معنى الفقير الشرعي - هل تحل الزكاة لمن كان محترفاً ؟ 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 14:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5122


   والفقير الشرعي من لا يملك مؤنة السنة له ولعياله(2) ، والغني الشرعي بخلافه ، فمن كان عنده ضيعة أو عقار أو مواش أو نحو ذلك تقوم بكفايته وكفاية عياله في طول السنة لا يجوز له أخذ الزكاة .

 ـــــــــــــــــــــــــ
   (2) كما هو المشهور ، بل لعلّه المتسالم عليه .

ــ[6]ــ

   وكذا إذا كان له رأس مال يقوم ربحه بمؤنته ، أو كان له من النقد أو الجنس ما يكفيه وعياله وإن كان لسنة واحدة ، وأمّا إذا كان أقلّ من مقدار كفاية سنته يجوز له أخذها ، وعلى هذا فلو كان عنده بمقدار الكفاية ونقص عنه بعد صرف بعضه في أثناء السنة يجوز له الأخذ ، ولا يلزم أن يصبر إلى آخر السنة حتّى يتمّ ما عنده، ففي كلّ وقت ليس عنده مقدار الكفاية المذكورة يجوز له الأخذ .

   وكذا لا يجوز لمن كان ذا صنعة أو كسب يحصل منهما مقدار مؤنته ، والأحوط عدم أخذ القادر ((1)) على الاكتساب إذا لم يفعل تكاسلا .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ونُسب إلى الشـيخ وغيره أنّ المراد من الفقـير مَن لم يملك أحد النصب الزكويّة أو ما يعادلها في القيمة (2) ، فمن كان مالكاً لهذه الكمّيّة من الماليّة عيناً أو قيمةً فهو غني شرعاً .

   لكن النسبة غير محقّقة ، بل في الجواهر أ نّه لم يعرف له قائل (3) .

   ونُسب إلى بعض آخر أنّ الفقير من لا يملك قوته وقوت عياله طيلة حياته لا خصوص السنة الواحدة، فيعتبر في الغني القدرة على ما يكفيه دائماً ، فالأقوال في المسألة ثلاثة .

   والصحيح ما عليه المشهور ، وتدلّ عليه طائفة من الروايات :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل الأظهر عدم جواز الأخذ .

(2) نسبه صاحب مصباح الفقيه 13 : 484 .

(3) جواهر الكلام 15 : 296 .

ــ[7]ــ

   فمنها : صحيحة أبي بصير، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «يأخذ الزكاة صاحب السبعمائة إذا لم يجد غيره» قلت : فإنّ صاحب السبعمائة تجب عليه الزكاة؟ «قال : زكاته صدقة على عياله، ولا يأخذها إلاّ أن يكون إذا اعتمد على السبعمائة أنفدها في أقلّ من سنة فهذا يأخذها ، ولا تحلّ الزكاة لمن كان محترفاً وعنده ما تجب فيه الزكاة أن يأخذ الزكاة» (1) .

   قوله (عليه السلام) «صاحب السبعمائة» أي درهماً، وقوله: تجب عليه الزكاة، أي زكاة التجارة لا زكاة النقدين ، ضرورة أنّ من يملك سبعمائة درهماً وقد حال عليها الحول من غير أن يحتاج إليها حتّى تعلّق بها الزكاة الواجبة فهو غني متمكّن وليس بفقير قطعاً ، فلا يحتمل جواز دفع الزكاة إليه ليقع مورداً للسؤال ، على أنّ زكاة النقدين لا يتصدّق بها على العيال .

   مضافاً إلى التصريح في ذيل الصحيح بأ نّه : «لا تحلّ الزكاة لمن كان محترفاً وعنده ما تجب فيه الزكاة أن يأخذ الزكاة»، فيختصّ أخذ الزكاة بصورة واحدة، وهي التي أشار إليها بقوله (عليه السلام) : «إلاّ أن يكون» إلخ ، وهي من لم يكن عنده شيء عدا السبعمائة ولم تكن وافية بمصارف السنة بحيث لو اعتمد عليها لنفدت في أقلّ من السنة فيحل له حينئذ أخذ الزكاة .

   فتدلّ بوضوح على أنّ الفقير الذي هو مصرف للزكاة يراد به من لم يكن مالكاً لمؤونة السنة .

   هذا ، ولكن دقيق النظر يقضي بخلاف ما ذكرناه ، فإنّ قوله (عليه السلام) في آخر الصحيحة «أن يأخذ الزكاة» غير موجود في الصدر ـ أعني: الكافي ـ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 231 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 8 ح 1 ، الكافي 3 : 560 / 1 .

ــ[8]ــ

لا  الطبعة القديمة ولا الحديثة ، وإنّما هو مذكور في الوسائل والحدائق(1) ، وليس له معنى محصّل كما لا يخفى .

   ثمّ إنّ قوله (عليه السلام) قبل ذلك : «وعنده ما تجب فيه الزكاة» لا يمكن الأخذ بظاهره ، إذ لا تختصّ عدم حلّيّة الزكاة للمحترف بمن كانت عنده عين زكويّة ، بل يحرم وإن كان عنده ما يعادلها في القيمة كما هو واضح .

   والظاهر أنّ هذه الجملة كناية عن المال الاحتياطي المدّخر لعلاج العوارض الاتّفاقيّة ، فإنّ صاحب الحرفة كالبنّاء ونحوه إنّما يرتزق من حرفته لمصارفه اليوميّة ممّا يقوت به نفسه وعياله ، وأمّا الطوارئ الاتفاقيّة من علاج مرض أو زواج ولد أو إكرام ضيف أو شراء ملبس شتوي أو صيفي ونحو ذلك من المصارف الزائدة على المعيشة فلا تفي بها غالباً تلك الحرفة ، بل لا بدّ في سدّها من ادّخار مال احتياطي من عين زكويّة أو غيرها .

   وعليه ، فإن كان للمحترف مثل هذا المال لا يحلّ له أخذ الزكاة ، وإلاّ حلّ ومن ثمّ قيّده (عليه السلام) بقوله : «وعنده ما تجب» .

   وكيفما كان ، فالظاهر أنّ المراد بالزكاة في قول السائل : قلت : فإنّ صاحب السبعمائة تجب عليه الزكاة ؟ هو زكاة النقدين الواجبة لا زكاة مال التجارة ـ  التي استظهرناها فيما تقدّم ـ إذ لا يناسبها قوله (عليه السلام) قبل ذلك «إذا لم يجد غيره» ، ضرورة أنّ من عنده سبعمائة للتجارة فهو يوجد عنده غيرها بطبيعة الحال ولا أقلّ من ربحها ، فلا موقع لهذا التقييد بوجه ، فيريد السائل بذلك أنّ هذا الشخص قد بلغت دراهمه حدّ النصاب بل تجاوزت ، فهو إذن يجب عليه أن يدفع الزكاة فكيف يأخذها ، فأجاب بقوله (عليه السلام) «زكاته

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 12 : 159 .

ــ[9]ــ

صدقة على عياله» الذي هو كناية عن عدم الوجوب ، نظير ما ورد من أنّ زكاة العلم إنفاقه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net