مقدار الزكاة فيما سقي بعلاج وبدونه معاً ، وفيما غلب الصدق لأحد 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 13:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3696


ــ[336]ــ

ولو سقي بالأمرين فمع صدق الاشتراك في نصفه العُشر وفي نصفه الآخر نصف العشر ، ومع غلبة الصدق لأحد الأمرين فالحكم تابع لما غلب (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) ما صنعه (قدس سره) من دوران الحكم مدار الصدق لأحد الأمرين بحيث يندكّ في جنبه الآخر فإن كان فالحكم لما غلب ، وإلاّ بحيث اشتركا في الصدق فالتنصيف أحسن ممّا في جملة من الكلمات من التعبير بالتساوي وعدمه، لعدم الاعتبار بهما كما سنبيّن .

   وكيفما كان ، فالحكم المزبور متسالم عليه بينهم من غير خلاف .

   ويستفاد ذلك بمتقضى الفهم العرفي من نفس نصوص الباب ، إذ ما من مزرعة تسقى بالعلاج إلاّ وتستسقى من ماء السماء وجبة أو وجبتين على الأقلّ إلاّ نادراً، لنزول المطر أيّام الزراعة ـ التي تدوم ثلاثة أو أربعة أشهر ـ مرّة أو مرّتين غالباً ، ومع ذلك فقد حكم في النصوص بأنّ فيه نصف العُشر .

   فيظهر من ذلك أنّ السقي القليل المستهلك في جنب السقي بالعلاج لا أثر له ولا يغيّر حكمه ، وإلاّ لم يتحقّق مصداق لهذه الكبرى ـ أعني : السقي بالعلاج محضاً أبداً ـ إلاّ في غاية الندرة كما عرفت .

   ويستفاد من ذلك حكم العكس بمناط واحد ، وأ نّه لو كان السقي بماء النهر أو المطر ونحوهما ممّا لم يكن بالعلاج فاتّفق السقي مرّة أو مرّتين بالنواضح أو الدوالي الذي هو مندكّ في جنب ذلك النوع من السقي لا أثر له وملحق بالعدم، فالحكم طبعاً يتبع لما هو الغالب في الصدق من أحد الأمرين .

   وأمّا لو اشتركا في الصدق وتساويا في الإسناد بحيث كان كلّ نوع من السقيين دخيلاً في الإنبات ومؤثّراً في نموّ الزرع ويستند النبت إلى كلّ من النوعين بنسبة واحدة ، فبطبيعة الحال يفهم العرف من نفس الدليلين إعمال كلا

ــ[337]ــ

الحكمين في مجموع ما تحصّل وتكوّن من السقيين بنسبة واحدة، وهي المناصفة، فيكون العُشر في نصف المجموع ونصفه في النصف الآخر ، أي جزء من خمسة عشر جزءاً من المجموع الذي هو متوسّط بين المقدارين ، بل أنّ دقيق النظر يقضي بأن يكون فيه ثلاثة أرباع العُشر الحاصلة من ضمّ العُشر من النصف إلى نصف العُشر من النصف الآخر . فلو فرضنا أنّ مجموع الغلّة أربعون وسقاً كانت زكاته ثلاثة أوسق التي هي ثلاثة أرباع العشر ، لأنّ الأربعين مؤلّف من عشرينين في أحدهما عُشر وهو اثنان ، وفي الآخر نصف العشر وهو واحد فيصير المجموع ثلاثة التي هي ثلاثة أرباع العشر من الأربعين ـ  كما نبّه عليه سيّدنا الاُستاذ (دام ظلّه) في بعض رسائله العمليّة ومنتخب الرسائل (1)  ـ وهذا المقدار كما ترى يقلّ من جزء من خمسة عشر جزءاً بمقدار الثمن ، لأنّ الثلاثة إنّما تكون جزءاً من الخمسة عشر جزءاً إذا كان المجموع خمسة وأربعين، والمفروض أ نّه أربعون ، فينقص خمسة التي هي ثُمن الأربعين .

   وقد ظهر ممّا ذكرناه أنّ المراد بالمساواة : التساوي في الصدق والإسناد ، إذ هو المناط بمقتضى الفهم العرفي المزبور ، دون التساوي في العدد ، فلو كان أحدهما أكثر ـ كما لو سقي عشر مرّات من السماء وتسع مرّات أو ثمانية مثلاً بالدوالي ـ كان الصدق مشتركاً قطعاً والإسناد إليهما معاً ، فيجري ما عرفت من التنصيف ، نظير ما لو اشترك شخصان في قتل ثالث بالسكّين ـ مثلاً ـ بحيث كانت الضربة الصادرة من كلّ منهما دخيلة في القتل بنحو الجزء من العلّة إلاّ أنّ ضربات أحدهما كانت أكثر من الآخر ، فإنّ هذه الأكثريّة لا أثر لها ولا توجب اختصاص الإسناد بأحدهما ، بل القتل مستند إليهما معاً بنسبة واحدة بعد كون كلّ منهما جزء من العلّة كما هو المفروض .

   وكيفما كان ، فهذا الحكم مطابق للقاعدة حسبما عرفت .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المسائل المنتخبة : 182 .

ــ[338]ــ

   المؤيّدة برواية معاوية بن شريح عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ : فقلت له : فالأرض تكون عندنا تُسقى بالدوالي ثمّ يزيد الماء وتُسقى سيحاً «فقال : إنّ ذا ليكون عندكم كذلك ؟ » قلت : نعم «قال : النصف والنصف ، نصف بنصف العشر ونصف بالعشر» إلخ (1) .

   وهي صريحة في المطلوب ، كما أنّ ذيلها قد تضمّن أنّ السقية أو السقيتين سيحاً خلال ثلاثين أو أربعين ليلة لا أثر له في جنب السقي بالدوالي ستّة أو سبعة أشهر وأنّ فيه نصف العشر كما ذكرناه ، فلاحظ .

   غير أنّ السند مخدوش بمعاوية نفسه ، سواء اُريد به معاوية بن ميسرة بن شريح بأن كان شريح جدّه ، أو معاوية بن شريح وكان والده ، إذ لم يوثّق على التقديرين .

   ولا أدري لماذا عبّر في الجواهر عن الرواية بالحسنة (2) ، ولا يخطر بالبال شيء عاجلاً عدا أنّ الراوي عنه ابن أبي عمير الذي قيل في حقّه أ نّه لا يروي إلاّ عن الثقة، ولكنّا أشرنا مراراً إلى ما في هذه الدعوى ، لأ نّا عثرنا على روايته عن الضعاف أيضاً ، فلا أساس لهذه الكبرى .

   وكيفما كان ، فالرواية ضعيفة ولا تصلح إلاّ للتأييد .

   وملخّص الكلام في المقام :  أنّ الفعل الصادر من شخصين أو المعلول الحاصل من سببين قد يكون مركّباً واُخرى بسيطاً ، ففي الأوّل ـ كعمارة دار مثلاً ـ يمكن أن يكون استناده إلى الفاعلين مختلفاً حسب اختلافهما في مقدار التصدّي لأجزاء المركّب ، فلو كانت الدار ذات طوابق ثلاثة قد بنى أحدهما طابقاً والآخر طابقين ، يستند ثلث المركّب إلى فاعل والثلثان إلى فاعل آخر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 187 /  أبواب زكاة الغلاّت ب 6 ح 1 .

(2) الجواهر 15 : 238 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net