لروايات الدالّة على خلوّ عمرة التمتع عن طواف النِّساء 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3662


ــ[176]ــ


فصل

[  في صورة حج التمتّع وشرائطه  ]

   صورة حج التمتّع على الإجمال أن يحرم في أشهر الحج من الميقات بالعمرة المتمتّع بها إلى الحج ، ثمّ يدخل مكّة فيطوف فيها بالبيت سبعاً ويصلِّي ركعتين في المقام، ثمّ يسعى لها بين الصّفا والمروة سبعاً ، ثمّ يطوف للنِّساء احتياطاً ((1)) وإن كان الأصح عدم وجوبه (1) ، ويقصِّر ، ثمّ ينشئ إحراماً للحج من مكّة في وقت يعلم أ نّه يدرك الوقوف بعرفة ، والأفضل إيقاعه يوم التروية ، ثمّ يمضي إلى عرفات فيقف بها من الزوال ((2)) إلى الغروب ، ثمّ يفيض ويمضي منها إلى المشعر فيبيت فيه ويقف به بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، ثمّ يمضي إلى منى فيرمي جمرة العقبة ، ثمّ ينحر أو يذبح هديه ويأكل منه ، ثمّ يحلق أو يقصِّر ، فيحل من كل شيء إلاّ النِّساء والطِّيب، والأحوط اجتناب الصيد أيضاً ، وإن كان الأقوى عدم حرمته عليه من حيث الإحرام ، ثمّ هو مخير بين أن يأتي إلى مكّة ليومه فيطوف طواف الحج ويصلِّي ركعتيه ويسعى سعيه فيحل له الطِّيب، ثمّ يطوف طواف النِّساء ويصلِّي ركعتيه فتحل له النِّساء، ثمّ يعود إلى منى لرمي الجمار فيبيت بها ليالي التشريق ـ وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر((3)) ـ ويرمي في أيّامها الجمار

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) ذكر المصنف (رحمه الله) في هذا الفصل صورة إجمالية لحج التمتّع ، ونحن نتعرّض لذلك كلّه في محاله إن شاء الله تعالى ، وإنما نذكر هنا إتيان طواف النّساء في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا الاحتياط ضعيف ولا بأس به رجاء .

(2) ولا بأس بالتأخير من الزوال بمقدار ساعة .

(3) هذا من سهو القلم فإن حكم من يأتي إلى مكّة ليومه من جهة وجوب البيتوتة والرمي حكم من يقيم بمنى بلا فرق بينهما .

ــ[177]ــ

الثّلاث ، وأن لا يأتي إلى مكّة ليومه بل يقيم بمنى حتى يرمي جماره الثّلاث يوم الحادي عشر ومثله يوم الثاني عشر ، ثمّ ينفر بعد الزوال إذا كان قد اتقى النِّساء والصّيد ، وإن أقام إلى النفر الثاني وهو الثالث عشر ولو قبل الزوال لكن بعد الرّمي جاز أيضاً ، ثمّ عاد إلى مكّة للطّوافين والسّعي ، ولا إثم عليه في شيء من ذلك على الأصح ، كما أنّ الأصح الاجـتزاء بالطّواف والسّعي تمام ذي الحجّة والأفضل الأحوط هو اختيار الأوّل بأن يمضي إلى مكّـة يوم النّحر بل لا ينبغي التأخير لغده فضلاً عن أيّام التشريق إلاّ لعذر .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عمرة التمتّع ، فنقول :

   لا  ريب في وجوب طواف النّساء في الحج ، وكذلك في العمرة المفردة للنصوص المستفيضة (1) ، وأمّا عمرة التمتّع فالمعروف بل المتسالم عليه عدم وجوب طواف النّساء فيها ، ولكن الشهيد نقل عن بعض الأصحاب الوجوب (2) ولم يعين القائل ولم نظفر به ، وقد صرح في النصوص بعدم الوجوب .

   منها : ما رواه في الوسائل عن الكليني عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن أحمد عن محمّد بن عيسى ، قال : «كتب أبو القاسم مخلد بن موسى الرازي إلى الرجل يسأله عن العمرة المبتولة (3) هل على صاحبها طواف النّساء والعمرة التي يتمتّع بها إلى الحج ؟ فكتب : أمّا العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النّساء ، وأمّا التي يتمتّع بها إلى الحج فليس على صاحبها طواف النّساء» (4) ، وفي بعض نسخ الوسائل أحمد بن محمّد بدل محمّد بن أحمد .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 212 / أبواب أقسام الحج ب 2 ، 13 : 442 / أبواب الطواف ب 82 .

(2) الدروس 1 : 329 .

(3) بتل الشيء قطعه ، وسميت العمرة المفردة بالمبتولة لعدم ارتباطها بالحج واستقلالها بنفسها ، أقرب الموارد 1 : 29 .

(4) الوسائل 13 : 442 / أبواب الطواف ب 82 ح 1 .

ــ[178]ــ

   وذكر الشيخ هذه الرواية في موردين من التهذيب أحدهما عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن عيسى ، ثانيهما عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن أحمد عن محمّد بن عيسى(1) ، ورواها في الاستبصار عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن عيسى(2). والصحيح ما في الكافي لأنّ الرواية مروية عنه فهو المرجع ، وعلى كل تقدير تكون الرواية معتبرة (3) .

   ومنها : صحيحة صفوان بن يحيى ، قال : «سأله أبو حارث عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحج فطاف وسعى وقصر هل عليه طواف النّساء ؟ قال : لا ، إنما طواف النّساء بعد الرجوع من منى» (4) .

   وبإزائهما معتبرة سليمان المروزي : «إذا حج الرجل فدخل مكّة متمتِّعاً فطاف بالبيت وصلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم (عليه السلام) وسعى بين الصفا والمروة وقصر فقد حلّ له كل شيء ما خلا النّساء، لأنّ عليه لتحلة النّساء طوافان وصلاة»(5) والتعبير بقوله «طوافان» جاء هكذا في الوسائل في الطبعة الجديدة ، وهو غلط جزماً لأنّ اسم «أن» منصوب فلا بدّ أن يكون طوافين بدل «طوافان» ، والصحيح ما في التهذيب «طوافاً وصلاة» .

   وقد يستدل بهذه المعتبرة على وجوب طواف النّساء في عمرة التمتّع ، بدعوى أن الرواية في مقام بيان أعمال العمرة ويشهد لذلك قوله «وقصر» ، فإن التقصير بعد الطواف والسعي إنما يكون في العمرة ، وأمّا الحج فلا تقصير فيه بعد الطواف والسعي .

 لكن الظاهر أن كلمة «قصر» زيادة من قلمه الشريف في التهذيب(6) ، فإنّ الشيخ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التهذيب 5 : 254 / 861 ، 163 / 545 .

(2) الاستبصار 2 : 232 / 804 .

(3) الكافي 4 : 538 / 9 .

(4) الوسائل 13 : 444 / أبواب الطواف ب 82 ح 6 .

(5) الوسائل 13 : 444 / أبواب الطواف ب 82 ح 7 .

(6) التهذيب 5 : 162 / 544 .

ــ[179]ــ

روى عين هذه الرواية سنداً ومتناً في الاستبصار(1) وترك كلمة «قصر» ، فالاشتباه نشأ من كلمة (قصر) ، فإن كانت ثابتة في الرواية يمكن الاستدلال بها لطواف النّساء في عمرة التمتّع ، ولكنها غير ثابتة كما في الاستبصار فتكون الرواية في مقام بيان أعمال الحج فهي أجنبية عن المقام ، ولو أغمضنا عن ذلك وقلنا بثبوت كلمة «قصر» فتسقط الرواية بالمعارضة بما تقدّم من صراحة الصحيحين المتقدّمين بعدم الوجوب .

   وربّما يتخيل أن قوله : «فقد حلّ له كل شيء ما خلا النّساء» قرينة على ثبوت كلمة «قصر» ، لأنّ الحلية في العمرة متوقفة على التقصير وأمّا الحلية في الحج فثابتة بالحلق في منى قبل الطواف والسعي ، فلو لم تكن كلمة «قصر» ثابتة لكان المعنى أنه حل له كل شيء بعد الطواف والصلاة والسعي مع أن الحلية في الحج ثابتة بالحلق قبل الطواف والسعي ، فلا بدّ من اثبات كلمة «قصر» حتى يصح التعبير بقوله : «فقد حل له كل شيء» ، فإذا ثبتت الكلمة يكون مورد الرواية العمرة التي يتمتّع بها ويثبت المطلوب وهو وجوب طواف النّساء في عمرة التمتّع .

   ويرده : أن الحلية في الحج وإن كانت تثبت بالحلق في كثير من محرمات الإحرام إلاّ أن حلية كلها ما عدا النّساء إنما تكون بالطواف والسعي ، ففي صحيحة معاوية بن عمّار : «فإذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحل من كلّ شيء أحرم منه إلاّ النّساء» (2) مع أن الحلية في الجملة ثابتة قبل ذلك بالحلق . وفي صحيحة منصور بن حازم : «عن رجل رمى وحلق أيأكل شيئاً فيه صفرة ؟ قال : لا ، حتى يطوف بالبيت وبين الصّفا والمروة ثمّ قد حلّ له كل شيء» (3) .

   وبالجملة : يكفينا في الحكم بعدم الوجوب مع الغض عن النصوص المتقدّمة الشك لأصالة البراءة . هذا مضافاً إلى التسالم على عدم الوجوب ، ولم ينسب القول بالوجوب إلاّ إلى شخص مجهول .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الاستبصار 2 : 244 / 85 .

(2) ، (3) الوسائل 14 : 232 / أبواب الحلق والتقصير ب 13 ح 1 ، 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net