الأوّل : المكاتب العاجز عن أداء المكاتبة مطلقاً كان أو مشروطاً 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 14:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4299


ــ[78]ــ

   الأوّل : المكاتب العاجز عن أداء مال الكتابة (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) قد عرفت أنّ الأظهر جواز الدفع من هذا السهم في مطلق العـتق من غير قيد ولا شرط .

   وأمّا على المسلك المشهور من التخصيص بالأصناف الثلاثة التي منها المكاتب فينبغي تقييده ـ كما في المتن ـ بالعاجز عن أداء حال الكتابة لذكر هذا القيد في المرسلة المتقدّمة ، فلا يجوز الدفع إلى القادر. وهذا واضح لو اُريد به الواجد لمال الكتابة بالفعل ، بل لا يجوز الدفع إليه حتى على المختار، لانصراف الإطلاقات عن مثله قطعاً ، مضافاً إلى عدم شمول حكمة التشريع لمثله ، ضرورة أنّ الزكاة إنّما شرّعت لدفع الضرورات وسدّ الحاجات ، فلا تشمل العبد الذي اكتسب وحصل فعلاً على ما يفي بمال الكتابة ، وهذا ظاهر .

   وأمّا إذا لم يكن له مال موجود بالفعل ولكنّه قادر على التكسّب ، فلا يجوز على المسلك المشهور ، لعدم صدق العاجز ، ويجوز على المختار ، إذ لا قصور في شمول الإطلاق له بعد أن كان التكسّب محتاجاً إلى مضيّ زمان ، وبقاؤه على الرقيّة في هذا الزمان أمر مرجوع لا محالة ، بخلاف ما إذا كان له مال موجود بالفعل ، حيث عرفت انصراف الإطلاقات عنه .

   ودعوى دلالة النصوص على عدم حلّيّة الزكاة للمحترف السوي .

   مدفوعة بأنّ بعض تلك النصوص موردها الصرف من سهم الفقراء لا من سهم الرقاب الذي هو محلّ الكلام ، وبعضها الآخر وإن كان مطلقاً ـ كصحيحة زرارة بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : سمعته يقول : «إنّ الصدقة لا تحلّ لمحترف ، ولا لذي مرّة سوي قوي فتنزّهوا عنها» (1) ـ إلاّ أ نّها أيضاً ناظرة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 231 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 8 ح 2 .

ــ[79]ــ

مطلقاً كان أو مشروطاً (1) ، والأحوط أن يكون بعد حلول النجم ، ففي جواز إعطائه قبل حلوله إشكال (2)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلى الفقير بقرينة ذكر لام التمليك في قوله : «لمحترف» ، إذ هو الذي يعطى له الزكاة ، وأمّا العبد فيعطى الزكاة لمولاه في سبيل تحريره ولا يعطى للعبد نفسه فهي تصرف في رقبته ، ولذلك قال سبحانه : (وَفِي الرِّقَابِ) ولم يقل: وللرقاب .

   وبالجملة : فالروايات المزبورة لا تمنع عن الصرف من هذا السهم في أداء مال الكتابة حتّى للمحترف ، فلا تصلح لتقييد المطلقات بعد شمولها له حسبما عرفت .

   (1) بلا خلاف فيه ، لإطلاق النصّ وكذا الآية المباركة .

   (2) ينشأ من إطلاق الآية ومن ظهور العجز الوارد في المرسلة فيما بعد الحلول ، لعدم صدقه قبله ، وحيث إنّ المعتمد عندنا هو الإطلاق حسبما عرفت فالقول بالجواز هو المتعيّن وهو الذي اختاره المحقّق الهمداني تبعاً لصاحب الجواهر (1) .

   وأمّا على المسلك المشهور من الاستناد إلى المرسلة فالجواز مشكل بل ممنوع، لما عرفت من عدم صدق العجز قبل حلول النجم ، فإنّ من كان مديناً لزيد بأجل معيّن لا يصدق عليه فعلاً وقبل حلول الأجل المضروب أ نّه عاجز عن أداء دينه ، كما لا يصدق القادر وإن كنّا نعلم بعجزه عنه في ظرفه إلاّ بضرب من التوسّع كما لا يخفى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه 13 : 546 ، الجواهر 15 : 353 .

ــ[80]ــ

ويتخيّر بين الدفع إلى كلّ من المولى والعبد (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لا ينبغي الشكّ في جواز الدفع إلى المولى ، بل هو القدر المتيقّن من الصرف في الرقاب ، فيترتّب عليه الانعتاق بطبيعة الحال .

   ولو اتّفق عدم الترتّب لمانع خارجي ولو كان هو عدم تمكّن العبد من دفع الباقي فيما لو كان مكاتباً مشروطاً وكان المدفوع مقداراً من مال الكتابة ، فلا بدّ حينئذ من الاسترجاع، لأنّ الدفع كان مقيّداً بالصرف في الفكّ والتمليك مشروطاً بالتعقّب بالعتق ولو على سبيل الشرط المتأخّر كي يتّصف بكونه صرفاً في الرقاب وقد تخلّف ولم يتحقّق ، والمشروط ينتفي بانتفاء شرطه ، ومعه لا مناص من الاسترداد .

   ومنه تعرف ضعف ما نُسب إلى الشيخ من أ نّه قد ملكه بالقبض فله التصرّف فيه كيف شاء (1) .

   إذ فيه ما عرفت من أنّ التمليك كان مشروطاً من أوّل الأمر بالتعقّب بالانعتاق لا على سبيل الإطلاق ليمتلكه بالقبض بمجرّد الدفع إليه .

   وأمّا الدفع إلى العبد نفسه بحيث يملكه بمجرّد القبض ليصرفه في تحرير رقبته فهذا لا دليل عليه، إذ المرسلة المتقدّمة ظاهرة في الدفع إلى السيّد كما لا يخفى، كما أنّ الآية المباركة الآمرة بالصرف في الرقاب قاصرة الدلالة على ذلك ، بل المنسبق منها الصرف في تحرير الرقبة بأحد النحوين المتقدّمين من العتق أو الانعتاق ، ولا تكاد تشمل الدفع إلى العبد نفسه .

   بل أنّ مقتضى جملة من الأخبار اشتراط الحرّيّة في مستحقّ الزكاة، فلا تعطى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نسبه إلى الشيخ صاحب المدارك 5 : 220 .

 
 

ــ[81]ــ

لكن إن دفع إلى المولى واتّفق عجز العبد عن باقي مال الكتابة في المشروط فردّ إلى الرقّ يسترجع منه ، كما أ نّه لو دفعها إلى العبد ولم يصرفها في فكّ رقبته لاستغنائه بإبراء أو تبرّع أجنبي يسترجع منه(1). نعم ، يجوز الاحتساب حينئذ من باب سهم الفقراء إذا كان فقيراً (2) ولو ادّعى العبد أ نّه مكاتب أو أ نّه عاجز فإن علم صدقه أو أقام بيّنة قبل قوله ، وإلاّ ففي قبول قوله إشكال (3) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للعبد كما لا تجب عليه. إذن فلا تدفع إليه إلاّ بعنوان التوكيل عن الدافع، ومقتضاه وجوب الردّ لو انعتق قبل أداء مال الكتابة بسبب آخر من إبراء أو تبرّع ونحوهما .

   ومن البيّن أنّ الاحتمال المنسوب إلى الشيخ الآنف الذكر على تقدير تسليمه غير جار في المقام ، ضرورة أنّ الدفع إلى المولى كان بعنوان التمليك ، غايته بالنحو المشروط دون المطلق ، وأمّا إلى العبد فلم يكن كذلك حتّى بهذا النحو ، وإنّما هو واسطة بحت ووكيل في الإيصال فحسب ، ومع حصول العتق قبل ذلك ينعدم موضوع الوساطة والوكالة بطبيعة الحال ، ومعه لا مناص من الردّ .

   (1) كما اتّضح الحكم في كلا الموردين ممّا سبق .

   (2) قد نُسب إلى المشهور ، إذ بعد أن أصبح العبد حرّاً وكان فقيراً فحاله حال سائر الفقراء في جواز الدفع إليه من هذا السهم . وهذا بخلاف الصورة السابقة المحكوم فيها بالاسترجاع من المولى فإنّه لا يجوز فيها الدفع إلى العبد وإن كان فقيراً، لما عرفت . وسيأتي مستوفى من اعتبار الحرّيّة في مستحقّ الزكاة .

   (3) وقد نُسب إلى المشهور قبول قوله مع تصديق المولى أو جهله بالحال وردّه مع تكذيبه .

ــ[82]ــ

   والكلام يقع تارةً في دعوى العجز ، واُخرى في دعوى الكتابة .

   أمّا الدعوى الاُولى : فلا يبعد قبولها حتّى مع تكذيب المولى ما لم يُطمأنّ بكذبها ولم تكن مسبوقة بالقدرة والغنى ، لما تقدّم في محلّه من قيام السيرة على سماع دعوى الفقير في هذه الصورة ، مضافاً إلى مطابقتها مع الأصل من غير فرق بين المقام وغيره ، لاتّحاد المناط ، حيث إنّ القدرة على التكسّب أو الغنى أمر حادث مسبوق بالعدم فيستصحب .

   وأمّا الدعوى الثانية: فلا موجب لتصديق العبد مع تكذيب المولى، والمفروض الشكّ في صدقه ولا بيّنة له كما هو واضح.

   وأمّا مع جهله بالحال : فقد عرفت أنّ المشهور تصديقه ، فإن ثبت ذلك بالإجماع وإلاّ فلا دليل عليه عدا دعوى أصالة العدالة ، ولا أساس لها ، على أ نّها أخصّ من المدّعى ، إذ قد يكون العبد معلوم الفسق .

   والقول بقبول قوله مع الحلف كما ترى ، وإن حكاه في الشرائع قولاً في المسألة (1) ، لعدم كون المقام من التنازع لتخصم الدعوى بالاستحلاف .

   نعم ، لا يبعد قبول قوله مع تصديق المولى ، استناداً إلى قاعـدة : من ملك شيئاً ملك الإقرار به ، فحيث إنّه يملك العبد فهو لا جرم يملك الإقرار بكتابته ولكنّه خاصّ بصورة العلم بالمولويّة والعبوديّة ، وأمّا مع الشكّ واحتمال تواطئهما على الكذب للاستفادة من الزكاة فلا مجال للقاعدة ، لعدم إحراز موضوعها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 1 : 191 .

ــ[83]ــ

والأحوط عدم القبول ((1)) (1) سواء صدّقه المولى أو كذّبه ، كما أنّ في قبول قول المولى مع عدم العلم والبيّنة أيضاً كذلك سواء صدّقه العبد أو كذّبه. ويجوز إعطاء المكاتب من سهم الفقراء((2))(2) إذا كان عاجزاً عن التكسّب للأداء ، ولا يشترط إذن المولى في الدفع إلى المكاتب سواء كان من باب الرقاب أو من باب الفقر .
ـــــــــــــــــــــــــــ

   (1) بل عرفت أنّ الأظهر هو القبول ، فلا تقبل دعوى العجز عن الأداء ما لم يكن مسبوقاً بالقدرة بلا حاجة إلى تصديق المولى ، فلاحظ .

   (2) فيه إشكال بل منع ، لما عرفت من اعتبار الحرّيّة في مستحقّ الزكاة .
ـــــــــــــــ

(1) الأظهر القبول ، بل لو ادّعى العجز عن أداء مال الكتابة ولم يكن مسبوقاً بالقدرة لا يبعد قبول قوله بلا حاجة إلى تصديق المولى .
(2) فيه إشكال .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net