نصوص في تحليل الخمس للشيعة تحليلاً مطلقاً - نصوص في نفي التحليل مطلقاً 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 15:الخُمس   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6709


   فهذه طوائف ثلاث من الأخبار :

   أمّا الطائفة الاُولى: فالعمدة منها صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) : هلك الناس في بطونهم وفروجهم ، لأ نّهم لم يؤدّوا إلينا حقّنا ، ألا وأنّ شيعتنا من ذلك وآباءهم في حلّ» (2) هكذا في التهذيب ، ورواها في الفقيه بلفظ : «وأبناءهم» بدل : «وآباءهم» ولعلّه الأصحّ كما لا يخفى .

   ونحوها صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) أ نّه قال : «إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) حلّلهم من الخمس ـ يعني: الشيعة ـ ليطيب مولدهم»(3) .

   ومعتبرة الحارث بن المغـيرة النصري ، قال : دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فجلست عنده فإذا نجيّة قد اسـتأذن عليه فأذن له فدخل فجثا على ركبتيه ثمّ قال : جعلت فداك ، إنِّي اُريد أن أسألك عن مسألة ، والله ، ما اُريد بها إلاّ فكاك رقبتي من النار ، فكأ نّه رقّ له فاستوى جالساً ـ إلى أن قال : ـ «اللّهمّ إنّا قد أحللنا ذلك لشيعتنا» إلخ (4) .

   وقد عبّر عنها في الحدائق بالموثّقة (5) . ولم يظهر وجهه بعد جهالة جعفر بن

ــــــــــــ
(2) الوسائل 9 : 543 /  أبواب الأنفال ب 4 ح 1، التهذيب 4 : 137 / 386، لايوجد في الفقيه بل في علل الشرائع : 377 / 2 .

(3) الوسائل 9 : 550 /  أبواب الأنفال ب 4 ح 15 .

(4) الوسائل 9 : 549 /  أبواب الأنفال ب 4 ح 14 .

(5) الحدائق 12 : 429 .

ــ[348]ــ

محمّد بن حكيم الواقع في سلسلة السند . نعم ، هو مذكور في إسناد كامل الزيارات ، فهي موثّقة على مسلكنا لا على مسلكه (قدس سره) .

   وأمّا روايته الاُخرى عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : قلت له : إنّ لنا أموالاً من غلاّت وتجارات ونحو ذلك ، وقد علمت أنّ لك فيها حقّاً «قال : فلم أحللنا إذن لشيعتنا إلاّ لتطيب ولادتهم ، وكلّ من والى آبائي فهو في حلّ ممّا في أيديهم من حقّنا ، فليبلغ الشاهد الغائب» (1) .

   فهي ضعيفة السند بأبي عمارة فإنّه مجهول ، وإن عبّر عنها في الحدائق بالصحيحة (2) .

   وهذه الروايات ـ مضافاً إلى معارضتها بما ستعرف من الطائفتين ـ غير قابلة للتصديق في نفسها ولا يمكن التعويل عليها :

   أوّلاً : من أجل منافاتها لتشريع الخمس الذي هو لسدّ حاجات السادة والفقراء من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله) ، إذ لو لم يجب دفع الخمس على الشيعة والمفروض امتناع أهل السنّة وإنكارهم لهذا الحقّ فمن أين يعيش فقراء السادة؟! والمفروض حرمة الزكاة عليهم ، فلا يمكن الأخذ بإطلاق هذه النصوص جزماً .

   وثانياً : أ نّها معارضة بالروايات الكثيرة الآمرة بدفع الخمس في الموارد المتفرّقة والأجناس المتعدّدة كقوله (عليه السلام) : «خذ من أموال الناصب ما شئت وادفع إلينا خمسه» (3) أو : «من أخذ ركازاً فعليه الخمس» (4) وما ورد في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 547 /  أبواب الأنفال ب 4 ح 9 .

(2) الحدائق 12 : 429 .

(3) الوسائل 9 : 487 /  أبواب ما يجب فيه ب 2 ح 6 ، بتفاوت يسير .

(4) الوسائل 9 : 497 /  أبواب ما يجب فيه ب 6 ح 1 ، بتفاوت يسير .

ــ[349]ــ

أرباح التجارات من صحيحة علي بن مهزيار الطويلة (1) وغيرها .

   فلو كان مباحاً للشيعة وساقطاً عنهم فلماذا يجب عليهم الخمس ؟! وما معنى الأمر بالدفع في هذه النصوص المتكاثرة ؟! وهل ترى أنّ ذلك لمجرّد بيان الحكم الاقتضائي غير البالغ مرحلة الفعليّة بقرينة نصوص التحليل ؟!

   هذا مضافاً إلى معارضتها بـ :

   الطائفة الثانية الظاهرة في   نفي التحليل مطلقاً ، مثل ما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه ، قال : كنت عند أبي جعفر الثاني (عليه السلام) إذ دخل عليه صالح بن محمّد بن سهل وكان يتولّى له الوقف بقم ، فقال : يا سيِّدي ، اجعلني من عشرة آلاف درهم في حلّ ، فإنِّي قد انفقتها ، فقال له : «أنت في حلّ» فلمّا خرج صالح فقال أبو جعفر (عليه السلام) : «أحدهم يثب على أموال (حقّ) آل محمّد وأيتامهم ومساكينهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثمّ يجيء فيقول : اجعلني في حلّ ، أتراه ظنّ أنِّي أقول : لا أفعل ، والله ليسألنّهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثاً» (2) .

   فإنّ الظاهر بمقتضى القرائن الموجودة فيها أنّ المراد من الأموال هو الخمس كما لا يخفى .

   ومعتبرة أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : سمعته يقول : «من اشترى شيئاً من الخمس لم يعذره الله ، اشترى ما لا يحلّ له» (3) .

   والظاهر أ نّها معتبرة ، فإنّ المراد بالحسين ـ الواقع في السند ـ هو ابن سعيد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 501 /  أبواب ما يجب فيه الخمس ب 8 ح 5 .

(2) الوسائل 9 : 537 /  أبواب الأنفال ب 3 ح 1 .

(3) الوسائل 9 : 540 /  أبواب الأنفال ب 3 ح 6 .

ــ[350]ــ

الذي يروي عنه أحمد بن محمّد ، كما أنّ المراد بالقاسم هو ابن محمّد الجوهري ، فتصبح الرواية معتبرة ، وقد فات صاحب الوسائل هنا روايتها بسند آخر قد تعرّض له في باب بيع السرقة ، حيث يرويها هناك عن الحسين بن سعيد عن أبان ، ومعه لا إشكال في السند بوجه .

   نعم ، الرواية السابقة المتضمّنة لقصّة صالح أقوى دلالةً ، لاختصاص موردها بالشيعة، وأمّا هذه فمطلقة تعمّ الشيعة وغيرهم ، فمن الجائز أن يراد الثاني خاصّة كما لا يخفى .

   هذا ، وقد اختار صاحب الحدائق في مقام الجمع بين هاتين الطائفتين المتعارضتين : أنّ الساقط إنّما هو حصّة الإمام (عليه السلام) ـ أعني : نصف الخمس ـ وأمّا النصف الآخر ـ أعني : حقّ السادة ـ فلا بدّ من دفعه إليهم (1) .

   وهذا ـ كما ترى ـ مجرّد اقتراح من غير أن يعرف له أيّ وجه ، بل أنّ مقتضى التعليل بطيب الولادة الوارد في بعض نصوص التحليل تعلّق الحلّيّة بتمام الخمس ، لعدم تحقّق الطيب بدون ذلك كما لا يخفى .

   نعم ، قد خصّ التحليل في بعض النصوص بحصّته (عليه السلام) ، كما في صحيح ابن مهزيار : «من أعوزه شيء من حقّي فهو في حلّ» (2) .

   ولكنّه خاصّ بالمحتاجين والمعوزين لا مطلق الشيعة الذي هو محلّ الكلام ، فهو إجازة لصنف خاصّ في صرف سهم الإمام ، وأجنبي عمّا نحن فيه من التحليل العام لمطلق الشيعة .

   نعم ، تضمّنت رواية أبي حمزة تحليل ثلاثة أسهم ، أي نصف الخمس لمطلق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 12 : 442 ـ 443 ، 463 ـ 464 .

(2) الوسائل 9 : 543 /  أبواب الأنفال ب 4 ح 2 .

ــ[351]ــ

الشيعة (1) ، لكنّها لا تدلّ على الحصر وأنّ التحليل يختصّ بذلك لينافي ما دلّ على التحليل في تمام الخمس ، فمفادها ليس إلاّ تحليل هذه الأسهم ، لا عدم تعلّق التحليل ببقيّة السهام ، فالدلالة قاصرة .

   مضافاً إلى أنّ السند ضعيف أيضاً بعليّ بن العبّاس الذي ضعّفه النجاشي صريحاً (2) ، فلا يمكن التعويل عليها .

   والأقوى في مقام الجمع حمل نصوص التحليل على ما انتقل إلى الشيعة ممّن لا يعتقد الخمس، أو لايخمّس وإن اعتقد كما ستعرف ، وأمّا ما وجب على المكلّف نفسه فلا موجب لسقوطه ولم يتعلّق به التحليل ، فتكون نصوص التحليل ناظرة إلى الأوّل ، ونصوص العدم إلى الثاني .
ـــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 552 /  أبواب الأنفال ب 4 ح 19 .

(2) رجال النجاشي : 255 / 668 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net