جواز نقل الزكاة إلى البلد الآخر ولو مع وجود المستحقّ في البلد 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 14:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3735


   [ 2764 ] الحادية عشرة : الأقوى جواز النقل إلى البلد الآخر ولو مع وجود المستحقّ في البلد وإن كان الأحوط عدمه كما أفتى به جماعة (2)

 ــــــــــــــــــــــــــــ
 (2) بل في الحدائق نسبته إلى المشهور (3) ، بل عن العلاّمة في التذكرة دعوى

ــــــــــــــ
(3) الحدائق 12 : 239 .

ــ[233]ــ

الإجماع عليه (1) .

   لكن الدعوى موهونة ، لذهاب جمّ غفير من الفقهاء إلى الجواز ومنهم نفس الحاكي للإجماع ـ  أعني : العلاّمة في المختلف والمنتهى(2)  ـ بل نسب ذلك إلى المشهور بين المتأخّرين .

   نعم ، لا يبعد أن يكون المشهور بين المتقدّمين هو المنع .

   وكيفما كان ، فيستدلّ لعدم الجواز تارةً بالإجماع . وقد عرفت ما فيه .

   واُخرى : بأنّ النقل معرّض للخطر من ضياع او سرقة ونحوهما ، فلا يجوز .

   وفيه : أنّ النقل بمجرّده لا يلازم الخطر ، بل ربّما يكون الحفظ متوقّفاً عليه فيجب ، فإنّ المالك أمين على الزكاة ويجب عليه حفظ الأمانة عن المخاطرة ، سواء أكانت في السفر أم في الحضر ، فإن كان الخطر في النقل لم يجز ولا يسوغه الضمان، فإنّ تعريض الأمانة للمخاطرة غير جائز في نفسه وإن تعهّد ضمانها، وإن كان في البقاء لم يجز البقاء أيضا .

   وبالجملة : بين النقل والخطر عموم من وجه ولا ملازمة بينهما ، فلا يصحّ الاستدلال بما هو أخصّ من المدّعى .

   وثالثةً : بأنّ النقل ينافي الفوريّة الواجبة في دفع الزكاة .

   ويردّه : منع الفوريّة أوّلاً ، بل يظهر من بعض الأدلّة جواز التأخير شهراً أو أكثر كما تقدّم .

   وثانياً : أنّ النقل لا يلازم التأخير، كيف؟! وربّما يكون الإيصال إلى المستحقّ أسرع من الأداء في البلد ، كما لو كانت الزكاة خارج البلدة الكبيرة وكان إيصالها إلى بعض القرى القريبة أسرع من إيصالها إلى من هو في أواسط البلدة أو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التذكرة 5 : 341 .

(2) المختلف 3 : 122 ، المنتهى 1 : 529 .

ــ[234]ــ

أواخرها ، فهذه الوجوه لا تصلح للاعتماد عليها في المنع عن النقل .

   نعم ، لا شبهة في أنّ مقتضى القاعدة الأوّليّة عدم الجواز ، فإنّ نقل الزكاة تصرّف في الأمانة يحتاج جوازه إلى الدليل ، ولكنّه يكفي فيه إطلاقات الأمر بالأداء الواردة في الكتاب والسنّة ، فإنّها تشمل الأداء في البلد وخارجه بعد فقد الدليل على التقييد بالأوّل .

   بل أنّ بعض النصوص قد نطقت صريحاً بجواز النقل ، عمدتها صحيحتان :

   الاُولى : صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في الرجل يعطى الزكاة يقسّمها ، أله أن يخرج الشيء منها من البلدة التي هو فيها (بها) إلى غيرها؟ «فقال: لابأس به»(1) .

   فإنّ موردها وإن كان هو نقل الوكيل لكنّها تدلّ على نقل الموكّل ـ أعني : صاحب الزكاة ـ بطريق أولى .

   الثانية : صحيحة أحمد بن حمزة، قال: سألت أبا الحسن الثالث (عليه السلام) عن الرجل يخرج زكاته من بلد إلى بلد آخر ويصرفها في إخوانه ، فهل يجوز ذلك ؟ «قال : نعم» (2) .

   وربّما يتوهّم معارضتهما بروايتين :

   إحداهما : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : لا تحلّ صدقة المهاجرين للأعراب ، ولا صدقة الأعراب في المهاجرين» (3) .

   ثانيتهما : صحيحة عبدالكريم بن عتبة الهاشمي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقسّم صدقة أهل البوادي في أهل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 282 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 37 ح 1 .

(2) الوسائل 9 : 283 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 37 ح 4 .

(3) الوسائل 9 : 284 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 38 ح 1 .

ــ[235]ــ

البوادي ، وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر» (1) .

   فقيل : إنّهما تدلاّن على النهي عن نقل صدقة البدوي إلى الحضري أو العكس ، وكذا نقل صدقة الأعراب إلى المهاجرين وعكسه .

   وممّن فهم منهما ذلك صاحب الوسائل بعد حمل النهي على الكراهة ، حيث عنون للباب بقوله : باب استحباب تفريق الزكاة في بلد المال وكراهة نقلها مع وجود المستحقّ .

   ولكن الظاهر أ نّهما أجنبيّتان عمّا نحن فيه ولا نظر فيهما إلى النقل ، فإنّ موردهما دفع صدقة أهل البادية إلى الحضري حتّى إذا كان موجوداً في البادية ، وكذلك صدقة الحضري إلى البدوي وإن كان موجوداً في الحضر ، فلا نظر فيهما إلى النقل نفسه بحيث يتناول الحكم نقل صدقة أهل البادية إلى بادية اُخرى مثلها ، أو نقل صدقة الحضري إلى حضري مثله في بلد آخر .

   فالمستفاد منهما لزوم دفع صدقة كلّ صنف من البدوي والحضري أو الأعراب والمهاجرين إلى ما يماثله في الصنف لا ما يقابله ، سواء أكان ذلك مقروناً بالنقل أم لا ، فلا ارتباط لذلك بمحلّ الكلام لتتحقّق المعارضة بين الطائفتين .

   وحيث لا قائل باعتبار المماثلة المزبورة فلا جرم يكون الحكم محمولاً على التنزيه من الكراهة أو الاستحباب ، كما يفصح عنه ما في ذيل الثانية من قوله (عليه السلام) : «ليس عليه في ذلك شيء مؤقّت موظّف» إلخ (2) .

   وممّا يؤكّد ذلك ما كان يفعله النبيّ والوصيّ وغيرهما (عليهم السلام) من بعث العمال لجباية الزكوات ونقلها إليهم ، فإنّه لو كان يجب صرف صدقات أهل البادية فيهم فكيف كانت تؤخذ منهم ويؤتى بها إليهم (عليهم السلام) ؟!

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 284 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 38 ح 2 .

(2) الوسائل 9 : 265 /  أبواب المستحقين للزكاة ب 28 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net