إذا تبرّع بالحجّ عن الميِّت متبرِّع - الكلام في وجوب الاستنابة من البلد أو الميقات 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3790


   [ 3084 ] مسألة 87 : إذا تبرع متبرع بالحج عن الميت رجعت اُجرة الإستئجار إلى
الورثة ((2)) (2) سواء عينها الميت أو لا . والأحوط صرفها في وجوه البر أو التصدّق عنه خصوصاً فيما إذا عيّنها الميت ، للخبر المتقدِّم .

ــــــــــــــــــــــــ
   (2) لأنّ التبرّع يوجب سقوط الحجّ عنه وإبراء ذمته منه كما هو الحال في الدّين

ـــــــــــــ
(2) إذا أوصى بالثلث في صرفه للحج لم تخرج الاُجرة من ملكه إلى الورثة بتبرع المتبرع للحج بل تصرف في وجوه البر عنه .

ــ[258]ــ

   [ 3085 ] مسألة 88 : هل الواجب الاستئجار عن الميت من الميقات أو البلد ؟ المشهور وجوبه من أقرب المواقيت إلى مكّة إن أمكن ، وإلاّ فمن الأقرب إليه فالأقرب ، وذهب جماعة إلى وجوبه من البلد مع سعة المال وإلاّ فمن الأقرب إليه فالأقرب ، وربما يحتمل قول ثالث وهو الوجوب من البلد مع سعة المال وإلاّ فمن الميقات وان أمكن من الأقرب إلى البلد فالأقرب ، والأقوى هو القول الأوّل وإن كان الأحوط القول الثاني لكن لا يحسب الزائد عن اُجرة الميقاتية على الصغار من الورثة . ولو أوصى بالاستئجار من البلد وجب ويحسب الزائد عن اُجرة الميقاتية من الثلث ، ولو أوصى ولم يعين شيئاً كفت الميقاتية إلاّ إذا كان هناك انصراف إلى البلدية أو كانت قرينة على إرادتها كما إذا عين مقداراً يناسب البلدية (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويدلّ على صحّة التبرع بالحج صحيح معاوية بن عمار الوارد في من مات ولم يحج حجّة الإسلام فتبرع عنه شخص آخر هل يجزئ ذلك عنه ؟ «قال : بل هي حجّة تامّة» (1) .

   وبالجملة : لا مانع من رجوع المال واُجرة الاستئجار إلى الورثة ، لأنّ المانع كان هو الحجّ والمفروض ارتفاعه ، هذا فيما إذا لم يوص بالحج ، وأما إذا أوصى بالحجّ وتبرّع شخص به لا ينتقل المال الموصى به إلى الورثة بل يصرف في وجوه البرّ عنه وقد تقدّم وجه ذلك قريباً .

   (1) قد عرفت أنه لا خلاف في أنه إذا استقر عليه الحجّ ثمّ مات يقضى ويستأجر عنه من أصل المال ، إنما وقع الخلاف في المكان الذي يجب الاستئجار منه فهل يجب الاستئجار عنه من البلد أو الميقات أو فيه تفصيل ؟ نسب إلى الشيخ أنه من البلد (2) ونسب إلى المشهور أنه من أقرب الأماكن والمواقيت إلى مكّة إن أمكن وإلاّ فمن غيره

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 77 / أبواب وجوب الحجّ ب 31 ح 1 .

(2) لاحظ النهاية : 283 ، المبسوط 1 : 301 ، الخلاف 2 : 255 المسألة 18 .

 ــ[259]ــ

مراعياً الأقرب فالأقرب .

   وذهب جماعة إلى وجوب الاستئجار عنه من البلد مع سعة المال وإن لم يسع فمن الأقرب إلى البلد فالأقرب ، اختاره في الدروس(1) .

   وهنا قول رابع نسب إلى جماعة ـ وفي صحّة النسبة كلام ـ وهو الوجوب من البلد مع سعة المال ، ولو ضاق المال فمن الميقات وإن كان الاستئجار من الأقرب إلى البلد فالأقرب ممكناً ، والفرق بين هذا القول وسابقه هو أن القول السابق لو ضاق المال عن البلد يُراعى الأقرب فالأقرب إلى بلده وهذا القول إذا لم يسع المال من البلد ينتقل الأمر إلى الميقات رأساً وإن وسع المال من البلاد القريبة لبلده .

   والذي ينبغي أن يقال إنه يقع الكلام في موارد ثلاثة :

   الأوّل : في القضاء عن الميت .

   الثاني : في الاستئجار عن الحي .

   الثالث : في الوصيّة بالحج .

   أمّا الأوّل : فالثابت بالأدلة وجوب إخراج الحجّ من صلب المال ، وأما ابتداؤه من البلد أو الميقات فلم يرد فيه أي نص . نعم ، ورد في الوصيّة بالحج والحجّ عن الحي وهما أجنبيان عن المقام ، فلا بدّ في مقامنا هذا من الرجوع إلى ما تقتضيه الأدلّة والروايات ومقتضاها وجوب الحجّ عنه ، والحجّ اسم للأعمال الخاصة والمناسك المعروفة من الاحرام إلى التقصير أو إلى طواف النساء في حجّ التمتع ، وأمّا المقدّمات وطي المسافات فهي خارجة عن الحجّ ، والخارج من عمومات الارث وإطلاقاتها إنما هو اُجرة الحجّ نفسه فالواجب حينئذ الاستئجار من الميقات ، وبما أنّ المواقيت مختلفة في القرب والبعد وكثرة الاُجرة وقلتها يكون الواجب هو الجامع بين الأفراد ، ومقتضى ذلك جواز التطبيق على الأقرب والأبعد ، فطبعاً يكون الواجب في المقام هو مورد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الدروس 1 : 326 .

ــ[260]ــ

الأقل اُجرة سواء كان أقرب أو أبعد من حيث المكان ، ولا موجب لتطبيق الجامع على الأكثر قيمة بعد إمكان تطبيقه على الأقل وسقوط الواجب به .

   فالصحيح ما اختاره المصنف تبعاً للمشهور ، وإن كان الأحوط الاستئجار من البلد مع سعة المال ، لكن يحسب الزائد عن اُجرة الحجّ الميقاتي من حصة الكبار لا الصغار .

   وأمّا ما اختاره ابن إدريس(1) والدروس(2) من وجوب الاستئجار من البلد مع سعة المال وإلاّ فمن الأقرب إلى البلد فالأقرب فاستدل عليه بأنه كان يجب عليه صرف المال من البلد لو كان حياً ، فلما مات سقط الحجّ عن بدنه وبقي في ماله ما كان يجب عليه لو كان حياً من مؤونة الطريق من بلده ، وادعى تواتر الأخبار بذلك .

   ففيه : أن صرف المال من البلد وإن كان واجـباً ولكنه واجب مقدمي لا نفسي ولذا لو فرضنا أنه ذهب شخص مستطيع إلى المدينة أو الميقات لغاية اُخرى غير الحجّ وحجّ من هناك أجزأه عن حجّة الإسلام . وأما ما ادعاه من تواتر الأخبار بذلك فغير ثابت ، ولعل نظره إلى الروايات الواردة في الوصيّة بالحج .

   الثاني : وهو الاستئجار والنيابة عن الحي فالظاهر هو الإجتزاء من الميقات وعدم وجوب الإتيان به من البلد كما هو مقتضى الإطلاقات وقد تقدم ذلك مفصلاً ، ويؤكد ذلك صحيح حريز فإنه صريح في كفاية الاستنابة من غير البلد : «عن رجل أعطى رجلاً حجّة يحج بها عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة ، فقال : لا بأس ، إذا قضى جميع المناسك فقد تمّ حجّه» (3) .

   الثالث : مورد الوصيّة بالحج ، وفيه قد يفرض الكلام فيما لا يفي المال للحج البلدي وقد يفرض فيما إذا وفى المال به .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) السرائر 1 : 648 .

(2) الدروس 1 : 326 .

(3) الوسائل 11 : 181 / أبوا النيابة في الحجّ ب 11 ح 1 .

 
 

ــ[261]ــ

   أمّا في الأوّل : فيجب عليه الميقاتي ، وذلك فإنه إذا قلنا بأن الواجب في فرض سعة المال ووفائه هو الحجّ الميقاتي أيضاً فالأمر واضح ، وإن قلنا بأنه الحجّ البلدي فلما عرفت آنفاً أن الوصيّة بالحج ونحوه من باب تعدّد المطلوب وتنحل إلى أمرين ، فإذا عجز عن أحدهما يتعيّن الآخر ، لأنّ غرض الميت الموصي وصول الثواب إليه فإذا لا يمكن إيصال الثواب إليه على النحو الذي عيّنه وأوصاه يجب إيصال الثواب إليه على الطريق الآخر فإن ذلك أقرب لغرض الميت ، ولا بدّ من صرف ماله في جهاته لبقاء المال على ملكه ولا ينتقل إلى الورثة ، مضافاً إلى صحيحة علي بن رئاب : «عن رجل أوصى أن يحجّ عنه حجّة الإسلام ولم يبلغ جميع ما ترك إلاّ خمسين درهماً ، قال : يحجّ عنه من بعض المواقيت التي وقّتها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من قرب» (1).

   وأمّا في الثاني : وهو ما إذا وفى المال للحج البلدي وأوصى بالحج فهل يحجّ عنه من البلد أو الميقات فالروايات مختلفة .

   ففي بعضها أنه يحج عنه من البلد كما في خبر البزنطي الذي عبّر عنه بالصحيح قال : «سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الرجل يموت فيوصي بالحجّ من أين يحجّ عنه ؟ قال : على قدر ماله، إن وسعه ماله فمن منزله وإن لم يسعه ماله فمن الكوفة فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة»(2). ولكن الخبر مخدوش سنداً ودلالة .

 أمّا من حيث السند فبمحمّد بن عبدالله الذي روى عنه البزنطي ، وقد تكرّر ذكره في الرجال تارة محمّد بن عبدالله الأشعري واُخرى محمّد بن عبدالله القمي وثالثة محمّد ابن عبدالله بن عيسى الأشـعري ، وعدّه الشيخ من أصحاب الرضا (عليه السلام) وزيدت كلمة (ثقة) في النسخة
المطبوعة (3) وبقية النسخ خالية عنها ، وكل من نقل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 166 / أبواب النيابة في الحجّ ب 2 ح 1 .

(2) الوسائل 11 : 167 / أبواب النيابة في الحجّ ب 2 ح 3 .

(3) رجال الطوسي :  365 / 5419 .

ــ[262]ــ

عن الشيخ كالقهبائي(1) وغيره لم يذكروا التوثيق ، والنسخة المطبوعة لم تثبت صحتها فوثاقة الرجل غير ثابتة .

   وأمّا الدلالة فقد اشتمل الخبر على أمر لم يقل به أحد ، إذ لو كانت العبرة بصرف المال في المقدّمات فلا بدّ من ملاحظة البلاد الأقرب فالأقرب لا الطفرة من بلد الموصي ـ  الظاهر أنه خراسان بقرينة روايته عن الرضا (عليه السلام) ـ إلى الكوفة ومنها إلى المدينة ، بل اللازم بناء على ملاحظة الأقرب فالأقرب من البلاد ملاحظة البلاد الواقعة في الطريق كنيشابور وسبزوار وطهران وهكذا ، لا أنه يحج عنه من الكوفة وإن لم يسعه فمن المدينة مع تحقق مسافة بعيدة بين ذلك ، وبالجملة : هذا النحو من ملاحظة البلاد لا قائل به أصلاً ولا يساعده الاعتبار .

   وفي بعضها أنه يُحج عنه من غير البلد الذي مات فيه أي قبل الميقات كما في خبر سهل بن زياد عن البزنطي عن زكريا بن آدم : «عن رجل مات وأوصى بحجّة أيجوز أن يُحجّ عنه من غير البلد الذي مات فيه ؟ فقال : أما ما كان دون الميقات فلا بأس» (2) وهو صريح في جواز الحجّ عنه من غير البلد ويعارض الخبر السابق ولكنه أيضاً ضعيف بسهل ، ففي باب الوصيّة بالحج لم يرد نص معتبر يعتمد عليه فلا بدّ من الرجوع إلى ما تقتضيه القاعدة ، ففي فرض سعة المال وكفايته للبلدي يحج عنه من البلد لظهور الوصيّة في الحجّ البلدي سواء كان الموصى به حجّ الإسلام أم لا ، وإن لم يكن للوصية ظهور وكانت مجملة يخرج الحجّ من الميقات ويخرج من صلب المال لا من الثلث ، لأن حجّ الإسلام يخرج من الأصل وغيره من الثلث .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مجمع الرجال 5 : 240 .

(2) الوسائل 11 : 167 / أبواب النيابة في الحج ب 2 ح 4 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net