلاق الأخبار وعدم المعارض كما عرفت .

   إنّما الكلام في صورة واحدة ، وهي ما لو كان الاعتكاف واجباً معيّناً كما في اليوم الثالث ، أو كان واجباً بسبب آخر كالإجارة ونحوها وقد منع عنه الزوج ، فإنّه يجب الرجوع إلى البيت للاعتداد بمقتضى تلك الأخبار ، كما أ نّه يجب البقاء في المسجد للاعتكاف بمقتضى إطلاق دليله ، فيقع الإشكال في تقديم أحد الدليلين بعد وضوح امتناع الجمع بين الأمرين .

   والسيِّد الماتن (قدس سره) أدرج المقام في الواجبين المتزاحمين من غير أهمّيّة معلومة في البين ومن ثمّ حكم بالتخيير .

   وهذا منه (قدس سره) مبني على ما يظهر من غير واحد ـ  بل لعلّه المشهور ـ من أنّ الاعتداد في البيت وعدم الخروج بغير الإذن من أحكام العدّة .

   وأمّا لو أنكرنا ذلك وبنينا على أنّ هذا من أحكام الزوجيّة لا من أحكام العدّة ، نظراً إلى أنّ المعتدّة رجعيّة زوجة حقيقةً لا أنّها بحكمها وأنّ حال هذا الطلاق حال البيع في الصرف والسلم ، فكما أنّ الإنشاء من الآن ولكن إمضاء الشارع منوط بالقبض وبه يتمّ البيع ، فكذلك الطلاق ينشأ من الآن ولكن الفراق والبينونة لا تحصل إلاّ بعد انقضاء العدّة ، وقبله ليس إلاّ مجرّد إنشاء محض مع بقاء جميع آثار الزوجيّة من جواز النظر والكشف والتزيين والتمكين ، حتى أنّ الزوج لو قاربها معتقداً أنّ هذا زنا محرّم لم يقع زنا ، بل يتحقّق به الرجوع ، كما استفدنا ذلك من الرواية المعتبرة الناطقة بأنّه : «إذا انقضت العدّة

ــ[462]ــ

فقد بانت»(1) ، فحرمة الخروج من البيت بغير الإذن الثابتة للزوجة ثابتة للمعتدّة أيضاً بمناط واحد، وهو وجوب إطاعة الزوج من غير أن يثبت للمعتدّة بما هي كذلك حكم خاصّ .

   فعلى هذا المبنى ـ وهو الصواب ـ لا مزاحمة في البين لينتهي الأمر إلى التخيير، إذ ليس للزوج المنع عن الاعتكاف الواجب ، ولا عن غيره من سائر الواجبات ، لما ثبت من أ نّه لا طاعة لمخـلوق في معصية الخالق ، وفي بعض الأخبار : أنّ المعتدّة تخرج للحجّ ولشهادة الحقّ من غير توقّف على الإذن .

   وعليه ، فالمتعيّن في المقام هو الإتمام ثمّ الخروج .

   نعم ، على المبنى الآخر الذي عليه الأكثر ـ كما مرّ ـ من أنّ الحكم المزبور من أحكام العدّة تعبّداً صرفاً من غير أن يكون بمناط إطاعة الزوج ، لإنكار الزوجيّة الحقـيقيّة عن المطلّقة الرجعيّة ، وإنّما هي بحكمها في بعض الآثار ، فتستقرّ المزاحمة حينئذ ، ومعه لا مناص من التخيير كما اُفيد .

   وملخّص الكلام : أ نّا تارةً نلتزم بأنّ الاعتداد حكم خاصّ شرعي ثابت لذات العدّة تعبّداً من غير أن تكون الرجعيّة زوجة حقيقةً ، واُخرى نبني على إنكار التعبّد الخاصّ وأنّ ذلك من أجل أنّها حقيقةً مصداقٌ للزوجة لا أنّها بحكمها كما هو المعروف ، وأنّ إنشاء الطلاق ما لم تنقض العدّة لا أثر له ولا بينونة قبله . ولأجله لم يكن معنى الرجوع إرجاع الزوجيّة بعد زوالها كما هو كذلك في مثل الفسخ ، بل هو رجوع عمّا أنشأ وإبطال لما انشأه ، وإلاّ فالزوجيّة بنفسها باقية حقيقةً وليست بزائلة لتحتاج إلى الإرجاع .

   فعلى الأوّل : تقع المزاحمة بين الحكمين بعد عدم نهوض ما يقتضي جواز

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر الوسائل 22 : 228 /  كتاب الطلاق ب 27 ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net