استحباب الطواف نفساً وعدم ثبوت استحباب الأعمال الاُخرى 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4315


ــ[119]ــ

   [ 3184 ] مسألة 16 : من المعلوم أنّ الطّواف مستحب مستقلاًّ من غير أن يكون في ضمن الحج ، ويجوز النيابة فيه عن الميت ، وكذا عن الحي إذا كان غائباً عن مكّة أو حاضراً وكان معذوراً في الطّواف بنفسه ، وأمّا مع كونه حاضراً وغير معذور فلا تصحّ النيابة عنه (1) وأمّا سائر أفعال الحج فاستحبابها مستقلاًّ غير معلوم حتى مثل السعي بين الصّفا والمروة (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وفيه : أنه لم تثبت حجية إخبار ذي اليد عما في يده بجميع ما يرجع إلى ما تحت يده ، نعم لو رجع إخباره عما في يده إلى الاقرار على نفسه يسمع ، كما إذا أخبر بأن ما في يده مغصوب ، وأمّا الإخبار ببقيّة الجهات فلا دليل على السماع منه ، ولذا ذكروا أنه لو أخبر بكرية الماء الذي في يده لا يسمع منه ، فالإخبار عن إجازة الورثة أو أن المال بمقدار الثّلث يحتاج إلى الاثبات .

   (1) لا ينبغي الاشكال في كون الطّواف مستحبّاً نفسيّاً مستقلاًّ ولو لم يكن في ضمن أعمال الحج أو العمرة كاستحباب الصّلاة في نفسها ، كما في النصوص ، وقد عقد في الوسائل أبواباً تتضمن ذلك(1)، كما أنه تجوز النيابة فيه عن الميت والحي لإطلاق جملة منها وخصوص بعض الروايات كالنصوص الواردة في الطواف عن المعصومين (عليهم السلام) أحياءً وأمواتاً (2) ، كما لا فرق بين كون المنوب عنه غائباً عن مكّة أو حاضراً معذوراً ، لدلالة جملة من النصوص المعتبرة(3) ولإطلاق ما ورد في المبطون والمريض(4) ، نعم ورد المنع في خصوص المقيم الحاضر في مكّة إذا لم يكن معذوراً كما في صحيح إسماعيل بن عبد الخالق(5) .

   (2) لا  ريب في عدم استحباب سائر أفعال الحج مستقلاً كالوقوفين أو المبيت في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 302 / أبواب الطواف ب 4 ، 9 .

(2) الوسائل 11 : 200 / أبواب النيابة في الحج ب 26 .

(3) الوسائل 11 : 190 / أبواب النيابة في الحج ب 18 .

(4) الوسائل 14 : 393 / أبواب الطواف ب 49 .

(5) الوسائل 13 : 397 / أبواب الطواف ب 15 ح 1 .

ــ[120]ــ

منى ورمي الجمار لعدم الدليل عليه .

   وأمّا السعي فربّما يقال باستحبابه مستقلاً لصحيح محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) : «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لرجل من الأنصار : إذا سعيت بين الصفا والمروة كان لك عند الله أجر من حج ماشياً من بلاده ، ومثل أجر من اعتق سبعين رقبة مؤمنة» (1) بدعوى أن الظاهر من قوله : «إذا سعيت بين الصفا والمروة» إلخ ، ترتب الثواب على نفس السعي وإن لم يكن في ضمن أعمال الحج ، فإن ذكر السعي في قبال الحج مع أن كل حج فيه السعي يدل على ترتب الثواب على السعي في نفسه .

   ولكن هذا الاستدلال إنما يتم بناءً على ورود الصحيحة في خصوص السعي بنفسه كما في المحاسن والوسائل إلاّ أن الأمر ليس كذلك ، لأنّ الصحيحة المذكورة لم تقتصر على ذكر السعي وثوابه فقط ليستفاد منه الاستحباب النفسي ، بل كان السعي في جملة ما ذكر في هذه الصحيحة من بيان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لما يترتب على أعمال الحج من الثواب في المحاورة التي دارت بينه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبين الأنصاري ، حيث رواها الشيخ والصدوق في التهذيب والفقيه على النحو التالي بنفس السند، وكذلك الوسائل رواها في الباب الثاني من أقسام الحج الحديث7(2).

   ففي التهذيب عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن محمّد بن قيس قال : «سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول وهو يحدث النّاس بمكّة فقال : إن رجلاً من الأنصار جاء إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يسأله ، فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إن شئت فسل وإن شئت أخبرتك عما جئت تسألني عنه ، فقال : أخبرني يا رسول الله ، فقال : جئت تسألني مالك في حجك وعمرتك ، فإن لك إذا توجّهت إلى سبيل الحج ثمّ ركبت راحلتك ثمّ قلت بسم الله والحمد الله ثمّ مضت راحلتك لم تضع خفّاً ولم ترفع خفّاً إلاّ كتب لك حسنة ومحي عنك سيّئة، فإذا أحرمت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 471 / أبواب السعي ب 1 ح 15  وفي المحاسن : 65 / 119 .

(2) الوسائل 11 : 218 / أبواب أقسام الحج ب 2 ح 7 .

 
 

ــ[121]ــ

ولبيت كان لك بكل تلبية لبيتها عشر حسنات ـ إلى أن يقول ـ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : فإذا سعيت بين الصّفا والمروة كان لك مثل أجر من حج ماشـياً» (1) إلخ ورواه الصدوق في الفقيه نحوه(2) ومن الواضح أنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في مقام بيان الثواب لأعمال الحج ومناسكه ، فلا يستفاد من ذلك ترتب الثواب على كل واحد من الأفعال مستقلاًّ ولو لم يكن في ضمن الحج .

   واستدلّ أيضاً لاستحباب السعي لنفسه بخبر أبي بصير ، قال : «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: ما من بقعة أحبّ إلى الله من المسعى، لأنه يذل فيه كل جبّار»(3) .

   وفيه : أنه يدل على فضيلة للمسعى وأن المكان مكان شريف مبارك حيث يذل فيه الجبابرة لمشيهم وهرولتهم ونحو ذلك في المسعى ، ولا يدل على فضيلة لنفس السعي .

   ثمّ إنّ المذكور في السند على ما في الوسائل محمّد بن الحسين عن محمّد بن مسلم عن يونس عن أبي بصير فتكون الرواية معتبرة ، ولكن الرواية مروية في العلل(4) وفيه محمّد بن أسلم بدل محمّد بن مسلم وكذا في الكافي(5) والوافي(6) وهو الصحيح ، إذ لم تثبت رواية محمّد بن الحسين عن محمّد بن مسلم ولا رواية محمّد بن مسلم عن يونس عن أبي بصير ، فتكون الرواية ضعيفة على مسلك المشهور لأنّ محمّد بن أسلم لم يوثق في الرجال ، ولكن الرواية موثقة على المختار لأ نّه من رجال كامل الزيارات ، فالعمدة ضعف الدلالة كما عرفت .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التهذيب 5 : 20 / 57 .

(2) الفقيه 2 : 131 / 551 .

(3) الوسائل 13 : 467 / أبواب السعي ب 1 ح 2 .0

(4) العلل : 433 / 2 .

(5) الكافي 4 : 434 / 3 .

(6) الوافي 13 : 932 / 13476 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net