أقسام الخمس - اشتراط الإيمان في مصرف الخمس 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 15:الخُمس   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5538


ــ[310]ــ


فصل

في قسمة الخُمس ومستحقّه

   [ 2961 ] مسألة 1 : يقسّم الخمس ستّة أسهم على الأصحّ (1) : سهم لله سبحانه ، وسهم للنبيّ (صلّى الله عليه وآله) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) كما هو المعروف والمشهور ، وتدلّ عليه طائفة من الروايات قد ادّعي أ نّها متواترة إجمالاً بحيث يقطع أو يطمأنّ بصدور بعضها عن المعصوم (عليه السلام) وإن كانت بأجمعها غير نقيّة السند .

   فإن تمّت هذه الدعوى فهي ، وإلاّ فتكفينا الآية المباركة المصرّحة بالأسهم الستّة ، وهذا بناءً على تفسـير الغنيمة بمطلق الفائدة واضح ، وكذا بناءً على الاختصاص بغنائم دار الحرب ، فإنّ الدليل المتكفّل لثبوت الخمس في سائر الموارد من الغوص والكنز والمعدن ونحوها مع عدم التعرّض لبيان المصرف يظهر منه بوضوح أنّ المراد به هو الخمس المعهود المقرّر في الشريعة المقدّسة المشار إليه وإلى مصرفه في الآية المباركة كما هو ظاهر جدّاً .

   ومع ذلك قد نسب الخلاف إلى ابن الجنيد، فذهب إلى أنّ السهام خمسة بحذف سهم الله تعالى(1)، وربّما يظهر الميل إليه من صاحب المدارك (2) ، استناداً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حكاه في مصباح الفقاهة 14 : 203 .

(2) المدارك 5 : 396 ـ 397 .

ــ[311]ــ

ـ بعدما يرتئيه من ضعف النصوص المتقدّمة ـ إلى صحيح ربعي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له ، ثمّ يقسّم ما بقي خمسة أخماس ويأخذ خمسه ، ثمّ يقسّم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه ، ثمّ قسّم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس ، يأخذ خمس الله عزّ وجلّ لنفسه ، ثمّ يقسّم الأربعة أخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل ، يعطي كلّ واحد منهم حقّاً ، وكذلك الإمام أخذ كما أخذ الرسول (صلّى الله عليه وآله) » (1) .

   ولكن لا يمكن الاستدلال بها لما نُسب إلى ابن الجنيد ، ولا التوقّف من أجلها كما نُسب إلى المدارك :

   أمّا أوّلاً : فلأ نّها لو دلّت على الحذف فإنّما تدلّ على حذف سهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وإسقاطه لا إسقاط سهم الله تعالى كما هو المدّعى ، ولم يقل بذلك أحد حتى ابن الجنيد .

   وثانياً : لا دلالة لها على ذلك أيضاً ، بل أقصاها أنّ ذلك عمل قد صدر من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وله أن يفعل في حصّته ما يشاء ، وقد أعرض عنها وبذلها لسائر الأصناف ، لا أ نّه لم تكن له حصّة .

   وأمّا قوله في ذيل الرواية : «وكذلك الإمام» إلخ ، فيراد به التشبيه في الأخذ كما صرّح به لا التشبيه في كيفيّة التقسيم ، وعلى تقدير الدلالة على ذلك أيضاً فالكلام هو الكلام ، ومع الإغماض فمدلول الرواية لم يعمل به أحد حتى ابن الجنيد ، فهي معارضة للقرآن تضرب عرض الجدار .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 510 /  أبواب قسمة الخمس ب 1 ح 3 .

ــ[312]ــ

وسهم للإمام (عليه السلام) (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) على المعروف والمشهور ـ بل ادّعي الإجماع عليه ـ من تفسير ذي القربى بالإمام (عليه السلام) ومن بحكمه كالصدّيقة الطاهرة روحي فداها وصلوات الله عليها ، وأنّ هؤلاء المعصومين هم المعنيّون من ذوي القربى الذين اُمِرنا بمودّتهم لا كلّ قريب .

   ونُسب الخلاف إلى ابن الجنيد أيضاً بدعوى أنّ المراد مطلق القرابة (1) ، وإليه ذهب فقهاء العامّة .

   وفيه : أنّ الروايات الدالّة على أنّ المراد به الإمام (عليه السلام) كثيرة جدّاً وإن كانت ضعيفة السند بأجمعها ، فهي نصوص مستفيضة متظافرة ، مضافاً إلى التسالم والإجماع وفيه الكفاية ، فخلاف ابن الجنيد لا يُعبأ به .

   بل يمكن الاستفادة من نفس الآية المباركة ، نظراً إلى أنّ المراد من اليتيم والمسكين وابن السبيل: خصوص السادة وأقرباؤه (صلّى الله عليه وآله) من بني هاشم ، دون غيرهم بالضرورة ، فإنّ لهم الزكاة . وعليه ، فلو اُريد من ذوي القربى مطلق القرابة كانت الأسهم حينئذ خمسة لا ستّة ، فلا مناص من إرادة الإمام خاصّة ليمتاز أحد السهمين عن الآخر .

   فإن قيل : لعلّ المراد من ذي القربى الأغنياء من بني هاشم .

   قلنا : إنّ الضرورة على خلافه وإن التزم به العامّة ، فإنّ الروايات الكثيرة قد نطقت بأنّ الزكاة أوساخ ما في أيدي الناس وقد جعل الخمس بدلاً عنها لبني هاشم ، فيعتبر فيه الفقر قطعاً كما في الزكاة ، ولا يعطى للغنيّ شيء .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حكاه في الجواهر 16 : 87 .

ــ[313]ــ

وهذه الثلاثة الآن لصاحب الزمان أرواحنا له الفداء وعجّل الله تعالى فرجه (1) ، وثلاثة للأيتام والمساكين وأبناء السبيل .

   ويشترط في الثلاثة الأخيرة : الإيمان (2) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وبالجملة : المراد من ذي القربى غير اليتيم والمسكين وابن السبيل من السادة بمقتضى المقابلة ، وليس هو الغني منهم قطعاً، فينحصر في الإمام بطبيعة الحال ، إذ لو كان أحد غير الفقير مورداً للخمس فليس هو إلاّ الإمام .

   وأيّده المحقّق بأنّ المذكور في الآية المباركة : (ذِي ا لْقُرْبَى) بصيغة المفرد لا «ذوي القربى» ، فهو شخص واحد معيّن وليس هو إلاّ الإمام ، وإلاّ فقرابته كثيرون (1) .

   ولا بأس به تأييداً ، إمّا الاستدلال فكلاّ ، لجواز أن يراد به الجنس كما في ابن السبيل .

   (1) فإنّ ما كان لله فلرسوله ، وما كان للرسول فللإمام ، فبحسب النتيجة يكون الكلّ للإمام ، ثلث منها لنفسه أصالةً ، وثلثان يرجعان إليه ، كما صرّح بذلك في صحيح البزنطي عن الرِّضا (عليه السلام) في تفسير الآية الشريفة ، فقيل له : فما كان لله، فلمن هو؟ «فقال: لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وما كان لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) فهو للإمام» إلخ (2) .

   (2) فلا يعطى الخمس لغير المؤمن وإن كان هاشميّاً فضلاً عن الكافر ، ويمكن استفادة ذلك من أمرين وإن لم يرد في المقام نصّ بالخصوص :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المعتبر 2 : 629 ، الشرائع 1 : 209 .

(2) الوسائل 9 : 512 /  أبواب قسمة الخمس ب 1 ح 6 .

ــ[314]ــ

   أحدهما : التعليل الوارد في بعض نصوص منع الزكاة لغير المؤمن ، كرواية يونس بن يعقوب ، قال : قلت لأبي الحسن الرِّضا (عليه السلام) : اُعطي هؤلاء الذين يزعمون أنّ أباك حيّ من الزكاة شيئاً؟ «قال : لا تعطهم، فإنّهم كفّار مشركون زنادقة» (1) ، فإنّ التعليل يشمل الزكاة والخمس معاً بمناط واحد كما لا يخفى .

   ولكن الرواية ضعيفة السند جدّاً ، فلا يصلح هذا الوجه إلاّ للتأييد .

   ثانيهما ـ وهو العمدة ـ : ما تضمّنته جملة من النصوص من بدليّة الخمس عن الزكاة المعتبر فيها الإيمان إجماعاً وأنّه يعطى للمخالف الحجر كما في النصّ(2) ، فكذا فيما هو بدل عنها ، فإنّ معنى البدليّة أنّ من كان مستحقّاً للزكاة لو لم يكن هاشميّاً فهو مستحقّ للخمس لو كان هاشميّاً عوضاً عنها، إجلالاً عن الأوساخ ، فيعتبر فيه تحقّق شرائط الزكاة تحقيقاً للبدليّة .

   والمسألة لا إشكال فيها (3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 228 /  أبواب المستحقّين للزكاة ب 7 ح 4 .

(2) الوسائل 9 : 223 /  أبواب المستحقّين للزكاة ب 5 ح 7 .

(3) لايخفى أنّ النصوص المتضمّنة صريحاً للبدليّة غير نقيّة السند، وقد راجعناه (دام ظلّه) في ذلك فأجاب بأ نّه : يمكن استفادة المطلوب ممّا دلّ على أنّ الله تعالى فرض للفقراء في أموال الأغنياء ما يكتفون ولو علم أنّ الذي فرض لهم لا يكفيهم لزادهم [ الوسائل 9 : 9 /  أبواب ما تجب فيه الزكاة ب 1 ] .

     بتقريب عدم احتمال خروج السادة عن حكمة هذا التشريع ليكونوا أسوأ حالاً وأقلّ نصيباً من غيرهم ، وحيث إنّهم ممنوعون عن الزكاة بضرورة الفقه فلا جرم يستكشف بطريق الإنّ أنّ الخمس المجعول لهم قد شُرّع عوضاً وبدلاً عن الزكاة إجلالاً عن أوساخ ما في أيدي الناس .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net