لو كان الدين من السنين السابقة - لو كان الدين في هذه السنة قبل ظهور الربح 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 15:الخُمس   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3649


   المقام الثاني :  فيما إذا كان الدين من السنين السابقة .

   ولا ينبغي الشكّ في عدم استثنائه من أرباح هذه السنة ، لأنّ المستثنى منها خصوص ما يعدّ من مؤن هذه السنة ، ولا ريب أنّ ديون السنين السابقة ـ حتى

ــ[270]ــ

ما كانت لأجل مؤونتها فضلاً عمّا كانت لغير المؤونة ـ لا تكون من مؤونة هذه السنة . فالاستثناء لا يثبت جزماً .

   وهل يجوز أداء ذاك الدين من هذه الأرباح ، أو لا يجوز إلاّ بعد التخميس ؟

   حكم في المتن بالجواز شريطة إن لم يكن متمكّناً من الأداء إلى عام حصول الربح .

   ولم يظهر لنا وجه لهذا التقييد ، إذ لا مدخل للتمكّن وعدمه في هذا الحكم ، بل العبرة بصدق كون الأداء المزبور مؤونة لهذه السنة ، فإن ثبت بحيث صدق على صرف الربح فيه أ نّه صرفه في المؤونة جاز استثناؤه ، وإلاّ فلا .

   ولا يناط ذلك بعدم التمكّن السابق بوجه كما هو الحال في بقيّة المؤن ، فلو تزوّج أو اشترى داراً من أرباحه ولو مع التمكّن من الصرف من مال آخر صدق عليه بالضرورة أ نّه قد صرف الربح في المؤونة ، فالتمكّن المزبور أو عدمه سيّان في هذا الحكم وأجنبيّان عن صدق الصرف في المؤونة جزماً ، فلا فرق إذن بين الصورتين أبداً .

   والظاهر تحقّق الصدق المذكور ، فإنّ منشأ هذا الدين وإن كان قد تحقّق سابقاً إلاّ أ نّه بنفسه مؤونة فعليّة ، لاشتغال الذمّة به ولزوم الخروج عن عهدته ، سيّما مع مطالبة الدائن ، بل هو حينئذ من أظهر مصاديق المؤونة ، غايته أنّ سببه أمر سابق من استدانة أو إتلاف مال أحد أو ضرب أو قتل بحيث اشتغلت الذمّة بالبدل أو الدية ، فالسبق إنّما هو في السبب لا في المسبّب ، بل المسبّب ـ أعن : كونه مؤونة ـ متحقّق بالفعل .

   فهو نظير من كان مريضاً سابقاً ولم يكن متمكّناً من علاج نفسه إلاّ في هذه السنة ، أو كان متمكّناً وأخّر عامداً ، فإنّه على التقديرين إذا صرف من أرباح هذه السنة في معالجة نفسه فقد صرفه في مؤونته وإن كان سببها المرض

ــ[271]ــ

السابق ، فليست العبرة بسبق السبب ، بل الاعتبار بفعليّة المؤونة وهي صادقة حسبما عرفت .

   فتحصّل : أنّ الأظهر أنّ أداء الدين السابق ـ سواء أكان متمكّناً منه سابقاً أم لا ـ يعدّ أيضاً من المؤونة وإن لم يكن الدين بنفسه معدوداً منها ، فلا يستثنى من أرباح هذه السنة من غير أداء .

   فيفرّق بين الدين المتأخّر وبين الدين السابق ، فيحسب الأوّل من مؤونة هذه السنة وإن لم يؤدّ خارجاً كما مرّ ، أمّا الثاني فلا يحسب منها إلاّ مع التصدّي للأداء خارجاً ، سواء أكان مصروفاً في مؤونة السنة السابقة أم لا .

   هذا فيما إذا لم يكن بدل الدين موجوداً .

   وأمّا مع وجوده ، كما لو اشترى بالدين السابق داراً أو بستاناً ، فإن كان ذلك لأمر خارجي غير المؤونة فلا ينبغي الشكّ في عدم جواز الأداء بلا تخميس ، إذ بعد أن كان الدين مقابلاً بالمال فلو أدّاه من الربح غير المخمّس يبقى هذا المال خالصاً له بلا دين فيكون زيادة على المؤونة فلا بدّ من تخميسه ، فليس له أن يؤدّي دينه بلا تخميس لا بالنسبة إلى الربح ولا الثمن ، بل لا بدّ وأن يحاسب آخر السنة .

   وأمّا إن كان للمؤونة لاحتياجه إلى الدار ـ مثلاً ـ فعلاً فله أن يؤدّي دينه من أرباح هذه السنة ، لأ نّه من صرف الربح في المؤونة فهو كما لو اشترى فعلاً من هذه الأرباح داراً لسكناه ، فلا يجب الخمس في مثله لا في الربح ولا في بدل الدين بعد فرض كونه مؤونة له بالفعل .

   ومن هذا القبيل أداء مهر الزوجة ، فله أن يؤدّي كلّ سنة مقداراً من مهرها بلا تخميس ، لأ نّه من صرف الربح في المؤونة حسبما عرفت .

   المقام الثالث :  في الدين في هذه السنة ولكن قبل ظهور الربح .

ــ[272]ــ

وكذا الكلام في النذور والكفّارات (1) .
ــــــــــــــــــــ

   وحكمه يظهر ممّا مرّ ، فإنّه إن قلنا : إنّ مبدأ السنة حال الشروع في الكسب ـ كما هو خبرة المتن ـ فحاله حال الدين بعد الربح ، وإن قلنا : إنّ مبدأه ظهور الربح ـ كما هو الصحيح ـ فحاله حال الدين في السنة السابقة . فهذا إمّا أن يلحق بالقسم الأوّل أو بالقسم الثاني فلاحظ .

   (1) يعني : فيجري فيه الاحتياط المتقدّم في أداء الدين السابق بإخراج الخمس أوّلاً ثمّ الأداء ممّا بقي .

   وقد أشرنا إلى وجه هذا الاحتياط في المسألة السابقة ، وأ نّه احتمال أن يكون التكليف المتعلّق بالحجّ أو بأداء الدين أو بالوفاء بالنذر أو الكفّارة بنفسه محقّقاً لصدق المؤونة ، وأ نّه بذلك يمتاز المقام عن سائر موارد التقتير .

   لكن عرفت ضعفه وأنّه ما لم يتحقّق الأداء أو الوفاء خارجاً لا تكاد تصدق المؤونة عرفاً بمجرّد التكليف والإلزام الشرعي ، وأنّ العبرة بنفس الصرف لا بمقداره ، فلا ينبغي التوقّف عن الفتوى ، بل الأظهر الأقوى هو وجوب إخراج الخمس .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net