موارد عموم المنزلة (التعليقة) 

الكتاب : مجمع الرسـائل - رسـالة في الرضاع   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 7738


«1» المراد من عموم المنزلة شمول الحرمة بالرضاع للعناوين الملازمة للعناوين المحرّمة بالذات وإن افترقت عنها ، لأنّها لازم أعمّ ، أي العنوان اللازم يكون أعمّ من الملزوم المحرّم ذاتاً فيقال مثلا : إنّ أُمّ الأخ بمنزلة الأُمّ ، فكما تحرم بالنسب تحرم بالرضاع أيضاً ، ويتحقّق عموم المنزلة في الموارد التالية :

أحدها : أُمّ الأخ .

وهذا العنوان بنفسه ليس من المحرّمات بالنسب كي يحرم مثله بالرضاع ، لعدم الدليل على الحرمة بهذا العنوان ، إلاّ أنّه قد يقترن مع عنوان محرّم بالنسب أو بالمصاهرة ، وقد يفترق عنهما ويتحقّق بالرضاع فقط ، ولكن لا يوجب الحرمة إلاّ عن طريق عموم المنزلة لملازمة هذا العنوان لبعض العناوين النسبيّة المحرّمة كما أشرنا ، ولكن حيث إنّه لازم أعمّ فإذا افترق عن المحرّم الذاتي فلا يوجب الحرمة .

بيان ذلك : أنّ العنوان المذكور يتحقّق إمّا بالنسب ، أو المصاهرة ، أو بالرضاع وتحرم المرأة بالأوّلين ، دون الرضاع إلاّ على القول بعموم المنزلة ، فيتحقّق في :

1 ـ أُمّك .

فإنّه يصدق عليها أُمّ أخيك ، إذا كان لك أخ شقيق ، وهي محرّمة عليك بالنسب
وهذا ظاهر .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) النساء 4 : 23 .

ــ[27]ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2 ـ زوجة أبيك (أي أُمّ أخيك من أبيك) .

وهي محرّمة عليك بالمصاهرة ، لأنّها زوجة أبيك ، وقال عزّ من قائل : (وَلاَ تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ)(1).

3 ـ الأُمّ الرضاعية لأخيك .

وهذه كما إذا أرضعت أجنبيّة أخاك ـ وهي ليست بأُمّك ولا زوجة أبيك ـ فإنّ هذه أُمّ رضاعية لأخيك ، تحرم عليه ، ولكن لا تحرم عليك ، لعدم صدق عنوان الأُمّ ، ولا زوجة الأب عليها ، نعم يصدق عليها العنوان الملازم للعنوانين المحرّمين(2) وهو عنوان أُمّ الأخ ولكن هذا ليس من العناوين المحرّمة ، إلاّ على القول بعموم المنزلة ، ولا نقول به .

ومثل أُمّ الأخ أُمّ الأُخت ، فهي إمّا أن تكون أُمّاً لك أيضاً ـ كما إذا كانت الأُخت شقيقة لك ـ أو تكون أُمّها زوجة أبيك ، كما إذا لم تكن شقيقة . والأُولى تحرم عليك نسباً والثانية تحرم عليك مصاهرة .

وأمّا إذا أرضعت امرأة أجنبيّة أُختك فهي تكون أُمّاً رضاعية لأُختك ، ولكن لا تحرم عليك إلاّ بعموم المنزلة ، كما عرفت في أُمّ الأخ .

فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّه إذا كانت أُمّ أخيك أو أُختك أُمّاً لك أيضاً فتحرم عليك نسباً ورضاعاً ، لأنّ أُمّ الأخ أو الأُخت حينئذ تكون أُمّك، وهي محرّمة عليك نسباً ورضاعاً .

وكذا أُمّ الأخ أو الأُخت بالمصاهرة ، فهي محرّمة أيضاً ، لأنّها زوجة أبيك .

وأمّا الأُمّ الرضاعية لأخيك أو أُختك من دون أن تكون زوجة لأبيك فلا تحرم عليك ، لا بالنسب ولا بالمصاهرة ، لعدم النسبة ولا المصاهرة ، ولا الرضاع المحرّم ، إلاّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) النساء 4 : 22 .
(2) أي الأُمّ وزوجة الأب .

ــ[28]ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن طريق عموم المنزلة ، ولا نقول به . وكذا الأُمّ النسبية لأخيك الرضاعي كما في مثال المتن .

المورد الثاني : أُمّ ولد الولد (أُمّ الحفيد أو الحفيدة) .

وهذا العنوان أيضاً لا يحرم ذاتاً ، نعم يتحقّق بالنسب والمصاهرة والرضاع ، وتحرم عليك المرأة في الأوّلين ، دون الثالث ، إلاّ عن طريق عموم المنزلة ، فيتحقّق في :

1 ـ بنتك :

فإنّه يصدق عليها أنّها أُمّ ولد ولدك ، إذا كان لها ولد من زوجها ، إذ هي ولدك ، فابنها يكون ولد ولدك ، وهي أُمّه ، لأنّها أُمّ حفيدك أو حفيدتك ، وهي محرّمة عليك ، لأنّها بنتك النسبيّة ، وهذا ظاهر .

2 ـ زوجة ابنك :

إذ يصدق عليها أنّها أُمّ ولد ولدك ، فيما إذا كان لها ولد من ابنك ـ زوجها ـ وهذه تحرم بالمصاهرة كما هو ظاهر ، فإنّها حليلة الابن المحرّمة بالنصّ القرآني(1)، لا بعنوان أُمّ الحفيد .

3 ـ الأُمّ الرضاعيّة للحفيد .

وهذه كما إذا أرضعت امرأة أجنبيّة حفيدك أو حفيدتك ، فإنّها يصدق عليها عنوان أُمّ ولد الولد ، ولكن لا تحرم عليك ، لعدم النسبة ، ولا المصاهرة ، وليس هناك إلاّ الرضاع بعموم المنزلة ، لملازمة هذا العنوان (أُمّ ولد الولد) مع العنوان النسبي (البنت) .

ويتحقّق هذا العنوان عن طريق الرضاع غير المحرّم على الموارد التالية أيضاً وتكون من موارد عموم المنزلة تحت عنوان « أُمّ ولد الولد » كالمثال المتقدّم ، وهي :

أ ـ لو أرضعت زوجة ابنك ولداً أجنبياً ، وكان لذلك الولد أُمّ نسبيّة ، فإنّها تحلّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) النساء 4 : 23 .

ــ[29]ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لك وإن صدق عليها عنوان « أُمّ ولد ولدك » .

ب ـ نفس الفرض وكان لذلك الولد أُمّ أُخرى رضاعيّة ، فإنّها تحلّ لك أيضاً ، وإن صدق عليها عنوان « أُمّ ولد الولد » .

والحاصل : أنّ التي تحرم مع صدق هذا العنوان عليها هي زوجة الابن عن طريق المصاهرة ، والبنت عن طريق النسب . وأمّا لو صدق هذا العنوان عن طريق الرضاع فقط دون المصاهرة والنسب ، فلا أثر له إلاّ بعموم المنزلة ، لعدم حرمة هذا العنوان بالنسب ذاتاً كي يحرم مثله بالرضاع ، نعم هو ملازم للمحرّم الذاتي .

وبالجملة : إنّ أُمّهات ولد الولد لا تحرمن ، إلاّ من كانت بنتك ، أو زوجة ابنك .

المورد الثالث : جدّة الولد

وهذا العنوان يتحقّق أيضاً بالنسب والمصاهرة والرضاع ، ويحرم في الأوّلين ، دون الأخير ، لتحقّقه في :

1 ـ أُمّك :

إذ هي جدّة ولدك ، فإنّه لو كان لك ولد فأُمّك جدّة ولدك ، وحرمة هذه ظاهرة .

2 ـ أُمّ الزوجة (جدّة الولد بالمصاهرة) :

فإنّه إذا كان لك ولد من زوجتك ، فأُمّها تكون جدّة ولدك ، وهذه تحرم بالمصاهرة بعنوان أُمّ الزوجة (أُمّهات النساء) دون عنوان جدّة الولد .

3 ـ أُمّ مرضعة ولدك (جدّته الرضاعية) :

كما إذا أرضعت أجنبية ولدك وكانت لتلك المرضعة أُمّ ، فهي لا تحرم عليك وإن صدق عليها (جدّة ولدك) لعدم حرمة هذا العنوان بما هو في النسب كي يحرم مثله بالرضاع إلاّ بعموم المنزلة ، لأنّها بمنزلة الأُمّ النسبيّة .

هذا كلّه فيما إذا كان ولدك نسبياً وكان له جدّة من الرضاع ، وأمّا إذا كان لك ولد

ــ[30]ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رضاعي ، كما إذا أرضعت زوجتك طفلا أجنبياً ، وكان لذاك الطفل الرضيع جدّة من النسب ، أو من الرضاع ـ بأن رضع من ثدي امرأة أُخرى لها أُمّ ـ فجدّاته تحلّ لك ، لعدم النسب ، ولا المصاهرة ، إلاّ الرضاع غير المحرّم ، لكونها بمنزلة الأُمّ النسبيّة .

هذا كلّه في جدّة ولدك ، وأمّا أُمّ ولدك فهي حلال لك ، لأنّها إمّا زوجتك ، أو مرضعة ولدك ، ولا مانع من تزويجها إذا لم تكن مزوّجة .
المورد الرابع : أُمّ العمّ أو العمّة .

فإنّها لا تحرم بهذا العنوان أيضاً ، إلاّ أن يقترن بعنوان محرّم ذاتي ، أو نقول بعموم المنزلة ، ولا نقول به ، فإنّ هذا العنوان يتحقّق أيضاً إمّا بالنسب، أو المصاهرة ، أو الرضاع ويحرم في الأوّلين دون الثالث ، لتحقّقه في :

1 ـ الجدّة للأب :

فإنّه يصدق عليها أنّها أُمّ عمّك أو عمّتك ، وهذه تحرم بالنسب كما هو ظاهر ، لأنّها أُمّك بالواسطة .

2 ـ زوجة الجدّ :

كما إذا لم يكن العمّ أو العمّة شقيقاً لأبيك ، وهذه تحرم بالمصاهرة لأنّها زوجة الجدّ .

3 ـ الأُمّ الرضاعيّة للعمّ أو العمّة :

وهذه كما إذا أرضعت امرأة أجنبية عمّك أو عمّتك ، فإنّها تكون أُمّاً لهما . وهذه لا تحرم عليك ، لعدم النسب ولا المصاهرة بينك وبينها ، وليس هناك إلاّ الرضاع ، وهو لا يحرِّم في الفرض ، لعدم حرمة هذا العنوان (أُمّ العمّ أو العمّة) في النسب كي يحرم مثلها بالرضاع ، إلاّ عن طريق الملازمة بينه وبين الجدّة ، ولا نقول باستلزامها الحرمة إلاّ على القول بعموم المنزلة .

ــ[31]ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المورد الخامس : أُمّ الخال أو الخالة .

وهذه أيضاً تتحقّق في ثلاثة موارد :

1 ـ الجدّة للأُمّ :

وهذه تحرم عليك بالنسب كما هو ظاهر .

2 ـ زوجة الجدّ للأُم :

وهذه تحرم عليك بالمصاهرة .

3 ـ الأُمّ الرضاعيّة لهما :

وهذه لا تحرم عليك ، لعدم النسب ولا المصاهرة ، فلا موجب لتحريمها إلاّ الرضاع بعموم المنزلة ، ولا نقول به كما في الموارد السابقة .

المورد السادس : أُخت الولد .

وهذا العنوان بنفسه ليس من العناوين المحرّمة بالذات أيضاً ، كالعناوين المتقدّمة ولكن قد يتّحد مع العنوان المحرّم بالنسب أو المصاهرة ، لتحقّقه في الموارد الثلاثة التالية أيضاً :

1 ـ بنتك :

فإنّه يصدق عليها أنّها أُخت ولدك إذا كان لك ولد آخر ، وهذه تحرم بالنسب ، لأنّها بنتك ، وهذا ظاهر .

2 ـ بنت امرأتك :

وهي الربيبة ، فإنّها تكون أُختاً لولدك من أُمّه ، وهذه تحرم عليك بالمصاهرة ، لأنّها ربيبتك .

3 ـ الأُخت الرضاعيّة لولدك :

وهذه كما إذا أرضعت امرأة أجنبيّة ولدك ، وكانت لها أو لزوجها بنت ، وكان

ــ[32]ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الزوج هو الذي نشأ اللبن بسببه ـ المعبّر عنه في الاصطلاح الفقهي بالفحل أو صاحب اللبن ـ فإنّه يصدق على تلك البنت أنّها أُخت ولدك عن طريق الرضاع . وهذه لا تحرم عليك بهذا العنوان ، لأنّ المحرّم إنّما هو عنوان البنت ، لا أُخت الولد ، فإنّها لا تحرم عليك إلاّ أن تكون بنتك أو ربيبة لك ، أو نقول بعموم المنزلة في الرضاع ، هذا .

ولكن قد دلّت النصوص الخاصّة(1) على أنّه لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن(2) ولا في أولاد المرضعة(3) فلا يصحّ نكاحهنّ ابتداءً ولا استدامة . وعليه لو ارتضع ولدك من جدّته لأُمّه حرمت عليك زوجتك التي هي أُمّ ذاك الولد ، لأنّها صارت حينئذ من أولاد صاحب اللبن ، كما أنّها صارت من أولاد المرضعة ، ويحرم نكاحهنّ على أبي المرتضع والمفروض أنت أبو المرتضع ، وصارت زوجتك ـ التي هي أُمّ المرتضع ـ من أولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة ، فيبطل نكاحها معك ، فإنّ أولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة بمنزلة أولادك كما في النصوص المذكورة .

ومن هنا قال السيّد الأُستاذ (قدّس سرّه) في المنهاج 2 : 268 :
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 20 : 391 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب6 ح10 (صحيحة علي بن مهزيار) 404 / ب16 ح1 (صحيحة أيّوب بن نوح) . ويأتي ذكرهما في ص37 . ح2 في نفس الباب ويأتي الكلام في ذلك في ص56 في المسألة الثالثة ، وص59 في المسألة الرابعة .
(2) ولادة ورضاعاً .
(3) ولادة لا رضاعاً .
كما صرّح بذلك السيّد الأُستاذ (قدّس سرّه) في المنهاج 2 : 268 كتاب النكاح أحكام الرضاع . والدليل على التفصيل بين أولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة بذلك هو ما يستفاد من نصوص الباب ، ولسنا بصدد التحقيق من هذه الناحية ، فراجع ص56 م3 وص59 م4 من هذا الكتاب .

ــ[33]ــ

وعن المحقّق الداماد(1) اختيار العموم ، وحكي ذلك عن الحلّي(2) في أُخت الابن وجدّته لأُمّه . وقبل الورود في البحث ينبغي التنبيه على أمرين :




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net