الثاني : أن يقع مجموع عمرته وحجّه في أشهر الحجّ 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3854


ــ[190]ــ

   الثاني : أن يكون مجموع عمرته وحجّه في أشهر الحج ، فلو أتى بعمرته أو بعضها في غيرها لم يجز له أن يتمتّع بها ، وأشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة بتمامه على الأصح (1) ، لظاهر الآية وجملة من الأخبار كصحيحة معاوية بن عمّار وموثقة سماعة وخبر زرارة . فالقول بأنها الشهران الأولان مع العشر الأوّل من ذي الحجّة ـ كما عن بعض ـ أو مع ثمانية أيّام ـ كما عن آخر ـ أو مع تسعة

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأجير ـ بمقتضى وجوب تسليم العمل المملوك ـ الخروج من مكّة لعمرة الحج .

   وأمّا في النذر فالحكم تابع لقصد النـاذر ، فإن قصد الاتيـان بالحج على النحو المتعارف فلا يكتفي بهذا الفرد لعدم كونه مصداقاً لنذره، فيجب عليه الخروج والإحرام للحج من أحد المواقيت ، وإن قصد الأعم يعني نذر إتيان الحج على إطلاقه ولو لم يكن قاصداً إليه من الأوّل يجوز الاكتفاء بذلك ، لأنّ الشارع يحسب عمرته متعة .

   وأمّا الحج الواجب الأصلي فلا ريب في شمول الروايات له لإطلاقها ، فمن اعتمر عمرة مفردة في شهر شوال ومن باب الاتفاق بقي إلى يوم التروية وأراد الحج يكتفي بما اعتمر في شهر شوال وتحسب عمرته متعة شرعاً . فلا وجه لاستشكال الماتن (قدس سره) .

   وأمّا الحج الندبي فقد خصّ المصنف الانقلاب به بدعوى أنه القدر المتيقن من الأخبار ، فيرده : أن وجود القدر المتيقن لا يمنع من الأخذ بالاطلاق وإلاّ فكل مطلق له القدر المتيقن ، فمجرّد وجود القدر المتيقن لا يكون مانعاً عن الأخذ بالاطلاق .

   (1) يقع الكلام في مقامين :

   أحدهما : أنه يعتبر في حج التمتّع وقوع عمرته وحجّه في أشهر الحج ، فلو أتى بعمرته أو بعضها في غيرها لم يجز أن يتمتّع بها . والظاهر أنه لا خلاف في ذلك ، وتدل عليه عدّة من الروايات المعتبرة (1) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 254 / أبواب أقسام الحج ب 5 و ص 284 ب 15 ،  14 : 310 / أبواب العمرة ب 7 .

ــ[191]ــ

أيّام وليلة يوم النحر إلى طلوع فجره ـ كما عن ثالث ـ أو إلى طلوع شمسه ـ كما عن رابع ـ ضعيف . على أن الظاهر أن النزاع لفظي ، فإنه لا إشكال في جواز إتيان بعض الأعمال إلى آخر ذي الحجّة ، فيمكن أن يكون مرادهم أن هذه الأوقات هي آخر الأوقات التي يمكن بها إدراك الحج .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وأمّا العمرة المفردة فإن أتى بها في غير أشهر الحج فلا يكتفي بها عن عمرة التمتّع وإذا وقعت في أشهر الحج يكتفي بها ، وقد دلّت على ذلك روايات تقدّمت قريباً .

   المقام الثاني : قد اختلف الأصحاب في أشهر الحج على خمسة أقوال :

   الأوّل : أنها شوال وذو القعدة وذو الحجة بتمامه ، اختاره الماتن .

   الثاني : أنها الشهران الأولان مع العشر الأوّل من ذي الحجة .

   الثالث : الشهران الأولان مع ثمانية أيّام من ذي الحجة تبدأ بدخول الليلة الاُولى من الشهر وتنتهي بانتهاء الليلة التاسعة منه .

   الرابع : الشهران الأولان وتسعة أيّام من ذي الحجة وليلة يوم النحر إلى طلوع الفجر .

   الخامس : نفس القول الرابع ولكن إلى طلوع الشمس .

   ولكن يمكن أن يقال : إنه لا اختلاف في الحقيقة بين الأقوال والنزاع لفظي كما ذكره الماتن وغيره ، وأن كلاًّ منهم يريد شيئاً لا ينافي القول الآخر ، فمن حدّده إلى تمام ذي الحجّة أراد جواز إيقاع بعض أعمال الحج في طول ذي الحجّة ، ومن حدده إلى عشرة ذي الحجّة أراد إدراك المكلف الموقف الاختياري من الوقوفين وإدراك الموقف الاضطراري للمشعر فإنه يمتد إلى زوال يوم العيد ، ومن ذهب إلى أنّه مع ثمانية أيّام يريد أنه من لا يتمكّن من الاعتمار ليلة التاسع يجب عليه أن يأتي باحرام الحج وليس له العمرة على قول ، ومن ذكر أنه مع تسعة أيّام إلى طلوع فجر يوم العيد أراد الموقف
الاختياري لعرفة والموقف الاضطراي لها ، ومن قال : إنه مع تسعة أيّام إلى طلوع

ــ[192]ــ

   [ 3208 ] مسألة 1 : إذا أتى بالعمرة قبل أشهر الحج قاصداً بها التمتّع فقد عرفت عدم صحّتها تمتعاً . لكن هل تصح مفردة أو تبطل من الأصـل ؟ قولان اختار الثاني في المدارك ، لأنّ ما نواه لم يقع والمفردة لم ينوها ، وبعض اختار الأوّل لخبر الأحول عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في رجل فرض الحج في غير أشهر الحج ، قال يجعلها عمرة» ، وقد يستشعر ذلك من خبر سعيد الأعـرج ، قال أبو عبدالله (عليه السلام) : «من تمتع في أشهر الحج ثمّ أقام بمكّة حتى يحضر الحج من قابل فعليه شاة ، وإن تمتع في غير أشهر الحج ثمّ جاور حتى يحضر الحج فليس عليه دم إنما هي حجة مفردة إنما الأضحى على أهل الأمصار» ، ومقتضى القاعدة وإن كان هو ما ذكره صاحب المدارك لكن لا بأس بما ذكره ذلك البعض للخبرين((1)) (1).

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشمس من يوم النحر أراد الوقوف الاختياري لعرفة والمشعر ، فلا خلاف من حيث المنتهى كما لا خلاف من حيث المبدأ أيضاً ، كيف وأنهم بعد ما اتفقوا على عدم صحّة الإحرام للعمرة أو الحج بعد اليوم العاشر قد اتفقوا على صحّة الحج عند تأخير الهدي أو بدله وعند تأخير الرمي والحلق عن يوم العيد ، وكذلك تأخير الطواف ، فغير بعيد أن يكون مرادهم من أن هذه الأوقات هي آخر الأوقات التي يمكن بها إدراك الحج فيكون النزاع لفظياً .

   ثمّ انه قد يستشهد لكون النزاع لفظياً (2) باتفاقهم على أن أعمال منى إنما يؤتى بها بعد اليوم العاشر ، ولكن يمكن منع ذلك بأن يقال : إنها ليست بأعمال الحج وإنما هي أعمال مخصوصة مستقلة يؤتى بها في أوقات مخصوصة ، ولذا لا يفسد الحج بتركها ولو عمداً .

   (1) لو أتى بعمرة التمتّع في غير أشهر الحج فهل يحكم ببطلانها أو تنقلب إلى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الروايتان ضعيفتان على أن الثانية لا دلالة لها على صحّة العمرة التي هي محل الكلام .

(2) المستشهد هو صاحب الجواهر (قدس سره) 18 : 13 .

ــ[193]ــ

المفردة فيجب عليه طواف النّساء ؟

   اختار السيّد في المدارك البطلان ، لأنّ ما نواه لم يقع والمفردة لم ينوها (1) .

   واختار المصنف تبعاً للجواهر (2) الصحّة وانقلابها إلى المفردة بدعوى أن مقتضى القاعدة وإن كان هو البطلان ولكن مقتضى الخبرين المذكورين في المتن هو الصحّة وانقلابها إلى المفردة .

   أمّا الخبران فأحدهما : خبر الأحول «في رجل فرض الحج في غير أشهر الحج قال : يجعلها عمرة»(3) . ولكن الخبر ضعيف لضعف طريق الصدوق إلى أبي جعفر الأحول فلا يصحّ الاسـتدلال به ، فإن الصدوق (4) (قدس سره) يرويه عن شـيخه ماجيلويه الذي لم يرد فيه توثيق ، وقد ذكرنا غير مرّة أن مجرد الشيخوخة لا توجب الوثاقة ، فإن من مشايخه من هو ناصبي خبيث كالضبي (5) .

   وربّما أورد عليه بأن مورد الخبر هو الحج وكلامنا في العمرة فالخبر أجنبي عن محل كلامنا .

   وفيه : أنه يمكن إطلاق الحج على عمرة التمتّع ، والحج أعم من عمرة التمتّع والحج فمن أحرم لعمرة التمتّع يصدق عليه أنه أحرم للحج .

   ثانيهما : خبر سعيد الأعرج «من تمتع في أشهر الحج ثمّ أقام بمكّة حتى يحضر الحج من قابل فعليه شاة ، ومن تمتع في غير أشهر الحج ثمّ جاور حتى يحضر الحج فليس عليه دم ، إنما هي حجة مفردة وإنما الأضحى على أهل الأمصار» (6) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المدارك 7 : 170 .

(2) الجواهر 18 : 19 .

(3) الوسائل 11 : 273 / أبواب أقسام الحج ب 11 ح 7 ، الفقيه 2 : 278 / 1361 .

(4) الفقيه 4 (شرح المشيخة) : 14 .

(5) الضبي هو أبو نصر أحمد بن الحسين ، يقول الصدوق في حقه : وما لقيت أنصب منه ، وبلغ من نصبه أنه كان يقول : اللّهمّ صلّ على محمّد فرداً ، ويمتنع عن الصلاة على آله . عيون اخبار الرضا 2 : 280 / ب 69 ح 3 .

(6) الوسائل 11 : 270 / أبواب أقسام الحج ب 10 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net