هل الحصّة المدفوعة إلى العامل من الزكاة يستحقّها مجّاناً كما في الفقير والمسكين أم أنّها في مقابل عمله؟ 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 14:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4324


ــ[59]ــ

   فإنّ العامل يستحقّ منها سهماً في مقابل عمله (1) وإن كان غنيّاً . ولا يلزم استئجاره من الأوّل ، أو تعيين مقدار له على وجه الجعالة ، بل يجوز أيضاً أن لا يعيّن ويعطيه بعد ذلك ما يراه .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والحراسة والإيصال ونحوها ، على نحو يظهر المفروغيّة عن عدم جواز التصدّي بدون الإذن .

   ثمّ إنّ المراد بالعامل مطلق من يتصدّى لعمل مستند إلى الزكاة ، من الجباية والحراسة والكتابة والإيصال إلى الحاكم الشرعي والتقسيم إلى الفقراء، فإنّ الكلّ مشمول لعنوان العامل بمقتضى الإطلاق ، ولا وجه للتخصيص بما عدا الأخير ، وإن كان هو المترائي ممّا رواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم في تفسيره من أنّ العاملين عليها هم السعاة والجباة في أخذها وجمعها وحفظها حتّى يؤدّوها إلى من يقسّمها (1)، حيث يظهر منها خروج القسمة عن العمل كما نصّ عليه في الجواهر(2). فإنّ الرواية مرسلة لا يعتمد عليها ، وإطلاق الآية شامل لذلك ، وإن كان ربّما يظهر من بعض الروايات أنّ العمل هو الجمع ، ولكنّه لا يصحّ ، إذ لا يحتمل أن يكون للعمل معنى خاصّ غير المعنى اللغوي ، كما أنّ ما يظهر من بعض أهل اللغة من التخصيص بالسعي والجمع لا حجّيّة فيه بعد إطلاق الآية المباركة وشمولها للكلّ من غير دليل صالح للتقييد حسبما عرفت .

   (1) هل الحصّة المدفوعة إلى العامل من الزكاة يستحقّها مجّاناً كما في الفقير والمسكين ، أم أ نّها في مقابل عمله فيجوز أن يستؤجر من الأوّل أو يعيّن مقدار له على وجه الجعالة أو يعطيه بعده بلا تعيين ؟

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 211 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 1 ح 7 ، تقسير القمي 1 : 299 .

(2) جواهر الكلام 15 : 333 .

ــ[60]ــ

   ظاهر الأصحاب ـ بل قيل : إنّه لا خلاف فيه ولا ارتياب ـ تخيير الإمام أو الحاكم الشرعي بين الدفع إليه على وجه الإجارة أو الجعالة، أو لا هذا ولا ذاك، فلا يعيّن ، بل يعطيه بعد ذلك ما يراه ، وهو الصحيح .

   فإنّ ظاهر الآية المباركة أنّ العامل كغيره من الموارد الثمانية مصرف للزكاة، ولا دلالة لها على التمليك المجّاني في شيء منها حتّى الفقير فإنّه يملك بالقبض لا أ نّه يملك بالدفع .

   بل لعلّ في تعليق الحكم على العامل نوع إشعار بل ظهور في أنّ للوصف العنواني مدخلاً في التعلّق ، وأ نّه يستحقّ السهم بإزاء العمل وفي مقابله ، كما لو أوصى بأن يدفع شيء للعامل، فإنّه ظاهر في كونه في مقابل العمل كما لا يخفى، ولكن الدفع بإزاء العمل لا يختصّ بأن يكون على وجه الإجارة أو الجعالة ، بل يجوز من غير سبق التعيين بمقتضى إطلاق الأدلّة من الكتاب والسنّة .

   وبالجملة : لا دلالة بل لا إشعار في الآية المباركة على المجّانيّة بوجه ، بل الظاهر أ نّه يعطي للعامل بوصف كونه عاملاً وبإزاء عمله ، أعمّ من أن يعطيه بعنوان المجّان أو بعنوان الاُجرة أو الجعالة حسبما عرفت .

   وأمّا ما ورد في صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : قلت له : ما يعطى المصدّق ؟ «قال : ما يرى الإمام ولا يقدّر له شيء» (1) .

   فلا دلالة فيه على عدم جواز الإجارة أو الجعالة ، بل المقصود أ نّه لم يقدّر للعامل في الشريعة المقدّسة شيء من العشر أو نصف العشر ونحو ذلك ، بل هو موكول إلى نظر الإمام حسبما يرتئيه من المصلحة التي تختلف باختلاف الموارد من حيث زيادة العمل ونقيصته ، فربّما يعيّن شيء بإجارة أو جعالة ، واُخرى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 211 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 1 ح 4 و 257 ب 22 ح 3 .

 
 

ــ[61]ــ

لا يعيّن ، بل يعطي له بعد العمل ما أدّى إليه النظر ، فعدم التقدير في أصل الشرع لا يستلزم المجّانيّة بوجه .

   ثمّ لو فرضنا أنّ جميع الزكاة قد تلفت بعد العمل ، فهل يضمن الحاكم سهم العامل ؟

   أمّا في فرض عدم التعيين بإجارة أو جعالة فالأمر ظاهر ، إذ لا يعطى بإزاء عمله إلاّ من الزكاة ، أي من نفس العين، ولم يبق لها موضوع حتّى يعطى منه حسب الفرض، فلا موجب لضمان الحاكم بأن يعطى من ماله مثلاً .

   وأمّا في فرض التعيين بأحد الأمرين فالظاهر أنّ الأمر أيضاً كذلك ، إذ قد عيّنت له الاُجرة أو الجعل من نفس الزكاة لا من مال آخر ، فلا استحقاق مع التلف وانتفاء الموضوع ، ولا مقتضي لضمان الحاكم لا من ماله الشخصي ولا من بيت مال المسلمين . ومنه تعرف أ نّه لا أثر عملي تفترق به هذه الموارد ، بل في جميعها لو تلفت الزكاة لا ضمان على الحاكم .

   وكيفما كان ، فقد عرفت أنّ سهم العامل لا تقدير له في أصل الشرع ، بل هو موكول إلى نظر الحاكم من التعيين باُجرة أو جعل أو عدمه والعطاء بعد ذلك بما شاء ، لكن على الثاني ليس له الاقتصار على الأقلّ من اُجرة المثل ، لأنّ عمل المسلم محترم فلا بدّ من إعطائه اُجرة عمله والخروج عن عهدته ، ولا دلالة في الإناطة برأي الإمام في الصحيح المتقدّم على جواز دفع الأقلّ ، إذ ليس معناه أ نّه يعطيه ما يشتهيه ويريده حتّى لو كان درهماً أو فلساً واحداً، بل المراد إعمال الرأي وملاحظة الطوارئ والخصوصيّات فيعطيه بإزاء العمل ما أدّى إليه النظر الذي لا يكاد يكون أقلّ من اُجرة المثل بطبيعة الحال .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net