للإمام (عليه السلام) أو نائبه أخذ الزكاة من الكافر قهراً ، ولو كان قد أتلفها فله أخذ العوض منه 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 13:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4097


ــ[125]ــ

نعم ، للإمام (عليه السلام) أو نائبه أخذها منه قهراً (1) ، ولو كان قد أتلفها فله أخذ عوضها منه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   والمتحصّل من جميع ما قدّمناه : أ نّه لا دليل على تكليف الكفّار بالزكاة ولا بغيرها من سائر الأحكام المختصّة بالإسلام وأ نّها إنّما تتعلّق بالمسلمين خاصّة .

   وأمّا الكفّار حتى الذمّي منهم فلم يكلّفوا إلاّ بالاُصول ، إلاّ إذا اشتُرِطت عليهم الزكاة كما احتملناه في الرواية المتقدّمة الواردة في قبالة خيبر (1) .

   نعم ، لا يجوز للذمّي الإجهار بالمنكرات ونحو ذلك ممّا يخالف شرائط الذمّة ، وهو أجنبي عمّا نحن بصدده كما هو ظاهر .

   (1) قد عرفت أنّ الأقوى عدم وجوب الزكاة على الكافر، وأمّا لو بنينا على الوجوب ـ لتكليفه بالفروع كالاُصول كما عليه المشهور ـ فقد ذكر الماتن تبعاً لجماعة من الأصحاب ، أنّ للإمام (عليه السلام) أو نائبه أخذها قهراً ، فتبرأ بذلك ذمّة الكافر بطبيعة الحال ، لانتفاء الموضوع .

   وقد يناقَش فيه :

   تارةً : بأنّ الزكاة عبادةٌ تفتقر إلى قصد التقرّب المتعذّر من الكافر ، فكيف يسوغ أخذها قهراً ممّن لا تصحّ عبادته ؟!

   والجواب : إنّ تعذّر رعاية العباديّة لا تسوّغ إهمال حقوق الفقراء وعدم استنقاذها من الممتنع بعد أن كان الحاكم الشرعي وليّاً عليهم في استيفاء أموالهم، كما هو الحال في المسلم الممتنع .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع ص 122 .

ــ[126]ــ

   وبعبارة اُخرى : إنّ في الزكاة حيثيّتين ، حيثيّة الصدور عبادةً ، وحيثية الوصول إلى المستحقّ ، فإن أمكن الجمع وإلاّ فامتناع الأوّل لا يسوّغ إهمال الثاني ممّن وظيفته التصدّي لحقوق الفقراء واستنقاذها من أيدي الممتنعين من غير فرق بين الكافر والمسلم . ونتيجة ذلك براءة ذمّة الممتنع ، لزوال الموضوع بطبيعة الحال .

   واُخرى : بأنّ الزكاة تتعلّق بالعين ، على الخلاف في كيفيّة التعلّق من الإشاعة أو الكلّي في المعيّن أو الشركة في الماليّـة ، وعلى أيّ تقدير فاختـيار التطـبيق والتعيين في المدفوع بيد صاحب المال دون غيره ، فكيف يعيّنه الحاكم الشرعي فيما يأخذه منه قهراً ، وما هو الدليل على صحّة هذا التعيين الصـادر من غير صاحب المال ؟

   ويندفع : بإمكان الاستدلال عليه بأدلّة التقاصّ من الممتنع ـ وفي بعضها أ نّه يدعو بالمأثور ـ إذ لا قصور في شمولها للمقام، الذي هو في الحقيقة من صغريات ذاك الباب ، فكما أنّ المالك أو من له الولاية على المال المغصوب ـ  كولي الصغير  ـ يجوز له الاستنقاذ والتقاصّ ولو من غير الجنس ممّا يعادله في المالية ، وتعيين الحقّ فيه نافذ وممضى بمقتضى تلك الأدلّة ، فكذا فيما نحن فيه ، لوحدة المناط كما لا يخفى .

   نعم ، تمكن المناقشة بوجه ثالث ، وهو أ نّا ولو سلّمنا تكليف الكفّار بالفروع إلاّ أنّ المفروض سقوط الزكاة بمجرّد اختيار الإسلام ، ولا سيّما إذا كانت العين تالفة ، إذ في السقوط مع البقاء تأمّل كما ستعرف ، وأمّا مع التلف فلا كلام ولا خلاف في السقوط ، وعليه فبأيّ موجب يؤخذ الزكاة منه قهراً بعد أن لم تصحّ منه حال الكفر ولم يطلب منه حال الإسلام ؟!

ــ[127]ــ

   إذن فتكليفه بالزكاة لو سُلِّم لا يستدعي المطالبة منه قهراً بوجه ، ولا سيّما بعد ما ورد في جملة من النصوص(1) من أنّ الكافر ليس عليه شيء غير الجزية ، التي منها صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): في أهل الجزية يؤخذ من أموالهم ومواشيهم شيء سوى الجزية؟ «قال : لا»(2).

   فأخذ الزكاة منه مناف لصراحة هذه النصوص في أ نّه لا شيء عليه ما عدا الجزية الشامل نفي الجنس للزكاة ، بل لعلّها أظهر الأفراد .

   على أنّ السيرة العمليّة خَلَفاً عن سَلَف قائمة على عدم مطالبته بها ، إذ لم يُعهَد لا في عصر النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ولا في عهد الخلفاء جباية الزكوات من الكفّار ، ولم ينقل ذلك في تأريخ ولا رواية ، بل كانت الجباية خاصّة بمن يعتنق الإسلام فحسب .

   وعلى الجملة : فأخذ الزكاة من الكافر مناف لمقتضى القاعدة وللنصوص الحاصرة وللسيرة العمليّة حسبما عرفت .

   وأشكلُ من ذلك : أخذُ عوضها منه لو اُتلف والحكم بضمانه لها ، ضرورة أنّ القدر المتيقّن من السيرة المزبورة وكذا من حديث جبّ الإسلام هو صورة التلف وعدم بقاء العين ، إذ لم تُعهَد مطالبة الكافر ولا سيّما بعد أن أسلم بزكوات السنين الماضية يقيناً ، فما ذكره في المتن من الحكم بأخذ العوض منه لو اُتلف مشكلٌ جدّاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مورد هذه النصوص هو الكافر الذمّي ، وعدم مطالبته بشيء هو مقتضى كونه في الذمّة فلا يقاس به غيره .

(2) الوسائل 15 : 151 /  أبواب جهاد العدو ب 68 ح 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net