قتضاء إطلاق الإجارة المباشرة - استئجار مَن ضاق وقته عن اتمام حجّ التمتع 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4013


ــ[72]ــ

   [ 3164 ] مسألة 23 : إطلاق الإجارة يقتضي المباشرة فلا يجوز للأجير أن يسـتأجر غيره إلاّ مع الإذن صريحاً أو ظاهراً ، والرواية الدالّة على الجواز ((1)) محمولة على صورة العلم بالرضا من المستأجر (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قرينة على لزوم إعطاء الاُجرة قبل تسليم العمل .

   ثمّ إنه بناء على عدم وجوب تسليم الاُجرة قبل العمل لو أدّى الوكيل أو الوصي الاُجرة قبل تسليم العمل يكون ضامناً ، إذ ليس له إعطاء الاُجرة قبله إلاّ إذا وكّله الموكّل على هذا النحو ، وأمّا الوصي فليس له الإعطاء حتى إذا أذن الوارث ، لأنّ المال للميت والوارث أجنبي عنه ولا أثر لإذنه إلاّ إذا كانت التركة كثيرة وزائدة على مقدار مؤونة الحج ومصارفه مما يكفي للاستئجار مرّة اُخرى ، فإن حصّة الميت حينئذ كالكلِّي في المعـيّن ، وإذا تلف مقدار من المال لا ينقص من حصّة الميت شيء . وبالجملة : لا أثر لإذن الوارث فيما إذا أعطى الاُجرة من مال الميت ، نعم إذا أعطى الوارث من كيسه ومن ماله فلا بأس على الوصي أن يعطي الاُجرة قبل التسليم بإذنه .

   ثمّ ذكر المصنف (قدس سره) أنه لو لم يقدر الأجير على العمل مع عدم تسليم الاُجرة كان لهما الفسخ ، ولم يظهر لنا وجهه ، لأنّ عدم القدرة على العمل يوجب بطلان العقد لاعتبار القدرة على التسليم في متعلق الاجارة ، فلو فرض أنه غير قادر على العمل ولو لأجل عدم إعطاء الاُجرة له ينفسخ العقد ، لكشف العجز وعدم القدرة من الأوّل عن البطلان .

   (1) لا ريب في أن مقتضى إطلاق الاجارة هو مباشرة الأجير لما استؤجر عليه ما لم تكن في البين قرينة على الخلاف ، لأنّ رضا المستأجر حسب إطلاق العقد قد تعلّق بالمباشرة ولم يعلم تعلقه بالتسبيب ، فالتبديل بفرد آخر يحتاج إلى رضا جديد من المستأجر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الرواية ضعيفة جدّاً مع أنها لم ترد في مورد الاستئجار .

ــ[73]ــ

   ثمّ إنّ هنا رواية استدل بها على جواز التسبيب وإن لم يرض المستأجر ، وهي ما رواه الشيخ بإسناده عن عثمان بن عيسى ، قال «قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) : ما تقول في الرجل يعطى الحجة فيدفعها إلى غيره ؟ قال : لا بأس» (1) وقد حملها المصنف وغيره على صورة العلم بالرضا من المستأجر ولكن لا وجه له .

   إلاّ أن الرواية غير قابلة للاعتماد عليها من جهات :

   الاُولى : أن صاحب الوسائل (قدس سره) نقل هذه الرواية عن الشيخ في التهذيب عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن أبي سعيد عن يعقوب بن يزيد عن أبي جعفر الأحول عن عثمان بن عيسى ، وأبو جعفر الأحول هو مؤمن الطاق المعروف الثقة وكان من أصحاب الباقر (عليه السلام) والصادق (عليه السلام) ، ولكن الموجود في موضع من التهذيب (2) الأحول فقط وفي موضع آخر جعفر الأحول(3)، ولم يعلم أن المراد به أبو جعفر الأحول المعروف ، وعلى كل تقدير أي سواء كان الراوي هو الأحول أو جعفر الأحول فهو لم يوثق في كتب الرجال ، بل هو مجهول الحال ، ولا يمكن الاعتماد على نسخة الوسائل بعد مخالفتها للتهذيب ، بل لا يمكن أن يكون الراوي هو أبا جعفر الأحول المعروف ، لأ نّه من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام) والراوي عنه يعقوب بن يزيد وهو من أصحاب الهادي (عليه السلام) ، ولا يمكن رواية من هو من أصحاب الهادي (عليه السلام) من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام) عادة للفصل الكثير بينهما ، مع أن الرواية عن الرضا (عليه السلام) ، كما لا يمكن رواية أبي جعفر الأحول عن عثمان بن عيسى الذي من أصحاب الرضا (عليه السلام) .

   الثانية : أن في السند أبا سعيد الذي روى عنه محمّد بن أحمد بن يحيى وروى عن يعقوب بن يزيد ، وربّما يتخيّل أن أبا سعيد هذا هو أبو سعيد القماط أو أبو سعيد المكاري وكل منهما ثقة ، إلاّ أنه لا يمكن رواية كل منهما عن يعقوب بن يزيد ، لأنّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 184 / أبواب النيابة في الحج ب 14 ح 1 .

(2) التهذيب 5 : 462 / 1609 .

(3) التهذيب 5 : 417 / 1449 .

ــ[74]ــ

   [ 3165 ] مسألة 24 : لا يجوز استئجار من ضاق وقته عن إتمام الحج تمتعاً وكانت وظيفته العدول إلى حج الإفراد عمن عليه حج التمتع ، ولو استأجره مع سعة الوقت فنوى التمتّع ثمّ اتفق ضيق الوقت فهل يجوز العدول ويجزئ عن المنوب عنه أو لا ؟ وجهان ، من إطلاق أخبار العدول ومن انصرافها إلى الحاج عن نفسه ، والأقوى عدمه ((1)) ، وعلى تقديره فالأقوى عدم إجزائه عن الميت وعدم استحقاق الاُجرة عليه لأنه غير ما على الميت ، ولأنه غير العمل المستأجر عليه (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القماط من أصحاب الكاظم (عليه السلام) وأبا سعيد المكاري من أصحاب الصادق (عليه السلام) ويعقوب بن يزيد من أصحاب الهادي (عليه السلام) فلا بدّ أن يكون أبو سعيد المذكور هو سهل بن زياد فإنه مكنى بهذه الكنية أيضاً ، وذلك بقرينة رواية محمّد بن أحمد بن يحيى عنه فإنه يروي عن سهل بن زياد كثيراً ، ويؤيده رواية الكليني عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد (2) . ولا أقل من أن أبا سعيد المذكور في السند مجهول لم يعلم من هو ، على أن أبا سعيد المكاري لم تثبت وثاقته فالرواية ضعيفة جدّا .

   الجهة الثالثة : أن الرواية ضعيفة دلالة أيضاً ، لأنها لم ترد في مورد الاستئجار والنيابة وإنما المذكور فيها إعطاء الحجة وهو أعم من النيابة ، والظاهر أن المراد بها إعطاء الحجة والتبرع بها بأي وجه كان والغرض هو الحج كيفما اتفق ، نظير إعطاء المال للزيارة وصرفه في طريقها على نحو الاطلاق ، فكأن إعطاء المال لأجل مساعدة الحاج والزائر لا على نحو الايجار والاستنابة فالرواية أجنبية عن المقام .

   (1) أمّا عدم جواز استئجار من ضاق وقته عن أداء التمتّع فظاهر لاعتبار القدرة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل الأقوى هو الجواز والإجزاء بالعدول، هذا بالنسبة إلى أصل الإجزاء عن المنوب عنه، وأمّا بالنسبة إلى استحقاق الاُجرة فإن كانت الإجارة على تفريغ الذمّة استحق الاُجرة ، وإن كانت على نفس العمل الخاص فلا يستحقها إلاّ بالنسبة .

(2) الكافي 4 : 309 / 2 .

ــ[75]ــ

في متعلق الاجارة ، فإذا كان الأجير عاجزاً لا يصح الايجار ، ولا بدّ من استئجار من يتمكّن من هذا العمل ، وأمّا لو استأجر من يتمكن من ذلك ثمّ عرض له عارض ومانع عن الأداء كضيق الوقت ونحوه فالاجارة صحيحة لوقوعها على العمل المتمكن منه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net